ملخص
في عام 2016 قام الجيش بتفكيك "الحركة القومية المتحدة" بعد أعمال عنف ارتكبها بعض مناصريها، لكنه عاد خلال الانتخابات الأخيرة حاصداً غالبية مقاعد النواب.
تنتعش "الحركة القومية المتحدة" التي حكمت العاصمة الاقتصادية لباكستان كراتشي أعواماً طويلة حين كانت واحدة من أخطر المدن في العالم، منذ الانتخابات التي شهدتها البلاد في فبراير (شباط) الماضي وشابتها اتهامات بالتزوير.
وحكمت "الحركة القومية المتحدة" على مدى ثلاثة عقود مدينة كراتشي واسهمت في ارتفاع نسبة الجريمة فيها، فيما كان زعيمها ألطاف حسين يصدر الأوامر من منفاه في لندن.
ويقول عبدالساجد (76 سنة) لوكالة الصحافة الفرنسية إن "القسوة كانت سائدة في تلك الحقبة والجميع كان يبكي من الألم"، مضيفاً "لا أعتقد أن الناس سيتسامحون مع هذا النوع من العنف مجدداً".
وفي عام 2016 قام الجيش بتفكيك "الحركة القومية المتحدة" بعد أعمال عنف ارتكبها بعض مناصريها، وبعد عامين انهار الحزب كلياً في الانتخابات.
وانقسم الحزب إلى فصائل عدة لكن مسؤوليه اتحدوا قبل انتخابات الثامن من فبراير الماضي بغياب ألطاف حسين المقيم في لندن.
وحصدت "الحركة القومية المتحدة" غالبية مقاعد النواب في كراتشي التي يقيم فيها أكثر من 20 مليون شخص، فارضة نفسها شريكاً ثالثاً في الائتلاف الحكومي.
ويرى المحللون أن هذا الفوز يعود لتزوير الاقتراع بمبادرة من السلطات العسكرية العازمة على إبقاء رئيس الوزراء السابق عمران خان، المسجون حالياً، خارج السلطة.
وندد حزب "حركة إنصاف" الذي يتزعمه خان بعمليات تلاعب واسعة النطاق، معتبراً أنه حرم من العودة للسلطة.
ومن المتوقع أن تحصل "الحركة القومية المتحدة" على بعض الحقائب الوزارية في مقابل ولائها للائتلاف الذي يقوده حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية الذي تتزعمه عائلة شريف، لكن هذه الحركة تعود انطلاقاً من كونها "البديل الوحيد الممكن" من حزب "حركة إنصاف"، بحسب ما يرى المحلل توصيف أحمد خان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبلغت نسبة المشاركة في كراتشي خلال الانتخابات الشهر الماضي 38 في المئة، أي أقل بـ 10 نقاط من باقي أنحاء البلاد.
وتقول أم هاني (37 سنة) من داخل متجر للمجوهرات تديره عائلتها، "نعلم أن التصويت لا يفيد بشيء"، مضيفة "من يفترض أن يفوز فسيفوز، وهذه العملية الانتخابية برمتها مزورة".
أسس ألطاف حسين حزب "الحركة القومية المتحدة" في وقت كانت الخلافات الإثنية تنهش كراتشي في ثمانينيات القرن الماضي، وأصبح الحزب صوت المسلمين الذين فروا من الهند بعد تقسيمها عام 1947، وبقي لفترة طويلة أقوى حزب بين الأحزاب المحلية التي كان كل منها يسيطر على أجزاء من كراتشي من طريق مجموعات مسلحة متورطة في كل أنواع التهريب، كما اتهم الحزب بأنه لجأ إلى الابتزاز والقتل لترسيخ سلطته.
وفي نهاية عام 1991 فر ألطاف حسين من حملة قمع عسكري وانتقل إلى لندن لكنه ظل من هناك يتحكم بكراتشي، محرضاً في بعض الأحيان على الكراهية العرقية.
يقول البائع شاكر خان (48 سنة) "كانت هناك أعمال عنف يومياً وكان يجب على المتاجر أن تغلق، وكان إطلاق النار في كل مكان، وكانت هناك دعوات من دون انقطاع إلى الإضراب"، مضيفاً أنه "بناء على دعوة الحركة القومية المتحدة أصيبت المدينة بأسرها بالشلل".
وظلت كراتشي لأعوام واحدة من أخطر المدن في العالم، وانتهت عملية "تطهير" أطلقتها السلطات عام 2013 بمقتل مئات من أعضاء "الحركة القومية المتحدة"، بحسب منظمات حقوقية نددت بعمليات إعدام خارج نطاق القانون.
وانتهت مسيرة ألطاف حسين عام 2016 حين ألقى خطاباً انتقد فيه بلاده ودعا فيه أنصاره إلى مهاجمة قناة تلفزيونية خاصة، فاتهم بالخيانة والتحريض على الإرهاب مما أجبر عدداً من مسؤولي الحزب على الانفصال عنه.
ولا تزال مدينة كراتشي تعاني اليوم تداعي مؤسساتها والحوكمة السيئة، ويقول الأستاذ الجامعي طاهر نقوي الذي ألف كتاباً عن "الحركة القومية المتحدة" إن هذا الحزب "فشل في الاستثمار في سياسات للبلديات وفي إحداث أي تطور مهم خلال أكثر من 30 عاماً".
ويؤكد المسؤول في الحزب مصطفى كمال أن حزبه مدعوم من سكان كراتشي ولا يفيد من رعاية الجيش، قائلاً إنه "في هذا البلد لا ديمقراطية مثالية".
ويقول آصف أمين (42 سنة) المقيم في كراتشي إنها "محطمة ولم يصوت الناس فيها لأنهم فقدوا الأمل وشعروا بأن ذلك مضيعة للوقت".