Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أين يوجد أسرع تراكم للثروات الجديدة في العالم؟

هانوي أصبحت الوجهة الأولى للاستثمار الأجنبي المباشر

 قد تنمو ثروة فيتنام بنسبة 125 في المئة خلال الأعوام الـ10 المقبلة (أ ف ب)

ربما التصور الأولي هو أن يكون أسرع تراكم للثروة في الاقتصادات الكبرى التي تشهد زيادة مطّردة في أعداد المليونيرات والمليارديرات، لكن البيانات والأرقام من شركات الاستشارات والبحوث العالمية الكبرى تشير إلى أن الدولة التي ستشهد أسرع وأعلى ارتفاع في تراكم الثروات خلال الأعوام الـ10 المقبلة هي دولة صغيرة في جنوب شرقي آسيا والمقصود فيتنام.

كانت تلك الدولة التي تعرضت قبل أكثر قليلاً من نصف قرن لحرب من أكبر قوة عسكرية في العالم، الولايات المتحدة، وهزمتها حتى سنوات قليلة مضت من بين أفقر دول العالم النامية، وكان سكانها يهاجرون إلى الدول الأخرى، خصوصاً في غرب القارة، بحثاً عن الرزق القليل الذي يضمن تحويل الأموال الضئيلة إلى أهلهم في البلاد.

إلا أن الدولة الصغيرة تشهد منذ فترة عملية تحول اقتصادي هائلة أسهمت في نمو الناتج المحلي الإجمالي بقوة نتيجة تهيئة الدولة البنية التحتية للتصنيع والتصدير، لتصبح من أهم وجهات الاستثمار الأجنبي المباشر.

وانعكس ذلك على حجم اقتصادها ونصيب الفرد منه وتراكم الثروات حتى أصبح فيها آلاف المليونيرات، إذ يشير تقرير لشركتي متابعة الثروات "الثروة الجديدة في العالم" واستشارات هجرة رؤوس الأموال "هنلي أند بارتنزر" إلى أن فيتنام ستشهد أعلى نمو في الثروات حول العالم خلال الأعوام الـ10 المقبلة، بينما تعزز وضعها كمركز للتصنيع في العالم.

الظروف المواتية

وبحسب البيانات والأرقام الواردة في التقرير الذي عرضته شبكة "سي أن بي سي"، يتوقع أن تنمو ثروة البلاد بنسبة 125 في المئة خلال العقد المقبل.

وعن ذلك قال المحلل من شركة "الثروة الجديدة في العالم" أندرو أمويلز في مقابلة مع الشبكة الأميركية إن "ذلك سيمثل أكبر توسع في تراكم الثروة بالنسبة إلى نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي وأيضاً بالنسبة إلى عدد المليونيرات الجدد في البلاد"، مضيفاً أن "فيتنام أصبحت قاعدة تصنيع مفضلة للشركات متعددة الجنسية في قطاعات التكنولوجيا وصناعة السيارات والإلكترونيات والملابس والنسيج في العالم".

بعد فيتنام تأتي الهند في المرتبة الثانية من حيث معدلات نمو الثروة، إذ يرجح أن ينمو تراكم الثروات فيها بنسبة 110 في المئة خلال الفترة نفسها، وكذلك من المتوقع أن تصبح الهند ثالث أكبر اقتصاد في العالم بعد أميركا والصين بحلول عام 2027.

إلى ذلك، تستفيد فيتنام التي تضم على أراضيها 19400 مليونير من ظروف مواتية تجعلها وجهة مفضلة للشركات متعددة الجنسية، إذ إنها أكثر أماناً بصورة نسبية مقارنة بدول آسيا والمحيط الهادئ الأخرى، مما يجعل الشركات العالمية تفضل إقامة قاعدة صناعية لها فيها، كذلك تتمتع الدولة الواقعة في الجنوب الشرقي بموقع متميز يوصف بأنه "موقع استراتيجي"، نتيجة تمتعها بحدود برية مع الصين، علاوة على قربها من خطوط الملاحة البحرية التجارية، إضافة إلى العمالة الرخيصة في البلاد والبنية التحتية للتصدير.

تلك العوامل تجعل هانوي الوجهة الأولى المفضلة للاستثمارات العالمية"، مثلما يرى تقرير صادر عن شركة "ماكنزي" أخيراً.

من جهته قال كبير مديري الاستثمار في مجموعة "فينا كابيتال" أندي هو إن "فيتنام تتطور بسرعة هائلة، وكل السكان يستفيدون من ذلك"، مضيفاً "صحيح أن نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد تراجع قليلاً العام الماضي 2023 ليحقق نمواً بنسبة 5.05 في المئة، مقارنة بنمو بنسبة 8.02 في المئة في العالم السابق 2022، إلا أن ذلك يعود بمعظمه لتراجع الطلب العالمي بصورة عامة".

الصين الجديدة

كل ذلك يجعل بعض المحللين يتحدثون عن أن فيتنام تسعى إلى أن تكون "الصين الجديدة"، بمعنى أن تصبح الوجهة الرئيسة للشركات والأعمال العالمية والغربية، تحديداً تلك التي تحاول تفادي العمل من الصين بسبب العقوبات الأميركية.

وإن كانت الهند وغيرها تحاول أيضاً المنافسة على وضع "الصين الجديدة" هذا، مستفيدة أيضاً من الصراع التجاري والاقتصادي بين واشنطن وبكين، لكن فيتنام لديها مميزات عدة تجعلها المرشح الأقوى لتكون الدولة الأسرع والأعلى مراكمة للثروة في العقد المقبل، لذا فهي ستبقى، بحسب تقديرات المحللين، الوجهة الأهم للاستثمارات الأجنبية في المنطقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن شأن ذلك أن ينعكس أكثر على حجم اقتصادها وأيضاً على تحسين أوضاع سكانها بصورة عامة، فقبل 10 أعوام  فحسب، كان نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 2190 دولاراً، قبل أن يتضاعف ذلك الرقم ليصل إلى 4100 دولار، بحسب أحدث البيانات من البنك الدولي.

في غضون ذلك، يستمر الاستثمار الأجنبي المباشر في فيتنام بالارتفاع، إذ وصل حجمه العام الماضي إلى 36.6 مليار دولار بزيادة بنسبة 32 في المئة عن 2022، في وقت يقدر المحللون أن تستمر الزيادة في الاستثمار الأجنبي المباشر خلال السنوات المقبلة، مما يعني توفير مزيد من فرص العمل للفيتناميين وضمان ارتفاع أجورهم، وبذلك تطور مستويات المعيشة لهم.

التحديات

على رغم ذلك، تبقى هناك بعض التحديات التي يواجهها النمو المطّرد في فيتنام، ومنها أن العمالة الفيتنامية تحتاج إلى التدريب وإعادة التأهيل لتتمكن من شغل الوظائف الجديدة في الشركات متعددة الجنسية، إلا أن كثيراً من المحللين يرون أن فيتنام قادرة على مواجهة تلك التحديات بمساعدة الشركات الأجنبية التي تنتقل إلى العمل والتصنيع في البلاد، إذ يمكن أن تسهم في تدريب العاملين.

أما التحدي الذي يعد خارج قدرة فيتنام على مواجهته، فهو احتمال الركود الاقتصادي العالمي، وبذلك التراجع الشديد في الطلب على التصنيع، خصوصاً أن النمو الفيتنامي يعتمد بنسبة 30 في المئة على التصنيع، لكن ذلك سيكون مشكلة للعالم كله وليس لهانوي فحسب التي يمكن أن تظل نسبياً في منحى نمو وتطور مقارنة بالآخرين.

اقرأ المزيد