Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الحوش"... منزل يجمع بين جدرانه تاريخ أمازيغ تونس

بيوت شيدت تحت الأرض لملاءمة تغيرات الطبيعة وللحماية من الهجمات والغزوات

قال الناشط الأمازيغي أحمد المحروقي إن "كثيراً من القرى الأمازيغية شيدت على سفوح الجبال من أجل توفير الحماية والأمن" (رويترز)

ملخص

عند تشييد الحوش يتم الحفر واعتماد نوعية تربة خشنة وقوية

في ولاية قابس بجنوب تونس، تتربع قرية أمازيغية تسمى "توجان" وتزخر بمعمار فريد يتمثل في "أحواش"، أي منازل سكنها الأمازيغ منذ مئات السنين لكنها لا تزال تحافظ على ميزاتها.

وتقع هذه القرية قرب مدينة مطماطة الشهيرة، وهي واحدة من أبرز المدن الأمازيغية التي احتفظت بما يميزها عن غيرها من المدن حيث توقف زحف العمران والمناطق الحضرية عند حدودها.

 

وما يجعل هذه المنازل فريدة من نوعها هي أنها شيدت تحت الأرض، لملاءمة الطبيعة وتغيراتها، لكن أيضاً لأنها شديدة التحصين ضد الهجمات والغزوات التي عرفتها البلاد، والتي كان فيها الأمازيغ عرضة لملاحقات، مثل غيرهم، بحسب عديد من الروايات التاريخية.

حفاظ على الهوية

وينتشر "الحوش" الأمازيغي بصورة واسعة في تونس، سواء في توجان أو غيرها على رغم وجود هواجس من أن يندثر مستقبلاً بالنظر إلى الامتداد العمراني والتطورات التقنية.

وأحسن السكان الأمازيغ استغلال الأدوات الطبيعية المتاحة لهم قبل مئات السنين، حيث استخدموا أدوات ومواد مثل الحجارة وغصون الأشجار في تشييد منازلهم تحت الأرض.

 

وتتشابه "الأحواش" بصورة كبيرة مع الجبال الشامخة في توجان كما في مطماطة، حيث تتألف من عناصر طبيعية مثل الحجارة وغيرها.

وقال طارق الحسناوي، الذي يملك "حوشاً" أمازيغياً في مدينة توجان، إن "الحوش مكننا من الحفاظ على هويتنا الأمازيغية على رغم التطور الذي شهده العالم إذ تم ابتكار المكيفات وغيرها، لكن نحن نستعمل الحوش تحت الأرض من أجل استعمالها في الصيف إذ يعد ملائماً للعوامل الطبيعية كافة: باختصار في الصيف نجد الحوش بارداً، وفي الشتاء نجده دافئاً لأنه مغطى بالتراب".

وتابع الحسناوي أن "هذا الحوش يحافظ على أصلنا وجذورنا. تاريخ الحوش الأمازيغي يعود إلى مئات السنين وأنشئت لغرضين، الأول لتحصين أنفسهم من العدو، والثاني: العوامل الطبيعية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم مضي مئات السنوات فإن هذه "الأحواش" لا تزال صامدة مما يثير تساؤلات عن الأسباب الكامنة خلف الأمر، خصوصاً أن عديداً من العقارات تنهار مع مرور الزمن في تونس لا سيما في ظل الأوضاع المناخية المتقلبة.

وفي السياق، قال الحسناوي إن "عند تشييد الحوش يتم الحفر واعتماد نوعية تربة خشنة وقوية، وعند إنهاء التشييد لا يتم السكن بصورة مباشرة في الحوش بل يتم إجراء تجارب عدة منها استقدام الحطب، وإشعال النار فيه، إذا تشققت جدران الحوش فإنه غير صالح للسكن، وإذا لم تتشقق فإنها صالحة للسكن".

هواجس عن المستقبل

وتتألف هذه المنازل من عناصر عدة مثيرة للانتباه مثل الأنفاق أو الخنادق التي حفرت قبل عقود، من أجل الاختباء من الأعداء أو غير ذلك، كما تفتح المنازل على بعضها بعضاً للاستعانة بالجيران وقت الأزمات.

وعلى رغم نجاحها في الصمود حتى الآن فإن منازل الأمازيغ في توجان ومطماطة وغيرهما تواجه خطر الاندثار مستقبلاً.

واعتبر الحسناوي أن "هناك محاولات ومبادرات فردية لترميم المنازل، لكن نطلب من السلطات أن تدعمنا لتطوير هذا الموروث الحضاري، خصوصاً أن الناس في تطور مستمر، وبدأوا يبتعدون عن هذا الموروث الذي يعكس جذورنا وهويتنا"، وأشار إلى أن "هناك خشية على مستقبل الأحواش الأمازيغية".

استغلال المحيط للعيش

وعلى رغم أن هذه "الأحواش" توجد على سفوح الجبال فإنها تجتذب سياحاً يسعون إلى استكشافها لا سيما أنها تختزن ذاكرة التونسيين.

ويرى نشطاء بيئيون أن اهتمام الأمازيغ القدامى بسفوح الجبال لم يكن من فراغ، بل جاء في محاولة لتأمين عيشهم في ظل الغزوات التي كانت سائدة والحروب التي عرفتها البلاد.

وقال الناشط الأمازيغي أحمد المحروقي إن "كثيراً من القرى الأمازيغية شيدت على سفوح الجبال من أجل توفير الحماية والأمن من الغزوات الخارجية". أضاف أن "اختيار سكان الجنوب الشرقي في تونس العيش فوق سفوح الجبال وتحت الأرض من أجل تحصين أنفسهم، فيه دلالة على حجم الحروب التي كانت منتشرة في تلك الأزمنة، مما يعكس أيضاً ذكاء ودهاء السكان، في ذلك الوقت، لتأمين أنفسهم زمن الأزمات".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات