يعتقد ساسة عراقيون، أن الفصائل الشيعية المسلحة الموالية لإيران، تسعى إلى تجنب أي مواجهة على الأرض العراقية، مع الولايات المتحدة أو إسرائيل، فيما يذهب خبير أمني إلى أن الولايات المتحدة ربما تشن "حملة تأديبية ضد أذرع إيران المسلحة في العراق، باستخدام أدوات إسرائيلية".
وتقاتل فصائل عراقية مسلحة، تحت إمرة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، في سوريا، إلى جانب جيش النظام السوري وميليشيا حزب الله اللبناني.
وتنشغل الفصائل العراقية المسلحة بالأنباء التي تحفل بها وسائل إعلام عربية وأجنبية، في شأن نوايا إسرائيل المتعلقة بمهاجمة أهداف داخل الأراضي العراقية تابعة لـ "ميليشيات موالية لإيران".
ووفقاً لمعلومات حصلت عليها "اندبندنت عربية"، من مصادر موثوقة، فإن "فصائل مسلحة، أخلت بعض مقارها المعروفة في بغداد (وسط العراق)، والأنبار (غرب)، وصلاح الدين (شمال غرب)، إثر تزايد المؤشرات في شأن إمكان شن غارات إسرائيلية ضدها".
وتؤكد المصادر أن "التحذيرات التي نقلتها الولايات المتحدة إلى العراق في شأن نفاد صبر الإسرائيليين إزاء فصائل عراقية مسلحة تنشط في المجال السوري، تؤخذ على محمل الجد، من قبل قادة هذه الفصائل".
وأعلن النائب الشيعي في البرلمان العراقي، علي جبار، أن "الحكومة العراقية ستعمل على اتخاذ جملة من الإجراءات الوقائية لحماية أرواح مقاتلي الحشد الشعبي والمواقع العسكرية، في حال ثبت أن نوايا إسرائيل باستهداف الأراضي العراقية ناجمة عن مصادر عسكرية دقيقة".
أضاف جبار أن "الحكومة الاتحادية ملزمة بتفعيل الدور الديبلوماسي في حال وقع الاستهداف الذي تتحدث عنه الصحف العبرية".
لكن الحكومة العراقية لم تدل بأي تعليقات في هذا الصدد، فيما حذر رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، من "تمادي إسرائيل في حماقاتها".
وكانت وسائل إعلام عراقية ذكرت أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الذي زار بغداد في التاسع من يناير (كانون الثاني) 2019، أبلغ رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، أن الولايات المتحدة لن تتمكن من الوقوف إلى الأبد في وجه الرغبة الإسرائيلية الرامية إلى تدمير مقرات قيادة الفصائل العراقية التي تقاتل في سوريا.
وتعتقد إسرائيل أن إنهاء التهديد الذي تشكله الميليشيات العراقية في سوريا، يتطلب ضرب مقراتها في العراق، وفقًا لبومبيو.
ويقول السياسي أثيل النجيفي، إن "الفصائل الشيعية، ربما تنحني لأي هجوم من هذا النوع. فهي لا تريد خوض هذه المواجهة، خشية خسارة السلطة في بغداد".
ولا يستبعد النجيفي أن "تضحّي" القوى الشيعية "ببعض الفصائل" في حال تعرض العمق العراقي لغارات.
ويحذر النجيفي من أن "تستغل أطراف شيعية، بعض الجماعات السنية في مناطق غرب الأنبار، لتوريطها في مناوشات مع القوات الأميركية". ما قد يحولها إلى أهداف، مشيرًا إلى أن "بعض هذه الجماعات، لا مانع لديها من أن تنفذ مهمات مدفوعة الثمن، لمصلحة قوى شيعية".
في المحصلة، يقول النجيفي، إن "القوى الشيعية ستتفادى المواجهة قدر الإمكان، وإن حدثت، فإنها ستطالب الفصائل المسلحة بالانسحاب من المواقع التي ستتعرض لهجمات".
وارتفعت حدة التوتر في الملف السوري، لا سيما في شأن الدور الذي تلعبه طهران، وأذرعها هناك، فيما تزداد التكهنات بإمكان اندلاع مواجهة عسكرية مباشرة، أو غير مباشرة، بين إسرائيل وإيران.
بالنسبة إلى المراقبين في بغداد، فإن العراق سيجد نفسه متورطًا، في حال اندلاع مواجهة من هذا النوع، بالنظر إلى نفوذ إيران الكبير هذا البلد.
وأدلى زعيم حركة عصائب أهل الحق المقربة من إيران، قيس الخزعلي، بتصريحات وصفت بأنها مؤشر واضح في شأن الجانب الذي ستتخذه الفصائل الشيعية العراقية المسلحة، إذا ما وقعت مواجهة بين إسرائيل وإيران.
وقال الخزعلي إن إيران قد تستخدم "جميع أوراقها في المنطقة"، في حال وقعت المواجهة مع الولايات المتحدة أو إسرائيل.
وليس صعبًا على المراقبين في بغداد أن يفهموا أن العراق هو من ضمن الأوراق، التي يمكن أن تستخدمها إيران في هذا النزاع.
ويقول رئيس كتلة "الصادقون" في البرلمان العراقي، الذراع السياسية لعصائب أهل الحق، نعيم العبودي، إن "تهديدات إسرائيل للعراق ليست بالجديدة"، مشيرًا إلى أن "العراق كان وما زال وسيبقى محل قلق لهذا الكيان الغاصب".
ويقدم الخبير الأمني هشام الهاشمي، تصورًا خاصًا لشكل التطور العسكري الوشيك، الذي يمكن أن يشمل العراق، ضمن دول في المنطقة. ويقول إن "صقور الإدارة الأميركية، وفي مقدمهم مستشار الأمن القومي جون بولتون، يدفعون إلى خيار مواجهة عسكرية تأديبية على غرار الهجمات التي تحدث في سوريا، بأدوات سلاح الجو الإسرائيلي".
ويضيف، أن الولايات المتحدة، سعت عبر مؤتمرات عقدتها إلى تبرير فرضية شن غارات ضد أهداف داخل العمق العراقي، باستخدام وسائل حربية إسرائيلية.
ويرى الهاشمي، أن هذه المواجهة، "ستخلف آثارًا عميقة في فصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران"، مشيرًا إلى أن "النوايا الأميركية واضحة في إزالة تهديد الخطر الإيراني في مناطق غرب العراق، التي تتصل بالحدود السورية".
وينتشر العديد من وحدات الحشد الشعبي في المناطق الحدودية الغربية من العراق، لتتمكن من التعامل مع تطورات الشأن السوري بسرعة.
وسبق للولايات المتحدة أن عززت وجودها العسكري، في قاعدة عسكرية في غرب الأنبار.
وتقول مصادر عسكرية عراقية إن "التقديرات الإستخبارية، تشير إلى أن مواقع الحشد الشعبي في غرب البلاد، ستشكل الأهداف الأولى، لأي حملة جوية إسرائيلية في الأراضي العراقية". ويقول الهاشمي إن "بغداد قلقة خشية اندلاع مواجهة بين الحشد والولايات المتحدة أو إسرائيل، لأنها ستقلب أوضاع المنطقة رأساً على عقب".
وفي السياق ذاته، يخطط زعماء فصائل مسلحة، للضغط على البرلمان العراقي، بهدف تشريع قانون يُلزم الحكومة بإخراج القوات الأجنبية من العراق.
ويقول القيادي البارز في الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، إن نوابًا في البرلمان العراقي يعملون لإعداد مسودة هذا التشريع، وعرضها على التصويت في البرلمان. وهذا التشريع يستهدف تحييد القوة العسكرية للولايات المتحدة على الأراضي العراقية، ما يمنح إيران أفضلية في أي مواجهة مع إسرائيل.