ملخص
محللون يشيرون إلى تحقيق أكبر اقتصاد في العالم معدلات نمو قوية بنهاية 2023
يعاني اثنان من أكبر الاقتصادات في العالم الركود، إذ أعلنت قبل أيام كل من اليابان والمملكة المتحدة عن الربع السلبي الثاني على التوالي من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يتناسب مع التعريف المتفق عليه على نطاق واسع للركود، لكن هذه البيانات السلبية الجديدة ومع تأزم الأوضاع الاقتصادية في أكبر الأسواق في ظل الفائدة المرتفعة ودورة التشديد النقدي، تطرح السؤال الأهم: هل تكون الولايات المتحدة، صاحبة أكبر اقتصاد في العالم، هي التالية؟
في مذكرة بحثية حديثة، كتب كبير الاقتصاديين في "يو بي أس لإدارة الثروات العالمية" بول دونوفان، أن الانكماش الاقتصادي في اليابان مرتبط بتقلص عدد السكان، وفي عام 2022، انخفض عدد سكان البلاد بمقدار 800 ألف نسمة، وهو العام الـ14 على التوالي من الانكماش.
وقال دونوفان إن ذلك يحد من قدرة البلاد على النمو لأنه يعني أن "عدداً أقل من الناس يصنعون ويستهلكون أشياء أقل"، لكن في المملكة المتحدة، لم يكن النمو السكاني والأجور كافياً لدرء خفض الإنفاق الاستهلاكي، وهو أحد المحركات الرئيسة لذلك الاقتصاد، وفي اليابان، انكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1 في المئة، بعدما تراجع بنسبة 0.8 في المئة في الربع الثالث من العام الماضي. أما توقعات المحللين فأشارت إلى نمو الاقتصاد بنسبة 0.3 في المئة، وتعد الأرقام المسجلة للناتج المحلي الإجمالي لليابان في الربع الرابع، عكس توقعات المحللين بنمو الاقتصاد بنحو 1.4 في المئة.
ووفقاً لتلك البيانات، فقدت اليابان موقعها كثالث أكبر اقتصاد في العالم لصالح ألمانيا، إذ تراجع حجم الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للاقتصاد بالدولار وغير المعدل وفقاً للتضخم، إلى مستويات 4.21 تريليون دولار، مما يشير إلى أنه مستوى أقل من حجم الاقتصاد الألماني عند 4.46 تريليون دولار، وتعد خسارة اليابان للقبها كثالث أكبر اقتصاد في العالم، هي المرة الأولى التي تفقد فيها هذا اللقب منذ حصولها عليه قبل عقد من الزمان، عندما خسرت مكانتها كثاني أكبر اقتصاد في العالم لصالح الصين.
هل يشهد الاقتصاد الأميركي ركوداً في 2024؟
لكن في الولايات المتحدة الأميركية يبدو الوضع مختلفاً إلى حد كبير، فخلال الربعين الماضيين شهد الاقتصاد الأميركي نمواً أعلى بكثير من المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى الإنفاق الاستهلاكي القوي.
ويتمتع الاقتصاد الأميركي بميزة على معظم الاقتصادات المتقدمة بفضل خمسة تريليونات دولار من أموال التحفيز لمواجهة الجائحة، التي تستمر في المساعدة في تعزيز الموارد المالية للأسر، وهناك ميزة أخرى تتمثل في كونها أقل اعتماداً على الطاقة الروسية، مما يجعلها أقل عرضة من عديد البلدان الأخرى للارتفاع في أسعار الغاز الطبيعي الذي أعقب الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.
لكن بيانات مبيعات التجزئة الأميركية لشهر يناير (كانون الثاني) الماضي جاءت أقل بكثير من المتوقع، مما يشير إلى أن الأميركيين قد يشدون أحزمتهم بشكل أكثر إحكاماً بعد موسم عطلات قياسي، ومع ذلك، لا تزال سوق العمل قوية بشكل ملحوظ، كما يتضح من معدل البطالة في البلاد، الذي ظل أقل من أربعة في المئة لمدة 24 شهراً على التوالي.
وقد يكون الاقتصاد الأميركي في حالة ركود الآن من دون أن يعرف الأميركيون، وذلك لأن الاقتصاد لا يعتبر بصورة عامة ورسمياً في حال ركود حتى تقول ذلك مجموعة غير معروفة نسبياً مكونة من ثمانية اقتصاديين. وتحكم المجموعة، المعروفة باسم لجنة تأريخ دورة الأعمال في المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، على بداية الركود بأثر رجعي بناء على "الانخفاض الكبير في النشاط الاقتصادي الذي ينتشر في جميع أنحاء الاقتصاد ويستمر لأكثر من بضعة أشهر".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولا توجد قاعدة ثابتة حول ما ينطوي عليه الركود، ولكن يمكن أن يشمل عوامل مثل ارتفاع معدل البطالة، أو خفض الدخل، أو هبوط كبير في الإنفاق أو معدل نمو اقتصادي سلبي، ولكن الأهم من ذلك هو أن ربعين سلبيين متتاليين من الناتج المحلي الإجمالي لا يعتبران دائماً ركوداً، وشهدت الولايات المتحدة ذلك في عام 2022، ولم تعلن لجنة المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية عن الركود.
خطر الركود في أميركا يواصل الصعود
وارتفع خطر الركود منذ أن بدأ مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي دورة تشديد السياسة النقدية في مارس (آذار) 2022، بحسب ما صرح رئيسه جيروم باول للصحافيين في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ومع ذلك، قال "ليس هناك أساس يذكر للاعتقاد أن الاقتصاد في حالة ركود الآن".
وأضاف باول أنه حتى عندما يبدو الاقتصاد أفضل من أي وقت مضى، فهناك دائماً احتمال حدوث ركود في العام المقبل، لأن الصدمات الاقتصادية غير المتوقعة، مثل الوباء العالمي، يمكن أن تنشأ في أي وقت.
وإذا وضعنا هذا جانباً، فإن كبير الاقتصاديين العالميين في مجموعة "بوسطن الاستشارية" فيليب كارلسون سليزاك لا يعتقد أن الولايات المتحدة ستدخل في حال من الركود هذا العام. وقال إنه بدلاً من ذلك "سيكون عاماً بطيء النمو". وأضاف أن "قدرة الاقتصاد الأميركي على الصمود متجذرة في نقاط القوة الأساس"، وأهمها سوق العمل والتمويل الشخصي للأميركيين.
وعلى رغم أنه لا يعتقد أن هذا أمر محتمل، فإن أحد المسارات المحتملة للركود في الولايات المتحدة قد يكون إذا لم يخفض بنك الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة على الإطلاق هذا العام. وقال سليزاك، إنه "بما أن المستثمرين يثمنون على نطاق واسع إمكانية تخفيضات عديدة في أسعار الفائدة في عام 2024، فإذا لم ينجحوا في ذلك فقد يؤدي إلى الإضرار بالأسواق المالية بشكل سيئ بما يكفي لإشعال الركود".