ملخص
غياب اعتراف المعارضة الروسية بأن الإمبريالية الروسية هي القوة الدافعة وراء الحرب، كما يقول الأوكرانيون، فإن اتحاد المساعي ضد بوتين يعد حلماً بعيد المنال
لفتت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها إلى أن وجود عدو مشترك بين أوكرانيا والمعارضة الروسية الليبرالية - وكلاهما يريد نهاية عهد الرئيس فلاديمير بوتين وحربه ضد أوكرانيا - ليس سبباً كافياً لبناء مودة مشتركة بين الطرفين.
ولاحظت الصحيفة أن رد الفعل الأوكراني على وفاة زعيم المعارضة الروسية أليكسي نافالني - أكبر معارضي بوتين - سلط الضوء على التعقيدات التي تكتنف تحقيق مصالحة دائمة بين الجارتين، حتى لو لم يعد بوتين موجوداً.
وعلى رغم الصدى الكبير الذي أعقب وفاة نافالني في روسيا فقد غابت أي ردود أوكرانية تقريباً والباقي كان عدائياً في بعض الأحيان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي إشارة إلى الانزعاج وانعدام الثقة، رفضت سيدة أوكرانيا الأولى أولينا زيلينسكا دعوة لحضور خطاب "حالة الاتحاد" الذي ألقاه الرئيس بايدن، ويرجع ذلك جزئياً - وفقاً لمسؤولين مطلعين على المناقشات - إلى تحديد مقعدها قرب أرملة أليكسي، يوليا نافالنايا، التي رفضت أيضاً الدعوة بحجة التعب.
وبحسب التقرير ينظر كثر في أوكرانيا إلى أن هذه الحرب هي أحدث فصل في قرون من القمع على أيدي الحكام الروس، بالتالي ينظرون إلى الروس الليبراليين، بما في ذلك عائلة نافالني، على أنهم مجرد جزء من المجتمع الروسي ومشروعه الإمبريالي، لكن وضع الليبراليين في روسيا لا يحسد عليه. إذ إن معارضتهم للحرب تضعهم على خلاف مع جزء كبير من مجتمعهم، الذين يدعمون الحرب. ومعها، لا يزال عديد من الأوكرانيين يشعرون أن المعارضة الروسية لم تذهب إلى حد كافٍ في إدانة قتل الأوكرانيين واحتلال أراضيهم.
ويقول التقرير إن نافالني، الذي أمضى الصيف مع أجداده الأوكرانيين (يتحدرون من بلدة قرب كييف)، كان يتبنى تاريخياً فكرة أن الروس والأوكرانيين والبيلاروسيين شعب واحد، وأن شبه جزيرة القرم، التي ضمها بوتين بصورة غير قانونية عام 2014، كانت تاريخياً جزءاً من روسيا. كما قام نافالني، الذي يصف نفسه بالوطني الروسي، في وقت ما بالتودد إلى الجماعات القومية المتطرفة في محاولة فاشلة لتشكيل ائتلاف أوسع مناهض لبوتين.
لكن نافالني تراجع عن هذه التصريحات، لا بل نشر العام الماضي خطة من 15 نقطة تعبر عن وجهة نظره لتفكيك ديكتاتورية بوتين وإعادة أوكرانيا إلى حدود ما قبل عام 1991، بما في ذلك شبه جزيرة القرم. وتقترح الخطة دفع تعويضات لأوكرانيا والتحقيق في جرائم الحرب الروسية.
ومع ذلك، فإن عديداً من الأوكرانيين غير مقتنعين، وبينما سارع الرئيس فولوديمير زيلينسكي إلى إدانة وفاة نافالني باعتبارها أحدث دليل على نظام بوتين القاتل، لم يكن هناك تدفق للتعازي. حتى إن البعض ابتهجوا بأخبار وفاة من وصفوه بـ"الشوفيني الإمبريالي"، بحسب الصحيفة الأميركية.
كما أصيب الأوكرانيون بخيبة أمل إزاء ما يعدونه فشل المجتمع الروسي في إزاحة بوتين. فهم سبق أن أطاحوا رئيسهم الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش، على رغم أن ثمن ذلك كان مقتل أكثر من 100 شخص. وقبل ذلك، عام 2004، نظم الأوكرانيون الثورة البرتقالية احتجاجاً على تزوير الانتخابات التي جاءت بفيكتور يوشينكو الموالي للغرب رئيساً.
لماذا لا يستطيع الروس أن يفعلوا الشيء نفسه، يتساءل عديد من الأوكرانيين، لكن الروس لم يثوروا. وسرعان ما ألقي القبض في الأقلية الصغيرة ممن خرجوا علناً ضد الحرب وحكم عليهم بالسجن لفترات طويلة.
وذكر التقرير انضمام حفنة من الروس إلى الكتائب الأوكرانية للقتال ضد شعبهم - لكن هذا لا يزال نقطة خلاف بين المعارضة الروسية، كما هو الحال بالنسبة لجمع الأموال للجيش الأوكراني.
ويقول الليبراليون الروس إنه لم يعد لديهم أي أدوات للقتال. وقد مات أو سجن زعماء المعارضة. وحتى المراهقون اعتقلوا بسبب احتجاجهم على الحرب. وفي الأسابيع التي تلت وفاة نافالني، أصبح مجرد وضع الزهور استعراضاً للتحدي السياسي، مع اعتقال العشرات من الأشخاص أثناء مراسم النصب التذكارية وبعد الجنازة.
ورفض نافالني نفسه فكرة أن جميع الروس لديهم وعي إمبريالي، وألقى اللوم بدلاً من ذلك على ديكتاتورية بوتين وحث على هزيمة أولئك الذين يحملون وجهات نظر إمبريالية من خلال الانتخابات والاحتجاجات السلمية. ولكن كما يقول الأوكرانيون، من دون الاعتراف المناسب بأن الإمبريالية الروسية كانت القوة الدافعة وراء الحرب، فإن اتحاد المساعي ضد بوتين يعد حلماً بعيد المنال.