أدان وزراء الخارجية العرب التصريحات التي أدلى بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، بشأن إعلان نيته ضم أرض من الضفة الغربية المحتلة عام 1967.
واعتبر وزراء الخارجية العرب، في جلسة عقدت على هامش أعمال مجلس الجامعة العربية في دورته 152 التي انطلقت برئاسة العراق امس، "أن هذا الإعلان تطور خطير وعدوان إسرائيلي جديد ينتهك على نحو فاضح القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية ذات الصِّلة بما فيها قرارا مجلس الأمن 242 و338".
وانطلقت الدورة الـ152 من أعمال مجلس الجامعة العربية برئاسة العراق امس خلفا للصومال من القاهرة، وافتتحها الوزراء بالوقوف دقيقة حداد على روح الرئيس التونسي السابق الباجي قايد السبسي، ويناقش الوزراء 8 بنود رئيسة على جدول أعمالهم، في مقدمتها القضية الفلسطينية والصراع العربي - الإسرائيلي ودعم موازنة دولة فلسطين وصمود الشعب الفلسطيني.
كما يبحث الوزراء التضامن مع لبنان، وتطورات الأوضاع في سوريا، وليبيا، واليمن، إلى جانب احتلال إيران للجزر العربية الثلاث طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى، التابعة لدولة الإمارات في الخليج العربي، بالإضافة إلى بحث اتخاذ موقف عربي موحد إزاء انتهاك القوات التركية للسيادة العراقية، ودعم السلام والتنمية في السودان، ودعم الصومال وجزر القمر، والحل السلمي للنزاع الحدودي الجيبوتي الإريتري.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويبحث الوزراء أيضا التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، وأمن الملاحة وإمدادات الطاقة في منطقة الخليج العربي، ومخاطر التسلح الإسرائيلي على الأمن القومي العربي والسلام الدولي وإنشاء المنطقة الخالية من أسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط.
نسف عملية السلام
وأضاف المجلس بشأن تصريحات نتنياهو إعلان نيته ضم أرض من الضفة الغربية المحتلة عام 1967 "أنه لو تم تنفيذها فهي بمثابة إعلان إسرائيلي بنهاية عملية السلام ونسف أسسها كافة".
وأعلن المجلس، في بيان صدر مساء الثلاثاء، "عزم متابعة هذه التصريحات العدوانية الإسرائيلية الجديدة على نحو مكثف، ويستعد لاتخاذ جميع الإجراءات والتحركات القانونية والسياسية للتصدي لهذا الإعلان الاسرائيلي أحادي الجانب، الذي من شأنه تأجيج الصراع والعنف في المنطقة والعالم بما في ذلك التحرك العربي لدى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية وأعضاء المجتمع الدولي".
وحمّل المجلسُ الحكومةَ الإسرائيلية نتائج وتداعيات هذه التصريحات الخطيرة غير القانونية وغير المسؤولة، مؤكدا "تمسكه بثوابت الموقف العربي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وغير القابلة للتصرف بما فيها حق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وحق اللاجئين بالعودة والتعويض وفقا لقرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية".
ودعا مجلس الجامعة المجتمع الدولي، وبصفة خاصة مجلس الأمن إلى "تحمل مسؤولياته بالتصدي الحازم لهده الإعلانات الإسرائيلية المخالفة للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية"، داعيا إلى "التحرك الفوري لإطلاق جهد حقيقي وفاعل لحل الصراع على أساس مرجعيات عملية السلام وقرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي ومبادرة السلام العربية ومبدأ حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو1967".
وكلّف مجلس الجامعة الأمين العام بمتابعة تنفيذ مضمون هذا البيان، ويعتبر نفسه في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات هذا الموقف العدواني الإسرائيلي.
وكان عدد من وزراء الخارجية العرب عقدوا جلسة خاصة، مساء امس، على هامش اجتماعاتهم لبحث الرد على التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي وصفها "بخطوة ضخمة لتعزيز الاستيطان في غور الأردن"، وزعمه "أن هناك فرصة تاريخية لفرض السيادة على مستوطنات الضفة الغربية".
من جانبه، قال مصدر فلسطيني "إن الاجتماع ضم وزراء خارجية مصر سامح شكري، والأردن أيمن الصفدي، وفلسطين رياض المالكي، والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط".
وأضاف المصدر "أن الاجتماع خاص بإعلان رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو عن خطته لضم غور الأردن وشاطئ فلسطين على البحر الميت 37 كم".
وأوضح "إنه إذا ما نفذ الضم، يكون قد نجح في دفن أي احتمال للسلام خلال المئة عام المقبلة". وتابع "المجتمع الدولي يجب أن يوقفون هذا الجنون، فالضم جريمة حرب، إذ يعني تكريس العنف والتطرف وإراقة الدماء".
مركزية القضية الفلسطينية
وكان وزير خارجية العراق محمد على الحكيم، رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة العربية، أكد في كلمته أمام الاجتماع، على أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية، وتطرق إلى أمن منطقة الخليج، وقال "إن أمن الملاحة في الخليج وتأمين إمدادات الطاقة كانت محل انشغال العالم أخيرا، على خلفية التوترات بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، وتم في هذا الإطار طرح عدد من المبادرات"، وأشار إلى "أن العراق لا يؤيد القرارات والمخططات التي تؤدي إلى تصعيد التوتر في المنطقة". وأكد وزير خارجية العراق "رفض بلاده للوجود التركي في العراق".
من جانبه قال الأمين العام أحمد أبو الغيط "إنه لا يزال حال الأزمة العربية يخيم على المنطقة العربية، فهناك جبهات مفتوحة، وجراح لم تندمل في اليمن وسوريا وليبيا، وهناك الملايين من اللاجئين والنازحين تمثل معاناتهم اليومية، خصوصا النساء والأطفال من بينهم".
وبشأن الأوضاع في ليبيا أوضح أبو الغيط "أن المعارك العسكرية التي تشهدها المناطق المحيطة بالعاصمة طرابلس دخلت شهرها السادس، وأن مجلس الجامعة لا ينبغي أن يكون بعيداً عن الجهود المبذولة لإخراج ليبيا من هذه الأزمة المتفاقمة"، وأضاف "أن المطلوب اليوم هو خفض فوري للتصعيد الميداني، والتوصل إلى وقف دائم وثابت لإطلاق النار، والعودة إلى المسار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة والخروج بمقاربة شاملة لتسوية الوضع الليبي في مجمله وتوحيد المؤسسات المنقسمة، واستكمال المرحلة الانتقالية باستحقاقاتها الأمنية والسياسية والدستورية".
ترحيب بمبادرة السعودية
وبشأن الأوضاع في اليمن قال أبو الغيط، "إننا نرحب بتجاوب الأطراف المختلفة مع دعوة السعودية للحوار ووقف المواجهات المؤسفة التي آلمانا جميعا اندلاعها في بعض محافظات الجنوب"، مؤكدا "أن الجامعة تتمسك بخيار السلام في اليمن وتدعم الشرعية الدستورية للحكومة برئاسة عبد ربه منصور هادي".
وكرر أبو الغيط الدعوة لإيران بأن ترفع يديها عن الساحة اليمنية، وأن تكف عن دعم الميلشيات بالمال والسلاح، وأن تتوقف عن تحويل الأرض اليمنية إلى منصة لتهديد أمن واستقرار الدول المجاورة.
وأوضح "أن التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية اتخذت صورة أكثر خطورة وتهوراً في الشهور الماضية، إذ تجاوزت إشعال الأزمات داخل الدول إلى تهديد أمن الملاحة وإمدادات الطاقة في منطقة الخليج العربي".
وبشأن السودان قال أبو الغيط، "إن السودان يحقق اتفاقا سياسيا طمأننا على المستقبل"، وهنأ الحكومة الجديدة التي تم تشكيلها قبل يومين، التي جاءت "حصيلة اتفاق سياسي بين المكونات السودانية أثبت أن مجتمعاتنا قادرة على تجاوز الأزمات عبر الحوار، وأن الصراع والاحتراب الداخلي مرهون باختياراتنا وقراراتنا، وليس قدراً محتوماً".
قضية اللاجئين والأونروا
من جانبه أكد المفوض العام لوكالة الأونروا بيتر كريستول "أن هناك حملة قوية للقضاء على قضية اللاجئين الفلسطينيين ووكالة الأونروا، وأن أهم قضية للاجئين هي قضية اللاجئين الفلسطينيين".
وأوضح "أن عمليات الأونروا تعاني تدخل بلديات القدس لتعطيلها، وهي محاولة من إسرائيل لضم القدس الشرقية ولا بد من الوقوف العربي لحماية والدفاع عن اللاجئين الفلسطينيين، وتمكنا بفضل مساهمة الأردن ولبنان من فتح مدارس جديدة"، وأشار إلى "أن هناك دعما سخيا من عدد من الدول العربية ونتمنى استمراه خلال العام"
اجتماعان مهمان
وقبيل بدء الاجتماعات عُقد اجتماعان على درجة من الأهمية، اختص الأول الأزمة مع إيران، وجاء الثاني لمتابعة تنفيذ قرارات قمة تونس، إذ عقدت اللجنة الوزارية العربية الرباعية المعنية بمتابعة تطورات الأزمة مع إيران اجتماعها، برئاسة وزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة الإمارات أنور قرقاش، ومشاركة وزراء الدول الأعضاء في اللجنة وهي السعودية، ومصر، والبحرين بحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
واستعرضت اللجنة تقريراً أعدته الأمانة العامة للجامعة العربية حول متابعة تطورات الأزمة مع إيران، وسبل التصدي لتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية سياسياً واقتصادياً وإعلامياً، ومشروع بيان حول هذا الموضوع، وكذلك مشروع قرار ضمن بند "التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية" ورفعه إلى اجتماع وزراء الخارجية العرب المنعقد اليوم.
من جانبها، أكدت مصادر دبلوماسية، مشاركة في الاجتماع، "أن مشروع القرار يتضمن إدانة استمرار عمليات إطلاق الصواريخ الإيرانية الصنع على السعودية من الأراضي اليمينة، من قبل الميليشيات الحوثية التابعة لإيران، وإدانة السياسة الإيرانية وتدخلاتها المستمرة في الشؤون العربية، التي تغذي النزاعات الطائفية والمذهبية"، في مقابل التأكيد على "الاستمرار في تطوير خطة تحرك عربية من أجل التصدي للتدخلات الإيرانية في المنطقة العربية، وحشد التأييد والدعم الدولي للموقف العربي الرافض لهذه التدخلات الإيرانية.
كما يؤكد مشروع قرار إدانة استمرار احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث المحتلة، وتأييد كافة الإجراءات والوسائل السلمية التي تتخذها دولة الإمارات لاستعادة سيادتها على جزرها المحتلة طبقا للقانون الدولي.
قرارات قمة تونس
أما هيئة متابعة تنفيذ القرارات والالتزامات التابعة للقمة العربية بتونس فعقدت اجتماعها، بحضور وزير الخارجية السعودي الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف والوفد المرافق له، وسفير السعودية لدى مصر، مندوب السعودية الدائم لدى جامعة الدول العربية أسامة بن أحمد نقلي، وترأس الاجتماع وزير خارجية تونس خميس الجهيناوي، كون بلاده الرئيس الحالي للقمة العربية.
وقال وزير خارجية تونس خميس الجهيناوى لـ"اندبندنت عربية"، "إنه من ناحية تونس كدولة راعية لرئاسة القمة ستعمل في إطار تعاونها مع مختلف الدول العربية لتنفيذ ما تم إقراره"، وأضاف "أن تونس ستلتحق قريباً بمجلس الأمن كعضو غير دائم، وستقوم بدورها في سبيل ما تم الاتفاق عليه"، مؤكداً "أن كل الموضوعات التي تم الاتفاق عليها تعكس إرادة جماعية عربية في سبيل دفع وحلحلة هذه القضايا".