Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مأساة السودانيين تتفاقم والبرهان في أم درمان و"حميدتي" يحذر

عودة جزئية للاتصالات ومخاوف من دخول الخدمات كأدوات للحرب

نازحون سودانيون في مخيم زمزم للاجئين بمدينة الفاشر في إقليم دارفور (أ ب)

ملخص

تسبب الانقطاع التام لشبكة الاتصالات والإنترنت مضاعفة معاناة ملايين المواطنين

في ظل إصرار طرفي الصراع، الجيش وقوات "الدعم السريع"، على حسم الحرب عسكرياً، والجمود التام لمبادرات الحلول، تتصاعد حدة المعارك والمواجهات بين الطرفين داخل وخارج الخرطوم، بالتزامن مع استمرار عمليات الحشد والاستنفار والتسليح من الجانبين، ويبدو أن حرب السودان تندفع نحو مصير مجهول. ومع تأزم الأوضاع الاقتصادية وشح السلع وارتفاع الأسعار الجنوني وتعطيل انسياب المساعدات، تتفاقم الأوضاع الإنسانية، ويتوالى انحدار البلاد المتسارع نحو منعطف المجاعة بوصول حالة انعدام الأمن الغذائي إلى مستوى الطوارئ (الرابع)، وفق تقرير التصنيف المرحلي للأمم المتحدة.

تحييد الخدمات

وتسبب الانقطاع التام لشبكة الاتصالات والإنترنت خلال الأيام الماضية، في مضاعفة معاناة ملايين المواطنين، فضلاً عن زيادة المخاوف من دخول قطاع الخدمات ضمن أدوات الحرب من قبل الأطراف المتحاربة.

في الأثناء، طالب تجمع العاملين بقطاع النفط المجتمع الدولي بالضغط لتحييد قطاع الخدمات وعدم استهداف محطات الكهرباء والاتصالات والمياه، معتبراً ان استهداف البنية التحتية واستخدام الاتصالات كسلاح في هذه الحرب يمثل انتهاكاً للقوانين الدولية. وعلى رغم نجاح مهندسي شركة "سوداتل" في إعادة الخدمة جزئياً لبعض المناطق، لكن انقطاع الاتصالات تسبب في تعطيل معظم أجهزة الدولة، بخاصة البنوك التجارية ومراكز استخراج الأوراق الثبوتية داخل وخارج السودان.

شلل ومعاناة

وحذر الأستاذ الجامعي والمحلل الاقتصادي محمد الناير من أن استمرار قطع الاتصالات يعني الشلل التام لحركة الاقتصاد والخدمات المعتمدة ومعاناة غير محدودة تهدد حياة المواطنين المعتمدين بشكل أساسي على التطبيقات المصرفية لقضاء حاجاتهم الضرورية إذ لا يعمل كثير من المصارف في هذه الظروف. وأشار الناير إلى أن الأثر الكلي يقع على مجمل الاقتصاد بخاصة في ما يتعلّق بالمعاملات المالية والتحويلات الداخلية والخارجية وغيرها.

جبهات القتال

في هذا الوقت، يتواصل تبادل القصف المدفعي في محيط القيادة العامة وسط العاصمة السودانية، وسلاح المدرعات جنوبها، والخرطوم بحري، ويحتدم القصف الجوي والمواجهات البرية في وسط مدينة أم درمان وشمال الخرطوم بحري. وأفاد شهود بأن محلية شرق النيل شهدت غارات جوية متكررة وعمليات قصف بالطائرات المسيرة استهدفت مواقع ومتحركات قوات الدعم السريع بمناطق متفرقة في المحلية، مترافقة مع بدء عمليات انتشار بري لقوات المشاة في محيط المناطق نفسها.

وأوضحت مصادر ميدانية أن قوات الجيش تتابع تقدمها في تمشيط وتنظيف مدينة أم درمان، وتحكم حصارها على مباني الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون، وتعمل على توسيع مناطق سيطرتها في شمال مدينة الخرطوم بحري، وأشارت المصادر إلى أن الطيران الحربي والمسير تمكّن من إسكات عدد من منصات مدفعية "الدعم السريع" في شمال بحري.

غارات واشتباكات

وخارج الخرطوم، شهدت ولاية الجزيرة يوماً حافلاً بالغارات الجوية التي استهدفت مواقع "الدعم السريع" في مناطق العيدج وود راوة والعريباب وأبو قوته وود المهيدي وريبا والحاج عبدالله.

وفي غرب كردفان، تجددت الاشتباكات بمدينة بابنوسة في منطقة السكة الحديد في محيط الفرقة 22 مشاة للجيش، في وقت تؤكد "الدعم السريع" أنها تغلق كل شوارع المدينة وتعزز حصارها على فرقة الجيش.

كما شنت المقاتلات الحربية غارات جوية عنيفة على منطقة الزرق التي تضم أكبر قواعد "الدعم السريع" شمال دارفور.

واتهم مواطنون الطيران الحربي بقصف الأحياء الشرقية بالمنطقة، ما أودى بحياة خمسة مدنيين وعشرات الجرحى، فضلاً عن تدمير محطات مياه ومنشآت ومؤسسات خدمية قيد الإنشاء.

ودانت قوات "الدعم السريع" ما وصفته بالقصف الجوي لمنشآت ومؤسسات خدمية، ما تسبّب أيضاً في مقتل وجرح العشرات من الأطفال والنساء، مطالبة المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية بإدانة هذا المسلك.

البرهان في أم درمان

وللمرة الأولى منذ مغادرته القيادة العامة عبر قاعدة وادي سيدنا العسكرية، شمال أم درمان، تفقد رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للجيش الفريق عبدالفتاح البرهان الخطوط الأمامية للقوات المقاتلة بمنطقة أم درمان العسكرية برفقة عضو مجلس السيادة الانتقالي مساعد القائد العام الفريق ياسر العطا، وأفاد بيان للإعلام العسكري بأن البرهان اطمأن على سير العمليات الحربية بمدينة أم درمان، وأن قائد الجيش أكد أن "الجيش والشعب سيدحران معاً سرطان التمرد"، مشدداً على ضرورة الالتزام برعاية أسر القتلى والمفقودين وعلاج الجرحى والمصابين من القوات النظامية والمستنفرين.

وتأتي زيارة البرهان إلى أم درمان في أعقاب أنباء عن إحباط محاولة انقلابية واعتقالات طاولت عدداً من الضباط الميدانيين في قاعدة وادي سيدنا بمنطقة أم درمان العسكرية.

نداء "حميدتي"

في المقابل، وجه قائد قوات "الدعم السريع" الجنرال محمد حمدان دقلو "حميدتي"، نداء إنسانياً عاجلاً لمواجهة الكارثة الإنسانية والمجاعة التي تلوح في الأفق نتيجة التدهور المتسارع لحالة انعدام الأمن الغذائي في كل أنحاء السودان، بخاصة المناطق التي يسيطر عليها "الدعم السريع" في الخرطوم وكردفان ودارفور والجزيرة التي يتجاوز عدد سكانها 25 مليون نسمة. واتهم "حميدتي"، عبر حسابه على منصة (إكس)، من وصفهم بـ "مجموعة بورتسودان" بإعاقة مرور المساعدات الإنسانية واحتجازها وتعمد حجبها عن مناطق سيطرة قواته.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وناشد قائد "الدعم السريع" جميع الشركاء الدوليين الوفاء بتعهداتهم وتنفيذ التدخلات الإنسانية العاجلة لإنقاذ أرواح المتضررين في المناطق الأكثر تأثراً، جراء هذه الكارثة الإنسانية والأوضاع المأساوية التي يعيشها المدنيون داخل السودان، بصورة تستوجب تدخلاً عاجلاً من جميع منظمات ووكالات الإغاثة الإقليمية والدولية لإنقاذهم من خطر الموت جوعاً. وطالب المجتمع الدولي بالسعي إلى التوصل، بأسرع ما يمكن، إلى اتفاق حول برنامج "شريان حياة" مماثل لبرنامج 1989، بين "اليونيسف" كممثلة للأمم المتحدة، والحركة الشعبية لتحرير السودان، والحكومة السودانية وقتذاك، معلناً استعداده لتنفيذ هذه الخطوة من جانب واحد لعلمه برفض قيادة الجيش لها.

الاجتماع المشترك

إلى ذلك، أكد الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء على ضرورة خروج "الدعم السريع" من منازل المواطنين والمؤسسات الحكومية والخدمية، وتناول الاجتماع، برئاسة الفريق البرهان، قضايا أولويات الحكومة وضبط وتقليل الإنفاق العام وموازنة الحكومة الاتحادية لعام 2024.

ودعا نائب رئيس المجلس مالك عقار الأحزاب والكيانات السودانية إلى نبذ الخلافات بينهم التي تسببت في استفحال أزمة البلاد والبحث عن حلول لمشكلاتهم بعيداً من الصراعات التي أقعدت السودان. وطالب، في مؤتمر صحافي بمدينة بورتسودان، القوى السياسية بضرورة الاتفاق على الحد الأدنى بشأن قضايا البلاد، للحاق بإخوتهم في تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" الذين أنجزوا ذلك في ما بينهم ويبحثون عن السلام من خارج البلاد.

زيارات متكررة

وعن تكرار زيارة الفريق البرهان ووصول قادة الجيش إلى منطقة وادي سيدنا العسكرية بالعاصمة، خلال الأسابيع الماضية، أوضح رئيس "حزب الأمة" مبارك الفاضل المهدي أنها ترتبط بتسارع عمليات تحرير مدينة أم درمان، ثم الانتقال إلى تحرير بقية مدن العاصمة الأخرى (الخرطوم والخرطوم بحري)، بينما تجرى الترتيبات لتحرير مدينة ود مدني، لأن تحريرهما سيرسم ملامح نهاية للحرب وسيعالج أمر دارفور بعدها.

وعما حكي عن اعتقالات وسط ضباط ميدانيين في منطقة أم درمان العسكرية، قال المهدي إنها مسألة عادية في الجيش "وليس لها أي خلفيات سياسية".

اللقاء الإنساني

من جانب آخر، وصف رئيس "حزب الأمة"، لـ "اندبندنت عربية"، اللقاء "الإنساني" المرتقب بين ممثلي الجيش و"الدعم السريع" برعاية الأمم المتحدة في سويسرا بناء على طلب المنسق الأممي لعمليات لعلميات الإغاثة مارتن غريفيث، بأنه اجتماع إجرائي ذو أبعاد إنسانية، واعتبر، على صعيد آخر، أن "تعمّد قطع قوات الدعم السريع مقسمات شبكات الاتصالات والإنترنت التي تقع تحت مناطق سيطرتها، مواصلة لعدوانها المستمر على الشعب السوداني، ويعبّر عن حالة الاضطراب في صفوفها"، مضيفاً أنه "على رغم استجابة السلطات لمطالب الدعم السريع بإعادة الشبكة إلى ولايات دارفور، لكنها لم تتفهم أن هناك بعض الأعطال الفنية التي تستدعي سفر مهندسين إلى هناك لمعالجتها". وأشار المهدي إلى أن السلطات تعمل عبر المهندسين المختصين على بدائل لإيصال خدمة الاتصالات والإنترنت عبر الكابل البحري والقمر الصناعي، وتمت بالفعل إعادة الخدمة لعدد من الولايات.

مشاورات جوبا

في الأثناء، تشهد مدينة جوبا عاصمة جنوب السودان، اليوم، سلسلة لقاءات بين تحالف الكتلة الديمقراطية وحكومة الجنوب لبحث سبل وقف الحرب والوصول لخريطة طريق للمرحلة المقبلة. وينتظر أن تقدم الكتلة الديمقراطية، خلال لقائها برئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت، رؤيتها لحل الأزمة القائمة على إجراء حوار شامل لا يستثني أحداً ومعالجة أسباب الحرب.

وأمل القيادي بالكتلة مبارك أردول أن تخرج المشاورات السياسية واللقاءات التي يجريها التحالف في جوبا بمنهجية أكثر جرأة وجدية لوقف الحرب وتحقيق السلام الشامل بقيادة الطرفين نحو طاولة المفاوضات.

ويضم تحالف الكتلة الديمقراطية كلاً من الحزب الاتحادي الديموقراطي الأصل بقيادة جعفر الميرغني، وحركة العدل والمساواة - قيادة جبريل إبراهيم، وحركة تحرير السودان - مني أركو مناوي، ورئيس المجلس الأعلى للبجا والعموديات المستقلة محمد الأمين ترك، وعدداً من الكيانات السياسية الأخرى.

على صعيد متصل، ينظم مركز التكامل السوداني- المصري، غداً السبت بالقاهرة، مائدة مستديرة حول قضايا الإعمار والتعويضات في السودان، برعاية اللجنة السيادية العليا لإعادة الإعمار، وبالتعاون مع سفارة السودان في مصر.

قطر تدعم

في الأثناء، أكدت دولة قطر حرصها على دعم جهود الوساطة الإقليمية والدولية منذ بداية الأزمة في السودان، انطلاقاً من إيمانها بأن استئناف التفاوض هو السبيل الوحيد لإنهاء الحرب في السودان.

وجددت المندوبة الدائمة لقطر لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف هند عبدالرحمن المفتاح، في خطابها أمام اجتماع الإطلاق المشترك لخطة الاستجابة الإنسانية للسودان لعام 2024، التزام الدوحة بواجباتها ومسؤوليتها الإنسانية في تقديم الدعم والمساعدات لتخفيف وطأة الأزمة الإنسانية عن الشعب السوداني في هذه الأوقات العصيبة التي يعيشها حالياً، وثمنت المفتاح الجهود السعودية - الأميركية المشتركة لحل النزاع عبر منبر جدة التفاوضي، مطالبة الأطراف المتحاربة بالعودة إلى التفاوض.

المزيد من متابعات