لم يكن السؤال مطروحا لأكثر من 55 عاما، ثم فجأة اكتشف الجميع بأنه كان سؤالا صعب، وبحاجة إلى إجابة، لماذا تأخرت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في قبول الطالبات للانتفاع منها؟ وحجبت مقاعدها الدراسية عن النساء، لأحد كان يبحث عن السؤال ولا الجواب، إلى حين أعلنت الجامعة عن استقبالها هذا العام لأول 100 طالبة، وإدراجهن ضمن المرشحات لحمل شهادات تحمل اسم جامعة لم تدرس ولم تتخرج منها فتاة منذ تأسيسها.
وتشارك الطالبة السعودية روابي النجيدي تجربتها الدراسية لزميلاتها في أقسام الطالبات بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن في مدينة الظهران (شرق السعودية)، بعد أن فتحت الجامعة أبوابها لقبول الطالبات في الدراسات العليا للعام الحالي في أول تحول تاريخي لها بعد أكثر من 5 عقود من احتكارها على الرجال، لكنها المرة الأولى التي تقتحم فيها المرأة السعودية ميادين التعليم الجامعي.
وانفردت "اندبندنت عربية" بلقاء طالبات الجامعة اللواتي يأملن أن تكون مخرجات دراستهن جزءا من عملية تحديث وطنهن، وتنويع اقتصاده المعتمد بالأساس على النفط وتقنيات التعدين ويتطلعن لعهد جديد وإلى تغييرات أكثر شمولا في واقعهن بعد تمكين المرأة، ومنحهن حق الاختيار في التعليم والتوسع في التخصصات وتنويعها باعتبارها رافدا للمزيد من التفوق والإبداع الذي يخدم المجتمع المحلي والدولي، ويعزز البيئة التعليمية الأكاديمية بما يحقق أهداف برامج الدراسة، وتطور المزيد من الشراكات والتعاونات مع الجهات الفاعلة في مجالات محددة، وتوفير الفرص التحفيزية والتطويرية كبرامج القيادة وخيارات الدراسة في الخارج والعمل البحثي، وقالت الطالبة روابي النجيدي خلال عرض تجربتها أمام مثيلاتها من الطالبات" تخرجت عام 2012 بدرجة بكالوريوس المحاسبة وبعد سماعي عن افتتاح الدراسات العليا بالجامعة تحمست للانضمام في أول دفعة"، وعلقت نورة الطريف خريجة أحد الجامعات البريطانية على فرصة حصولها على متابعة دراستها "باعتبار أن مستوى التدريس بالجامعة يضاهي الجامعات الدولية"، وأجمعن الطالبات على وصف تجربتهن بالرائدة والمتفردة ويطمحن للتخرج بأعلى المستويات وبارتداء وشاح التخرج المزين بشعار الجامعة الذي ظل لعقود طويلة محتكرا على الطلاب.
التحاق 100 طالبة للدراسة بالجامعة
وتشكل السعوديات ما يزيد عـن 50 % من إجمالي عدد الخريجين الجامعيين. ويولّد هذا البروز المتزايد للمرأة السعودية الجامعية كنواة تنموية واقتصادية هامة قواعد اجتماعية جديدة، وتتيح هذه القواعد التي تتسع رقعتها في السنوات الأخيرة الفرصة لتمكين المجتمع النسائي الشاب من فرصه الدراسية والاقتصادية ومكانته التنموية وحقه الإصلاحي، وتتطلع العديد من الشابات لمنهجية الإصلاح وتمكين المرأة السعودية إلى رؤية السعودية 2030 باعتبارها الصوت الرسمي الواعي بالتطورات الجديدة التي يفرضها واقع الداخل السعودي ومتغيرات العالم الخارجي.
وفي الشهر الجاري، شهد الحرم الجامعي لجامعة الملك فهد للبترول والمعادن تحولا تاريخيا منذ تأسيسها قبل نحو أكثر من 5 عقود انخراط الطالبات إلى قاعات التعليم الجامعي بالتحاق 100 طالبة للدراسة بالجامعة لمرحلة الدراسات العليا في تخصصات الرياضيات، وعلوم الحاسب الآلي، وإدارة الأعمال، واللاتي تم قبولهن بعد اجتيازهن معايير وشروط القبول لأنظمة الدراسات العليا بالجامعة من بين أكثر من 600 طالبة من المتقدمات، وقد تمكنت الجامعة في العقود الماضية من مراكمة الكثير من الانجازات والخبرات وتأتي منهجية الدراسة ضمن خطة دراسية شاملة لمقررات تؤسس لدى الطالبات متطلبات التنافس المهني كالمعايير الأخلاقية وأدوات الابتكار، وتدمج المعرفة النظرية بالممارسة وتطوير تقنيات وأدوات تسهم في تحسين هذه الجوانب مع استدامة التنمية الاقتصادية.
وقال د. سليمان الحميدان المشرف على تعليم الطالبات لـ" اندندنت عربية" " أن اتاحة المجال لالتحاق الطالبات في مراحل الدراسات العليا "الماجستير والدكتوراه" في عدة تخصصات محددة ومطلوبة في القطاع الأكاديمي والبحثي وسوق العمل مع التدرج في ذلك بشكل مرحلي وتزامنا مع رؤية 2030 لتمكين المرأة" وتابع " تسعى الجامعة لتوفير قيادات نسائية مؤهلة للإسهام في تلبية المتطلبات التنموية لقطاعات متعددة ومؤثرة، ودعم توجه الجامعة في التحول إلى جامعة بحثية وما يتطلب ذلك من كفاءات بشرية من الباحثات وعضوات هيئة تدريس لتزويد المؤسسات التعليمية والبحثية في الجامعات السعودية بهيئة تدريس وباحثات من النساء خريجات هذه البرامج".
التأسيس والتطور.
تعود جذور جامعة البترول إلى عام 1963، حيث تشكلت النواة الأولى للجامعة مرتكزة على تطوير المدارك العلمية لطلبتها وعلى دعم الخلق والابتكار سعيا إلى مشاركة فعالة تجاه المجتمع والاندماج مع مكونات محيطها حتى الدولية منها، وقدمت الجامعة التعليم بمعايير عالمية لطلابها وإعدادهم إلى سوق العمل وربطهم بالصناعة، خاصة شركات البترول العالمية
تحول تاريخي لأهم جامعة سعودية
إحدى أهم الجامعات السعودية وأقدمها وأكثرها تأثيرًا، تمتاز بمعايير القبول العالمية وبجودة المخرجات الأكاديمية، لها امتدادات عديدة وتضم 8 كليات 14 مركزا للدراسات والأبحاث إضافة لوادي الظهران ، وحققت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن مكانة علمية مرموقة نظرًا إلى ثراء تقاليدها الخدمية في مجال الصناعات المعدنية والبترولية، وهو ما جعلها ومنذ سنوات في مقدمة الجامعات السعودية ومكنها من احتلال مراتب متقدمة في عديد التصنيفات العالمية لأفضل الجامعات، وأدرجت ضمن اللائحة العالمية في الموقع 4 بين الجامعات بحسب تصنيف الأكاديمية الوطنية للمخترعين وأصحاب الملكية الفكرية الأمريكية لأول 100 جامعة في العالم في عدد براءات الاختراع المسجلة في الولايات المتحدة للعام 2018 والتي تجاوز عددها 1000 براءة اختراع تم تسجيلها من قبل أعضاء هيئة تدريس وباحثين وطلاب الدراسات عليا وطلاب مرحلة البكالوريوس.
هذه المكتسبات فسحت المجال لازدهار إمكانيات الجامعة الأكاديمية في صناعة النفط وعلوم المعادن لتلعب دورا حيويا ومركزيا في تحويل مدينة الظهران شرقي السعودية من منطقة ساحلية إلى قطب لصناعة النفط ومركز لتقنيات التعدين، يظهر الجامعة على المسرح العالمي في مجال تتجير التقنية وتحويلها إلى منتجات اقتصادية وجذب الاستثمارات الخاصة بتطوير التقنية وتطوير بيئة ريادة الأعمال التقنية.