Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رحلة مؤشر الأسهم السعودية من التراجع إلى القمة

كيف تبخرت 327 مليار دولار في 2006 مع نزول المؤشر وتحرك هيئة السوق نحو سن قوانين وتشريعات لحماية مقدرات المتداولين

انهيار (تاسي) دفع هيئة السوق المالية السعودية لسن قوانين وتشريعات لحماية مقدرات البلاد (اندبندنت عربية)

حمى المال اجتاحت المجتمع السعودي في 2003 واستمرت حتى 2006، كانت فترة سيطرت فيها المكاسب السريعة في سوق المال على أغلب المواطنين، الأسهم تصعد من دون خوف وتتضخم الحسابات الاستثمارية لملايين المتعاملين، ثلاث سنوات من الارتفاعات بدأت من 4000 نقطة في 2003 وواصلت الصعود إلى أعلى المستويات، بشكل مخيف، وسجل المؤشر 20966 نقطة في 25 فبراير (شباط) 2006، ولكن بعد وقت قصير وسريع وخلال شهر خسر 25 في المئة من قيمته، وبنهاية العام خسر ثلثي قيمته، وأغلق عند 7500 نقطة، كانت القيمة السوقية تفوق 2.45 تريليون ريال (650 مليار دولار)، وكان "تاسي" قد خسر 65 في المئة من قيمته، وإجمالي قيمته السوقية هبطت بالنصف إلى 1.22 تريليون ريال (327 مليار دولار)، وبعد الأزمة المالية العالمية في 2008 انخفض إلى أربعة آلاف نقطة.

سوق أكثر احترافية

تمر هذه الذكرى والسوق المالية في آخر جلسة لها في 21-2-2024 تسجل رقماً تاريخياً بسلسلة ارتفاع وصلت إلى 15 جلسة متواصلة، هي الأعلى في تاريخ السوق، وأن مكاسبها خلال الأسابيع الثلاثة الماضية تجاوزت 840 نقطة، دفعت بالمؤشر إلى أعلى إغلاق منذ أغسطس (آب) 2022، الفارق بينهما كبير جداً كما يرى أستاذ المالية الدكتور محمد القحطاني، ويقول: "الآن نحن في سوق احترافية تقاد باحترافية عالية، لم تكن موجودة في السابق".

ويؤكد القحطاني أن 18 عاماً تفصلنا عن أكبر انهيار في تاريخ السوق السعودية الذي بدأ في 25 فبراير 2006، تلك الذكرى التي عاشتها شريحة كبيرة من المجتمع على اختلاف مستوياتها المعيشية والمعرفية، لم تغب عن أذهان المتعاملين، فضلاً عن المتخصصين الذين يرون في السوق أكثر قوة ومتانة من السابق بفضل التشريعات والقوانين التي تحافظ على مقدرات المواطنين.

تنوع الاستثمارات

وأضاف بأن من بين أهم القوانين التي شرعتها هيئة السوق المالية مضاعفة عدد الشركات المدرجة التي وصلت إلى أكثر 200 شركة تجاوزت القيمة السوقية لها 10 تريليونات ريال، واستمرار الخطط لضم العديد من الشركات المؤهلة، كما انضمت السوق إلى ثلاثة مؤشرات عالمية وأصبحت ضمن أكبر عشر أسواق عالمية، وكذلك استحداث قنوات استثمارية أخرى من بينها صناديق المؤشرات، والعقود المستقبلية، وسوق "نمو"، والبيع على المكشوف، وفتح الاستثمار للأجانب.

دخول فئات المجتمع في التداول

وحول الفارق بين ما جرى في 2006، والوضع الحالي، يرى مشرف العمليات المالية في شركة الخيارات الدولية إلياس المهنا، أن الفارق كبير جداً، إذ إن من بين الأسباب التي أدت إلى الانهيار في تلك الفترة دخول معظم فئات المجتمع في التعامل في السوق من دون دراية بأبجدياته، حتى قدرت حينها عدد الحسابات التي تتعامل في الأسهم بنحو نصف سكان السعودية، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، والغالبية منهم لا يمتلكون الموارد الكافية التي تؤهلهم للاستثمار، فضلاً عن تحمل الخسارة من دون الوصول إلى الانهيار، كما أسهمت التسهيلات البنكية التي يحصل عليها المستثمر في السوق المالية في المغامرة، وقد وصلت القروض إلى 300 في المئة من قيمة ماله بضمان الأسهم التي يملكها، وقد تلقى مستثمر عرضاً من أحد المصارف بتسهيلات بمليار ريال، حيث قفزت القروض الشخصية من البنوك في فترات متقاربة وسريعة إلى أكثر من 170 مليار ريال، مؤكداً أن هذا الأمر غير موجود حالياً، بفضل زيادة الوعي لدى العامة بالأخطار التي تترافق مع الدخول في السوق المالية من دون وعي ومعرفة.

فقاعة واضحة

وأضاف بأن الفقاعة التي تكونت في تلك الفترة، كانت واضحة حيث اقترب المؤشر من القمة القصوى للسوق، ومكررات الشركات السعودية سواء كانت مضاربة أو قيادية بلغت أعلى مكرر ربحي بين الأسواق العالمية وأن مخزون السيولة بين عامة المستثمرين قد بدأ ينضب بسبب الضخ المستمر في الأسهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار المهنا إلى أن أسواق المال في كل دول العالم تصاب بانهيارات، وتستفيد من تجاربها، ولا يوجد أحد في مأمن من ذلك، ولكن كلما ازدادت التجارب تزداد معها القدرة على منع حدوث الانهيار أو الحد منه، من خلال تطوير التشريعات والقوانين التي تحمي المستثمرين والسوق من الكوارث.

تغير الأرقام

وفي شأن التغيرات التي شهدتها السوق المالية السعودية، يؤكد المصرفي محمد الزهراني، أن جميع الأرقام في الفترة التي شهدت انهيار السوق ومقارنتها بالوضع الحالي، تكوّن صورة على مدى الحرفية العالية التي أصبحت عليها السوق وتأثير التشريعات والقوانين التي خرجت بين الفترتين، ومثال: بلغ أعلى تداول تاريخي في السوق السعودية كان في آخر أسبوع قبل انهيار 2006 حيث وصلت قيمة التداولات اليومية 39.9 مليار ريال، بينما أعلى تداول يومي خلال الخمس سنوات الماضية لم يتجاوز 18.5 مليار ريال، بعد IPO أرامكو السعودية التاريخي في يوم 12 ديسمبر (كانون الأول) 2019. وأضاف بأن الاقتصاد السعودي كان ترتيبه 23 عالمياً بدخل إجمالي 376 مليار دولار في 2006 وترتيب دخل الفرد 42 عالمياً 15600 دولار، واليوم، تضاعف عن اقتصاد 2006 في الحجم نحو أربع مرات، وأصبح من ضمن أقوى 20 اقتصاداً عالمياً وترتيب دخل الفرد تحسن إلى رقم 28 عالمياً.

تشريعات وقوانين أفضل

وأشار الزهراني إلى أن ما يحدث في أسواق المال من ارتفاع وانخفاض، يؤكد حقيقة أنها مرآة تعكس من خلالها ما يجري في الحياة اليومية داخل الدول وخارجها، وليس فقط في الشركة نفسها، إذ تلعب الظروف الجيوسياسية والاقتصادية والمالية دوراً مؤثراً في أسواق المال العالمية، وقد شهدنا في العام الماضي مجموعة أمور خارجية ألقت بظلالها على السوق المحلية وأسواق المنطقة، مؤكداً أن انهيار السوق السعودية 2006 يظل ذكرى تاريخية مؤلمة، ولكن بسببه تحظى اليوم بتشريعات أفضل وقوانين وشركات أكثر وأقوى، ومستثمرين محليين ودوليين بمستوى ووعي استثماري أفضل.

اقرأ المزيد

المزيد من أسهم وبورصة