Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما تداعيات رفض محكمة استئناف فيدرالية حصانة ترمب؟

إذا قبلت القضية واستغرقت وقتاً فسوف تتأجل إلى ما بعد الانتخابات

حاول قضاة محكمة الاستئناف تقييد قدرة الرئيس السابق دونالد ترمب على استخدام المزيد من الطعون (أ ف ب)

ملخص

جادل فريق ترمب القانوني ولا يزال بأن الحصانة الرئاسية مطلوبة لأنه من دونها سيكون الرؤساء غير مطمئنين في ممارسة سلطاتهم وسوف يترددون في التصرف بجرأة وحسم عند الحاجة

للمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة، أجابت محكمة استئناف فيدرالية عن سؤال ظل عالقاً لفترة طويلة وهو: هل يمتلك الرؤساء السابقون حصانة من مساءلة نظام العدالة الجنائية عن أفعالهم أثناء شغلهم مناصبهم؟ جاءت الإجابة بلا على ادعاء دونالد ترمب أن محاكمته لا تجوز في اتهامه بمحاولة إلغاء نتيجة انتخابات 2020 بسبب تمتعه بالحصانة خلال عمله كرئيس للولايات المتحدة. فما مغزى هذا الحكم وانعكاساته على محاكمات ترمب المتعددة، وهل يمكن أن تؤيد المحكمة العليا الأميركية في واشنطن الحكم أم تنقضه، وإلى أي مدى يمكن أن يؤثر على تصرفات وسلوك الرؤساء في البيت الأبيض؟

مغزى الحكم

يرى بعض خبراء القانون أن الحكم الصادر بالإجماع من لجنة تضم ثلاثة قضاة في محكمة استئناف فيدرالية، بمثابة هزيمة للرئيس السابق دونالد ترمب ولحظة مهمة في الفقه القانوني الأميركي، لأن الحكم صدر بإجماع الآراء من ثلاث قاضيات اثنتان منهما عينهما رئيس ديمقراطي هو جو بايدن، والثالثة عينها رئيس جمهوري هو جورج دبليو بوش. ورفض الحكم طلب ترمب بأنه محصن ضد اتهامات وجهها له المدعي الخاص جاك سميث بالتآمر لتخريب نتائج انتخابات عام 2020، وقضى الحكم بضرورة مثول ترمب أمام المحكمة بهذه التهمة الجنائية.

لكن من غير المرجح أن يكون هذا الحكم الذي صدر بعد مرور أربعة أسابيع على مناقشة القضية، هو الكلمة الأخيرة في شأن ما يقوله ترمب وفريقه القانوني حول حق الرؤساء في التمتع بالحصانة التنفيذية، إذ أعلن المتحدث باسم حملة ترمب أن الرئيس السابق سوف يستأنف الحكم أمام المحكمة العليا الأميركية في واشنطن.

أسباب الرفض

تعددت أسباب رفض المحكمة طلب ترمب وفريقه القانوني عدم محاكمته على أفعاله خلال توليه السلطة في البيت الأبيض على اعتبار أنه كان يتمتع بالحصانة آنذاك، حيث قال ترمب إنه بموجب الفصل بين السلطات في الدستور، تفتقر المحاكم الفيدرالية إلى السلطة القضائية لمراجعة الأعمال الرسمية للرئيس، لكن المحكمة وإن اعترفت بصحة أن بعض التصرفات التقديرية التي يحددها الدستور للرئيس تجعله مسؤولاً فقط أمام السياسة وضميره، إلا أنها أشارت إلى قرارات المحكمة العليا التي أوضحت دائماً أن المحاكم يمكنها مراجعة تصرفات الرئيس الرسمية عندما تنتهك القانون الفيدرالي في المسائل المدنية والجنائية، وأن الاعتقاد بخلاف ذلك من شأنه أن يمنح الرئيس القدرة على جعل الكونغرس والمحاكم عاجزين، بما يضع الرئيس فوق القانون، كما أن مبدأ الفصل بين السلطات، يسمح بالضرورة للسلطة القضائية بالإشراف على الملاحقة الجنائية الفيدرالية لرئيس سابق بسبب أفعاله الرسمية، لأن حقيقة الملاحقة القضائية تعني أن الرئيس السابق تصرف بشكل مخالف لقوانين الكونغرس.

وأشارت المحكمة إلى أن استنتاجها تم تعزيزه بقرارات خلصت إلى أن القضاة وأعضاء الكونغرس يخضعون للملاحقة الجنائية بسبب أفعال رسمية تنتهك القانون، ويفرض الفصل بين السلطات أن ما ينطبق على السلطتين القضائية والتشريعية يجب أن ينطبق أيضاً على السلطة التنفيذية.

وعلى رغم أن المحكمة قررت أن الفصل بين السلطات لا يحرم المحاكم من الاختصاص القضائي للنظر في القضية، فإنها قالت إنه لا يزال يتعين عليها النظر فيما إذا كانت الاعتبارات السياسية المستندة إلى الدستور وتاريخ البلاد تبرر الحصانة الجنائية لرئيس سابق، وخلصت المحكمة إلى أن الجواب هو لا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رأي فريق ترمب القانوني

جادل فريق ترمب القانوني ولا يزال بأن الحصانة الرئاسية مطلوبة لأنه من دونها سيكون الرؤساء غير مطمئنين في ممارسة سلطاتهم الرسمية، وسوف يترددون في التصرف بجرأة وحسم عند الحاجة، بناء على الخوف من الملاحقة الجنائية في المستقبل، وإذا تم رفض الحصانة، فسيفتح ذلك أبواباً على مصراعيها، وسيحاكم كل رئيس مستقبلي بشكل روتيني من قبل خليفته، كما قدم فريق ترمب القانوني حججاً في شأن ضرورة إدانة الرئيس أولاً من مجلس الشيوخ في محاكمة العزل قبل توجيه تهم جنائية إليه.

وارتكز دفاع ترمب على أن البند الخاص بحكم المساءلة ينص على أن عقوبة العزل هي فقط العزل من المنصب، وفي هذه الحالة يكون الطرف المدان مسؤولاً ويخضع للاتهام والمحاكمة والعقاب وفقاً للقانون. وزعم ترمب أن الإشارة إلى خضوع الطرف المدان للمحاكمة تعني أنه إذا تم مساءلة مسؤول في مجلس النواب، ولكن لم تتم إدانته في مجلس الشيوخ كما حدث بالفعل مع ترمب، فإنه لا يمكن محاكمة ذلك المسؤول لاحقاً كما يجري معه الآن.

رد المحكمة

فندت المحكمة في حكمها مطالبات فريق ترمب القانوني، حيث أيدت أنه إذا دين الرئيس أثناء إجراءات العزل، فلا يزال من الممكن محاكمته، لكنها أوضحت أيضاً أن ذلك لا يعني أنه إذا لم تتم إدانته فلا يمكن محاكمته، ولاحظت أن هذا الادعاء يقوض حجج ترمب الأخرى حول الحصانة المطلقة، لأنه كان يوافق على أن الدستور ينص على إمكانية محاكمة الرئيس السابق على أفعال رسمية طالما تمت مساءلته وإدانته أولاً.

ومن الناحية العملية، لاحظت المحكمة أن حجة عدم خضوع الرئيس لمحاكمة جنائية من شأنها أن تؤدي إلى عواقب، لأن هذا يعني على سبيل المثال، أن الرئيس يمكن أن ينخرط في موجة إجرامية في الأيام الأخيرة من منصبه مع الإفلات من العقاب، عندما لا يكون هناك وقت لإجراءات عزله.

هل يتأثر الرؤساء؟

أما ما يتعلق بمخاوف تأثر الرؤساء بإمكانية محاكمتهم على أفعالهم خلال وجودهم في مناصبهم، قالت المحكمة إنه ليس هناك ما يشير إلى أن الرؤساء سيخافون من المسؤولية الجنائية في المستقبل. وأشارت إلى أنه منذ عهد الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون، افترض الرؤساء الحاليون أنهم معرضون لمسؤولية جنائية محتملة بعد ترك مناصبهم، على اعتبار أن الرئيس جيرالد فورد الذي كان نائباً لنيكسون، منحه عفواً رئاسياً بعد أن استقال نيكسون من منصبه خشية إقالته من الكونغرس عقب فضيحة ووترغيت، وهو ما لم يكن ضرورياً لو كانت محاكمته مستحيلة، كما وافق الرئيس بيل كلينتون على دفع غرامة وتعليق رخصته القانونية مقابل وعد من محام مستقل بعدم توجيه الاتهام إليه.

وأشارت المحكمة أيضاً إلى أنه خلال مساءلة عزل ترمب عام 2021، قال محاميه إن الطريقة المناسبة ليست المساءلة، بل العملية الجنائية التي لا يتمتع أي صاحب منصب سابق بالحصانة منها. وعلى هذا الأساس رأت المحكمة أنه لا يوجد دليل على أن معرفة الرؤساء بالمحاكمة المحتملة كان لها أي تأثير مروع على أداء الرؤساء السابقين لمهام منصبهم، لكن احتمال الملاحقة الجنائية يمكن أن يكون له تأثير إيجابي في ردع إساءة استخدام السلطة والسلوك الإجرامي. وأوضحت المحكمة أن خطر تعرض الرؤساء لمحاكمات مستقبلية لا أساس لها من الصحة، وهو خطر طفيف تقابله المصلحة العامة في سيادة القانون وإنفاذ القوانين الجنائية.

ماذا ستفعل المحكمة العليا؟

حاول قضاة محكمة الاستئناف الثلاثة تقييد قدرة ترمب على استخدام مزيد من الطعون لإضاعة مزيد من الوقت وتأخير بدء إجراءات المحاكمة في قضية إلغاء انتخابات 2020، التي يعتقد بعض السياسيين الليبراليين أنها استراتيجية اتبعها الرئيس السابق منذ صدور لائحة الاتهام ضده في أغسطس (آب) الماضي، ولهذا قالت اللجنة إنه إذا استأنف ترمب قرارها أمام المحكمة العليا الأميركية في واشنطن، فإن القضية الأساسية التي أوقفتها تانيا تشوتكان، قاضية المحاكمة الجزائية في ديسمبر (كانون الأول)، ستظل معلقة حتى يقرر قضاة المحكمة العليا ما إذا كانوا سيقبلون القضية أم لا، أما إذا قدم ترمب طعناً أمام محكمة الاستئناف الكاملة، فقد تبدأ الاستعدادات للمحاكمة مرة أخرى بعد 12 فبراير (شباط).

وإذا وصل طعن ترمب إلى المحكمة العليا، فسيتعين على القضاة أولاً أن يقرروا ما إذا كانوا سيقبلون القضية أو يرفضونها، بالتالي يسمحون بتنفيذ حكم محكمة الاستئناف ضد ترمب، وهو ما يتوقعه القائم بأعمال المدعي العام السابق نيل كاتيال.

لكن إذا قبلت المحكمة العليا القضية، فسوف يصبح السؤال الحاسم هو مدى سرعة تصرف القضاة في طلب المذكرات وفي جدولة المرافعات، وإذا  تحركوا بسرعة لسماع القضية وإصدار قرار، تظل هناك فرصة لإجراء محاكمة بتهم السعي إلى إلغاء انتخابات 2020 قبل الانتخابات العامة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ولكن إذا استغرق القضاة وقتاً أطول، فمن الممكن أن يتم تأجيل المحاكمة إلى ما بعد الانتخابات، وإذا  حدث ذلك وفاز ترمب، فسيكون في وضع يسمح له بمطالبة وزارة العدل برفض القضية أو حتى طلب العفو عن نفسه.

وعلى رغم أن ترمب عين ثلاثة من قضاة المحكمة العليا خلال فترة رئاسته، فإن المحكمة العليا لم تظهر كثيراً من الرغبة في الخوض في مثل هذه القضايا المتعلقة بآليات الديمقراطية الأميركية، بخاصة أنها تستعد لبدء المرافعات حول ما إذا كان من الممكن استبعاد ترمب من الاقتراع بسبب مزاعم تورطه بتشجيع أنصاره على اقتحام مبنى الكابيتول في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021.

ويقول بعض المراقبين القانونيين إن المحكمة العليا قد تقرر قبول هذه القضية، حتى لو وافقت على حكم محكمة الاستئناف في واشنطن، لأنها ذات أهمية كبيرة بحسب ميليسا موراي، أستاذة القانون في جامعة نيويورك، التي ترى أنه لا يمكن ترك هذا السؤال مفتوحاً.

ووفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز"، فإن ترمب عندما سعى لأول مرة إلى رفض قضية الانتخابات الفيدرالية على أساس الحصانة، كانت تلك محاولة لتوسيع نطاق الحماية التي منحتها المحكمة العليا بالفعل للرؤساء الحاليين والسابقين ضد الدعاوى المدنية فقط المتعلقة بتصرفاتهم الرسمية.

كيف ينعكس على محاكمات ترمب الأخرى؟

وفي حين أن قرار محكمة الاستئناف في واشنطن كان سريعاً وفقاً لمعايير الاستئناف العادي، فإن ما سيحدث بعد ذلك سيكون أكثر أهمية في تحديد ليس فقط موعد إجراء المحاكمة المتعلقة بتهم إلغاء الانتخابات، ولكن أيضاً توقيت المحاكمات الجنائية الثلاث الأخرى للرئيس ترمب، حيث لم تتناول محكمة الاستئناف في قرارها السؤال المنفصل حول ما إذا كان بإمكان المدعين العامين توجيه الاتهام لرئيس سابق في شأن أفعال رسمية.

وإضافة إلى لائحة الاتهام الفيدرالية التي تتهم ترمب بالسعي إلى إلغاء خسارته في انتخابات عام 2020، يواجه الرئيس السابق اتهامات مماثلة رفعها المدعي العام في جورجيا، كما رفع جاك سميث، المدعي الخاص المعين للإشراف على الملاحقات القضائية الفيدرالية، قضية في فلوريدا يتهم فيها ترمب بإساءة التعامل مع وثائق سرية للغاية بعد ترك منصبه وعرقلة الجهود لاستعادتها، كما من المقرر أن يحاكم ترمب الشهر المقبل في مانهاتن بتهم تتعلق بدفع أموال مقابل شراء صمت نجمة أفلام إباحية خلال حملة عام 2016.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات