كانت أحلام الفتى بائع المثلجات الفقير كبيرة، وكانت طموحاته تمتد إلى السماء، إذ أدرك أنه صاحب موهبة وصوت جميل، لكنه لم يتخيل يوماً أن يتربع على عرش الغناء والتلحين عشرات السنين في الوطن العربي، ويصبح كاظم جبار إبراهيم الساهر السامرائي قيصراً للغناء العربي.
بداية فقيرة وموهبة غنية
واليوم الـ12 من سبتمبر (أيلول) يُكمل قيصر الغناء عامه الـ62. عاش كاظم حياة شديدة الصعوبة، وامتهن كثيراً من المهن في طفولته لمساعدة والده ونفسه، وحتى يستطيع استكمال تعليمه، وعندما اكتشف في نفسه موهبة الغناء وعشق الموسيقى في سن العاشرة، زادته الموهبة إصراراً على المواصلة والتحدي، فكثّف عمله، إضافة إلى الدراسة، ما جعله شخصية عنيدة، فتحوَّل الفقر والضنك إلى طاقة من الصبر والكفاح.
وعندما وصل كاظم إلى سن الـ12 عاماً اكتشف البوادر الفنية، وساعده شقيقه حسن، إذ اكتشف حينما استمع إلى الموسيقار المصري محمد عبد الوهاب بالإذاعة وبصحبته شقيقه أنه يستطيع الغناء بشكل جيد جداً، ويردد أغاني عبد الوهاب بحنكة واحتراف، وهنا شجّعه شقيقه على أن يستكمل المشوار. وواصل العمل في طفولته ومراهقته، فعمل بائعاً للكتب، ثم عمل بأحد مصانع النسيج.
دراسة الموسيقى
وكانت بداية مشواره الموسيقي عندما جمع ثمن أول آلة موسيقية (القيثارة)، وبعدها انطلق في مشوار تعلُّم الموسيقى، إذ احترف العزف على آلة الجيتار ثم العود.
وقرر كاظم احتراف دراسة الموسيقى بشكل كامل، فالتحق بمعهد الدراسات الموسيقية ببغداد، ودرس الموسيقى 6 سنوات، وبعد عام من التحاقه بالمعهد أعدَّ أول لحن محترف له، وهو لحن أغنية (أين أنت).
ولم يكتف المطرب العراقي بدراسة الموسيقى فقط، بل درس التاريخ أيضاً، وعمل أستاذاً لمادة التاريخ فترة ببعض المدارس العراقية، ثم درَّس مادة الفن والموسيقى بعد ذلك فترة طويلة ببعض المدارس النائية شمالي العراق في أواخر السبعينيات.
في عام 1984 أصدر كاظم أول ألبوماته الغنائية، وكان بعنوان (شجرة الزيتون)، ثم غنَّي أغنية بعنوان (شجاها الناس)، وكانت مقدمة لمسلسل اسمه (نادية).
كاظم ونزار... نقطة تحول
عام 1989 كانت انطلاقة كاظم الحقيقية، إذ غنَّى أغنية "عبرت الشط"، وحققت نجاحاً مدوياً بالوطن العربي، وصار اسمه معروفاً ومطلوباً بالدول العربية، بعدها سافر إلى الكويت، ثم لبنان، وقدَّم مجموعة من الأغاني الناجحة التي وضعته على القمة مثل "نزلت للبحر"، و"هذا اللون"، و"كثر الحديث".
تعاون كاظم الساهر مع الشاعر الكبير نزار قباني، وكان هذا التعاون بصمة ونقلة عظيمة في تاريخ الفن والموسيقى، وقدما معاً كثيراً من الأعمال المهمة من أشعار نزار وألحان وصوت كاظم، مثل "إنّي خيرتك فاختاري"، و"زيديني عشقاً"، و"في مدرسة الحب"، و"أنا وليلى"، و"الحب المستحيل"، و"أكرهها"، و"ممنوعة أنت"، و"يوميات رجل مهزوم".
وحدث اللقاء الأول بين كاظم ونزار في دمشق، ووقتها عرض عليه لحن قصيدته "اختاري"، وأعجبه بشدة، وتوطدت علاقتهما، لدرجة أن نزار سمح لكاظم بأن يغنى ما يشاء من كلماته سواء في حياته أو حتى بعد وفاته.
وكان تعاون نزار مع كاظم أهم نقطة تحول في تاريخ الأخير، حيث خلقت كلمات نزار الرقيقة مع عذوبة صوت كاظم حالة إبداع خاصة غير مسبوقة في الغناء إلا قليلا، وانطلق كاظم نحو نجومية فريدة لم يقترب منها غيره، فأصبح أحد نجوم الغناء بالوطن العربي، وحصل على لقب "مطرب المرأة".
مشوار كاظم الساهر الكبير لم يقتصر على الغناء والتلحين، بل قام بالتمثيل في مسلسل بعنوان "المسافر"، ووضع كاظم موسيقى وأغنية الفيلم الوثائقي "موطني"، والأغنية بعنوان "يا وطني يسعد صباحك"، ورشح الفيلم لجائزة أفضل فيلم وثائقي في عدد من المهرجانات السينمائية الدولية.
مفجر المواهب
كاظم الساهر من أشهر المطربين العرب، وكان شريكاً في نجاح أكبر برامج المواهب في الشرق الأوسط، إذ شارك سنوات طويلة في كبرى هذه البرامج، وخرجت مواهب كثيرة تحت قيادته. كما أن كاظم الساهر هو الفنان العربي الوحيد الذي غنَّى في القاعة الملكية ببريطانيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تزوج كاظم الساهر مرة واحدة من ابنة عمه، وكان في سن التاسعة عشرة، ولديه ولدان هما وسام وعمر، وتم الطلاق بعد ثلاث سنوات فقط، ومنذ ذلك الحين لم يتزوّج كاظم إلى الآن، وعلل ذلك بأنه "لم يجد امرأة تصل به بالحب لدرجة أن يشعر برغبة استكمال الحياة معها والزواج".
ورغم إشاعات كثيرة جداً ربطت كاظم بقصص حب كبيرة مع نجمات وإعلاميات وشخصيات شهيرة فإنه نفى كل ذلك، ولم يعترف إلا بخطبته بفتاة تونسية تصغره بنحو 27 سنة، اسمها سارة، وفُسخت الخِطبة في الأسابيع الماضية، حيث استمرت نحو عام.