ملخص
يشير صندوق النقد الدولي إلى تطورات إيجابية في ملف المفاوضات الجارية مع مصر
تكبد دولار السوق السوداء في مصر خسائر صادمة خلال أقل من 72 ساعة، إذ هوى سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء من مستوى 74 جنيهاً إلى نحو 52 جنيهاً في التعاملات الأخيرة، وربما ترتبط هذه الموجة من الخسائر العنيفة التي تلاحق الدولار الأميركي، بتكثيف الجهود الأمنية التي طاولت عدداً كبيراً من كبار التجار والمضاربين في السوق الموازية.
وقبل أيام، أعلنت وزارة الداخلية المصرية، تحرير 28 قضية بإجمالي 38 متهماً خلال 24 ساعة فقط، إذ أسفرت جهود قطاع الأمن العام بالاشتراك مع الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة، عن ضبط عدد 28 قضية بإجمالي 38 متهماً، وبحوزتهم كميات كبيرة من الدولارات وبعض العملات الأجنبية والعربية.
وبالتوازي، قبضت قوات الأمن المصرية على ما اصطلح تسميته في وسائل إعلام محلية بـ"إمبراطور الذهب"، إذ كشفت التحريات الأولية، أنه تاجر من أقدم تجار المعدن، ولديه عديد من المحال في منطقة الجمالية، وأوضحت التحريات الأولية أن المتهم يلقب بـ"إمبراطور الذهب" في مصر، ويمتلك عديداً من محال الذهب التجارية على مستوى الجمهورية، ومن الأشخاص المؤثرين في سوق الذهب بمصر.
وخلال الساعات الماضية، سيطرت حالة من الغموض والارتباك على السوق الموازية للصرف، فيما اختفى التسعير بصورة كبيرة في ظل غياب كبار التجار. وأشار متعاملون إلى زيادة كبيرة في حجم المعروض من الدولارات في السوق السوداء، لكن مع غياب التجار واختفاء الطلب، انهارت الأسعار ليجري تداول الدولار دون مستوى 52 جنيهاً في بعض المعاملات التي تتم على نطاق محدود.
متى يحين خفض الجنيه مقابل الدولار؟
وفي مذكرة بحثية حديثة، قال بنك الاستثمار "مورغان ستانلي"، إن رفع البنك المركزي المصري سعر الفائدة، بمقدار 200 نقطة أساس، يشير إلى قرب التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، والتوجه نحو تحقيق سعر صرف مرن للجنيه. وبحسب التقرير الصادر أخيراً عن البنك، فإن رفع الفائدة من قبل "المركزي المصري"، وهو الأول منذ أغسطس (آب) 2023، يتوقع أن يتبعه تعديل في سعر صرف الجنيه المصري، استناداً إلى نماذج سابقة في 2016، وأكتوبر (تشرين الأول) 2022، ويناير (كانون الثاني) 2023.
وأتت الزيادة الأخيرة في أسعار الفائدة وسط مفاوضات قائمة في القاهرة بين صندوق النقد والسلطات المصرية امتدت لأسبوعين قبل إعلان اختتامها، وفي وقت تتفشى معدلات تضخم كبيرة غير مسبوقة، على رغم الاتجاه الهبوطي للأسعار منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، لكن التأثير الناجم عن عدم اليقين الجيوسياسي واضطرابات الشحن عبر البحر الأحمر يغذيان الأخطار الصعودية لتوقعات التضخم.
وأشار إلى أن التوجه نحو سعر صرف مرن للجنيه مطلب رئيس لصندوق النقد، وأن تحريك سعر الصرف الرسمي من شأنه أن يمكن مصر، ليس فقط من صرف القرض البالغ ثلاثة مليارات دولار، بل الحصول على قرض أكبر من الصندوق بقيمة 10 مليارات دولار.
وذكر أن تدفق الأخبار الإيجابية يخفف بعض الضغوط على الجنيه المصري، وأن الحصول على قرض الصندوق، مع تعديل أكثر فاعلية لسعر الصرف الرسمي، من شأنهما أن يضيقا الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والسعر في السوق الموازية، وقد يفتح مزيداً من إمدادات العملة الأجنبية من السوق الموازية، وعلى رغم ذلك يرى "مورغان ستانلي" أن تعديل سعر صرف الجنيه سيكون محدوداً في البداية، يتبعه انتقال تدريجي إلى سعر أكثر مرونة.
وعقب قرار رفع أسعار الفائدة، قالت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا إن الصندوق يناقش مع مصر زيادة برنامجها التمويلي في وقت يواجه فيه اقتصاد البلاد تحديات متزايدة وسط الاضطرابات التي تشهدها في المنطقة. وأوضحت أن العمل مع مصر يمثل أولوية قصوى للغاية لأنه مهم في هذا السياق الإقليمي الذي أصبح أكثر صعوبة.
ووصفت برنامج مصر بأنه "أولوية قصوى"، وقالت إن المحادثات تحرز تقدماً، وتناقش زيادة البرنامج في ضوء التطورات التي تشهدها المنطقة خلال الأشهر الأخيرة، في إشارة إلى الحرب بين إسرائيل و"حماس" في غزة الواقعة على الحدود المصرية، وانخفاض عائدات قناة السويس بسبب هجمات الحوثيين.
وأوضحت أن المحادثات تحتاج إلى مزيد من الوقت، وقالت "نحن في المرحلة الأخيرة، إذ نعمل على تفاصيل التنفيذ. نحن قريبون جداً، ولا نتحدث عن فترة طويلة وممتدة على الإطلاق".
لماذا رفعت أسعار الفائدة في مصر؟
ونهاية الأسبوع الماضي، رفعت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسة للبنك المركزي بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 21.25 في المئة و22.25 في المئة و21.75 في المئة على الترتيب. وجرى رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 21.75 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال بيان البنك إنه على الصعيد العالمي اتسم النشاط الاقتصادي بالتباطؤ نتيجة سياسات التقييد النقدي التي اتبعتها البنوك المركزية الرئيسة على الطلب، وانخفضت الضغوط التضخمية العالمية أخيراً نتيجة سياسات التقييد النقدي التي اتبعت في عديد من الاقتصادات المتقدمة والناشئة، وعليه تراجعت توقعات معدلات التضخم لتلك الاقتصادات مقارنة بـما تم عرضه في الاجتماع السابق، وعلى رغم ذلك توجد حالة من عدم اليقين حول توقعات التضخم، بخاصة بما يتعلق بأسعار السلع العالمية، وذلك نتيجة التوترات الجيوسياسية التي يشهدها العالم حالياً، واضطراب حركة الملاحة في البحر الأحمر.
وأضاف البيان أنه على الصعيد المحلي سجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي معدل نمو قدره 2.7 في المئة خلال الربع الثالث من عام 2023، مقارنة بمعدل 2.9 في المئة خلال الربع السابق له، وجاء النمو مدعوماً بالإسهامات الموجبة لكل من قطاع التجارة والزراعة والاتصالات، وعلى رغم ذلك تشير المؤشرات الأولية للربع الرابع من عام 2023 إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي.
وتابع البيان "بناءً عليه، من المتوقع أن يتباطأ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2023/2024 مقارنة بالعام المالي السابق له، على أن يتعافى تدريجاً في ما بعد، وجاء ذلك تماشياً مع التطورات الفعلية للبيانات وكذلك التداعيات السلبية الناجمة عن حالة عدم الاستقرار الإقليمي، واضطراب حركة الملاحة في البحر الأحمر على قطاع الخدمات. وفي ما يتعلق بسوق العمل، استقر معدل البطالة ليسجل 7.1 في المئة خلال الربع الثالث من عام 2023، وواصلت المعدلات السنوية للتضخم العام والأساس انخفاضها لتسجل 33.7 في المئة و34.2 في المئة على الترتيب، في ديسمبر (كانون الأول) 2023، مدفوعة بالأثر الإيجابي لفترة الأساس".
ويلفت البيان إلى أنه في حين تشير التطورات الحالية إلى استمرارية الضغوط التضخمية وارتفاعها عن نمطها المعتاد، وهو ما ينعكس على تضخم كل من السلع الغذائية وغير الغذائية، ومن المتوقع استمرار تلك الضغوط في ضوء إجراءات ضبط المالية العامة، وتواصل الضغوط من جانب العرض، وإضافة إلى ذلك أسهم ارتفاع معدل نمو السيولة المحلية عن متوسطه التاريخي في تصاعد الضغوط التضخمية.
وبحسب بيان "المركزي"، جاءت البيانات الواردة منذ اجتماع لجنة السياسة النقدية السابق في ديسمبر 2023، بما في ذلك بيانات التضخم، أعلى من المتوقع، وستستمر الضغوط التضخمية واسعة النطاق في التأثير في أنماط الاستهلاك والتسعير، إضافة إلى ذلك قد ينتج من التوترات الجيوسياسية واضطراب الملاحة البحرية ارتفاع حالة عدم اليقين حول معدلات التضخم العالمية والمحلية، وفي ضوء ما سبق رأت لجنة السياسة النقدية تصاعد الأخطار المحيطة بتوقعات التضخم.