Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

20 عاما على منصة "فيسبوك": ألم يحن الوقت لتنظيمها؟

عندما استدعي مارك زوكربيرغ إلى مجلس الشيوخ، وجهت له انتقادات حادة، ووصف بأنه شخص "تلطخت يداه بالدماء"، وهو ما لم يتوقع أن يتزامن مع الاحتفال بذكرى "فيسبوك"

زوكربيرغ أثناء توجيه الاعتذار لأهالي ضخايا شبكة فيسبوك (غيتي)

ملخص

آن أوان فرض قيود ناظمة على فيسبوك وأخواته على شبكة الانترنت

تتربع الشركات التكنولوجية العملاقة الجديدة على عرش العالم الرقمي وتسيطر عليه، ويعد أصحابها من أثرى الشخصيات في تاريخ العالم، ويتمتعون بنفوذ هائل وتأثير كبير في حياة كل من يستخدم خدمات هذه الشركات. وعلى رغم قوتهم وسيطرتهم، فهم ليسوا بمنأى عن المساءلة عن أفعالهم ويمكن إجبارهم على الاعتذار عما ألحقوه من أذى بالغير.

دعونا نأخذ مؤسس "فيسبوك" مارك زوكربيرغ كمثال، والذي تبلغ ثروته نحو 140 مليار دولار - نحو 70 مرة أكثر من ثروة الملك تشارلز، على سبيل المقارنة. هذا الأسبوع، كان من المفترض أن يسترخي بمنزله ويستمتع بوقته بدلاً من الإصغاء لانتقادات السياسيين المزعجين أثناء احتفاله بالذكرى الـ20 لإطلاق "فيسبوك"، الذي أصبح الآن جزءاً من مجموعته الأكبر المسماة "ميتا"، والتي تضم "إنستغرام" و"ثريدز" و"واتساب"، التطبيق المفضل عند السياسيين لتدبير المؤامرات. وتجدر الإشارة أن كل منصة من هذه المنصات هي مشروع تجاري عالمي بحد ذاته.

ولا شك في أن زوكربيرغ، المهووس بالتكنولوجيا، كان سيكون في قمة سعادته لو كان يعمل في مختبرات شركته "ميتا"، ويبتكر عوالم جديدة في العالم الافتراضي، أو ربما يتلذذ بتناول قطعة من الكيكة [الحلوى] في العالم الافتراضي. لكن، بدلاً من ذلك، وجد نفسه ماثلاً أمام لجنة في مجلس الشيوخ، بينما يقوم السياسيون الذين يتمتعون بشعبية بانتقاده والاعتراض على بعض أفعاله. كان زوكربيرغ محاصراً لا يستطيع أن ينبس ببنت شفة، وفي الوقت نفسه يواجه من الجانب الآخر آباء وأمهات الضحايا من الأطفال - أو كما يطلق عليهم أعضاء مجلس الشيوخ، ضحايا "فيسبوك".

وشهدت جلسة اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ حضور كبير لأسر الأطفال الضحايا والنشطاء. وكان السيناتور ليندسي غراهام أكثر توازناً في طرحه للقضية مقارنة بجوش هولي من ولاية ميزوري. غير أنه واصل اتهام أصحاب منصات التواصل الاجتماعي الماثلين أمامه بما في ذلك ممثلي "تويتر" (إكس)، و"تيك توك" و"سناب شات" و"ديسكورد" وحملهم مسؤولية "تدمير حياة الأسر وتهديد الديمقراطية". وقال لهم: أعلم أنكم لم تقصدوا أن يحدث ذلك، ولكن أياديكم ملطخة بالدماء.

اقرأ المزيد

واتخذ السيناتور جوش هولي من ولاية ميزوري، الذي يتميز بطموحه حتى بمقاييس هذا النوع من السياسيين، على عاتقه المطالبة بأن ينحني زوكربيرغ، رئيس الشركة البليونير، أمام عائلات الضحايا ويتحمل المسؤولية الشخصية عما حدث لأشخاص لا يعرفهم ولم يلتق بهم أبداً. وقال السيناتور لزوكربيرغ، "هل تود الاعتذار عما بدر منك إزاء هؤلاء الأناس الطيبين؟".

وبينما دعا هولي العائلات لرفع صور الأطفال الذين تضرروا وفقدوا حياتهم بسبب استغلال المنحرفين والجناة [المجرمين] لمنصة "ميتا"، كان هذا "الطلب" إلى حد ما استفزازياً. وبدا زوكربيرغ الذي يعرف بوجهه الخالي من التعابير ولو في أفضل الأحوال، مرتبكاً، إن لم يكن متواضعاً، عندما نهض بتردد واستدار نحو العائلات وقدم تعازيه لهم. وقال "أشعر بالأسف لكل ما مررتم به. لا يفترض بأحد أن يعاني الأمور التي كابدتموها، ولهذا نستثمر مبالغ طائلة وسنواصل العمل على مستوى القطاع للتأكد من أن أحداً لن يعاني [بعد اليوم] مما عانيتموه".

وهنا يجب الإشارة إلى نقطة تثار في مثل هذه القضايا العاطفية، والتي يصعب حلها بصورة قاطع، مثلاً دور ومسؤولية ومساءلة شركات التواصل الاجتماعي، وهي نقطة يجب أن تتوقف عندها كل الحجج ليبدأ العمل باتخاذ الإجراءات. فالشركات محقة عندما تقول إنها ليست شركات نشر بالمعنى التقليدي، بل شركات توفر منصة لا أكثر، ومن الصعب إيجاد ابتكار في تاريخ الإنسانية لم يحرف على يد أشخاص شريرين ترتكبون أفعالاً مروعة. بالطبع، لديهم حق عندما يقولون إنهم لا يستطيعون السيطرة أو فرض رقابة على ما ينشره مليارات الأشخاص عبر الإنترنت. وإذا حاولوا ذلك، ستفلس شركاتهم، ولكن السياسيين وعائلات الضحايا محقون أيضاً عندما يسلطون الضوء على ما يحدث، لا سيما حينما تتحول وسائل التواصل الاجتماعي إلى وسائل غير اجتماعية. فهم على صواب على رغم أن حجتهم مبسطة، عندما يقولون إن أولوية هذه الشركات الرأسمالية الكبيرة هي تحقيق الأرباح قبل الاهتمام بالناس، وهذه هي الحقيقة. ويمكنهم أيضاً تقديم حجة مقبولة مفادها أن إقرار القوانين في أميركا التي منحت المنصات حصانة - من ثم عززت نموها الخيالي [الضخم] – أسهم في تطورها. ويمكن اتخاذ قرارات في شأن ضبط هذه المنصات [رسم قيود لها].

تتجلى هذه النقطة بوضوح في استحواذ إيلون ماسك على "تويتر"، كونه "مؤمناً بحرية التعبير الكاملة"، فقد أضعف إلى حد كبير المعايير المتعلقة بالإساءة وأهمل دور الضبط. لذا الآن، أصبح من الصعب الوجود في المنصة بسبب العدد الكبير من الإعلانات والمعلومات الخاطئة والممارسات العنصرية والمعاداة للسامية والكراهية، والسبب الوحيد الذي لم يجعلها تنهار إلى الآن هو أنه لم يظهر بعد منصة جديدة مناسبة لتحل محلها.

والحقيقة هي أن "إكس"، وهو اسمها الجديد الذي يجب أن نتعود عليه، ليست مضطرة أن تكون على هيئتها الحالية. فعندما كانت توفر بيئة أكثر ودية وأقل كراهية، كانت ربما أكثر نجاحاً على المستوى التجاري لهذا السبب تحديداً، مما هي عليه الآن بقيادة ماسك، ولكن على أي حال، "تويتر" يجب ألا تبقى على حالها [ما هي عليه اليوم].

من الضروري أن نتجاوز الجدل الدائر بلا نهاية حول حقوق الملكية وحرية التعبير ونعامل وسائل التواصل الاجتماعي على أنها الخدمات الرقمية الرئيسة، وغالباً ما تكون شبكات قريبة من الاحتكار ولها القدرة على إحداث الأذى الاجتماعي مثل أنابيب الصرف الصحي (مقارنة في محلها) أو كوابل الكهرباء الخطرة. يجب تنظيمها لجعلها أكثر أماناً في الاستخدام وجعلها مناسبة لمجتمع ديمقراطي ليبرالي، وليس وسيلة لتدميره. تمس الحاجة إلى تنظيمها لتصبح أقل إيذاءً من طريق القوانين لأنها أظهرت عدم قدرتها على التنظيم الذاتي، فأصحابها لا يؤمنون بذلك أو لأن القيود الناظمة تقلل من الأرباح، أو كليهما.

حري بنا أن نطرد المتحرشين بالأطفال من "فيسبوك" ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى، وعلينا أن نجعل الشركات تتحمل هذا المسؤولية. علينا أن نجرب تنظيم هذه المنصات ونرى كيف سيؤتي ذلك ثماره، أو قد لا يؤتي. قد يدخل قانون العواقب غير المتوقعة حيز التنفيذ، ونجد أنفسنا بقنوات جديدة على الإنترنت المظلم (Dark Web)، أو أشكال جديدة مشفرة من وسائل التواصل الاجتماعي، تصبح بعيدة من أنظار السلطات وتسبب مزيداً من الأذى. قد نجد أنفسنا أيضاً مضطرين إلى دفع مزيد مقابل استخدام هذه المنصات والقنوات بسبب كلف جعلها بيئات أكثر أماناً.

مع ذلك، على غرار كل نشاط تجاري رئيس تطور على مر القرون، من المصانع إلى المياه النظيفة [مياه الشفة الصالحة للشرب] إلى البنوك إلى سلامة السيارات، كان على الشركات الخاصة أن تخضع للرقابة، وأن يفرض عليها إجراءات الحماية. سيكون ذلك بمثابة عملية تنظيم تتطور باستمرار، مثل لعبة القط والفأر، لكن لا يوجد بديل بوضوح وقد حان الوقت لتوفير بديل.

أو كما قال السيناتور غراهام، "إذا كنت تنتظر من هؤلاء الأشخاص أن يحلوا المشكلة، فسنموت ونحن ننتظر."

© The Independent

المزيد من علوم