Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

راين عيد يسائل بالرسم الذاكرة الطفولية المضطربة

"ضربة قاضية" معرض لوحات تواجه فوضى العالم بالفانتازيا السوداء

جو من الفانتازيا التشكيلية (خدمة المعرض)

ملخص

"ضربة قاضية" معرض لوحات تواجه فوضى العالم بالفانتازيا السوداء

تحت عنوان "ضربة قاضية"، يقدم الرسام اللبناني راين عيد باقة من لوحاته المشغولة في السنة المنصرمة، في غاليري "أل تي" في منطقة مار مخايل البيروتية. المعرض الذي هو الثاني في تجربة عيد، ويستكمل الفنان من خلاله طرح أسئلته واعتراضاته وتفاعلاته الحياتية عبر سلسلة أعمال متباينة، يجمعُها ويألف بين تفاصيلها خيطٌ وحيد هو مرجعيتها.

لا تنتمي الأعمال إلى مرجعية واحدة أو مدرسة فنية أو حالة لونية، بل تنطلق من المادة الخام التي يعمل عليها عيد منذ بداياته، ألا وهي العودة إلى ذاكرة طفولية سحيقة. هذه الذاكرة ليست وحدها أساس المعرض إنما تقوم في خلفيته وتشكل ركيزة له إضافة إلى تفاصيل ومنعرجات أخرى عدة.

قصص الطفولة

يمكن للمشاهد أن يرى التطور الملحوظ في لوحة عيد على رغم محافظته على اللون والنغمة الكرتونية المرافقة للأعمال. تقوم فكرة المعرض، على عملية تصفية حسابات مع الوقت، يضاف إليها أيضاً نبش خبايا الذاكرة، وبالأخص الطفولية منها. الأعمال أشبه بجردة لسلسلة الأحداث والقصص التي جرت وتجري في حياة عيد الشخص أولاً، والفنان ثانياً. القصص الطفولية التي يركُن إليها هي نوع من العودة إلى الخلف لقراءة التفاصيل واستبيانها. أتت القراءة هذه المرة على شكل أعمال فنية ومجسمات تعالج ما هو عالق وتأخذ بيد صاحبها نحو مرحلة نضج وصفاء، وتتجه أيضاً بالتجربة اللونية نحوَ زاوية أعمق. نظرة سوداوية إلى الحياة وعنها، تتجلى في سوداوية اللوحات واللطخات أو الأسود المسيطر أو الضربة القاسية التي تغلفها والعناوين ذات الأسئلة الوجودية.

المعرض الذي يضم عدداً وافياً من اللوحات بين الأسود والأبيض والألوان، يقدم بطريقته غير المتسقة شجوناً طفولية، إلا أنها تختلف عن اشتغالات المعرض السابق بذلك الضياع والزحمة اللونية المسيطرة. الجرافات المطروحة داخل الأعمال وأيضاً الديناصورات وبعض رؤوس أبطال الرسوم الكرتونية. أغلب كائنات عيد الملونة والفاقعة تُحيل إلى عناصر فردوسية موجودة فقط في عوالم الأطفال.

لوحات متقاربة

تبدو اللوحات متقاربة جداً في المنظر العام. إنما ما يجعلها هكذا مبسطة هي عناوينها. لا يمكن فهم المعرض من دون العودة إلى العناوين. يتحول الفنان من رسام إلى مشاهد، مفسر لما يعيشه بعناوين اللوحات أولاً ومحتواها الذي يظهر للوهلة الأولى كأنه تركيب على تركيب. كل مجموعة هي استنساخ للبقية. ركيزة هذه الأعمال الأساسية هي الضربات المتناثرة. الوجوه المرسومة والملطخة التي تتحرك بشكل أسلس، وهو تحرك يسير بركيزتين: الرسم والمحو، ذهاباً وإياباً.

تتغير الأسئلة في لوحة عيد فتغدو أعمق وكأنها تحاول اكتشاف الواقع والسخرية منه. تتغير الأسئلة وتبقى الروحية التي تغلف التجربة، هي ذاتها. الأعمال التي تنتمي إلى "الفن الساذج" و"التعبيرية" تعول على الشكل كمصدر مهم في تركيب اللوحة. تركيب لا يوحي بشراسة أو بعنف، إذ إن المزاج المسيطر يبقى حبيس الطفولة المرحة ذات الشظايا اللونية.

تحت وطأة المدينة والزحمة والقلق وما تعانيه مدينة مثل بيروت اليوم، يطرح عيد أسئلته ولا وصول. فقط زحمة ألوان طبيعية، تأتي في صلب رحلة التحول من الشباب إلى النضج. هو تحول ليس نهائياً يسهم في رسم خط للفن الذي يقدمه. تساؤلات متنوعة بين جدية ومزاح ومحاولات مستمرة للعب. ضربات عجولة قاسية هي استمرار لتجسيد الفوضى المعيشة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في لوحة "السباق" تعويل كبير على الوقت. باقة أعمال أخرى لمصارعين هي أيضاً تجسيد لصراع الحياة، صراع بينه وبين العمل، صراع يومي وتحديات. شبه رحلة علاج ومصالحة مع رواسب طفولية داكنة وعالقة، قوامها القساوة والشطوب والانزياحات والتراكيب الشكلية. محاولة للابتعاد عن المباشر بألوان فرحة، لكن الثيمة سوداوية طاغية يساعدها في ذلك العناوين التي اختارها الفنان أيضاً. لوحة أخرى يتصدرها طاحون، وفوقه بقرة هاربة من المزرعة. هروب من الواقع وذهاب للقاء الوحش. إنها محاولات حثيثة لإزالة الخوف بين الفنان والمشاهد واللوحة. في خلفية العمل يكمن الكثير من الأعمال، وكأنها بنيت على خراب بلا أي حاجة الى اسكتشات. بناء على ضربات تسير مع الموسيقى التي لعبت دورها في عملية الرسم.

أمام هذه السردية التي يقدمها راين عيد نتساءل عن وجود قصة ما في اللوحات. تفاصيل وسرد في أعمال لا شك تولي عناية واهتماماً كبيراً بالطقوس. طقوس تسعى إلى تقديم الطفولة وأسئلتها ومضاعفاتها بوصفِها نمطاً عادياً وسلوكاً طبيعياً في الحياة.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة