"صخر العربية" يسلم راية الضاد للسعودية ويرحل

برحيل رجل الأعمال الكويتي محمد الشارخ عن 82 عاماً تقريباً، تكون اللغة العربية قد فقدت أحد فرسانها الأكابر، وهو الذي نافح عنها لعقود، ظل فيها يبحث عن موطئ قدم لها في غابة التقنية التي يأكل فيها الغرب الأخضر واليابس.

وفي أحدث ظهور للراحل على نطاق واسع، سلم الراية لوزارة الثقافة السعودية، عندما استحوذت على إحدى عصارات جهده الممتد "معجم صخر المعاصر"، وهو بذلك كمن يسلم الأمانة إلى من يصون حماها، إذ رفض عروضاً كثيرة من قبل ذلك حتى من "أبل" وأسطورتها ستيف جوبز، لأسباب عدة شرحها، أخيراً، على برنامج "الليوان" السعودي قبل عامين، الذي يقدمه الزميل عبدالله المديفر على "روتانا خليجية".

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلنت وزارة الثقافة وشركة "صخر" لبرامج الحاسب، عن اكتمال الاتفاق على استحواذ الوزارة على "معجم صخر المعاصر"، الذي يتضمن انتقال حقوق الملكية الفكرية الخاصة بالمعجم إلى الوزارة، مشتملة على المادة اللغوية المعاصرة وتطبيقاتها المتوائمة مع مبادئ الصناعة المعجمية الحديثة، وقدرتها على تحديد الأهداف وتعيين المصادر واختيار المادة وترتيبها وتفسيرها وشرحه، وعرضها الميسر للمستخدمين.

وأوضح الأمين العام لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الدكتور عبدالله الوشمي حينها أن الاستحواذ على "معجم صخر المعاصر" يأتي في إطار الدعم الذي تقدمه وزارة الثقافة لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية من أجل تعزيز حضور اللغة العربية في التطبيقات المعاصرة، مثمناً اهتمام الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود وزير الثقافة رئيس مجلس أمناء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، وحرصه على النهوض بجميع مسارات المنظومة الثقافية وعبر مختلف القنوات والوسائل والتطبيقات، وذلك لخدمة الثقافة الوطنية والعربية وتأكيد ريادة المملكة ومرجعيتها ودورها العالمي في هذا الاتجاه.

من جانبه أعرب يومئذ الراحل اليوم مؤسس شركة "صخر" محمد الشارخ، عن سعادته لتبني وزارة الثقافة لمعجم "صخر المعاصر"، الذي سيحقق نقلة نوعية للمعجم بما يخدم مستخدمي اللغة العربية ويذهب بها نحو آفاق جديدة لا تتحقق إلا بدعم مؤسسي، متقدماً بالشكر الجزيل للوزير السعودي لاهتمامه بهذا الاستحواذ، ولكل من أسهم بإنجاح وتنفيذ هذا المشروع على أكمل وجه بصورة مهنية متكاملة من طرف وزارة الثقافة.

وتعد شركة "صخر" من أولى المؤسسات التي استثمرت منذ عام 1982م في عديد من الأبحاث الأساسية في اللغة العربية وأنتجت عديداً من النظم والبرامج وحصلت على براءات اختراع ذات صلة باللغة العربية، وكانت بداية إطلاق معجم "صخر" المعاصر في عام 2017م على يد مؤسس شركة "صخر" محمد الشارخ المعروف باهتماماته باللغة العربية وتطويع الحاسب الآلي للتعامل بها.

حاسوب العربية

حقق الشارخ عديداً من الإنجازات خلال مسيرته المهنية وسخر حياته وثروته لخدمة الثقافة، مثل تطوير برنامج القرآن الكريم وكتب الحديث التسعة باللغة الإنجليزية على الكمبيوتر عام 1985م، وقد حاز من خلالها على جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام عام 2021.

كذلك شغل منصب نائب مدير عام "صندوق الكويت لتنمية الاقتصادات العربية" ونائب المدير التنفيذي في البنك الدولي لإعادة البناء والتنمية في واشنطن ورئيس مجلس إدارة "البنك الصناعي الكويتي".

حصل على عديد من الأوسمة، على غرار "جائزة الرواد" من "مؤسسة الفكر العربي"، و"جائزة أفضل رجل أسهم في تقنية المعلومات" عام 1997، و"جائزة صاحب الرؤية الإلكترونية لعام 2002"، و"جائزة الاحتواء الإلكتروني"، وجائزة أفضل منتجات لعام 1998 في "معرض كومدكس" في مصر عام 1998.

ينسب له الفضل في إدخال اللغة العربية إلى الحواسيب لأول مرة في التاريخ، وذلك في ثمانينيات القرن الماضي، مستعيناً بالعالم المصري نبيل علي الذي وضع أسس وقواعد اللغة العربية في الحاسوب.

حاصل على ماجستير في التنمية الاقتصادية من "كلية ويليامز" في الولايات المتحدة، وبكالوريوس في الاقتصاد من جامعة القاهرة.