ملخص
جاءت استقالة حكومة اشتية قبل أيام على اجتماع للفصائل بما فيها حركتا "فتح" و"حماس" في موسكو، ضمن إطار محاولة روسية رابعة لإنهاء الانقسام الفلسطيني
لم تأت استقالة حكومة رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية بعد خمس سنوات من تشكيلها، إلا ضمن ضغوط أميركية، واستجابة لدعوة واشنطن إلى تنشيط السلطة الفلسطينية وتجديدها بغية فرض سلطتها كاملة على قطاع غزة والضفة الغربية في اليوم التالي للحرب.
وقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس استقالة الحكومة التي مارست مهماتها في ظروف معقدة للغاية داخلية وخارجية، وقرصنة إسرائيلية للأموال الفلسطينية، وطلب عباس من حكومة اشتية تسيير الأعمال إلى حين أداء الحكومة الجديدة اليمين القانونية.
وبحسب مصادر تحدثت إلى "اندبندنت عربية" فإن الرئيس "لا يستعجل أمره بتكليف شخصية فلسطينية لتشكيل حكومة كفاءات، إذ يبقى ذلك رهن اعتبارات دولية وإقليمية وداخلية".
ووفق عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني فإن تشكيل حكومة جديدة "لن يقدم جديداً، طالما بقيت إسرائيل تصادر الأموال الفلسطينية، وتشن حربها على قطاع غزة، وفي غياب أفق سياسي يؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي".
وأوضح مجدلاني أن أية حكومة جديدة "ستعاني العراقيل نفسها التي واجهت حكومة اشتية، إذا استمر الوضع الحالي، من حصار مالي، وتواصل للحرب على غزة، وفقدان للمسار السياسي".
استجابة جزئية
وتأتي استقالة حكومة اشتية كاستجابة جزئية للمطالب الأميركية بتجديد وتنشيط السلطة الفلسطينية، ولن تكتمل إلا بتشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة، تحظى بقبول حركة "حماس" حتى تستطيع ممارسة مهماتها في قطاع غزة.
وجاءت استقالة حكومة اشتية قبل أيام على اجتماع للفصائل الفلسطينية بما فيها حركتا "فتح" و"حماس" في العاصمة الروسية موسكو، ضمن إطار محاولة روسية رابعة لإنهاء الانقسام الفلسطيني.
لكن مستشار الرئيس الفلسطيني محمود الهباش نفى وجود رابط بين استقالة الحكومة واجتماعات موسكو، مشيراً إلى أن "الاستقالة تأتي في ظل تصاعد الدعوات الغربية إلى إجراء إصلاحات وتنشيط السلطة الفلسطينية".
وأشار الهباش في حوار مع "اندبندنت عربية" إلى أن "الرئيس عباس استجاب لتلك الطلبات عبر استقالة الحكومة، والسعي إلى تشكيل حكومة كفاءات وطنية".
لكن الهباش رفض الإفصاح عن موعد تكليف شخصية فلسطينية لتشكيل الحكومة، وحذر من أن "منعها من أداء مهماتها كما حصل مع حكومة اشتية سيؤدي إلى إحباط فلسطيني، وفقدان للثقة بالعالم، ورد فعل شعبي فلسطيني غير حميد".
وبينما تبدي حركة "حماس" استعدادها لدعم تشكيل حكومة فلسطينية "بمهمة ومدة محددتين، على أن تكون منظمة التحرير الفلسطينية مرجعيتها، إلا أنها تشترط أن يأتي ذلك بعد انضمام الحركة إلى المنظمة مع حركة الجهاد الإسلامي من دون شروط مسبقة"، وفق القيادي في "حماس" موسى أبو مرزوق.
لكن عباس يتمسك بضرورة اعتراف حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" بالالتزمات السياسية للمنظمة، وهو ما ترفضه الحركتان.
ترتيبات جديدة
هذا وطالب القيادي في حركة "فتح" جبريل الرجوب بتشكيل حكومة تحظى بتوافق وطني فلسطيني كي تستطيع ممارسة مهماتها، وأوضح الرجوب في حوار مع "اندبندنت عربية" أن تشكيل الحكومة يعتمد على "مصير المحادثات مع الأطراف الدولية الداخلية".
وأشارت مصادر فلسطينية إلى أن الرئيس الفلسطيني يتجه لتكليف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ورئيس "صندوق الاسثتمار الفلسطيني" محمد مصطفى لشكيل "حكومة كفاءات وطنية".
وامتنع مصطفى في حوار مع "اندبندنت عربية" عن تأكيد أو نفي وجود اتصالات معه في شأن تشكيل الحكومة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من ناحيته أرجع اشتية استقالة حكومته إلى أن "المرحلة المقبلة وتحدياتها تحتاج إلى ترتيبات حكومية وسياسية جديدة تأخذ في الاعتبار الواقع المستجد في قطاع غزة، ومحادثات الوحدة الوطنية".
وأشار اشتية إلى الحاجة إلى "توافق فلسطيني فلسطيني ووحدة الصف، وبسط سلطة السلطة على الأراضي الفلسطينية كافة".
هل من تغيير متوقع؟
واستبعد أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت أحمد جميل عزم أن تؤدي استقالة حكومة اشتية وتشكيل حكومة جديدة إلى "تغييرات جوهرية في قطاع غزة والضفة الغربية طالماً بقي ذلك من دون إطار سياسي أوسع، وبغياب توافق وطني".
وأوضح عزم أن "الرئيس عباس لديه مرشح ينتمي إلى المجموعة المحيطة به نفسها، فيما ترغب حركة ’حماس‘ بشخصيات أخرى".
لكن عزم أشار إلى أن استقالة الحكومة، والاتجاه إلى تكليف شخصية أخرى بتشكيل حكومة جديدة يمثل "وضع العربة قبل الحصان"، مضيفاً أنه كان يفترض التوافق على مرجعيتها ومهماتها وصلاحياتها قبل ذلك".
ويرى المحلل السياسي جهاد حرب أن أية حكومة جديدة "إذا ما أريد لها النجاح، والعمل في قطاع غزة فإن ذلك يتطلب وجود توافق داخلي عليها".
وأشار حرب إلى أن احتمال تسمية محمد مصطفى لتشكيل الحكومة يأتي "بسبب قربه الشديد من الرئيس عباس، وثقته به، واعتقاده بامتلاكه خبرات اقتصادية".
ضرورة التوافق الوطني
واعتبر الباحث السياسي محمد مشارقة أن تكليف شخصية مقربة من عباس سيعني "استمراراً للانقسام، وفتح الطريق للتفكير الجدي في إنشاء إدارات محلية في قطاع غزة كي تواجه الكوارث فيه".
وأوضح مشارقة أن تشكيل حكومة جديدة من دون توافق وطني "سيعطل خطط إعادة الإعمار في غزة".
ووفق مشارقة فإن استقالة حكومة اشتية أداة بيد الرئيس عباس "للضغط على اجتماع موسكو، ولكي يقول إننا بادرنا باتجاه تحقيق المصالحة، لكن ’حماس‘ لم تقبل بذلك".
واعتبر الباحث السياسي جمال زقوت أن حركة "حماس" أصبحت بعد الحرب "أكثر ليونة باتجاه الموافقة على تشكيل حكومة وفاق"، مشيراً إلى أن تشكيل الحكومة "غير مرتبط بهدنة أو وقف إطلاق نار".
وشدد زقوت على أن ذلك يعتبر "حاجة فلسطينية كان يجب أن تتم قبل الحرب، لكنها أصبحت الآن أكثر إلحاحاً، ولكي تنضم الحكومة إلى الجهد الدولي الهادف إلى الوصول إلى وقف إطلاق نار في غزة بدل اقتصاره على حركة ’حماس‘".
واشنطن تشيد بإصلاحات السلطة الفلسطينية
أشادت الولايات المتحدة الإثنين بالإصلاحات التي تنفذها السلطة الفلسطينية باعتبارها خطوة نحو إعادة توحيد الضفة الغربية مع قطاع غزة بعد استقالة رئيس الوزراء الفلسطيني.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر لصحافيين "نرحب بالخطوات التي اتخذتها السلطة الفلسطينية لإصلاح نفسها وتجديدها".
وقال ميلر إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن شجع السلطة الفلسطينية على "اتخاذ تلك الخطوات" خلال محادثات مع الرئيس الفلسطيني.
وأضاف "نعتقد أن هذه الخطوات إيجابية. ونعتقد أنها خطوة مهمة لتحقيق إعادة توحيد غزة والضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية".
ورفض ميلر التعليق بشكل مباشر على استقالة اشتية، قائلاً إن الأمر شأن داخلي للفلسطينيين.
ودعا بلينكن السلطة الفلسطينية ومقرها رام الله إلى بسط سيطرتها على قطاع غزة بعد الحرب، وهي فكرة لم تؤيدها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية المتشددة، التي أعربت عن معارضتها لإنشاء دولة فلسطينية.