Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مع ارتفاع حالات تشخيص ألزهايمر: ما مؤشراته وما الذي يجب علينا فعله؟

اختبار جديد للدم يمكن أن يظهر في وقت مبكر قد يصل إلى 20 عاماً قبل تطور المرض ما إذا كنت معرضاً لخطر الإصابة بالخرف. نظرة على ما يتطلبه حقاً التشخيص المبكر

وفقاً للخبراء يعتقد أن شخصاً من كل 3 تقريباً في المملكة المتحدة يعاني الخرف غير المشخص (غيتي)

ملخص

في الوقت الراهن، تفتقر الغالبية العظمى من الأفراد المصابين بالخرف لإمكانية الخضوع للاختبارات المتخصصة اللازمة، للتأكد من إصابتهم بالمرض

يلوح شبح الإصابة بمرض الخرف في فترة مبكرة قد تبدأ حتى منذ بلوغنا منتصف العمر، سواء بسبب رعاية كبار السن في الأسرة أو نتيجة تراجع في الذاكرة. وعلى رغم من أننا قد نشعر بلحظات من النسيان أو بهفوات في تقديرنا للأشياء أو حتى تغيرات في السلوك، فإن تحديد ما إذا كانت هذه المؤشرات فعلاً هي علامات مبكرة على مرض "ألزهايمر" يظل أمراً صعباً. وفي كثير من الأحيان، وبحلول مرحلة تشخيص هذا المرض، يكون الوقت قد فات بالنسبة إلى كثيرين لإبطاء تقدمه بشكل فعال.

تشير الدكتورة أليكس أوزبورن، مديرة السياسات في "جمعية ألزهايمر" Alzheimer’s Society (وهي مؤسسة خيرية تعنى برعاية مرضى الخرف وبمقدمي الرعاية لهم، وتجري أبحاثاً في هذا المجال)، إلى أنه "في الوقت الراهن، تفتقر الغالبية العظمى من الأفراد المصابين بالخرف لإمكانية الخضوع للاختبارات المتخصصة اللازمة، للتأكد من إصابتهم بالمرض".

وتضيف أن "معدلات التشخيص انخفضت إلى أدنى مستوى لها خلال خمسة أعوام، أثناء فترة تفشي جائحة "كورونا"، وكانت بطيئة لجهة العودة إلى ما كانت عليه مرة أخرى. ومع ذلك، لا يزال الخرف هو السبب الرئيس للوفيات في المملكة المتحدة، ومع وجود علاجات جديدة واعدة في الأفق، فمن الضروري تعزيز معدلات التشخيص كي يتمكن الأفراد من الحصول على الرعاية والدعم الأساسيين".

والآن، طرحت "جمعية ألزهايمر" التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، نهجاً جديداً يمكن أن يتوقع احتمال إصابة الفرد بالداء، وذلك قبل سنوات من ظهور الأعراض".

وقد جرى تطوير اختبارات دم، ما زالت غير متوافرة في الوقت الراهن لدى هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" (أن أتش أس) NHS، لتقييم مستويات الـ"أميلويد" Amyloid في الجسم، وهو بروتين ليفي غير طبيعي يؤثر على الوظيفة الإدراكية، إلى جانب بروتين "تاو" Tau، وهو بروتين "متشابك" يؤثر على المعالجة العصبية. وسيجرى تالياً تنبيه الأفراد الذين يتبين أن لديهم مستويات مرتفعة منهما بشكل ملحوظ، إلى خطر إصابتهم لاحقاً بمرض "ألزهايمر"، وهو نوع من الخرف يتميز بالتدهور التدريجي، ويصنف على أنه "المرحلة الأولى"، على رغم أنه قد لا يتطور أبداً".

وتلفت ماريا كاريو كبيرة المسؤولين العلميين في "جمعية ألزهايمر" إلى أن "الهدف من هذه المبادرة هو دفع علم الاكتشاف المبكر ومن ثم العلاج، من أجل الوقاية من الخرف". وتقول، "لتحقيق ذلك، يجب علينا تحديد الداء ومعالجته قبل ظهور الأعراض".

ويمكن لتشخيص المرحلة الثانية أن يميز "المشكلات العصبية"، مثل القلق غير المعتاد أو الاكتئاب، أما المرحلة الثالثة فستحدد الصعوبات في الذاكرة والقدرة على التفكير لدى الأفراد الذين يعملون بشكل طبيعي. وستحدد المراحل الثلاث اللاحقة تطور المرض من خفيف إلى متوسط ​​وأخيراً إلى شديد للغاية، الذي يشمل الحد الأدنى من التعرف على الأشخاص والأماكن المألوفة أو عدم التعرف عليها، مما يستلزم رعاية دائمة للمصاب طيلة الوقت.

في حين يجد بعض الأفراد أن من المريح فهم احتمال إصابتهم بالمرض، فإنه بالنسبة إلى كثيرين آخرين، قد يشكل ذلك دافعاً للخوف لديهم وعدم اليقين

جورجينا ستورمر، اختصاصية في العلاج النفسي

 

وتوضح الخبيرة في داء "ألزهايمر" الدكتورة إيمر ماك سويني، وهي مديرة طبية لدى مؤسسة "ريكوغنيشن هيلث" Re:Cognition Health (عيادة خاصة للصحة النفسية)، أن "مرض" ألزهايمر يتم تصنيفه في الوقت الراهن وفق ثلاث مراحل أولية: المبكر، والمتوسط، والمتأخر". وتضيف: "مع ذلك، فإن تطور الداء يمكن أن يختلف بشكل كبير، بحيث لن يظهر الجميع الأعراض نفسها، أو يتقدمون خلال المراحل نفسها".

وفي هذا الإطار تقدر "جمعية ألزهايمر" أن شخصاً من كل ثلاثة أفراد في المملكة المتحدة، يعيش مع حالة خرف غير مشخصة، مع وجود نحو 944 ألف شخص مصاب في الوقت الراهن بالداء. ومن المتوقع أن يصل عدد المصابين إلى أكثر من مليون فرد بحلول السنة 2030. ويؤثر مرض "ألزهايمر" في الغالب على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 60 سنة، والذين يشكلون نحو 60 في المئة من التشخيصات، ويفرض في المقابل ضغطاً كبيراً على مقدمي الرعاية والخدمات الاجتماعية ومرافق "أن أتش أس". ومع ذلك، فإن الاختبارات الراهنة للقدرة المعرفية، يمكن أن تسفر في كثير من الأحيان عن نتائج غير حاسمة.

وفي حين أن "الخرف الجبهي الصدغي" Frontotemporal Dementia يظهر في كثير من الأحيان لدى الأشخاص الأصغر سناً، فإن هذه الاختبارات ستكون قادرة على اكتشاف أشكال أخرى من الخرف التي قد تتطور بعد سنوات. وتشرح الدكتورة فيرونيكا ماتوتيت وهي اختصاصية أمراض الشيخوخة ومتخصصة في "داء ألزهايمر" أن "التعرف على العلامات المبكرة لمرض ’ألزهايمر‘ يتطلب وعياً شديداً بالتحولات المعرفية الدقيقة. وقد تكون هفوات الذاكرة، لا سيما لدى تذكر المعلومات الحديثة، بمثابة أحد المؤشرات المبكرة".

وبما أن هذه المؤشرات يمكن أن يساء تفسيرها في كثير من الأحيان على أنها نسيان طبيعي مرتبط بالعمر، فإن الدكتورة ماتوتيت تشدد على أهمية النظر في مجموعة من العوامل، كالتغيرات في قدرات الفرد على حل المشكلات أو الصعوبة في إكمال المهام المألوفة والمعتادة أو المشكلات التي تتعلق بالتعرف على الاتجاهات (فهم المسافات أو التنقل عبر المساحات). وتلفت إلى أن "تقييم مستوى الإدراك المعرفي المنتظم لا يقدر بثمن في الكشف عن هذه العلامات في وقت مبكر".

الفكرة هي أننا جميعاً سنكون قادرين على الوصول إلى اختبارات الدم الجديدة هذه، التي من شأنها أن تقوم بالكشف عن وجود المرض، حتى لو لم يتطور بشكل كامل. لماذا؟ لأنه، وفقاً للدكتورة ماتوتيت، "توفر النتائج الأخيرة رؤى مثيرة للاهتمام في ما يتعلق بالأسس الجزيئية والوراثية للمرحلة الأولى من مرض ’ألزهايمر‘".

وتتابع الطبيبة الاختصاصية قائلة، "يمكن للمؤشرات الحيوية الكشف عن بداية المرض حتى قبل ظهور الأعراض السريرية بسنوات. وهذه المؤشرات هي عبارة عن جزيئات بيولوجية يتم اكتشافها في الدم أو سوائل الجسم أو الأنسجة، وتعمل كعلامات إنذار مبكر". وتشير إلى أن "تكنولوجيا التصوير العصبي والمؤشرات الحيوية للسوائل، توفر طرقاً واعدة للكشف المبكر عن المرض. ولا يؤدي هذا الاكتشاف المبكر إلى تحسين فهمنا للمرض فحسب، بل يفتح أيضاً إمكانات للعلاجات التي يمكن أن تبطئ تطوره، بحيث تمكن المتخصصين في الرعاية الصحية من التدخل بشكل أسرع، وربما التخفيف من تأثير المرض".

وتعمل "جمعية ألزهايمر" في الوقت الراهن على مشروع جمع أدلة على أن اختبار الدم هذا لمرض "ألزهايمر" هو دقيق، وقد أقامت شراكات مع "مؤسسة أبحاث ألزهايمر في المملكة المتحدة" Alzheimer’s Research UK، ومع "المعهد الوطني لأبحاث الصحة والرعاية" National Institute for Health and Care Research، لإحداث تغيير في طريقة تشخيص الخرف".

وترى الدكتورة إيمير ماك سويني أن "الرواسب السامة من بروتيني ’أميلويد‘ و’تاو‘، هي السمات المميزة لمرض ’ألزهايمر‘. وفي الوقت الراهن، تتطلب الاختبارات التشخيصية لهذه المؤشرات الحيوية إجراء فحوصات دماغية باهظة الكلفة، باستخدام تقنية "التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني" Positron Emission Tomography (PET-CT) وهي مخصصة في الغالب للاستخدام في التجارب السريرية".

وتضيف أن "التجارب تبحث في فاعلية أدوية الجيل الجديد، المصممة لاستهداف بروتينات "أميلويد" و"تاو" التي تكون مرتفعة بشكل غير طبيعي. ومع ذلك، ركزت الأبحاث المتعلقة بالمؤشرات الحيوية في الأعوام الأخيرة، على تطوير اختبارات دم بسيطة نسبياً ومتاحة على نطاق واسع، لتمكين التشخيص الدقيق والمبكر. وهذا الأخير ضروري للاستخدام الفعال للأدوية الجديدة المصممة لإبطاء تطور المرض أو إيقافه بشكل مثالي.

أما في ما يتعلق بالأدوية التي تهدف إلى إبطاء تقدم المرض، فترى أنه "سيكون أكثر فاعلية إذا تم وصفها في أقرب وقت ممكن". فالأدوية من شأنها أن تبطئ تطور المرض لسنوات عدة في بعض الحالات، مما يتيح للمرضى تمضية أوقات إضافية ثمينة.

وتكمن الصعوبة في الوقت الراهن في ظهور الأعراض بشكل تدريجي، مما يؤدي غالباً إلى عدم ملاحظة المصابين بالمرض وعائلاتهم وجودها، إلى حين تقدم الأعراض إلى ما بعد المرحلة الأولية. ونتيجة لذلك، تقل فاعلية العلاجات بحلول الوقت الذي تؤخذ فيه بعين الاعتبار.

 

وتوضح الدكتورة ماك سويني أن "الخلايا الدماغية، على عكس كثير من الخلايا الأخرى في الجسم، تفتقر للقدرة على التجدد، بالتالي، تقضي عليها بروتينات ’أميلويد‘ و’تاو‘ السامة التي تقوم بتدميرها". يشار إلى أن بروتينات "أميلويد" يمكنها أن تبدأ بالتراكم على مدى عقدين من الزمن تقريباً، قبل ظهور الأعراض الأولية.

وبينت الدراسات التي أجرتها كل من "كلية لندن الجامعية" و"جامعة كامبريدج"، أن ضعف الذاكرة المكانية (ضعف الإحساس بالاتجاه والقدرة على تمييز المكان) يمكن أن يكون بمثابة مؤشر مبكر على مرض "ألزهايمر" الذي يمكن اكتشافه قبل أكثر من عقدين من الانخفاض الملحوظ في الذاكرة. وأظهرت الأبحاث التي شملت أفراداً تقل أعمارهم عن 60 سنة، ولديهم استعدادات وراثية أو نمط حياة للإصابة بالمرض، أن الرجال الأكثر عرضة للخطر يواجهون تحديات في المهام المكانية، كالتخطيط والتنقل في الطرقات. وتشير هذه الملاحظة إلى أن الوظائف المعرفية المختلفة، بما فيها الانتباه والذاكرة والإدراك واتخاذ القرار، قد تتعرض للخطر. ومن المثير للاهتمام أن النساء لم يظهرن مثل هذا التأثير، على رغم أن الباحثين يتوقعون أن هذه النتائج يمكن أن تسهم في تحسين طرق التشخيص المبكر في المستقبل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم المزايا الكبيرة التي ينطوي عليها التشخيص المبكر، لجهة إبطاء وتيرة تقدم المرض، يؤكد علماء النفس ضرورة توخي الحذر. وتقول المعالجة النفسية جورجينا ستورمر: "على رغم أن هذه التطورات العلمية توفر رؤى قيمة، فمن المهم أن يكون المهنيون الطبيون على دراية بالأثر العاطفي المحتمل المرتبط بهذا النوع من التشخيص".

وتشير ستورمر إلى أنه "يجب إعلام المرضى بعواقب التشخيص وتقديم الدعم اللازم لهم للتعامل معها". وفي حين أن بعض الأفراد قد يجدون أنه من المفيد فهم احتمال إصابتهم بالمرض، فإن كثيرين آخرين يعتبرون أن ذلك يمكن أن يكون بمثابة محفز للخوف وعدم اليقين.

الدكتورة ماريان ترينت وهي طبيبة نفسية سريرية، تتفق مع النهج التحوطي في ما يتعلق بتشخيص الخرف، بالقول: "في إطار خدمات هيئة ’أن أتش أس‘، عادة ما يتم تشخيص الخرف من خلال جهد تعاوني واتباع نهج الفريق الذي يضم عدداً من المهنيين كالأطباء النفسيين وعلماء النفس، من خلال إجراء مناقشة وتقييم شاملين قبل الوصول إلى التشخيص". وتؤكد الدكتورة ترينت أهمية دعم المتابعة الطبية للمصابين بالمرض، بحيث إن الكشف عن التشخيص يمكن أن يؤثر بشكل عميق على الفرد وأحبائه. ومن المهم للغاية أن يكون التشخيص المبكر مرفقاً بالدعم المناسب لمعالجة الآثار العاطفية والعملية المرتبطة بهذه الحالة".

وتقترح الدكتورة ماك سويني ضرورة إعطاء الأفراد في هذه المرحلة، الأولوية لاتباع نظام غذائي صحي يتألف من أطعمة غير مصنعة، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام والتواصل الاجتماعي، والتخفيف من التوتر، والنوم بشكل كاف، فقد ثبت أن هذه الممارسات تعزز الوظيفة الإدراكية وتحمي صحة الدماغ.

وتؤكد، أخيراً، العلاقة الوثيقة بين صحة القلب والدماغ، مشيرة إلى أن "الأنظمة المفيدة للقلب تدعم أيضاً صحة الدماغ، إذ إن حالات مرضية كارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة، تزيد من خطر التدهور المعرفي، لذا فإن الالتزام بالمبادئ التي تراعي صحة القلب يسهم في صحة الدماغ. وكلما حرص الفرد على البدء مبكراً باتباع نمط حياة سليم، كانت الفوائد أكبر".

© The Independent

المزيد من صحة