اكتشف علماء فلك أدلة تشير إلى وجود "نجم نيوتروني"neutron star [إحدى النهايات لنجم ضخم] في قلب المستعر الأعظم الوحيد، أو ما يسمى "سوبرنوفا" supernova، الذي يمكن رؤيته بالعين المجردة خلال الـ400 عام الماضية، ما يحل لغزاً حير العلماء على مدى 30 عاماً.
ومع أن العلماء راقبوا منذ ما يربو على ثلاثة عقود المستعر الأعظم والذي سمي "1987 أي"، الموجود في مجرة قزمة مجاورة لنا، بيد أنهم لم يتمكنوا من اكتشاف الجرم المضغوط المركزي [النجم النيوتروني] الذي يتوقع أن يكون قد نتج في غمرة الانفجار النجمي.
وحتى الآن، لم يُعرف ما إذا كان النجم النيوتروني المقذوف بقي موجوداً أم أنه انهار وتحول إلى ثقب أسود.
إنتاج النيوترينوات، والتي هي جسيمات دون ذرية صغيرة، أخذ مجراه في المستعر الأعظم "1987 أي"، وقد رصده العلماء على الأرض منذ 37 عاماً، قبل يوم واحد من رؤية المستعر الأعظم، ما يشير إلى أن نجماً نيوترونياً قد تشكل فعلاً.
في الدراسة الأخيرة، استخدم الباحثون أداتين من كل من "تلسكوب جيمس ويب الفضائي" JWST التابع لوكالة الفضاء الأميركية "ناسا" و"وكالة الفضاء الأوروبية" و"وكالة الفضاء الكندية" كي يراقبو المستعر الأعظم عند أطوال موجية للأشعة تحت الحمراء.
وجد العلماء أدلة على وجود ذرات ثقيلة من العنصر الكيماوي الأرغون ومن الكبريت وقد تجردت من إلكتروناتها الخارجية، وذلك على مقربة من مكان حدوث انفجار النجم.
ويشير الخبراء إلى أنه لا يمكن تفسير هذا الحدث إلا في حال وجود مصدر ساطع للأشعة ما فوق البنفسجية والأشعة السينية من نجم نيوتروني، إما بشكل مباشر أو غير مباشر.
وإذا صح هذا التفسير، فإن حرارة سطح النجم النيوتروني ستكون نحو مليون درجة، في تراجع عن 100 مليار درجة أو نحو ذلك بلغها النجم النيتروني في لحظة تكوينه في مركز الانهيار النجمي، قبل أكثر من 30 عاماً مضت.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال الباحث المشارك في الدراسة البروفيسور مايك بارلو، من قسم الفيزياء وعلم الفلك في "كلية لندن الجامعية": "إن اكتشافنا، باستخدام ’أداة الأشعة تحت الحمراء المتوسطة’ MIRI المزود بها ’جيمس ويب’ و’مطياف نيرسبيك’، لخطوط انبعاث الأرغون والكبريت المتأينة القوية من مركز السديم الذي يحيط بالمستعر الأعظم ’1987 أي’ يشكل دليلاً مباشراً على وجود مصدر مركزي للإشعاع المؤين".
وأضاف: "لا تتلاءم بياناتنا إلا مع وجود نجم نيوتروني باعتباره مصدراً لطاقة هذا الإشعاع المؤين... يمكن أن ينبعث هذا الإشعاع من سطح النجم النيوتروني الساخن الذي تبلغ حرارته مليون درجة، كذلك مما يسمى "سديم رياح النجم النابض" الذي من الوارد أن يكون قد نشأ إذا كان النجم النيوتروني يدور بسرعة ويسحب الجسيمات المشحونة حوله".
ووفق البروفيسور بارلو فإن هذا الأمر "يبعث في نفوسنا الحماسة أننا قد حللنا لغز وجود نجم نيوتروني مختبئ في الغبار طوال أكثر من 30 عاماً من عدمه".
ويشرح البروفيسور أن "المستعرات العظمى تمثل المصادر الرئيسة للعناصر الكيماوية التي تجعل الحياة ممكنة، لذا يهمنا أن تكون نماذجنا عنها صحيحة... لا يوجد جرم آخر مثل النجم النيوتروني في المستعر الأعظم "1987 أي"، قريب جداً منا وقد تشكل في الآونة الأخيرة". و"لما كان نطاق المواد المحيطة بها يتوسع"، يقول البروفيسور بارلو، "فإننا سنرى المزيد منها مع مرور الوقت".
ومعلوم أن المستعرات العظمى تحدث عندما تنهار النجوم التي تزيد كتلتها عن ثمانية إلى عشرة أضعاف كتلة الشمس، وهي المصادر الرئيسة لعناصر كيماوية ضرورية للحياة (مثل الكربون والأوكسجين والحديد).
ويترتب عن انهيار نواة هذه النجوم المتفجرة ظهور نجوم نيوترونية أصغر حجماً بأشواط، تتكون من المادة الأكثر كثافة في الكون المعروف، أو الثقوب الفضائية السوداء.
يبقى أن الدراسة المنشورة في مجلة "ساينس" Science، شارك فيها باحثون من المملكة المتحدة وإيرلندا والسويد وفرنسا وألمانيا والولايات المتحدة، إضافة إلى هولندا وبلجيكا وسويسرا والنمسا وإسبانيا والدنمارك.
© The Independent