"لاستخراج بطاقة استعارة من مكتبة الحي يتطلب الأمر تقديم إثبات هوية بصورة وإثبات عنوان السكن بفاتورة خدمات، لكن في غضون دقائق يمكن تسجيل شركة في هيئة الشركات (كومبانيز هاوس) وبرسوم قليلة من دون الحاجة إلى كل تلك الإثباتات".
هذا ما قاله المتخصص في جرائم النصب والاحتيال غراهام بارو خلال مقابلة مع "بي بي سي" تعليقاً على اكتشاف مئات الشركات الوهمية التي تسجل على اسم أعمال حقيقية من بينها سلاسل مطاعم شهيرة في لندن.
وأضاف، "يسجل المحتالون باسم شركة وهمية تستنسخ اسماً شهيراً مع تغيير حرف واحد في الاسم مثلاً، ثم يفتحون حسابات مصرفية ويطلبون قروضاً مضمونة بالشركة التي انتحلوا اسمها".
ومن بين الأعمال التي تعرضت لانتحال الشخصية مطاعم شهيرة لأسماء شهيرة في عالم الضيافة بعضها يحمل "نجوم ميتشيلان"، ومنها مطعم الشيف الشهير "هيستون بلومنتال"، ومطعم "يوتام أوتولينغي"، وحتى مطعم "الريتز" في الفندق الشهير.
وبحسب تحقيق "بي بي سي" فهناك 750 شركة مزيفة سجلت في هيئة الشركات خلال الأسابيع الستة الأخيرة في موجة احتيال ونصب وسرقة أموال عبر انتحال الشخصية، مما دفع الهيئة إلى فتح تحقيق في الأمر، لكن ذلك سيأخذ مدة طويلة قد تصل إلى أكثر من عام.
وعن ذلك قال بارو إن "هيئة الشركات لم تعد مؤهلة لمهمتها وعليها مزيد من التدقيق عند تسجيل الشركات".
سرقات سريعة وسهلة
ويختار المحتالون حتى من خارج بريطانيا اسم مطعم شهير أو شركة، ثم يستنسخون الاسم مع تغيير طفيف في حرف أو حرفين، فتبدو كأنها المطعم الحقيقي، ثم تسجل الشركة عبر الإنترنت من دون الحاجة إلى كثير من الاثباتات، وفي الغالب يحتاج المحتال إلى تقديم اسم مدير للشركة فيقدمون اسماً يتعرفون عليه من صفحات المطاعم على مواقع التواصل.
ومن الأمثلة على ذلك استنساخ مطعم "زيزي" في كامبريدج بتسجيل شركة تحمل الاسم نفسه مع إضافة حرف "ألف" زيادة في كلمة كامبريدج، وفي مطعم "هيستون بلومينتال" سجلت شركة تحمل الاسم ذاته مع إضافة حرف "لام" إلى نهاية الاسم، وكذلك الحال مع مطعم "يوتام أوتولينغي" فقد سجلت الشركة الوهمية بإضافة حرف "ياء" إلى آخر الاسم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي غضون 24 ساعة يحصل المحتالون على قروض من البنوك بناء على اسم الشركة ثم يختفون تماماً، أو يشترون بضائع مرتفعة الثمن من موردين ينخدعون بسبب رغبتهم في التعامل مع مطعم شهير أو شركة واعدة، ثم توجه البضائع إلى عنوان آخر ولا يتم دفع فواتيرها.
وأوضح بارو أن "حملة الاحتيال تعد فضيحة بالفعل، إذ سمحت السلطات باستمرار عمليات السرقة والنصب من دون أي تدخل على الإطلاق"، مضيفاً "شهدنا تلك الزيادة الكبيرة في انتحال الهويات على رغم أنه يطلب منا جميعاً تقديم فواتير اثبات وجوازات السفر أو رخص القيادة حتى إذا كنت تريد استخراج أي شيء من الجهات الحكومية، بينما لا تطلب هيئة الشركات أياً من هذه المستندات لتسجيل شركة".
إجراءات جديدة
وبدأت هيئة الشركات تحقيقات في حملة النصب والاحتيال بانتحال الهوية، لكن الهيئة ستتوافر لها الشهر المقبل سلطات جديدة لكي تدقق أكثر في عمليات تسجيل الشركات، إلا أن تلك الإجراءات الجديدة ستأخذ وقتاً قبل أن تدخل حيز التنفيذ.
في غضون ذلك، تعهدت بعض الشركات التي تعرضت للاحتيال باتخاذ إجراءات من جانبها بعد اكتشاف انتحال الشخصية، وقالت شركة "أوتولينغي" إن "أي شخص ينتهك حقوق الملكية الفكرية الخاصة بنا أو يحاول إثارة اللغط حول علامتنا التجارية أو يتربح من سمعتنا ستتخذ إجراءات صارمة ضده".
والمثير في الأمر أن مطعم فندق "الريتز" الذي افتتح عام 1896 لديه سجلات في هيئة الشركات منذ القرن قبل الماضي، إلا أن شركة وهمية باسم "مطعم الريتز المحدودة" جرى تسجيلها في الـ 19 من ديسمبر (كانون الأول) 2023.
ومن الحالات المثيرة أيضاً في موجة النصب والاحتيال هي حالة طباخ يبلغ من العمر 34 أشار إليه التحقيق باسم ستيفن مخفياً اسمه للحد من انتحال شخصيته أكثر مما جرى، إذ أضيف اسم ستيفن كمدير في عمليات تسجيل 39 مطعماً بصورة وهمية، وبعدها تلقى ستيفن عشرات الخطابات من هيئة الشركات حول مطاعم لا يعرف لماذا يخاطب في شأنها.
والمشكلة الحقيقية التي يواجها ستيفن هي عملية شطب اسمه من السجلات في هيئة الشركات، إذ سيطالب بملء استمارات وتقديم أوراق 39 مرة كي يثبت أنه ليس مديراً في أي من تلك المطاعم الوهمية، وذلك في وقت لم يأخذ المحتالون سوى ساعات للتسجيل والقيام بالسرقة والاختفاء.