Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تورط الميليشيات الموالية النظام الإيراني؟

عواقب هذه الأزمة وآثارها يمكن ألا تكون محدودة مثلما تتصور طهران

يواصل الحوثيون هجماتهم في البحر الأحمر (رويترز)

ملخص

يدعي الإيرانيون أن "محور المقاومة" يتخذ قرارته بشكل مباشر ولم يتلقّ أوامر من طهران

المجموعات العاملة لصالح طهران أو ما تصفها إيران وأتباعها بـ "محور المقاومة"، في الواقع، هي أذرع من الميليشيات المنفلتة في الشرق الأوسط، ومهما اختلفت أسماؤها وأوصافها، فهي في الواقع مجموعات مسلحة تتبنى أيديولوجية عامة قريبة من النظام الإيراني وتعمل كل منها، نوعاً ما، على تلبية مصالح الحكومة الإيرانية في المنطقة.

العلاقة التي تنبثق منها أنشطة المجموعات التي تعمل بالنيابة تتكون من القوة الداعمة والقوات التي تنفذ تعليماتها، وهناك أسباب مختلفة تؤدي إلى ارتباط بين الداعم والمنفذ للتعليمات، منها الأيديولوجية المشتركة، والعلاقة المالية والتسليحية بين الطرفين، وكذلك الضغوطات على المنفذين من قبل الداعمين من أجل التدخل لمصلحتها. أما الأسباب التي تؤدي إلى الارتباط بين الجانبين فيمكن أن تكون أموراً، مثل وجود العدو المشترك، أو حتى الشعور بالتهديد المشترك، أو وجود مصالح سياسية ومالية.

وعلى أساس هذا التعريف يمكن أن نعتبر عدداً من المجموعات التي تنشط في الشرق الأوسط بأنها تؤدي مثل هذا الدور للنظام الإيراني، وفي الواقع تخوض هذه الميليشيات الحروب نيابة عن إيران.

والمجموعات الموالية لطهران في الواقع تمنح اللاعبين الدوليين إمكان تحقيق أهدافهم المرتبطة بالسياسة الخارجية والعسكرية عبر نشاطها من دون تحميلهم أي تكاليف بشكل مباشر. والهدف من تشكيل هذه المجموعات هو اللجوء إليها من أجل تحقيق أهداف سياسية واقتصادية وعسكرية تخدم مصالح الداعمين لها.

وقال الباحث في مؤسسة الشرق الأوسط في واشنطن عبد الرسول ديو سالار، في تصريح لراديو "فردا" التابع لـ "إذاعة أوروبا الحرة" في براغ، "من مزايا هذه الميليشيات هي عدم قبولها مسؤولية أفعالها، إذ إنها تعد وسيلة بيد داعميها من أجل تمرير أجندة سياسية وعسكرية، والرد على الطرف المقابل من دون خوض مواجهة مباشرة".

وإذا لم تتوافر مثل هذه المجموعات تضطر الأطراف المتصارعة إلى الرد بشكل مباشر على الصعيد العسكري أو خوض خلافات سياسية مباشرة ضد خصومها. لذلك تعمل الميليشيات، التي تقاتل بالنيابة، على إنشاء مساحة رمادية بين الأطراف المتصارعة وتنشط في تلك المنطقة من أجل تحقيق أهداف داعميها.

الميلشيات المنتمية لإيران وتأثيرها في الصراعات

وبغض الطرف عن الغموض في طبيعة العلاقة بين النظام الإيراني والمجموعات التي تقاتل نيابة عنه، فإن التوتر الذي تسببت به هذه المجموعات في منطقة الشرق الأوسط، بخاصة خلال الأشهر الماضية، جدير بالاهتمام.

من بين هذه التوترات الهجمات المتعددة التي نفذتها مجموعات عراقية منتمية إلى قوات "فيلق قدس" التابعة للحرس الثوري الإيراني ضد القواعد الأميركية، وكذلك الهجمات التي ينفذها الحوثيون في البحر الأحمر، ما جعل المسؤولين السياسيين والعسكريين في البلدان الغربية المختلفة يتحدثون عن الأدوار السلبية للنظام الإيراني في إيجاد الأزمات في منطقة الشرق الأوسط، في حين أن النظام الإيراني ينفي، كل مرة، تورطه في مثل هذه العمليات ويدعي المسؤولون الإيرانيون دائماً أن "محور المقاومة" يتخذ قرارته بشكل مباشر ولم يتلقّ أوامر من طهران.

وتقول إذاعة " أوروبا الحرة" إن أحدث نشاط لهذه المجموعات، الذي شمل هجوماً بطائرة مسيرة على قاعدة أميركية في الأردن ومقتل ثلاثة جنود أميركيين، شكل تطوراً جديداً ومفصلياً بالنسبة للاعبين الدوليين وكذلك المراقبين السياسيين والأمنيين.

ولم يقتل أي من الجنود الأميركيين في الهجوم الذي نفذته إيران بعد مقتل قاسم سليماني ضد قاعدة "عين الأسد" في حين سقط قتلى وجرحى أميركيون في الهجوم الأخير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي أحدث هجوم صاروخي للحرس الثوري على أربيل في العراق، استهدف منزل إحدى الشخصيات المعروفة في إقليم كردستان قرب القنصلية الأميركية، ونفذ الهجوم بشكل لم يلحق ضرراً ضد القوات الأميركية الموجودة قرب الهدف. لكن في الهجوم الأخير الذي وردت أنباء عن تورط كتائب "حزب الله" العراقي في تنفيذه، قتل ثلاثة من الجنود الأميركيين، ورافق ضغوطاً غير مسبوقة من الجمهوريين ضدّ إدارة جو بايدن من أجل رد فعل مشدد ضدّ إيران، وتحدث عدد من أعضاء مجلس الشيوخ عن ضرورة شن هجوم عسكري ضد طهران.

لكن هل تورط هذه المجموعات إيران؟

يدعي المسؤولون الإيرانيون، كالعادة، أن ليس لهم أي دور في الهجوم على القاعدة الأميركية في الأردن، لكن الدول الغربية، بخاصة الولايات المتحدة، وجهت أصابع الاتهام ضد إيران. في مثل هذه الظروف، وحتى إذا ما اعتبرنا ادعاءات المسؤولين الإيرانيين صحيحة، فمن المحتمل أن تؤدي ما تصفه إيران "ردود الفعل الأحادية الجانب من قبل محور المقاومة" إلى إيجاد وضع خارج عن سيطرة إيران.

ويقول عبد الرسول ديو سالار "يوجد دائماً مثل هذا الخطر، لكن يجب القول إن الفضاءات التي تنشط فيها المجموعات النيابية تختلف عن الاشتباكات العسكرية التقليدية في المفهوم العسكري".

على سبيل المثال، تصف وسائل الإعلام الهجمات التي تنفذها الفصائل الشيعية في العراق ضد القوات الأميركية بأنها تأتي بأوامر مباشرة من طهران، لكن الطرف الأميركي أو أي من اللاعبين الآخرين يعرفون أن مثل هذه التوجهات لدى وسائل الإعلام تعد تفسيراً سياسياً للحدث، ومصالحها المباشرة هي التي تجعلها تحكم باتهام طهران في الهجوم المباشر أو لا، لذلك التفسير السياسي للأحداث له أهمية كبيرة في توجيه الاتهام إلى الطرف المقابل.

ويشدد عبد الرسول ديو سالار على ضرورة أن ننتبه من أن الحكومات المختلفة تتخذ قراراتها على أساس التعريف أو التفسير السياسي أكثر منه التصريحات التي تصدر عن المسؤولين السياسيين والعسكريين في وسائل الإعلام، وعلى أساسها تقرر في ما تنسب الهجمات إلى المجموعات النيابية أو الطرف الداعم لها.

ويقول ديو سالار المختص في الشؤون العسكرية إن إيران لجأت هي الأخرى إلى مثل هذا الإجراء. وعلى سبيل المثال، بعد الهجوم على منشآتها النووية، على رغم أنها نسبت الهجمات إلى إسرائيل، لكن المسؤولين الإيرانيين لم يوجهوا الاتهامات، بشكل مباشر، إلى إسرائيل، وتحدثوا بشكل عام عن أميركا وإسرائيل وبقية الأطراف. هذا الموقف يجعل طهران غير معنية بالرد المباشر على أميركا أو إسرائيل بشكل عسكري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن التوتر في المنطقة بلغ حداً متقدماً، وأعلن المسؤولون في "البنتاغون" أنه، منذ حرب غزة، نفذت 165 عملية من الميليشيات المنتمية للنظام الإيراني ضد القواعد الأميركية في المنطقة.

وكان آخر هجوم نفذته المجموعات النيابية قد أدى إلى مقتل ثلاثة جنود أميركيين في الأردن. وتستمر هجمات الحوثيين ضد الملاحة البحرية في البحر الأحمر، ولم تؤد العمليات التي تنفذها الولايات المتحدة وبريطانيا إلى وقف هذه الهجمات.

هذه الإجراءات مهدت لضغوطات كبيرة ضد إدارة بايدن، بخاصة من قبل الجمهوريين الذين طالبوا برد فعل مشدد ومباشر من قبل واشنطن ضدّ طهران. في النتيجة، يطرح سؤال في الأوساط الأميركية عن كيفية الرد على الهجوم من دون توسيع نطاق المواجهة في المنطقة أو نشوب حرب مباشرة.

تطورات خطيرة

ويقول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن المنطقة لم تشهد تطورات خطيرة مثل ما يحدث في الوقت الحاضر، منذ حرب عام 1973، بين العرب وإسرائيل. وترد تقارير أن الولايات المتحدة منهمكة بصياغة رد على الهجمات من دون إيجاد مواجهات جديدة في المنطقة.

إن الظروف الراهنة من شأنها أن تؤدي إلى أزمة لا يمكن احتواءها في ظل الهجمات التي تنفذها المجموعات الموالية لطهران ضد مواقع الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، بخاصة بعد تجاوزها الخطوط الحمراء لواشنطن ومقتل عدد من جنودها وجرح العشرات منهم. عواقب هذه الأزمة وآثارها يمكن ألا تكون محدودة مثلما يتصور النظام الإيراني، بل يمكن أن تنتشر شرارتها إلى مناطق أخرى وتؤدي إلى إشراك لاعبين آخرين في الصراع.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير