ملخص
أظهر مؤتمر العمل السياسي المحافظ بوضوح قاعدة الحزب الجمهوري التي تتبنى موقف ترمب المثير للجدل تجاه روسيا، وهو موقف دفع الجمهوريين في الكونغرس إلى النأي بأنفسهم عن دعمهم الثابت للمساعدات العسكرية لأوكرانيا
لا تزال مليارات المساعدات الأميركية المحتملة المخصصة لأوكرانيا عالقة في طي النسيان داخل أروقة الكونغرس. وهو موقف يؤيده بصورة كاملة أنصار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب الذين حضروا مؤتمر العمل السياسي للمحافظين هذا العام [حدث سنوي يعقده الناشطون والقادة السياسيون المحافظون في الولايات المتحدة. يعد هذا المؤتمر ملتقى مهم للتفاعل والتواصل بين الأعضاء والمؤيدين والمسؤولين في الحزب الجمهوري والتيارات السياسية المحافظة].
تابعت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية الحدث، والتقت عديداً من الحاضرين، والتي قالت أن موقف معظمهم كان متشابهاً تقريباً: معارضة تمويل أوكرانيا. الأولوية في نظرهم يجب أن تكون لتلبية حاجات بلادهم الخاصة أولاً، حتى إن بعضهم اتهم بايدن بالانتفاع من هذه المساعدات. وبينما دان البعض ما وصفوه بـ"تصرفات بوتين الديكتاتورية"، إلا أنهم لم يحملوه اللوم كاملاً في ما يحدث.
الصحيفة الأميركية ذكرت أيضاً أن النائب الجمهوري بايرون دونالدز، والذي وصفه ترمب أخيراً بأنه مرشح محتمل لمنصب نائب الرئيس، دعا بايدن للاختيار بين إعطاء الأولوية إما لحدود الولايات المتحدة أو حدود أوكرانيا، في حين قال السيناتور الجمهوري تومي توبرفيل: من بين 26 جمهورياً صوتوا ضد حزمة المساعدات التي أقرها مجلس الشيوخ في الـ13 من فبراير (شباط)، امتنعت عن دعم أي تمويل لأوكرانيا لأنني أشك في قدرتهم على النجاح. ليضيف: "سيوقف دونالد ترمب ذلك عند عودته إلى البيت الأبيض. إنه يدرك عدم قدرة أوكرانيا على الفوز، وهو سيتمكن من عقد صفقة مع بوتين".
ووفق الصحيفة، أظهر مؤتمر العمل السياسي للمحافظين بوضوح قاعدة الحزب الجمهوري التي تتبنى موقف ترمب المثير للجدل تجاه روسيا، وهو موقف دفع الجمهوريين في الكونغرس إلى النأي بأنفسهم عن دعمهم الثابت للمساعدات العسكرية لأوكرانيا. ويبدو أن آفاق حزمة المساعدات، التي تشمل المساعدات العسكرية لإسرائيل وتايوان، فضلاً عن المساعدات الإنسانية لغزة، غير مؤكدة في مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون، والذي جرى تأجيل جلساته حتى نهاية الشهر.
حتى إن رئيس مجلس النواب مايك جونسون صرح بأن المجلس لن ينظر في مشروع قانون أحاله مجلس الشيوخ بخصوص تقديم هذه المساعدات، على رغم من اعترافه باحتمال إقراره في حال طرحه بسبب دعم معظم الديمقراطيين وعديد من الجمهوريين. ويعود السبب في ذلك إلى مقاومة ترمب وجزء متزايد من القاعدة الشعبية للحزب الجمهوري للمشروع والذي جعل القضية مثيرة للجدل والانقسام داخل الحزب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعن أكثر المواقف المثيرة للجدل لترمب ذكرت الصحيفة الأميركية أن ترمب رفض إدانة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقب وفاة المعارض أليكسي نافالني في الـ16 من فبراير (شباط). كما قال إنه لن يدافع عن دول الـ"ناتو" التي لا تفي بالتزاماتها المالية تجاه الحلف، بل وسيشجع روسيا على "فعل ما تريده" بتلك الدول، حتى إنه رفض تحديد الجانب الذي يأمل في أن يفوز في الحرب الجارية في أوكرانيا عندما سؤل عن الأمر منتصف العام الماضي.
على رغم اتهامات خصومه له، ومنهم سفيرته السابقة إلى الأمم المتحدة ومنافسته على ترشيح الحزب الجمهوري نيكي هايلي، بوقوفه إلى جانب ديكتاتور يقتل خصومه السياسيين وانحيازه إلى "رجل شرير" على حساب الحلفاء، أقرت "وول ستريت جورنال" أن جميع هذه الحجج فشلت في تغيير موقف الناخبين الجمهوريين تجاه ترمب، وأن الغالبية الكبرى داخل الحزب تشكك بالمساعدات الخارجية ولا تتأثر بالتحذيرات من أن الديمقراطية الغربية على المحك.
وفي استطلاع للرأي أجرته "وول ستريت جورنال" في ديسمبر (كانون الأول)، قال 56 في المئة من الجمهوريين إن الولايات المتحدة تفعل "أكثر من اللازم" لمساعدة أوكرانيا، في حين قال 11 في المئة إنها لا تفعل ما يكفي. وهو تحول هائل إذا ما قارناه باستطلاع مشابه بعد وقت قصير من بدء الحرب، في مارس (آذار) 2022، والتي قال حينها 6 في المئة من الجمهوريين إن أميركا تفعل أكثر مما يجب في أوكرانيا، مقارنة بـ61 في المئة، والذين قالوا إنها لا تفعل ما يكفي.
ومن المعلوم أن علاقة ترمب بروسيا وزعيمها كانت على الدوام مثار جدل كبير. ففي حملة عام 2016، حث ترمب روسيا علانية على اختراق رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بمنافسته هيلاري كلينتون والكشف عنها. علاوة على ذلك، خلصت وكالات الاستخبارات الأميركية إلى أن التدخل الروسي جاء في مصلحة انتخابه رئيساً. وفي عام 2018، في هلسنكي، انحاز علناً إلى بوتين، مفضلاً تأكيدات الزعيم الروسي على تلك الخاصة بمجتمع الاستخبارات الأميركي.
"وول ستريت جورنال" قالت إنه وبعد عامين من الحرب في أوكرانيا، لا يبدو أن هنالك نهاية واضحة لهذا الصراع. ففي وقت يشدد فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على الضرورة العاجلة للحصول على مساعدة إضافية، يعزو الخبراء سقوط مدينة أفدييفكا في أيدي الروس إلى نقص الدعم العسكري الأميركي، حتى إنها ذكرت أن الجنود الأوكرانيين، الذين يتمركزون على خطوط المواجهة، يتابعون النقاشات التي تدور في الكونغرس عبر تصفح الأخبار السياسية الأميركية على هواتفهم.
وبالعودة لمؤتمر العمل السياسي المحافظ، قالت الصحيفة الأميركية إن معظم الحاضرين ممن التقتهم أبدوا إعجابهم في المقابلة التي أجراها مضيف قناة "فوكس نيوز" السابق تاكر كارلسون مع بوتين لتنقل انطباعاً رافضاً لما تنشره وسائل الإعلام الغربية عن روسيا وبأن الشباب الحالي يقوم بالبحث والاستقصاء عن هذه المعلومات بأنفسهم وقال عديد من الحاضرين إن بوتين هو من تعرض للاستفزاز ولغزو أوكرانيا بسبب سعي الـ"ناتو" لضمها إلى الحلف.