هل لك أن تتخيّل أنك في زحمة مرور خانقة أثناء عودتك إلى المنزل، لكن الأرض القريبة من الرصيف خالية إلا من... المُشاة! ألا تتمنى لو تكون لسيارتك القدرة على أن ترفع نفسها وتتجاوز عقبة الرصيف، وتسير بك إلى المنزل. هل تبدو تلك صورة كأنّها مأخوذة من سلسلة أفلام "ترانسفورمارز" Transformers الشهيرة؟ مهلًا: إنها ليس كذلك، بالأحرى لم تعد مجرد حلم وصور في الخيال. قبل بضعة أيام، أطلقت شركة "هيونداي" الشهيرة في صناعة السيّارات، مركبة متقدّمة علميًّا، بل تبدو طليعية تمامًا. إذ وصفتها الشركة بأنها مركبة تجمع مواصفات السيارة الكهربائية والروبوت، وتستطيع التحرّك كسيارة، ثم تنتقل إلى المشي، بل تقدر على التسلق وتجاوز كثير من العقبات. ومع هذه المواصفات، تستطيع مركبة "هيونداي" التنقل على أنواع الطرق كافة بما فيها الوعرة والممرات، حتى لو لم تكن معبّدة ومرصوفة تماماً.
وأطلقت الشركة على تلك السيارة الروبوتيّة اسم "إليفيت"Elevate التي تعني "ارتفع". ليست التسمية جزافًا. إذ إنها قادرة على رفع نفسها إلى فوق بواسطة سلاسل من رفّاصات ونوابض ومُثبّتات فولاذية، وتتحرك فوق دواليبها الصلدة التي هي أقرب إلى أقراص معدنية دوّارة. ولا تستلزم تلك الدواليب غير التقليدية طرقًا معبّدة، بل تستطيع التعامل حتى مع أشد الطرق صعوبة. وتتصل الدواليب بهيكل السيارة عبر مفصلات تتحرك في الاتجاهات كلها. ومن المستطاع جعل كل دولاب يسير في اتجاه مختلف عن البقية، كأن يكون أحد الدواليب في وضع عمودي فوق الأرض والآخر أفقي والثالث بين بين والرابع زاويته منحرفة. ويمكّن ذلك التحرك المنسق والمستقل للدواليب، المركبة من السير حتى في مواجهة التضاريس الصعبة وأنواع العقبات التي تعجز عنها السيارات التقليدية. واستطرادًا، تتشابه دواليب "إليفيت" في مفصلتها واستقلاليتها وحركتها المنسقة، مع دواليب المركبات التي صمّمتها وكالة "ناسا" للسير فوق المريخ، حيث لا طرق معبّدة ولا حتى ممرات واضحة، بل تشق الدواليب الممفصلة طريقها فوق الممرات الوعرة على ذلك الكوكب الأحمر. ولذا، شدّدت "هيونداي"على المواصفات الحركيّة في تلك المركبة التي تألّقت في "معرض إلكترونيّات المستهلك - 2019" الذي استضافته أخيرًا مدينة لاس فيغاس، بأنها "مركبة التنقّل المُطلق".
وفي عروضها الأولى ضمن ذلك المعرض، تبيّن أن "إليفيت" ترتفع بحجمها كاملًا فوق عقبات يصل ارتفاعها إلى متر ونصف متر، كما تتخطّى فجوات يصل عرضها إلى متر ونصف متر! وبديهي القول إن هيئات الإنقاذ والإسعاف والتعامل مع الكوارث والطوارئ، هي من الجهات التي تعتقد شركة "هيونداي" أنها ستكون مهتمة تمامًا بالتطوّر في النقل وإمكان تخطي العقبات في المواصلات، الذي تمثّله مركبة "إليفيت".
ولأن الشيء بالشيء يذكر، أعاد ظهور تلك المركبة التذكير بأداة أخرى للتنقل في الأراضي الوعرة، تتمثّل في الروبوت "بيغ دوغ"Big Dog الذي أطلقته شركة "بوسطن داينماكس" عام 2015، ثم عملت على تطويره باستمرار. ويقترب هيكله العام من شكل الكلب الضخم، وهو يسير على أربع قوائم حديدية مُمَفْصَلَة كليًا. ومع استحواذ شركة "غوغل" على "بوسطن داينماكس"، صار الروبوت "بيغ دوغ" جزءًا من ترسانة "غوغل" من الروبوتات المتحركة، إضافة إلى أنها تملك أحد أبرز المشاريع عالميًا في صنع سيّارات يقودها الروبوت كليًا. ويعني ذلك أن إطلاق مركبة "إليفيت" ربما يكون إشارة انطلاق لمنافسة شرسة في صنع مركبات وسيارات تستطيع العمل على الطرقات كافة، وتكون روبوتيّة، إضافة إلى كونها تعمل بطاقة الكهرباء!