ملخص
يقول الكاتب الصحافي التونسي وائل الونيفي إن "تيك توك" قامت بأدوار في عدد من المسارات الانتخابية لدول عدة
خلال جولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بخاصة منصة "تيك توك"، تعترضنا حسابات تروّج لرئيس الجمهورية قيس سعيد، إما بالتركيز على مواقفه أو بنشر نشاطاته اليومية التي تعتمد على الزيارات المفاجئة لمؤسسات حكومية عدة للكشف عن التجاوزات. مقاطع تثير إعجاب رواد هذه المواقع لكنها أيضاً تثير حفيظة المهتمين بالشأن العام الذين يرون فيها "حملة انتخابية مبكرة".
يقول الكاتب الصحافي وائل الونيفي إن "تيك توك" قامت بأدوار في عدد من المسارات الانتخابية لدول عدة، وأعرب بعضها عن احتجاجه على سياسات هذه المنصة فيما لجأت دول أخرى إلى استعمال بروتوكالات معينة لاستخدامها وحتى حجبها في بعض الحالات، وفي تونس لا يوجد حديث عن تأثير "تيك توك" على رغم أن لديها سوابق في هذا الموضوع على غرار ما حدث في انتخابات 2019.
ويضيف أنه "بالعودة للمثال التونسي وبروز حسابات تعد بالمئات تتولى الترويج لصورة الرئيس سعيد، بدأت هذه الظاهرة قبيل إجراءات الـ25 من يوليو (تموز)، وتعززت في الأشهر الأولى بعد هذا التاريخ، أما خلال الأشهر الأخيرة فأصبح انتشار هذه الحسابات على منصة ’تيك توك‘ يثير القلق، نظراً إلى أن هذا العام (2024) هو عام انتخابي".
حول الرأي العام
الونيفي توصل إلى وجود حسابات تتولى الترويج للمحتوى نفسه، وهذا يعزز فرضية أنها تابعة لجهات منظمة، بحسب تقديره، مواصلاً أن "هذا لا يعني أن الرئيس سعيد مرتبط بهذه الحسابات أو يقف وراءها، لكن هناك في اعتقادي جهات مستفيدة من المنظومة الحالية تسعى إلى الترويج للرئيس في هذا العام الانتخابي حتى تتواصل استفادتها وتحافظ على مواقعها وهذا أمر ليس خفياً، وكما هي الحال على موقع ’فيسبوك‘ وعلى رغم تبرؤ الرئيس سعيد من صحفات عدة تدعمه، فإنها بقيت مستمرة على الخط نفسه".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
استنتاج آخر توصل إليه الونيفي على علاقة بتعدد هذه الحسابات التي تروّج للرئيس "يكمن في عدم إتاحة الفرصة لأي منافس يريد الترشح للانتخابات، إذ ترمي هذه الحسابات عبر كثافة المحتوى المروّج إلى خلق رأي عام ضخم يربك أي منافس يفكر في التقدم بترشحه، كما أنها تؤثر في الرأي العام الوطني باتجاه أنه لا يوجد من هو قادر على منافسة الرئيس".
وحول الحسابات التي تعمل من خارج تونس، تحديداً من دول عربية على غرار مصر وسوريا وحتى صناع محتوى في دول غربية على غرار فرنسا، يقول الونيفي إن "الأمر يحتاج إلى كثير من الاهتمام ويزيد من الشكوك حول وجود تأثيرات خارجية في الرأي العام الوطني، وهنا يأتي دور الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على رغم أنها هي نفسها محل انتقادات كبيرة، لكن الأصل في الأشياء أن تعمل على وضع ضوابط للنشر في هذه المنصة، وعدم الاقتصار على مراقبتها فقط خلال المسار الانتخابي الرسمي، على اعتبار أن التأثير في أصوات المواطنين عادة ما يكون قبل بداية المسار أصلاً".
أهداف الـ"سوشيال ميديا"
يشار إلى أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس تقوم برصد المخالفات عبر وسائل التواصل الاجتماعي فقط في فترة الحملات الانتخابية، وهنا يرى أستاذ الإعلام والاتصال والمتخصص في مواقع التواصل الاجتماعي خليل الجلاصي أنه "يجب الإقرار بأن منصات التواصل الاجتماعي أصبحت تختزل الصراع والمنافسة السياسية في تونس، إذ باتت أداة لإدارة الصراع السياسي، واستحوذت على المجال العمومي كفضاء لمقارعة الأفكار السياسية أو التي تهم الشأن العام".
ويوضح أن "ذلك برز منذ انتخابات 2019، خصوصاً على منصة ’فيسبوك‘، لكن تجب الإشارة إلى أن استخدام الـ’سوشيال ميديا‘ لا يضمن البروز السياسي، بل في بعض الأحيان يتحول إلى تأثير عكسي ضد الفاعلين السياسيين، باعتبار أن هذه المنصة خاضعة لديناميكيات السخرية والتهكم".
ويواصل الجلاصي أن "توظيف الـ’سوشيال ميديا‘ لغايات سياسية هو ظاهرة طبيعية باعتبارها منصات ذات استعمال كثيف وتضمن الوصول إلى عدد كبير من المستخدمين، لكن في المقابل لا يمكن اعتبارها فضاء عقلانياً للحجاج السياسي وإدارة الشأن العام".
ويرى أن "هذا التوظيف يخضع لاستراتيجيات عدة الهدف منها بخاصة الإبقاء على تأييد المؤيدين، بمعنى حمايتهم من تأثيرات رسائل الحملات المضادة. والهدف الآخر، وهو الأصعب، تغيير اتجاه المعارضين، إذ إن تغيير اتجاه متلقي رسالة الحملة الانتخابية من معارض إلى مؤيد دفعة واحدة من دون المرور بمرحلة الحياد يتطلب تركيزاً يعتمد على وسائل اتصال قوية عبر المنصات الفاعلة مثل ’تيك توك‘".
يشار إلى أن هذه الاستراتيجيات، بحسب الجلاصي، "تخفي في بعض الأحيان نوعية المعلومات الكاذبة التي انتشرت عبر كل هذه المنصات والصور المعدلة والصور القديمة التي تخرج من سياقها لضمان الحشد الرقمي، بخاصة أن ’تيك توك‘ من أقل المنصات التي تحارب التضليل المعلوماتي، وتستهدف خصوصاً الشباب".