بعد النجومية العربية التي حققها، يخطط الممثل التونسي ظافر العابدين للمشاركة مجدداً في أعمال عالمية، خصوصاً أنه بدأ من لندن، ثم ما لبث أن فرض نفسه في الدراما العربية، لإيجاد نوع من التوازن بين مشاركاته في الأعمال العالمية والأعمال العربية.
بداية يتحدث العابدين عن توقعاته لنجاح مسلسل "عروس بيروت" وتصدّره لمواقع البحث ووسائل التواصل الاجتماعي، ويقول "عندما قرأت السيناريو، شعرت أنني أمام عمل مختلف، فيه كل عناصر النجاح، واليوم أنا سعيد بردة فعل الجمهور، لأن عروس بيروت يحظى بإقبال كبير في مختلف الدول العربية، وهذا يظهر جلياً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال تصدره "ترند" تويتر وغوغل في هذه الدول. أنا أحمد الله على هذا النجاح الذي جاء نتيجة جهد كبير يُحسب للقائمين على العمل. أهم ما ينتظره الفنان، أن يلقى عمله صدى كبيراً عند الجمهور وهذا ما تحقق بالنسبة إلى المسلسل، وهذا الأمر يجعلني ممتناً".
الرفاهية الخاصة
ويشير العابدين إلى أن أول ما جذبه إلى هذا العمل هو السيناريو، موضحاً "يتضمن العمل أجواء عائلية وعلاقات اجتماعية تتمثل في علاقة الأشقاء بعضهم بعضاً من جهة، وبوالدتهم من جهة أخرى، وكذلك علاقاتهم بالمجتمع المحيط بهم. كما جذبني التطور الدرامي التصاعدي في العمل وكثرة الأحداث واختلافها لكل فرد في العائلة، وفارس بدوره العميق، وعلاقاته بأشقائه وأمه وزوجته، وكذلك علاقاته المهنية التي طُرحت كلها بشكل جميل ومتكامل".
وعما إذا كان قد شعر بالقلق لكونه أول ممثل عربي وغير لبناني يقوم ببطولة عمل درامي باللهجة اللبنانية "الدارجة"، أجاب "هذه ليست المرة الأولى التي أشارك في أعمال لبنانية، فقد شاركت في أكثر من عمل من بينها كراميل وكنت أؤدي شخصية غير لبنانية. ولكنها المرة الأولى التي أقوم ببطولة عمل أؤدي فيه دور شخصية لبنانية (فارس) من عائلة لبنانية. وأنا سعيد جداً كوني أول ممثل عربي يقدم على خطوة مماثلة، وسعيد أيضاً بهذا التحدي، لأنه كان من السهل بالنسبة إليّ أن أقوم ببطولة مسلسل رمضاني وأختار الجانب الآمن وأظل في منطقة الرفاهية الخاصة بي، لكنني فضّلت أن أخوض التجربة وأتحدى قدراتي وأطور نفسي".
أدوار بلهجات ولغات مختلفة
وعما إذا كان راضياً عن إتقانه اللهجة اللبنانية، وأيّهما وجدها أصعب هي أم اللهجة المصرية، قال "أنا راضٍ تماماً عن الجهد الذي بذلته لناحية اللهجة اللبنانية وهو تحد مهم جداً لجهة احترام شخصية المسلسل وتقديمها كشخصية لبنانية، بعيداً من تبرير عدم إتقانه لها. ولكي أتقنها، تطلّب مني ذلك الإقامة في لبنان لوقت طويل قبل تصوير المسلسل، لأنني درست كيفية نطقها وتدرّبت عليها جيداً تحت إشراف المدربة تانيا غرة، وأكملت مع المدربة ريهاف عون. أشعر بسعادة كبيرة لنجاح التجربة ولأن الجمهور تقبّل اللهجة، وأيضاً شخصية فارس اللبناني". ويتابع الممثل التونسي "إتقان اللغات واللهجات هو أحد التحديات التي أفضلها، لذلك قمت بأدوار مختلفة بلغات ولهجات مختلفة، فأنا مثلت بالإنجليزية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والعربية الفصحى والتونسية واللبنانية والمصرية، ولم أسمح لعائق اللغة أو اللهجة بمنعي من تقديم أدوار مختلفة. ثقافتنا العربية قريبة من بعضها ومنطلق اللغة واحد".
وعن الصعوبات الأخرى التي واجهته بعيداً من اللهجة، أجاب "لا يوجد ناحية أصعب من أخرى، تطلّب مني الدور تركيزاً عالياً في كل مشهد، خصوصاً أن المسلسل من الأعمال الطويلة التي استغرق تصويرها أكثر من ثمانية أشهر. التركيز كان كبيراً على مدار اليوم وطول فترة التصوير وبالدرجة ذاتها، كما أن الدور كُتب بشكل متكامل وعميق على مستوى العلاقات المختلفة والمحيطة بالشخصية، كالأم والزوجة والعمل، وهو يحمل تنوعاً بين الدراما والكوميديا والرومانسية".
تعريب الدراما
ولأن "عروس بيروت" دراما معرّبة عن "عروس اسطنبول"، تحدث العابدين عن موقفه من تعريب الأعمال الأجنبية، وعما إذا يعتبرها صيداً للأعمال الجيدة أو فقراً في الإبداع، فقال "قبل الحديث عن تعريب الأعمال الأجنبية أو الـAdaptation ، أود أن أنوه إلى نقطة مهمة جداً وهي أن النسخة الأصلية لمسلسل عروس بيروت، ملك لشركة MBC في الأساس، واستُخدمت في تركيا ولاقت نجاحاً كبيراً هناك، واليوم يجري تقديمها في العالم العربي بلهجة لبنانية وبممثلين عرب. وبالنسبة إلى مقولة أن تعريب عمل أجنبي هو دليل على الفقر في الإبداع، فهي مقولة خاطئة لأن العالم العربي ثري بالأعمال الإبداعية الجيدة وبالمؤلفين الخلاقين أصحاب الأفكار الأصيلة، عدا عن أن الـ Adaptation ، اتجاه عالمي تجري من خلاله إعادة تقديم العمل بشكل يناسب البيئة الجديدة التي يُعرض فيها، سواء من حيث اللغة أو العادات والتقاليد أو الأجواء الاجتماعية بشكل عام، فلما لا يحدث ذلك أيضاً في الوطن العربي طالما أن القصة تلائمه. هذا الأمر حصل مثلاً في أميركا، فالفيلم الإسباني Open your eyes تحوّل إلى Vanilla Sky ولاقى هو الآخر نجاحاً كبيراً".
ترجمة خاصة
في المقابل، نفى عابدين مشاهدته للنسخة التركية من المسلسل قبل التصوير، قائلاً "أفضّل العمل على أي مشروع من خلال السيناريو المعروض علي وليس من خلال أي نسخ أخرى له، كما أحبذ العمل من خلال وجهة نظر المخرج ووجهة نظري الشخصية وخيالي وتصوري الخاص، لكي أكون بعيداً من تأثير أي عمل آخر. كل عمل له مميزاته وكل ممثل له ترجمته الخاصة به وللشخصية التي يؤديها، لذا أنا أحب أن تكون لي ترجمتي الشخصية لأي دور أؤديه".
العابدين الذي يُلقّب بـ "جنتلمان الشاشة"، أشار إلى أنه سمع عن لقبه ووجده متداولاً بين الناس، مضيفاً "هذا يشرفني ويسعدني جداً، وأي شخص غيري يسعده تقدير الناس له وأن يروا فيه مواصفات الجنتلمان، لكن ما يسعدني أكثر هو أن تنال أعمالي إعجابهم وتقديرهم، وأن يستمتعوا بأدائي في أدواري المختلفة. أنا أفضل أن أصب تركيزي على العمل وأن أبذل جهداً كبيراً لإتقانه، لكي يصل إلى الناس بشكل لائق. أما الألقاب والأسماء، فهي مهمة للجمهور الذي بيده أن يختار منها ما يشاء".
توازن عالمي - عربي
العابدين الذي شارك في الكثير من الأعمال العالمية، هل يعتبر نفسه نجماً عالمياً أم أن الأمر يتطلب مشاركته في المزيد منها، يوضح "تخرجت عام 2002 من جامعة برمنغهام للخطابة والدراما وأول أعمالي كان Dream Team وكان بطولة جماعية، ثم شاركت بعده في حوالى 45 عملاً عالمياً ما بين فيلم ومسلسل عبر أدوار وشخصيات مختلفة. لكن الكلام عن انتشار عالمي، يتطلّب مشاركتي في أعمال عالمية أخرى، لأننا نتكلم عن سينما فيها نجوم كبار جداً وإنتاجات ضخمة. بدأتُ من إنكلترا ومن بعدها عدت إلى العالم العربي، وشاركت في الدراما العربية وحققت الانتشار المطلوب، وحالياً، أنا أفكر بإيجاد نوع من التوازن بين الأعمال العربية والأعمال العالمية. وقريباً سأشارك في تصوير مسلسل عالمي مهم لا أستطيع الكشف عن تفاصيله، لكن الشركة المنتجة ستعلن عنه خلال الفترة المقبلة".
وعن سبب انتشار عدد قليل من نجوم تمثيل المغرب العربي عربياً وما إذا كانت اللهجة هي العائق، قال العابدين "هند صبري حققت انتشاراً مهماً في مصر والعالم العربي، وكذلك درة زروق وعائشة بن أحمد وغيرهن من النجمات الشابات، إلى جانب النجوم التونسيين الذين يعملون في الدراما التونسية. السينما التونسية قدمت في السنوات الأخيرة أفلاماً مميزة وشاركت في مهرجانات عالمية، والمخرجون والكتّاب ينشطون بتقديم أعمال مهمة جداً، ولكن الدراما التلفزيونية التونسية لم تنتشر عربياً، ربما لأن اللهجة التونسية غير مفهومة في العالم العربي، ولكنها في رمضان الماضي قدمت أنواعاً مختلفة ومهمة من المسلسلات".