Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عرب الأحواز والتيارات السياسية الإيرانية (1941 – 2005)

انقلاب الشاه محمد رضا بهلوي وقمع رجال الدين للحريات الحزبية والصحافية وراء انهيار الديمقراطية في طهران

وقفة احتجاجية ضد السلطات في الأحواز ( وسائل التواصل الاجتماعي) 

ملخص

أدى انهيار ديكتاتورية الشاه رضا بهلوي إلى نشوء العشرات من الأحزاب على مستوى إيران، واستمر هذا الأمر خلال الأربعينيات من القرن الماضي حتى وقوع انقلاب الشاه محمد رضا بهلوي عام 1953

لم تشهد مملكة عربستان أي نشاط سياسي واجتماعي وثقافي منظم في عهد الأمير خزعل بسبب عقليته القبلية الشمولية، وهذا ليس في ما يتعلق بداخل المملكة شبه المستقلة بل في ما يتعلق بإيران أيضاً.

إذا قارنا بين مشاركة الجماهير العربية الأحوازية في ثورة فبراير (شباط) 1979 وثورة الدستور (1906 – 1909) لم نشاهد مثل هذه المشاركة في الثانية، أي على رغم الاعتصامات والتظاهرات التي شهدتها طهران والمدن الفارسية مثل قم ومحلات وخمين وأصفهان وشيراز وكرمان، وكذلك مدن مملكة أذربيجان وعاصمتها تبريز ومدن مملكة جيلان ومملكة خراسان ومملكة كردستان وكرمنشاه في ثورة الدستور لم نشهد أي حراك جماهيري في عربستان.

 ويعود ذلك لعاملين، الاستقلال الفعلي وليس القانوني لعربستان وانفصال مدنها وقراها، مما يجري في إيران خلال "ثورة المشروطة" الدستورية والحكم المطلق للأمير خزعل، لكن بعد قيام "ثورة المشروطة" أخذ الأمير يشعر باحتمال قيام حكم ديمقراطي لا مركزي في إيران القاجارية، ولذا شاركت مقاطعات عربستان، منها المحمرة وبني طرف والحويزة وعبادان في الانتخابات البرلمانية لعام 1918.

لكن لا نرى أي أثر للأحزاب الإيرانية التي تشكلت بعد ثورة المشروطة في مملكة عربستان إلا بعد سقوط الأمير في 1925، وهو عام تتويج الشاه رضا البهلوي وحكمه الذي استمر نحو 16 سنة والذي حظر جميع الأحزاب السياسية خلال نظامه الديكتاتوري واستمر هذا الوضع حتى سقوطه من قبل الحلفاء في 1941.

الأحواز والأحزاب السياسية في عهد محمد رضا بهلوي

أدى انهيار ديكتاتورية الشاه رضا بهلوي في 1941 إلى نشوء عشرات الأحزاب على مستوى إيران، وكذلك على مستوى الأقاليم أي الممالك التي حولها الشاه رضا إلى أقاليم ومحافظات، واستمر هذا الأمر خلال الأربعينيات من القرن الماضي حتى وقوع انقلاب الشاه محمد رضا البهلوي والولايات المتحدة وبريطانيا ضد رئيس الوزراء محمد مصدق عام 1953.

استند حزبا الديمقراطي الأذربيجاني والديمقراطي الكردستاني في 1945 إلى المادتين 19 و90 من دستور "ثورة المشروطة"، معلنين إقامة سلطتي الحكم الذاتي لإقليم أذربيجان وجمهورية مهاباد، غير أنه وعلى رغم الدعم السياسي والدبلوماسي للاتحاد السوفياتي لهما تعرضا لهجوم قوات الشاه محمد رضا البهلوي وتم سحقهما بقوة الجيش الشاهنشاهي، وبدعم داخلي من ثلاثة تيارات سياسية فارسية هي الملكيون بقيادة الشاه والإسلاميون بقيادة آية الله أبو القاسم الكاشاني والوطنيون بقيادة محمد مصدق.

 كما دشن الشيخ عبدالله بن الأمير خزعل مبادرة مماثلة للقادة الأتراك والكرد في عربستان وشكّل حزب السعادة من دون أن تدعمه، خارجياً، بريطانيا حليفة والده التقليدية ولا الاتحاد السوفياتي، فيما اعتمد داخلياً على الشيوخ وكبار القبائل من دون أن يدرك التطور الذي حصل في المجتمع الأحوازي عقب نحو 20 عاماً من سقوط والده، لذا لم يستطِع أن يكسب المثقفين العرب والكادحين المناهضين لظلم الشيوخ آنذاك، إذ كان حزب "تودة" الشيوعي يصول ويجول، كحزب موالٍ للاتحاد السوفياتي ومعارض للشاه ومؤيد لحقوق العمال، ليس في عربستان كإقليم صناعي فقط بل في كل إيران، فدعم الحزب الحكم الذاتي لإقليمي أذربيجان وكردستان، فيما لم ينبس ببنت شفة حول الحقوق القومية للشعب العربي في عربستان، بل قام بمعارك ضد بعض رؤساء القبائل في عبادان، وهو متهم باغتيال عدد منهم.

لكن هذا لم يمنع تغلغله في المجتمع الأحوازي طارحاً شعارات تدافع عن العمال والبورجوازية الصغيرة، مستغلاً لمصلحته نجاحات وانتصارات داعمه الرئيس الاتحاد السوفياتي في الحرب العالمية الثانية.

وعلاوة على معظم فئات الطبقة العاملة الأحوازية، بخاصة في شركة النفط التي تبعت تعاليم الحزب في نضالها من أجل حقوقها، انتمى عدد من المثقفين والمعلمين العرب أيضاً إلى صفوف هذا الحزب وأكثر ما نشاهد ذلك في منطقتي أحواز القديم وحي النهضة لشكرآباد.

بلغ مدى نفوذ حزب "تودة" مدينة الخفاجية على رغم بعدها من المراكز الصناعية وعلى رغم صعوبة المواصلات آنذاك، فكان على المسافر أن يقضي بضع ساعات وفي بعض الحالات نصف يوم حتى يصل إلى مدينة الأحواز.

 في هذه الفترة وعلى رغم إقبال بعض الفرس، بخاصة في عبادان، على تيارات قومية إيرانية كالجبهة الوطنية (جبهة ملي) بزعامة محمد مصدق وفرقة الكسروية (نسبة إلى أحمد كسروي) وأحزاب أخرى مماثلة إلا أن معظم العرب لم ينتموا إلى هذه التيارات. وشاهدنا في هذه الفترة نشوء أحزاب نازية في طهران مثل حزب "سومكا" وحزب "بان إيرانيست" تناصب العداء للعرب صراحة ومن دون لبس.

وحزب "سومكا" وهو اختصار لـ"حزب سوسياليست ملي كاركران إيران" أي حزب العمال القومي الاشتراكي الإيراني، مجموعة إيرانية من النازيين الجدد تأسس عام 1952 وتعتبر المجموعة العرب عدوها الرئيس، إضافة إلى عدائها للإسلام.

وكذلك عارضت حزب "تودة" ومحمد مصدق، ولا تزال هناك مجموعة في إيران تدعي أنها وريثة حزب "سومكا" نشطة في المجتمع الإيراني، وكانت للحزب فروع في الأحواز وتبريز وبعض المدن الأخرى وأنشأت مكاتب في هذه المدن غير الفارسية، وقد ورث هذه الظاهرة القوميون الفرس المتشددون منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا والهدف منها محاربة التطلعات القومية للشعوب غير الفارسية والعمل على تفريسها، إذ توجد حالياً وكاستمرار للتيار العنصري المعادي للعرب، عشرات الحسابات على "فيسبوك" و"تيليغرام" ووسائل التواصل الاجتماعي الأخرى تحت عناوين "الموت للعرب" و"الموت لكل العرب" و"أدخل معنا وتلذذ بشعار موت للعرب"، والأهم من ذلك وجود حساب يوصف بـ"النازيين" (نازيها بالفارسي) على تطبيق "تيليغرام" مليء بالعنصرية والعداء البارز للعرب.

وحزب "بان إيرانيست" أيضاً يتميز بالعرقية الفارسية ومعاداة العرب والعمل على طمس هويتهم القومية ويقف وراء معظم التحركات المناهضة للعرب في طهران وهو ينشط بضوء أخضر من الأجهزة الأمنية في طهران والأحواز وتبريز.

 وينتمي بعض الشعراء الإيرانيين بينهم مصطفى بادكوبهي إلى هذا الحزب وهم ينشدون في اجتماعاتهم العلنية قصائد مسيئة للعرب والإسلام على مرأى من الأجهزة الأمنية في طهران، بل سمعنا هتافات مسيئة للعرب في الملاعب والاجتماعات في العاصمة ومنها "الموت للعرب" بعد ترويج هؤلاء للخطاب المعادي للعرب، وهم ورثوه بدورهم من التراث الأدبي والسياسي الكاره للعرب المتراكم خلال قرن ونصف من الزمن.

وشهد المشهد السياسي في إيران ركوداً بعد انقلاب الشاه محمد رضا بهلوي ضد مصدق في 1953 واستمر حتى 1960، وإعادة نشاط الجبهة الوطنية الموالية لمصدق وانفتاح ضئيل في المجال السياسي، غير أن الشاه لم يسمح لهذه الفترة أن تستمر أكثر من عامين. ونشأت خلال هذه الفترة مجموعة سياسية في عربستان توصف باللجنة القومية العليا، تطمح إلى استقلال الإقليم غير أن الأمن الشاهنشاهي اخترقها واعتقل المئات من كوادرها ومناصريها وأعدم ثلاثة من قادتها.

لقد انتمى عدد قليل من العرب إلى حزب "بان إيرانيست" الذي كان يتمتع بهامش من النشاط في نهاية حكم الشاه محمد رضا بهلوي، وهذا يماثل انتساب بعض العرب لحزب الليكود في إسرائيل.

كما صدرت منذ الستينيات من القرن الـ20 في طهران أسبوعيتان "الإخاء" و"كيهان العربي" من قبل مؤسستي صحيفة "اطلاعات" (المعلومات بالفارسية) وصحيفة "كيهان" (الكون بالفارسية) شبه الحكوميتين في طهران وكانت تصلني نسخ منهما إلى إقليم الأحواز، غير أن النظام الملكي لم يسمح بإصدار أي صحيفة عربية في الإقليم، وكانت المجلتان العربيتان تخاطبان الجالية العربية الخارجية في إيران وليس عرب الأحواز، ولم تتطرق إلى الأدب والثقافة الأحوازيتين، ناهيك عن الشؤون السياسية الأحوازية.

بعد ثورة فبراير 1979

أدى سقوط الشاه إلى انفجار في مجال بروز الأحزاب والمنظمات السياسية والثقافية في إيران، يسارية ويمينية، ليس في طهران وبين القومية الفارسية فحسب، بل في الأقاليم والشعوب غير الفارسية.

فأصبح للتركمان والجيلك والأتراك والكرد والعرب والبلوش أحزابها ومنظماتها السياسية والثقافية الخاصة بها. كما أن المد اليساري والإسلامي المعادي للاتجاهات القومية الفارسية المتطرفة حد من أدبيات العداء للعرب من دون أن يوقفها بصورة كاملة، فسرعان ما أخذت هذه الأدبيات تبرز على السطح إثر القمع الدامي للعرب والمجزرة التي ارتكبت ضدهم في مدينة المحمرة في مايو (أيار) 1979.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فالعامل الرئيس لارتكاب تلك المجزرة كان الحاكم العسكري لإقليم عربستان (خوزستان) الأدميرال أحمد مدني العضو القيادي في الجبهة الوطنية المعروفة باتجاهاتها القومية الفارسية المناهضة للعرب.

 كما ساندت أحزاب أخرى موقف مدني، منها حزب "تودة" (اليساري – القومي) الموالي للنظام الديني آنذاك، فيما عارضته منظمات ديمقراطية مثل الجبهة الوطنية الديمقراطية (جبهة دموكراتيك ملي) وأخرى يسارية كمنظمة فدائيي الشعب وحزب الكادحين (رنجبران) ومنظمة بيكار والعصبة الشيوعية ومجموعة الوحدة الشيوعية.

وكانت هذه المنظمات والأحزاب تدعم مطالبة الشعب العربي الأحوازي وسائر الشعوب غير الفارسية في إيران، بإقامة حكم ذاتي في مناطقها، غير أن الحملة الشرسة النهائية التي شنها نظام الجمهورية الإسلامية عام 1981 ضد الأحزاب والمنظمات السياسية والصحافة المستقلة أدى إلى تعزيز نظام شمولي ديني بقيادة رجال الدين.

وأدى إغلاق المراكز الثقافية والسياسية الخاصة بالعرب والمنع التام لأي نشاط سياسي قومي عربي في عربستان إلى انتماء مئات الأحوازيين لمنظمة "مجاهدي خلق" بالدرجة الأولى ولمنظمات يسارية مثل منظمة "فدائيي الشعب" و"طريق العامل" و"بيكار" (الكفاح من أجل تحرير الطبقة العاملة) وحزب "تودة" ومجموعات يسارية صغيرة أخرى بالدرجة الثانية. وعقب الردة التي شهدتها الثورة في 1981 تم اعتقال وإعدام عدد من الشباب والفتيات العرب في مدن إقليم الأحواز.

ويعود انضمام هؤلاء إلى منظمة "مجاهدي خلق"، ومعظمهم كانوا ينتمي إلى الطبقات الفقيرة والفئات الدنيا للطبقة الوسطى الأحوازية، إلى أسباب عدة:

أولاً، التماثل في النظرة الدينية القائمة تقليدياً وعائلياً بين هؤلاء الشباب والصبابا، والاتجاه الديني لدى منظمة "مجاهدي خلق". وثانياً، نشر كتب المفكر الديني علي شريعتي بصورة واسعة وبترخيص حكومي في عهد الشاه وتأثيرها المباشر في هؤلاء. وثالثاً، البرنامج التقدمي لمنظمة "مجاهدي خلق" تجاه الشعوب غير الفارسية ومنها الاعتراف بالحكم الذاتي لهذه الشعوب في البرنامج السياسي المكون من 12 مادة عرضه مسعود رجوي كمرشح في حملته للانتخابات الرئاسية في يناير (كانون الثاني) 1980، غير أن الخميني (مرشد الثورة آنذاك) أمر بحظره من الترشح للانتخابات الرئاسية.

الكفاح والنضال

صدر أول عدد من أسبوعية "الكفاح" خلال يوليو (تموز) 1979 في مدينة الأحواز، وهي صحيفة مستقلة سرية ذات اتجاه قومي – تقدمي كما تصف نفسها، وتضم مواد باللغتين العربية والفارسية واستمرت لمدة عام تقريباً إلى أن توقفت بسبب نشوء الحرب الإيرانية- العراقية في سبتمبر (أيلول) 1980.

بعدها في غضون شهر صدرت أسبوعية "النضال" أيضاً باللغتين العربية والفارسية وبصورة سرية في مدينة المحمرة كصحيفة تابعة لمنظمة "فدائيي الشعب" اليسارية، واستمرت أيضاً نحو عام وتوقفت للأسباب نفسها.

وحاولت هذه المنظمة الماركسية البحث عن مكانة لها بين الجماهير العربية بعد مشاهدتها إقبال الجماهير على صحيفة "الكفاح" غير أنها لم تتمكن من منافسة هذه الأخيرة. وخلال الأعوام  الأولى للحرب أصدرت منظمة طريق العامل اليسارية أيضاً صحفاً باللغة العربية للعمال المهاجرين إلى مدينتي طهران وكرج.

فترة الإصلاحات

يختلف خطاب فترة الإصلاحات (1997 – 2005) التي انطلقت إثر فوز المرشح الإصلاحي لرئاسة الجمهورية محمد خاتمي وخطاب فترة السنوات الأولى للثورة التي كانت تتسم بالتعددية الحزبية والأيديولوجية والحريات الأوسع بحيث لم نشهد في فترة الإصلاحات إلا نشوء أحزاب إصلاحية ظهرت من بطن النظام الديني وأهمها حزب "المشاركة" الذي حاول أن يؤثر في المسرح السياسي والساحة الأحوازية، إذ نشأ حزب "الوفاق" وثلاث صحف وهي "الشورى" و"صوت الشعب" و"الحديث"، وكلها باللغتين الفارسية والعربية وكلها تسير في إطار الخطاب الإصلاحي. ولم تسمح إيران أن تصدر صحف القوميات غير الفارسية بلغتها القومية فقط، بل بلغتين هما الفارسية والقومية.

في تلك الفترة تم إنشاء 35 مؤسسة ثقافية ومدنية غير حكومية في الأحواز العاصمة، غير أن محاولات الأحوازيين المطالبين بالتعليم باللغة العربية في المدارس باءت بالفشل بسبب ضعف مواقف خاتمي والإصلاحيين في تنفيذ المادة 15 من الدستور الإيراني التي تنص على ضرورة تدريس اللغة العربية وسائر لغات الشعوب غير الفارسية في المدارس الابتدائية.

 يمكننا القول إن حزب المشاركة والإصلاحيين بصورة عامة كانا يطرحان بعض مطالب القوميات من دون متابعة جدية، بل إنهما أظهرا ضعفاً ملحوظاً أمام المحافظين الإسلاميين في السلطة وكذلك أمام القوميين الفرس المعارضين كالجبهة الوطنية (جبهة ملي) الذي أرسل زعيمها آنذاك برويز فرجاوند رسالة إلى خاتمي تحذره من اتساع نشر الكتب والصحف باللغات التركية والكردية والعربية.

أهم إنجاز حققه العرب في تلك الفترة كان تشكيل حزب "الوفاق الإسلامي" ذا الاتجاه القومي الإصلاحي (1999 – 2006) الذي كان يعمل في البداية باسم لجنة الوفاق ومن ثم قدم مؤسسوه طلباً لوزارة الداخلية الإيرانية لتسجيله في سجلات الوزارة.

وقام الحزب بدور مهم في الانتخابات البرلمانية والمجالس البلدية وخلق أجواء سياسية وثقافية اتسمت بإقامة الاجتماعات السياسية والثقافية والمعارض التراثية وإنشاء مراكز للدراسات والأنشطة الثقافية في أحياء مختلفة من مدينة الأحواز وبعض المدن الأخرى التي اتسمت بميسم قومي- عربي إصلاحي.

واستطاع "الوفاق" أن يدخل مندوب عربي واحد إلى البرلمان خلال الدورة السادسة للبرلمان الإيراني في فبراير عام 2000، وكذلك حازت قائمة الحزب الانتخابية التي تضم تسعة مرشحين عرب، منهم ثلاث نساء، على جميع مقاعد بلدية مدينة الأحواز في مارس (آذار) 2003.

في 2005 أي في نهاية فترة الرئيس محمد خاتمي، ساد الإحباط الوسط السياسي الأحوازي بعد أن تسربت وثيقة من مكتبه تؤكد مخططات النظام الإيراني لتهجير العرب وتغيير التركيبة السكانية لمصلحة الأقلية غير العربية في إقليم الأحواز، فخرجت الجماهير باحتجاجات حاشدة في أبريل (نيسان) 2005، بمدينة الأحواز وسرعان ما تحولت إلى انتفاضة شعبية عمت معظم مدن الإقليم واعتقل خلالها الآلاف، منهم كاتب هذه السطور، وراح ضحيتها نحو 53 شخصاً.

 وفي الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 2006 حظرت السلطة القضائية الإيرانية حزب "الوفاق" وتم حلّه بعدما اتهمته بالتحريض على اضطرابات عام 2005 ومعارضة النظام، فالأمر لم ينحصر على العرب في الأحواز فحسب، بل وبعد انسداد أفق الإصلاحات في إيران وصعود المتشددين إلى الحكم في صيف 2005 تم القضاء على كل الإنجازات السياسية الإصلاحية في كل إيران وكذلك الإنجازات الثقافية والصحافية والسياسية للشعوب غير الفارسية ومهدوا بذلك الطريق للتطرف والراديكالية بين العرب والبلوش.

وهذا هو ثالث انسداد سياسي ضد نشوء الديمقراطية في إيران بعد انقلاب الشاه محمد رضا ضد محمد مصدق في 1953، وقمع رجال الدين للحريات السياسية والحزبية والصحافية في صيف 1981. والحافز الأهم لكل هذه الانسدادات خشية السلطات الحاكمة، ملكية كانت أو جمهورية، من تصاعد الوعي السياسي والثقافي والتنظيمي بين الشعوب غير الفارسية.

المزيد من تقارير