Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

طه حسين وهيرمان هيسه يتجسدان نحتاً في معرض قاهري

بين تخيلات عميد الأدب العربي وتجليات الفن الفرعوني والروماني

فانتازيا هيرمان هيسه كما جسدها جورج فاضل (خدمة المعرض)

ملخص

بين تخيلات عميد الأدب العربي وتجليات الفن الفرعوني والروماني

تردد اسم الأديبين طه حسين وهيرمان هيسه في معرضين منفصلين استضافهما أخيراً غاليري الزمالك في القاهرة. المعرض الأول للفنان ناثان دوس، ويقدم فيه التحية إلى روح طه حسين عبر بورتريه نحتي من حجر الغرانيت. أما المعرض الآخر فيستلهم فيه الفنان جورج فاضل محتوى الأعمال التصويرية التي يقدمها من كتابات الأديب الألماني هيرمان هيسه.

حمل معرض ناثان دوس عنوان "بين المفهوم والاستنارة" ويضم عدداً من أعمال الفنان النحتية بخامات مختلفة. يُشير العنوان على نحو مُباشر إلى فكرة التنويرالتي يجسدها الفنان في عملين نحتيين بارزين بين أعمال المعرض، يتمثل الأول في بورتريه نحتي للأديب طه حسين، والآخر للفيلسوفة الرومانية هيباتيا، شهيدة المعرفة. وكلا العملين المُشار إليهما مصنوعان من خامة الغرانيت، في إشارة إلى صلابة الشخصيات التي تمثلها، كما يشير إلى ذلك النص المرافق للعرض بقلم الناقدة منى عبد الكريم. المعرض يعكس على نحو صادق ما تتمتع به تجربة الفنان ناثان دوس من ثراء واتساع لرؤيته في المعالجات النحتية، فهو ينحت على الحجر ويشكل أعماله بخامة البرونز أو المعدن بالطاقة نفسها من الإلهام. كما يعتمد ناثان دوس في كل معرض من معارضه على فكرة لها علاقة برؤيته للعالم وللفن بشكل عام.

بين أعماله الأكثر لفتاً للإنتباه في هذا المعرض يأتي تمثال نفرتيتي، وهو عمل يقدم تصوراً مختلفاً للتمثال الشهيرالمعروض في متحف برلين، والذي يعد أحد أكثر القطع الأثرية المصرية القديمة شهرة، ويعود إلى منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد. ما يميز هذه القطعة الأثرية، خلافاً لوجه نفرتيتي الجذاب، هي ملابسات العثور عليها بين أنقاض ورشة للنحت تنتمي إلى عصر إخناتون، وهي ورشة النحت الوحيدة تقريباً التي عثر فيها على أعمال نحتية، وكان بعضها غير مكتمل. بين التماثيل التي عثر عليها داخل هذه الورشة، كانت هناك ثلاث نسخ أخرى من التمثال المعروض في ألمانيا، لكنها غير مكتملة. يفترض ناثان دوس أن الفنان المصري القديم "تحتمس" صاحب تمثال نفرتيتي، وهو المثّال المصري الوحيد الذي نعرف اسمه، أراد أن يقدم معالجات مختلفة لوجه نفرتيتي غير هذه المعالجة المكتملة التي نعرفها. لهذا قرر ناثان دوس أن يكمل هذا المشروع النحتي القديم، وكأن روح هذا الفنان الفرعوني قد تلبسته. وهو يقدم هنا معالجته الشخصية لهذا التمثال غير المكتمل لنفرتيتي؛ وهي معالجة تحمل ملامح الماضي وتتوافق إلى حد كبير مع المعالجات النحتية المعاصرة.

في تمثال نفرتيتي الذي صنعه دوس نرى التاج نفسه الذي ترتديه نفرتيتي ولكن بأسلوب مختلف وملىء بالفراغات. يعتقد دوس أن تمثال نفرتيتي المعروض في متحف برلين يعد نموذجاً فريداً من نوعه بين القطع الأثرية المصرية. لقد صنع الفنان المصري القديم هذا التمثال من الحجر الجيري في البداية، لكنه أضاف إليه بعد ذلك خامة الجص، ثم كساه باللون لاحقاً كي يخفي الفروق بين الخامتين. يعتقد دوس أيضاً أن هذا التمثال القديم كان مجرد نموذج لعمل آخر أعظم، ولكن القدر لم يمهل الفنان لاستكماله، ربما لقيام الثورة المفاجئة على إخناتون في ذلك الوقت.

حجر الزاوية

المعرض الآخر للفنان جورج فاضل عنوانه "حجر الزاوية"، ويعرض خلاله مجموعة متنوعة من اللوحات المرسومة بخامات مختلفة. في هذه الأعمال يشكل جورج فاضل فضاءً غامضاً يمتلىء بالعديد من الرموز والشخصيات الخيالية والأسطورية، وتتداخل فيه علامات وحروف وعناصر كثيرة. تتشكل كل هذه العناصر في بناء ذي طابع هندسي، تتقاطع فيه الخطوط والدوائر والأقواس. يدعم الفنان هذا البناء الهندسي بعناصر أخرى مثل مكعب روبيك مثلاً ورقعة الشطرنج، وهما عنصران يتكرران في معظم الأعمال بأشكال وأساليب مختلفة. مساحة الرسم هنا تختزل صراعات العالم المعاصر وعلاقاته المعقدة عبر استدعاء هذه الرموز التاريخية والأسطورية، والتي يمكن اعتبارها أدوات للعبة لا تنتهي، وذرائع للصراع الإنساني على مر العصور في كثير من الأحيان.

اقرأ المزيد

يتضمن كتالوغ المعرض مقاطع من كتابات هيرمان هيسة تبدو تجسيداً لبعض الأعمال. بين هذه المقاطع يطالعنا مقتطف من رواية "أنباء عجيبة من كوكب آخر" وهي تصاحب لوحة بعنوان أرتميس، وفيها يظهر تمثال لإله الصيد والبرية الإغريقي "أرتميس" أمام خلفية قاتمة. وفي لوحة أخرى تحت عنوان "فانتازيا هيرمان هيسه" يطالعنا مشهد مستلهم من لوحة العشاء الأخير لفنان عصر النهضة ليوناردو دافنشي، وإلى جانب العمل نص للأديب الألماني يعبر عن قسوة الحروب والصراعات الإنسانية.

المزيد من ثقافة