على رغم التوترات الجيوسياسية وتذبذب أسواق الطاقة إلا أن آفاق نمو أسواق الائتمان وربحية القطاع المصرفي في دول مجلس التعاون الخليجي تبدو جيدة في معظمها، بحسب تقرير صدر هذا الأسبوع عن مؤسسة التصنيف الائتماني العالمية (ستاندرد آند بورز).
ومع أن التقرير لا يعد تصنيفاً ائتمانياً إلا أنه يمثل جزءاً من الدراسات الأساس التي تستند إليها المؤسسة في تصنيف البنوك الخليجية.
ويصف التقرير وضع البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي بأنها "تمثل بقعة مضيئة نسبياً ضمن الأسواق الناشئة" في العالم.
وعلى رغم التباين بين أداء البنوك في دول المجلس الست إلا أن وضع القطاع المصرفي الخليجي بصورة عامة جيد، مع توقعات بأداء أقوى خلال العام الحالي 2024، على رغم انكشاف أكبر لبعض بنوك المنطقة على مناطق عالية الأخطار الائتمانية وعدم استقرار أسعار النفط، إذ تمثل عائدات صادرات الطاقة من نفط وغاز المصدر الأكبر للدخل.
وبالنسبة إلى آفاق نمو القطاع العام الحالي فقد توقع التقرير أن يكون تأثير التوترات الساخنة داخل المنطقة في البنوك أقل كثيراً من المقدر سابقاً، مما يعني تراجع الأخطار التي تؤثر سلباً في أداء البنوك ووضعها من حيث رأس المال والسيولة وهوامش الأرباح.
مناخ أعمال إيجابي
ويتوقع التقرير استقرار معايير قياس أداء البنوك الخليجية هذا العام في ظل مناخ أعمال إيجابي بعامة، مع أداء جيد على رغم التراجع الطفيف عن مستويات العام الماضي 2023 القوية.
ومع النمو القوي المتوقع لقطاعات الاقتصاد غير قطاع الطاقة وبرامج تنويع الاقتصاد، يشير التقرير إلى نمو أسواق الائتمان بصورة جيدة وبخاصة في دول السعودية والإمارات وعُمان.
وفي المقابل، يشير التقرير إلى أن هناك أخطاراً تواجه القطاع المصرفي من قبيل احتمال تصاعد التوترات الجيوسياسية في المنطقة والانكشاف على مناطق عالية الأخطار الائتمانية مثل مصر وتركيا، لكن البنوك والقطاع المصرفي بعامة في دول الخليج سيظلان قويين من حيث كفاية رأس المال وتوفر السيولة ونمو الأرباح.
وبحسب تقديرات "ستاندرد آند بورز"، فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي في دول مجلس التعاون الخليجي، باستثناء البحرين، سيواصل الزخم السريع هذا العام، وستظل أسعار الفائدة في دول المجلس مرتفعة نسبياً على أن تنخفض بمقدار واحد في المئة بنهاية العام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتتوقع المؤسسة استمرار استقرار أسعار النفط على رغم التوترات في المنطقة مما استمرار دعم الانفاق المالي للحكومات.
وعلى رغم أخطار تصاعد التوتر في المنطقة إلا أن ضعف النمو بشدة في الصين يمكن أن يكون أكبر تأثيراً في قطاع الطاقة، إذ إن انخفاض أسعار النفط يؤثر في مناخ الأعمال ويؤدي إلى بعض الضغط المالي في دول الخليج.
وبصورة عامة، يظل مناخ الأعمال في دول الخليج إيجابياً مما يدعم نمو الطلب على الائتمان ويزيد ربحية البنوك، ومع احتمال تباطؤ نمو الائتمان بصورة طفيفة فقد يؤثر ذلك في هوامش أرباح البنوك، لكنها تظل في وضع ربحية إيجابية.
ويقدر التقرير أن تظل قيمة الأصول في دول الخليج قوية نسبياً من دون احتمالات تدهور، بخاصة مع خطوات الإقراض الحذر، على حد تعبير التقرير، وأيضاً فرأس المال في القطاع المصرفي سيظل قوياً مما يدعم احتمالات التصنيف الائتماني الجيد للبنوك الخليجية، بخاصة أن معظم رؤوس الأموال فيها من ودائع محلية، وإن كان القدر الأكبر منها لمؤسسات وهيئات حكومية.
تصنيف ائتماني جيد
ويتوقع التقرير أن يظل التصنيف الائتماني للقطاع المصرفي عموماً والبنوك في الخليج جيد، مقارنة مع نظيره في مناطق أخرى من العالم.
وتبقى البنوك الخليجية في مرتبة قريبة من التصنيف الجيد A، بينما المتوسط التصنيفي العالمي للبنوك أقل من ذلك عند BBB، ويعود ذلك لجودة رأس المال في القطاع المصرفي والدعم الحكومي له.
ومن المتوقع أن يكون انكشاف البنوك الخليجية على سياسات التحول في مجال الطاقة محدود التأثير إلى حد كبير، إذ تسعى إلى دعم برامج الاستدامة عبر توفير التمويل لبرامج التحول في مجال الطاقة، لكن مع الاحتياط أيضاً لاحتمالات التذبذب في أسعار الطاقة التقليدية.
ولأن الاستدامة أصبحت تلعب دوراً في التصنيف الائتماني للأعمال في مختلف القطاعات، بما فيها القطاع المصرفي، فإن التقرير يقدر أن وضع البنوك الخليجية جيد في هذا السياق، وإن كانت هناك مساحة لنمو التمويل المستدام.
كما يضع التقرير تصوراً للأخطار التي يمكن أن تؤثر في القطاع المصرفي الخليجي، لكنه يستبعد أن يكون هذا السيناريو الأكثر احتمالاً، ومن بينها أن يؤدي تصاعد التوترات الجيوسياسية حول العالم إلى اضطراب سلاسل الإمداد وعرقلة انسياب رؤوس الأموال والاستثمار، إلا أنه خلص إلى أن الأوضاع المالية في دول مجلس التعاون الخليجي ستظل مستقرة إلى حد كبير.
وهناك أيضاً احتمالات انكشاف البنوك الخليجية على أسواق عالية الأخطار، وبخاصة بالنسبة إلى فروع البنوك الخليجية في تركيا ومصر، إذ يبلغ حجم انكشافها على سوق الائتمان في البلدين نحو 160 مليار دولار، إلا أن احتمالات الخسائر في البلدين تظل في حدود ما يمكن احتواؤه.
أما احتمالات التصحيح في القطاع العقاري فتظل واردة، وإن كانت "ستاندرد آند بورز" لا تتوقع تأثيراً كبيراً لذلك، إن حدث، في التصنيف الائتماني للبنوك الخليجية.