Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تقرير دولي يرصد انتهاكات تركيا ضد النازحين السوريين

أصدرته منظمة "هيومن رايتس ووتش" بعنوان "كل شيء بقوة السلاح" عن تجاوزات أنقرة والفصائل الموالية لها في مناطق عمليتي "غصن الزيتون" و"نبع السلام"

يعيش أكثر من 100 ألف نازح كردي في منطقة الشهباء القريبة من عفرين منذ ست سنوات (اندبندنت عربية)

ملخص

أصدرته منظمة "هيومن رايتس ووتش" بعنوان "كل شيء بقوة السلاح" عن تجاوزات أنقرة والفصائل الموالية لها في مناطق عمليتي "غصن الزيتون" و"نبع السلام"

لجأ محمد رشيد مع عائلته إلى خيام في منطقة الشهباء بريف حلب الشمالي شمال سوريا منذ سبع سنوات، بعد أن فروا مع نحو 300 ألف آخرين من أرض العمليات العسكرية التركية بمنطقة عفرين، ومنذ ذلك الحين ينتظر الرجل الخمسيني العودة لأرضه بأمان من دون أن يتعرض لأي أذى من القوات المسيطرة منطقته.

يقيم هذا الرجل في خيمة مصنوعة من أنابيب حديدية مقوسة مغطاة بقماش من النايلون الأزرق لتتحول مع الوقت إلى منزله الدائم منذ أن غادر عفرين ذات الغالبية الكردية الساحقة، وهذا المكان في مخيم سردم القريب من بلدة تل رفعت يعاني نقصاً حاداً في الخدمات والمساعدات باستثناء ما توفره الإدارة الذاتية التي كانت تحكم هذه المنطقة من ريف حلب ومنطقة عفرين قبل العملية العسكرية التركية المعروفة بـ"غصن الزيتون".

وأخيراً تأثر هؤلاء النازحون بنقص آخر في المساعدات خصوصاً بعد الزلزال الذي ضرب هذه المنطقة قبل عام، والمخيمات المنتشرة في منطقة الشهباء لا تعيرها الحكومة السورية أي اهتمام وهي في منطقة معادية بالنسبة إلى الحكومة السورية الموقتة (المعارضة) وكذلك تركيا، فيما تقع بعيدة من المساحة الجغرافية المتواصلة التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية "قسد" والإدارة الذاتية، ليكون واردها الوحيد ما توفره هذه الإدارة لهم من خدمات أساسية وما تدخله الوكالات والمنظمات الأممية التي تخضع كثيراً لضغوط وأوامر السلطات الحكومية النظامية في دمشق.

يقول محمد رشيد إنه منذ نحو أسبوعين توقفت منظمة "اليونيسيف" عن تقديم مياه الشرب التي كانت تزودهم بالصهاريج من آبار قريبة من مدينة حلب، ويصف هذا القرار بالجائر ومعاناة جديدة تضاف إلى ما يعانونه أصلاً في هذه المخيمات ليعتمدوا أخيراً على مياه آبار محلية غير نظيفة.

ويعيش نحو 140 ألف شخص نازح غالبيتهم من عفرين في هذه المنطقة بريف حلب الشمالي التي تضم خمسة مخيمات وبلدة تل رفعت ونواحيها، فيما انتقل آخرون منذ الأيام الأولى من الحرب التركية التي دامت نحو شهرين بداية عام 2018 إلى مدينة حلب ومدن وبلدات شمال شرقي سوريا إذ سيطرة الإدارة الذاتية، فيما عاد عدد ضئيل من النازحين إلى قراهم وأماكن سكناهم لكن كانت الانتهاكات في انتظارهم.

روايات فظيعة

وأصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أمس الخميس تقريراً مطولاً بعنوان "كل شيء بقوة السلاح" عن انتهاكات القوات التركية والفصائل السورية المنضوية إلى الجيش الوطني السوري المعارض والموالي لتركيا في مناطق عمليتي "غصن الزيتون" و"نبع السلام" التي احتلت فيها تركيا مناطق سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض في أكتوبر (تشرين الأول) 2019.

وتناول التقرير في أكثر من 80 صفحة انتهاكات قامت بها القوات التركية ضد الفصائل المعارضة في هاتين المنطقتين اعتماداً على شهادة 58 ضحية وذويهم وتقارير منظمات محلية وسورية وناشطين مدنيين، ورصدت فيه حالات القتل التعذيب والاغتصاب والنهب والسلب والاستيلاء على الممتلكات وأساليب ممارسة هذه الانتهاكات.

وجاء في التقرير أن "تركيا تتحمل المسؤولية عن الانتهاكات الجسيمة وجرائم الحرب المحتملة التي ترتكبها قواتها والجماعات المسلحة المحلية التي تدعمها في الأراضي التي تحتلها" في شمال سوريا، وأضاف أن "المسؤولين الأتراك ليسوا مجرد متفرجين على الانتهاكات، بل يتحملون المسؤولية باعتبارهم سلطة الاحتلال، وفي بعض الحالات كانوا متورطين مباشرة في جرائم حرب مفترضة في ما تسميه أنقرة منطقة آمنة". 

وتابع التقرير "تحمل السكان الأكراد وطأة الانتهاكات، إذ ينظر إليهم بخلفية علاقاتهم المفترضة مع القوات التي يقودها الأكراد التي تسيطر على مساحات شاسعة من شمال شرقي سوريا"، ونقل عن نساء كرديات محتجزات "تعرضهن للعنف الجنسي بما فيه الاغتصاب"، متحدثاً عن احتجاز "أطفال لا تتجاوز أعمارهم ستة أشهر مع أمهاتهم".

وتعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب الكردية، وهي عماد قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، بمثابة الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه منظمة "إرهابية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبرت "هيومان رايتس" تركيا سلطة احتلال وعليها التزامات توفير الأمن والحماية ومحاسبة الجناة، ودعتها إلى اتخاذ خطوات فوریة لوقف "انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب المحتملة التي ترتكبها قواتها العسكرية وأفراد الاستخبارات، جنباً إلى جنب مع المیلیشیات المحلیة التابعة لھا".

وأوردت المنظمة في ملحقين للتقرير الأسئلة الموجهة إلى الحكومة التركية والمعارضة المسلحة السورية حول الانتهاكات المرتكبة في حق السكان الأكراد في شمال وشمال شرقي سوريا إلا أنها لم تتلق الرد على أسئلتها.

تناول منصف

التقرير الحقوقي الصادر عن "هيومن رايتس" خلق شعوراً بالارتياح لدى النازحين السوريين من مناطق العمليات التركية ذات الغالبية الكردية، وقال الناشط الحقوقي إبراهيم شيخو مدير منظمة حقوق الإنسان في عفرين إن المعاناة التي يقاسيها النازحون خلال هذه السنوات الأخيرة كانت بسبب "تهجيرهم" جراء العملية العسكرية وإن معاناتهم تزداد باستمرار، معتبراً أن التقرير يشكل ركيزة للعمل الدبلوماسي والحقوقي ورفع دعاوى قضائية ضد الجناة في المحاكم الدولية، وفي الدول التي يسمح نظامها القضائي بذلك، مضيفاً أن للتقرير مدلولاته الإيجابية خصوصاً ما تغير الواقع السياسي الراهن في المرحلة المقبلة.

ولا يختلف صدى قصص الانتهاكات والأحداث التي تناولتها "هيومن رايتس ووتش" في "كل شيء بقوة السلاح" لدى النازحين من رأس العين، فهؤلاء أيضاً دخلوا عامهم السادس في النزوح القسري من مناطقهم التي كانت مسرح عملية "نبع السلام"، إذ تركوا خلفهم أراضي تقارب مساحة لبنان وبعض السكان الذين كانوا عرضة لانتهاكات وأحداث جراء فوضى السلاح والاقتتال الداخلي بين الفصائل المسيطرة على تلك المنطقة، إضافة إلى حالات ابتزاز لاسترداد، وكان عدد منهم مصدراً وشاهداً لمحتوى ما نشرته المنظمة الحقوقية الدولية.

 

 

وإلى جانب ترحيب "لجنة مهجري سري كانيه (رأس العين)"، وهي لجنة أهلية تمثل من نزح من رأس العين لدى الإدارة الذاتية، بالتقرير الذي وصفته بـ"المهم والمهني والحيادي والمنصف" طالبت المجتمع الدولي  بالتحرك الفوري لإدانة تركيا والمتورطين معها من الفصائل "وإحالة الجناة إلى العدالة الدولية وإلزام الدولة التركية بالانسحاب غير المشروط من الأراضي المحتلة"، كما طالبت اللجنة بالعمل على إيجاد حل للأزمة السورية وتطبيق القرارات الأممية السابقة ذات الصلة وضمان تسهيل "عودة آمنة للمهجرين لديارهم من دون إرهاب واحتلال" بحسب بيان صدر عنها اليوم الجمعة.

مساندة الضحايا

ومن وجهة نظر حقوقية يعتبر تقرير "هيومن رايتس" الأول من نوعه من حيث الشمولية للمناطق التي تحتلها تركيا في مناطق شمال وشرق سوريا، بحسب المدير التنفيذي لمنظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" بسام الأحمد الذي تحدث لـ"اندبندنت عربية" من واشنطن حول جدوى التقرير وتأثيره في المسار الحقوقي والسياسي السوري في تلك المناطق.

وتابع الأحمد "التقرير الصادر عن منظمة دولية مستقلة يمثل دليلاً آخراً عن أن الانتهاكات الحاصلة في تلك المناطق وخصوصاً ضد الكرد هي انتهاكات ممنهجة وتحدث بعلم السلطات التركية والتقرير يبين تورط مسؤولين في المخابرات التركية في هذه الانتهاكات التي قد ترقى إلى  جرائم حرب كما ورد في التقرير".

وأضاف الأحمد أنه بعد صدور التقرير عن "هيومن رايتس ووتش" فإن الكرة الآن في ملعب المجتمع الدولي وأن على الأطراف الدولية، وخصوصاً الغربية منها عدم تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها تركيا في هذه المناطق والتركيز عليها أسوة بتلك التي يرتكبها النظام السوري وروسيا وإيران وأنه "حان الوقت لعدم الكيل بمكيالين والانحياز إلى جانب الضحايا وحقوق الإنسان وعدم التمييز بين الضحايا"، خصوصاً وأن تركيا تستخدم أوراقاً عديدة تمنع حكومات الدول الغربية من اتخاذ مواقف حيال ذلك كالتلويح بورقة اللاجئين وقضايا أخرى تهم الدول الأوربية والغربية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات