ملخص
تهدف إلى أن تكون مركزاً للتكنولوجيا والابتكار، ولدى مطوريها خطط لإنشاء "صحراء السيليكون" من خلال جذب شركات التكنولوجيا العملاقة والناشئة... ماذا نعرف عن "تيلوزا"؟
أعلن الملياردير الأميركي مارك لور عام 2021 عن استخدام جزء من ثروته لبدء العمل في مشروعه الطموح لبناء مدينة فاضلة اسمها "تيلوزا" باستثمارات تصل إلى 400 مليار دولار، وتضم كل أدوات الرفاهية والتميز وتضع معياراً عالمياً للحياة الحضرية وتوسع الإمكانات البشرية لتصبح مخططاً للأجيال المقبلة في وسط الصحراء الأميركية بين ولايات نيفادا وأريزونا ويوتا.
من بين المشاركين في تطوير المدينة، يلمع اسم المهندس المعماري الدنماركي الشهير بيارك إنغلز الذي تقوم شركته بوضع التصاميم، والمحامي الأميركي السابق بريت بهارارا. وقطعت مجموعة "إنغلز" المعمارية شوطاً طويلاً في طريقها لوضع اللمسات النهائية على التصاميم الهندسية وباشرت عملية شراء الأراضي في الغرب الأميركي لكثرة الأراضي غير المطورة والرخيصة المتاحة هناك.
وهذه المدينة التي ستكون مساحتها 1500 كيلومتر مربع سيعيش فيها نحو 50 ألف شخص في وقت مبكر من عام 2030، ليصل عدد سكانها إلى نحو 5 ملايين بحلول عام 2050. ويصفها لور بأنها المدينة الأكثر انفتاحاً وعدالة وشمولاً في العالم وأنها ستكون صديقة للبيئة كأية مدينة اسكندينافية، وحرة ومليئة بالفرص مثل المدن الأميركية.
مشروع مذهل
المدينة الجديدة ستعتمد بصورة كاملة على الطاقة المتجددة، إذ ستحوي جميع مبانيها ومحطات معالجة المياه فيها ألواحاً شمسية، وفي الوقت نفسه سيجري الاقتصار على السيارات الكهربائية والمستقلة ذاتية القيادة وتحظر مركبات الوقود الأحفوري.
وستوجد في "تيلوزا" مساحة لتخزين المياه ومزارع هوائية وأسطح مزودة بألواح كهروضوئية، كما ستصبح ناطحة السحاب المركزية الكبيرة "إيكيوتي" علامة بارزة فيها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولن تكون المدينة مستدامة وحديثة للغاية فحسب، بل أيضاً متنوعة بصورة متعمدة، إذ يبحث الملياردير لور عن 50 ألف "شخص متنوع" للانتقال إليها لتجسيد نموذج جديد للمجتمع. وتفاصيل هذا التنوع ليست معروفة بعد، ولكن يمكن الافتراض أنها تستهدف الأشخاص ذوي الخلفيات والأعمار والقدرات المختلفة.
وتظهر التصورات والتصاميم الأولية مدينة حديثة جداً تضم مباني شاهقة خضراء ومتنزهات ذات مناظر طبيعية خلابة ومسارات للتجول. أما وجود البيوت الزجاجية والألواح الشمسية وتوربينات الرياح، فيشير إلى أن المدينة الصحراوية من المحتمل أن تكون مكتفية ذاتياً إلى حد كبير.
وتهدف المدينة أيضاً إلى أن تكون مركزاً للتكنولوجيا والابتكار، ولدى المطورين في هذا الصدد خطط لإنشاء "صحراء السيليكون" من خلال جذب شركات التكنولوجيا العملاقة والناشئة على حد سواء إلى المنطقة، ويضاف كل ذلك إلى تخطيطهم لإنشاء مركز للبحث والتطوير للطاقة النظيفة والتقنيات المستدامة.
ومن المقرر أن تحوي المدينة مزيجاً متنوعاً من خيارات السكن، بما في ذلك الإسكان بأسعار معقولة، إضافة إلى مساحات خضراء واسعة وحدائق ليستمتع بها السكان إلى جانب وسط مدينة نابض بالحياة يضم متاجر ومطاعم ومؤسسات ثقافية.
نموذج اقتصادي فريد
إضافة إلى ذلك، يخطط لور لتطبيق أفكار الاقتصادي الأميركي الشهير هنري جورج الذي كان يحلم بشكل مجتمعي معفى من الضرائب في وقت مبكر من القرن الـ19 ولم يتم تنفيذ أي من أفكاره إلا على نطاق صغير جداً، وبذلك ستسود "المساواة" في "تيلوزا"، ولن يكون هناك ملاك خاصين في هذه المدينة المستقبلية، وستُستثمر أموال عقود الإيجار في الخدمات الاجتماعية، مما سيمكن سكان المدينة الجديدة الواقعة في الصحراء من التأثير بصورة مباشرة في القرارات السياسية.
وأطلق فريق العمل المشرف على المشروع اسم نظام "المساواة" على النموذج الاقتصادي الذي سيتبع في "تيلوزا"، بحيث ستصبح جميع أراضي المدينة مملوكة لمؤسسة يديرها السكان. ومع ارتفاع قيمة الأرض من خلال التطوير سيكون من الممكن في نهاية المطاف بيعها في السوق واستثمار العائدات في أداة أشبه بالوقف الذي يمول الإسكان والرعاية الصحية والتعليم وغير ذلك من الحاجات.
يشرح الفريق هذا النموذج الفريد كالآتي، "إذا باع المجتمع الأرض وأنشأ وقفاً على غرار وقف الجامعة أو المستشفى فيمكنه كسب 50 مليار دولار سنوياً، وهذا المبلغ سيعود للمواطنين في شكل رعاية صحية وتعليم وتدريب على الوظائف وإسكان بأسعار معقولة وربما أكثر".
ويهدف لور إلى تطبيق أفكاره المتمحورة حول ضرورة إصلاح الرأسمالية لخلق الثروة بطريقة عادلة، مع أخذ نوعية حياة السكان في الاعتبار، ويلخص ذلك بقوله "لدينا فرصة لإثبات نموذج جديد للمجتمع يوفر للناس نوعية حياة أعلى وفرصاً أكبر. عندما أنظر إلى المستقبل بعد 30 عاماً من الآن، أتخيل أن المساواة ستكون بمثابة مخطط لمدن أخرى، وستكون ’تيلوزا‘ مكاناً للفخر لكل من يعيش هناك".
مدينة مستدامة
بدورها تقول كبيرة المهندسين المعماريين في "تيلوزا" ألانا غولدويت إن المدينة ستتكون من 36 منطقة متعددة الاستخدامات، بحيث يمكن للمقيمين الاستمتاع بالوصول إلى جميع ضروريات الحياة في غضون 15 دقيقة سيراً على الأقدام. ولا تقف الأمور عند هذا الحد بل تشمل خطط فريقها التعليم والتدريب الوظيفي والرعاية الصحية.
وستمتد المساحة الخضراء العامة في جميع أنحاء العمود الفقري للمدينة، مما يتيح لـ5 ملايين شخص الوصول بسهولة إلى الطبيعة. كما تتميز الخطط الموضوعة بوجود ناطحات سحاب عضوية مستقبلية وقطارات أحادية السكة وصديقة للبيئة وحدائق مجتمعية والتقنيات اللازمة لتخزين المياه وتنظيفها وإعادة استخدامها في الموقع بكفاءة عالية.
واعتماد المدينة على الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح هدفه زيادة الاستدامة وخفض التلوث الذي يؤدي إلى الاحتباس الحراري، فيما ستحافظ المركبات ذاتية القيادة على الشوارع آمنة وتحد من الحوادث المرورية، ويمكن أن توفر مساحة بيئية للمشاة.
وبينما يتسبب نمو المدن في غرب الولايات المتحدة بإرهاق أنظمة المياه الجوفية بالتزامن مع فرض تغير المناخ مزيداً من حالات الجفاف الشديدة، يعتقد لور بأن التكنولوجيا والتقنيات الجديدة سيكون لها دور فاعل في التغلب على التحديات، خصوصاً أن حقوق المياه وتوافرها أمر بالغ الأهمية للحفاظ على استدامة المجتمعات الصحراوية، فضلاً عن أن تحلية مياه المحيطات تستهلك كثيراً من الطاقة.