ملخص
تمويل العجز في العام الجديد سيكون مصحوباً بزيادة الضغوط على البنك المركزي وشبكة البنوك ونمو السيولة بالتالي مؤشر التضخم
استمر حصول البنوك الإيرانية على مزيد من التسهيلات من البنك المركزي للأسبوع السابع على التوالي في نهاية العام الإيراني الذي ينتهي في الـ20 من مارس (آذار) المقبل.
وأعلن البنك المركزي في تقريره الأسبوعي الذي نشر في الخامس من فبراير (شباط) الجاري أنه خلال الأسبوع الماضي تجاوز إجمال عدد الطلبات المسجلة في السوق المفتوحة 163 تريليون تومان (أي ما يعادل 3.79 مليار دولار)، مضيفاً أن الطلبيات ازدادت بمقدار تريليون تومان (23.25 مليون دولار) مقارنة بالأسبوع الذي سبق، وهذا الرقم هو الأعلى منذ يونيو (حزيران) 2023.
وبناءً على تقارير إعلامية اقتصادية، واستجابة لهذا المقدار من الطلبات، فإن البنك المركزي سدد نحو 145 مليار تومان (33.7 مليون دولار) من القروض للبنوك للأسبوع الخامس على التوالي، وبذلك يبلغ الطلب الزائد على النقد هذا الأسبوع نحو 441 مليون دولار.
وفي تصريح لمسؤولي البنك المركزي في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، وعلى رغم تسجيل حجم سيولة بلغت نحو 17.5 مليون دولار، أكدوا أن السيطرة على أزمة نمو السيولة في الاقتصاد الإيراني التي أعلن عنها ضمن سياسات حكومة إبراهيم رئيسي تقع ضمن النطاق المستهدف من قبل الحكومة.
في العام الماضي حدد البنك المركزي أن معيار السيطرة على نمو السيولة لنهاية العام الحالي الإيراني الذي ينتهي في 20 مارس المقبل بحدود 25 في المئة، وزعم البنك المركزي أنه في نهاية الشهر الماضي من العام الإيراني الذي يصادف الـ20 من يناير بلغ نمو السيولة خلال 12 شهراً 25.2 في المئة، إذ كان بحدود 34.1 في المئة.
وجاء هذا في وقت منعت جميع مراكز الإحصاء، بما في ذلك مركز الإحصاء الإيراني، من نشر أية معلومات حول تغيير الأسعار ونمو معدل التضخم وتغيرات حالة الفقر في البلاد. لذلك، يؤكد المحللون الاقتصاديون أن الإحصاءات التي ينشرها البنك المركزي الإيراني حول الأوضاع الاقتصادية في إيران غير موثوقة ولا يمكن الاعتماد عليها.
ويضيف المحللون أن أوامر المرشد علي خامنئي لمسؤولي الحكومة بالسيطرة على نمو السيولة في وقت أعلن فيه عن سياسات إصلاح شبكة البنوك ومعالجة الخلل فيها، من خلال دمج البنوك الفاشلة وغير المربحة دون تحديد وضعية الديون، لا سيما عدم رفع الخلل الحاصل في بنك "آينده" لأنه غير متناسق.
في السياق نفسه، أعلن المدير العام للعلاقات العامة في البنك المركزي مصطفى قمري، أول من أمس الأربعاء، عن إغلاق مؤسسة "كاسبين المالية" في إطار التعامل مع البنوك والمؤسسات المالية غير المتوازنة، ويأتي إغلاقها لتلحق بمؤسسة "نور المالية".
وسبق وأعلن رئيس البنك المركزي أنه إذا ما لم تتخذ البنوك والمؤسسات المالية التي تعاني اختلالات إجراءات لتصحيح عملها، فسيقوم بإغلاقها للحد من نمو السيولة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي الأيام القلية الماضية هدد وزير الاقتصاد في حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي بإغلاق بنك "آينده" والبنوك الأخرى بسبب السحب على المكشوف.
وخلال الأشهر الأخيرة تراجعت أكثر من 60 في المئة من أسهم بنك "آينده"، بحسب الإحصاءات، يعد اختلال توازن هذا البنك أحد الأسباب الرئيسة في نمو السيولة في إيران، وهذا البنك وخلافاً للإشاعات وما تردد عن إغلاقه، تم تسليمه إلى وزارة الاقتصاد، وادعى رئيس البنك المركزي أن قرار الحكومة جاء لمنع إغلاق بنك "آينده" ومحاولة إصلاحه هيكلياً.
ادعاء المسؤولين الاقتصاديين في حكومة إبراهيم رئيسي بنجاح أداء البنك المركزي الذي أدى إلى السيطرة على نمو السيولة، قوبل برد فعل شديد من قبل الرئيس السابق للبنك المركزي عبدالناصر همتي.
وفي الـ31 من يناير (كانون الثاني) الماضي، وفي إشارة إلى إحصاءات نمو السيولة ضمن النطاق المستهدف 25 في المئة، قال همتي إنه "خلال 30 شهراً من عمر حكومة إبراهيم رئيسي، ارتفع إجمال حجم السيولة بنسبة 92 في المئة من 9.118 مليار دولار نهاية أغسطس (آب) الماضي إلى 17.595 مليار دولار في نهاية يناير الماضي.
ويرى عبدالناصر همتي كغيره من المحللين الاقتصاديين أن هذا النمو الذي يقارب 100 في المئة، هو أحد الأسباب لبقاء معدل التضخم بحدود 40 و50 في المئة وارتفاع سعر الدولار في سوق الصرف الأجنبي خلال العامين الماضيين.
وبالنظر إلى أن ما تردد عن زيادة في مبيعات النفط في حكومة إبراهيم رئيسي غير واضح، فمن المعتقد أن الموازنة العامة غير المتوازنة في العامين الماضيين مع العجز الكبير هي السبب الرئيس في زيادة السحوبات على المكشوف في البنك المركزي.
وإضافة إلى ما ورد أعلاه، فإن مخالفة البنوك غير الحكومية مثل بنك "آينده" والمؤسسات الخاسرة ذات الاختلالات المالية، غذت العملية الهدامة لنمو السيولة.
إلا أن محللي الاقتصاد يرون أن أسباب زيادة السحوبات من البنك المركزي هي القوانين التي تم إقرارها في السنوات الأخيرة، والتي سلبت من الحكومة حقها في الاقتراض المباشر، وبموجب هذه القوانين، فإن الحكومة تقترض من البنوك لتعويض العجز في إيراداتها، والبنوك مجبرة لتلبية حاجاتها أن تتجه إلى البنك المركزي، وهذا ما يؤدي إلى زيادة الاختلالات البنكية وإخفاء دور الحكومة في نمو السيولة.
في هذه الأوضاع، وعلى رغم العجز في موازنة الحكومة، فإن البنك المركزي الإيراني يأمل في المحافظة على نمو السيولة ضمن الحد المحدد، وهو 25 في المئة في الأقل حتى نهاية العام الإيراني الحالي الذي ينتهي في الـ20 من مارس المقبل، عدا العجز الكبير في مصادر الإيرادات في موازنة الحكومة للعام الجديد الذي يبدأ في الـ21 من مارس.
وفي ظل هذه الظروف، في العام الإيراني الجديد (1403 هـ. ش)، فإن تمويل هذا العجز سيكون مصحوباً بالضرورة بزيادة الضغوط على البنك المركزي وشبكة البنوك ونمو السيولة، بالتالي مؤشر التضخم.
نقلاً عن "اندبندنت فارسية"