حالة من القلق تعتري الشارع اليمني عقب عودة العمليات العسكرية الأميركية والبريطانية ضد مواقع الحوثيين، مع مخاوف عبر عنها مسؤولون حكوميون من العواقب المترتبة على استمرار الحملات الجوية، وما يكتنف هذه التطورات التي يشهدها البحر الأحمر من أخطار على المنطقة والعالم.
الشرعية اليمنية التي تقاتل الحوثي منذ تسعة أعوام لا تمانع المسعى الأميركي البريطاني من تحجيم قدرات الحوثي وسلبه قوته، لكنها ترى في الغارات التي تجددت صباح أمس الأحد، عامل توتر إضافياً للممر المائي الحيوي، كونه سيحول دون مرور المصالح الدولية سواء الواصلة لليمن أو للدول المشاطئة للبحر الأحمر والإقليم والعالم، ومن ثم تفاقم المأساة الإنسانية التي تعيشها البلاد جراء الصراع.
وللحل إزاء هذا التصعيد، قدمت الشرعية اليمنية رؤيتها بطلب دعم قدراتها العسكرية وقرارها السياسي في هزيمة الحوثيين وطردهم من الشريط الساحلي الذي يسيطرون عليه على البحر الأحمر (غرب البلاد) وتمكينها من بسط سيطرتها على كامل المناطق اليمنية.
إيطاليا على خط التهديد
في غضون ذلك هدد قيادي كبير في جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران في مقابلة نشرت اليوم الإثنين بأن إيطاليا ستصبح هدفاً إذا شاركت في الهجمات ضد مواقع باليمن.
وقال القيادي محمد علي الحوثي لصحيفة "لا ريبوبليكا" اليومية "إن إيطاليا يجب أن تكون محايدة في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني وأن تضغط على إسرائيل لوقف الهجمات على غزة"، ولفت إلى أن ذلك سيكون السبيل الوحيد لتحقيق السلام في المنطقة.
وأعلنت إيطاليا الجمعة أنها ستشارك بأميرال لقيادة مهمة بحرية تابعة للاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر انضمت إليها لحماية السفن من هجمات الحوثيين.
وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن هدف المهمة التي ستبدأ في منتصف فبراير (شباط) سيكون حماية السفن التجارية واعتراض الهجمات، لكنها لن تشارك في الضربات ضد الحوثيين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تحقق المنهجية الإيرانية
يأتي ذلك في وقت أعلنت القيادة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم) عن تنفيذها ضربة جديدة صباح الأحد ضد صاروخ مضاد للسفن تابع للحوثيين غداة قصف أميركي وبريطاني طاول عشرات الأهداف المحتملة للحوثيين في عدد من المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة الميليشيات المدعومة من إيران.
رد فعل الحكومة اليمنية إزاء تجدد الغارات، عبر عنه سفيرها لدى بريطانيا، ياسين سعيد نعمان، الذي خرج بتصريح مصور حذر خلاله من عواقب الضربات الأميركية البريطانية على أوضاع اليمنيين المعقدة أساساً.
وقال إن كثيراً من البواخر التجارية أعلنت عزمها وقف وصولها إلى الموانئ اليمنية.
وعلق نعمان على الضربات الأميركية البريطانية بأنها ستشكل كارثة أخرى تضاف إلى تلك التي يعيشها اليمنيون.
وأرجع سبب هذا التصعيد إلى الحوثيين الذين قال إنهم "وهم يتصرفون بهذه الصورة لا ينظرون إلى ما يعانيه اليمنيون ولا يفكرون في مستقبل هذا الممر المائي الذي يعد ممراً مائياً عربياً".
عن الدوافع الحوثية يؤكد أن الحوثيين "يعملون في إطار منهجي محدد يقوم على أساس أن إيران وأطماعها في هذه المنطقة يجب أن تتحقق بأي صيغة من الصيغ".
هزيمتهم هي الحل
ولأجل تحقيق هذه المنهجية قال السفير نعمان إن الحوثيين "استخدموا مأساة غزة كمبرر للذهاب إلى تحقيق هذا المنهج بالطريق الذي يسيرون عليه الآن".
وفي إطار موقفها من هذه الأحداث، قال رئيس مجلس القيادة الرئاسي في الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، رشاد العليمي للصحافيين في العاصمة السعودية الرياض، السبت الماضي، إن "العمليات الدفاعية ليست الحل"، وإنما "الحل هو القضاء على قدرات الحوثيين العسكرية".
ولتحقيق هذا المسعى أكد أن ذلك سيتحقق من "شراكة مع الحكومة الشرعية للسيطرة على هذه المناطق واستعادة مؤسسات الدولة".
ورداً على سؤال عما إذا كان اليمن يسعى إلى دعم عسكري أميركي وسعودي للقيام بعمليات عسكرية برية للقضاء على الحوثيين، قال العليمي "نحن نطالب بذلك كل يوم وكل شهر وكل سنة".
وتابع "نحن نريد الدعم للحكومة الشرعية ليس من أجل الحرب… بل لكي تجبر الحوثيين على أن يأتوا إلى الحوار".
ونشرت القيادة المركزية بالجيش الأميركي، السبت، صوراً للضربة التي شنتها ضد أهداف تابعة لجماعة الحوثي في اليمن.
وقالت القيادة المركزية في تدوينتها إنه "كجزء من الجهود الدولية المستمرة للرد على تزايد أنشطة الحوثيين غير القانونية والمزعزعة للاستقرار في المنطقة، في الثالث من فبراير في نحو الساعة 11:30 مساءً (بتوقيت صنعاء)، نفذت قوات القيادة المركزية الأميركية، إلى جانب القوات المسلحة البريطانية وبدعم من أستراليا والبحرين وكندا والدنمارك وهولندا ونيوزيلندا، ضربات ضد 36 هدفاً للحوثيين في 13 موقعاً في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين المدعومة من إيران".
التصعيد بالتصعيد
القيادة المركزية الأميركية أوضحت أن ضرباتها "ركزت على أهداف في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وتستخدم لمهاجمة السفن التجارية الدولية وسفن البحرية الأميركية في المنطقة شملت عديداً من مرافق التخزين تحت الأرض والقيادة والسيطرة وأنظمة الصواريخ ومواقع تخزين وعمليات الطائرات من دون طيار والرادارات والمروحيات"، في حين لم يتسن التأكد من دقة هذه الضربات ومدى تأثيرها في القدرات العسكرية الحوثية التي تدار على أيدي خبراء من الحرس الثوري الإيراني و"حزب الله" اللبناني، بحسب اتهام الحكومة الشرعية.
الغارات التي وصفها سكان محليون بالعاصمة صنعاء بأنها الأعنف منذ بدء العمليات العسكرية للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الحوثيين في الـ١٢ من يناير (كانون الثاني) الماضي واستهداف عشرات الأهداف العسكرية رداً على الهجمات المتكررة للحوثيين التي تستهدف السفن المارة في البحر الأحمر، على رغم أنها تسببت في تعثر حركة التجارة العالمية وأدت إلى خسائر ضخمة ورفع رسوم التأمين البحري، إلا أن الجماعة الحوثية، كما جرت العادة، قابلتها بمزيد من الوعيد.
وقال عضو "المجلس السياسي" للميليشيا محمد البخيتي إن جماعته ستواصل عملياتها العسكرية ضد إسرائيل حتى رفع حصارها عن غزة، متوعداً بالرد على الضربات بقوله "سنقابل التصعيد بالتصعيد".
في حين اكتفى المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع على منصة "إكس" بتوثيق الواقعة، مؤكداً أن "طيران العدوان الأميركي البريطاني شن 48 غارة جوية خلال الساعات الماضية توزعت كالتالي: 13 غارة على أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء، وتسع غارات على محافظة الحديدة، و11 غارة على محافظة تعز، وسبع غارات على محافظة البيضاء، وسبع غارات على محافظة حجة، وغارة واحدة على محافظة صعدة"، تزامناً مع سلسلة ضربات أميركية أحادية ضد أهداف مرتبطة بإيران وأذرعها المسلحة المنتشرة في العراق وسوريا رداً على مقتل ثلاثة عسكريين أميركيين في هجوم بطائرة مسيرة في قاعدة بالأردن في الـ28 من يناير الماضي.
وتضمن بيان للولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى قدمت الدعم أن الضربات أصابت الأحد "36 هدفاً للحوثيين في 13 موقعاً في اليمن رداً على هجمات الحوثيين المستمرة ضد الشحن الدولي والتجاري وكذلك السفن الحربية التي تعبر البحر الأحمر"، وفق ما جاء في بيان للولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى قدمت الدعم للضربات.
وتابع البيان أن "هذه الضربات الدقيقة تهدف إلى تعطيل وإضعاف القدرات التي يستخدمها الحوثيون لتهديد التجارة العالمية وحياة البحارة الأبرياء".