Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"إنها أكثر الظروف وحشية على الإطلاق": كفاح طبيب لإخراج عائلته من غزة

يقول الدكتور سليم غياضة البريطاني - الفلسطيني إن أفراد عائلته عالقون في "أكثر الظروف خطورة وانعداماً للإنسانية على الإطلاق"

تجري مياه الصرف الصحي في شوارع مدينة رفح، في جنوب قطاع غزة (سليم غياضة)

ملخص

رحلة الدكتور سليم غياضة الشاقة لإنقاذ عائلته من براثن الحرب في غزة.

"تصور أن تتصل بوالديك وأشقائك وشقيقاتك، وأن يكون جل ما تتمناه هو أن يكونوا على قيد الحياة". إن هذا ما قاله الدكتور سليم غياضة مستذكراً واقعه، وقد اغرورقت عيناه بالدموع، وسط مساعيه الحثيثة إلى إخراج أفراد عائلته من غزة وإبعادهم عن وضع "لا إنساني" يعيشه القطاع.

فالدكتور غياضة، البالغ من العمر 51 سنة، يشعر بالقلق يومياً على مصير والديه المسنين، وأشقائه، وشقيقاته، وبناتهم وأبنائهم، بينما يختبرون أسوأ الظروف على الإطلاق في مخيم موقت للاجئين في مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، على مقربة من الحدود المصرية.

والحال أن هذا [الطبيب] البريطاني - الفلسطيني يقيم ويعمل في المملكة المتحدة منذ 21 عاماً، وقد أطلق أخيراً حملة جمع أموال على الإنترنت، ويمارس ضغوطاً على السياسيين لإخراج عائلته إلى مكان آمن خلف الحدود.

وقال الدكتور غياضة، وهو مستشار في طب الأطفال في مستشفى "رايغمور"، في مدينة إنفرنيس، إن 31 فرداً من عائلته يعيشون محرومين من المياه الجارية، ولا يحصلون على ما يكفي من طعام، بينما تجري مياه الصرف الصحي في الشوارع، ويحتشدون في خيم بحثاً عن الدفء.

وشرح قائلاً: "إنها أكثر الظروف خطورة وانعداماً للإنسانية التي قد يختبرها أي كائن بشري. ومنازل أفراد عائلتي تقع كلها في شمال غزة. من ثم أجبروا كلهم على إخلائها بسبب القصف، وقد تهجر بعضهم وتشردوا مرتين، أو حتى ثلاث مرات".

"لقد انتهى المطاف بهم جميعاً في رفح، وهي كما تعرفون مدينة صغيرة جداً تقع على مقربة من الحدود المصرية، ويختبرون ظروفاً معيشية بالغة الصعوبة ولا تطاق".

"إن رفح بحد ذاتها معروفة ببردها الشديد ليلاً، لأنها تقع في منطقة تكاد تكون صحراوية، نظراً إلى قربها من سيناء. من ثم فإن البرد فيها يشتد ليلاً. كما وأنه لا مياه جارية فيها على الإطلاق، لذا يتم جمع المياه في السطول".

وأضاف: "كانت المواد الغذائية، كالفاكهة والخضراوات، تزرع في غزة. لكن الوضع خطر للغاية. لذا يرى المزارعون أنفسهم عاجزين عن زراعة الأرض. وحتى عندما تجد عائلتي ما تأكله، تكون نوعية المواد الغذائية [التي يشترونها] رديئة إلى أقصى الحدود".

"يخبرونني بأنهم ما كانوا ليتصوروا أنهم سيضطرون يوماً إلى شراء المواد الغذائية التي يشترونها الآن، لكنه ما من خيار آخر أمامهم".

وكانت إسرائيل قد بدأت حملتها العسكرية في أعقاب عملية التوغل القاتلة التي أقدم عليها مقاتلو "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ومنذ ذلك الحين، تشن إسرائيل حملة قصف وحشي، تسببت في مقتل أكثر من 25 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال.

ومنذ ما لا يزيد الأسبوع، أعلن قضاة منظمة "الأمم المتحدة" أنه من واجب إسرائيل أن تضمن عدم ارتكاب قواتها إبادة جماعية في حق الفلسطينيين في غزة.

استطراداً، لا يحمل أفراد عائلة الدكتور غياضة الجنسية البريطانية، لذا لا يحق لهم عبور معبر رفح إلى مصر. ومن ثم يبقى والده نبيل، وهو في الثمانينيات من عمره، ووالدته دلال، وهي في السبعينيات من عمرها، عالقين [في غزة] مع أفراد عائلته الآخرين.

وتابع كلامه: "لقد مر [القطاع] بفترات من الانقطاع التام الذي يسبب عذاباً ومعاناة، حيث عمدت إسرائيل فجأة إلى قطع سبل التواصل [كلها] ليوم أو يومين، أو حتى لأسبوع في الآونة الأخيرة".

"فكنت أبلغ مرحلة، إن سألني فيها أحدهم عن إحساسي، راودني شعور بأن أحدهم مزق قلبي 100 مرة".

"بالطبع، أشعر بالقلق عليهم طوال الوقت. وأقوم بالاطمئنان عنهم كل يوم وكل ساعة وأسألهم: ’هل أنتم أحياء... هل أنتم أحياء؟‘ لقد فارق النوم عيني لأسابيع وأسابيع".

وقد بلغه اليأس وهو يحاول إخراج عائلته من المنطقة، وها أنه يطلب مزيداً من الدعم الحكومي لمساعدة المواطنين البريطانيين الذين علق أقاربهم في غزة.

وفي معرض كلامه، سلط الدكتور غياضة الضوء على برامج [مساعدة] اللاجئين السوريين والأوكرانيين الهاربين من الحرب، لكنه تساءل عن سبب عدم وجود مساع مماثلة لإعادة توطين الفلسطينيين القادمين من غزة.

وأكد أن "سبباً معيناً يجعل عائلاتنا غير مهمة بنظر الحكومة البريطانية، فكأننا أشباح ولا يروننا".

وكذلك، قال الدكتور غياضة، المولود في غزة، إن جزءاً صعباً آخر من الحرب يتمثل بمراقبة المستشفيات التي تدرب وعمل فيها في شبابه وهي تتعرض للقصف، وبرؤية زملائه يواجهون مر العذاب لمعالجة الناس.

وأضاف: "يعذبني خيار محاولة استئصال جذورهم من بلدهم الأم. ولكن أيضاً، لا يمكنني تقبل مصيرهم لو كانوا ليقتلوا إما بسبب القصف، أو بسبب الجوع أو الأمراض".

"لا يمر يوم من دون أن أتصل بهم هاتفياً، ولا يكون أحدهم مريضاً... فوالدي كان على شفير الموت مرتين بسبب نقص الرعاية الطبية".

استطراداً، يعيش الدكتور غياضة ويعمل في اسكتلندا مع زوجته وأولاده الثلاثة منذ 11 عاماً. وبعد أن وصل إلى المملكة المتحدة في عام 2003، أمضى وقتاً، في ما مضى، وهو يعمل في مستشفيات إنجلترا.

وقد أطلق حملة تمويل عبر موقع "غو فند مي" GoFundMe، وسط سعيه لجمع 100 ألف جنيه استرليني (127630 دولاراً) لمساعدة أفراد عائلته على عبور الحدود إلى مصر بأمان. لكنه لم يضمن حتى الساعة إلا مبلغاً يزيد قليلاً على 15 ألف جنيه استرليني (19145 دولاراً أميركياً) لهذا الغرض.

انقر الرابط للمساهمة في حملة تمويل "غو فند مي".

© The Independent

المزيد من الشرق الأوسط