Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تستوفي شركات النقل الذكي في مصر معايير التوظيف؟

شهادات صادمة تشير إلى غياب عوامل الأمن والسلامة وانتشار حسابات مزيفة واستخدام حيل لاجتياز تحاليل المخدرات

أثارت حادثة فتاة الشروق في مصر تساؤلات عديدة حول آلية عمل شركات النقل الذكي في مصر (أ ف ب)

ملخص

ما بين حسابات مزيفة بأسماء وهمية وحيل لاجتياز اختبار تحاليل المخدرات... هكذا يتخطى السائقون في مصر إجراءات التوظيف بشركات النقل الذكي

أثارت حادثة الفتاة المصرية حبيبة الشماع المعروفة إعلامياً باسم "فتاة الشروق"، التي ما زالت تتلقى العلاج داخل أحد المستشفيات بعد قفزها من سيارة تابعة لإحدى شركات النقل الذكي، مخاوف شريحة واسعة من مستخدمي هذه التطبيقات، إثر اتهامات موجهة من أسرة الفتاة إلى السائق بمحاولة اختطاف الابنة والتحرش بها.

وأحدثت القضية منذ وقوعها حالة من الجدل على مواقع التواصل في مصر، وأثيرت تساؤلات متعلقة بالمعايير التي تطبقها هذه الشركات في تقييم السائقين وتوظيفهم لديها، والقرارات التي تتخذها عند استقبالها شكاوى متعلقة بإجراءات الأمن والسلامة.

وبحسب شهادات جمعتها "اندبندنت عربية" من موظفين بشركات النقل الذكي وسائقين وعملاء فإن بعض السائقين يلجأون إلى حيل من أجل تخطي الإجراءات التي تفرضها هذه الشركات، لمواصلة العمل تحت مظلتها، وكشفت الشهادات عن استعانة بعضهم بوسطاء بهدف العمل بأسماء وبيانات وهمية، واستخدام بعضهم طرقاً احتيالية، لتجاوز تحاليل المواد المخدرة.

كما شملت شهادات العملاء عديداً من المشكلات التي تواجههم في أثناء هذه الرحلات، منها مضايقات، وإلغاء رحلات، وعدم الاستجابة لطلبات تشغيل التكييف أو الاهتمام بنظافة السيارة.

حسابات وهمية

تقول آية مسؤول قسم الأمن والسلامة بشركة كريم، لـ"اندبندنت عربية"، إنهم يستقبلون شكاوى لها علاقة بـ"أخلاقيات السائقين". لكنها تؤكد أنه "بمجرد تسلم مثل هذه الشكاوى نتخذ إجراء يتمثل في إغلاق حساب الكابتن، حتى إذا لم نتأكد من صحة الواقعة، بخاصة في الحالات المتعلقة بالتحرش".

ولم تنكر موظفة الأمن والسلامة بالشركة استخدام بعض السائقين حيلاً، لتسجيل بيانات وهمية، "اكتشفنا وجود مشكلات متعلقة بهذه المسألة. البعض يلجأ أحياناً إلى طرق غير قانونية، نتفهم هذا الأمر جيداً". مرجعة السبب إلى أن الشركة "كانت تتعامل مع وسطاء ومكاتب خارجية لتسجيل بيانات السائقين". معتبرة أنها كانت البوابة لارتكاب مثل هذه العمليات، "قبل أن يقتصر التسجيل على الشركة بصورة مباشرة من دون اللجوء إلى وسطاء أو مكاتب خارجية".

ما قالته مسؤول الأمن والسلامة يتطابق مع شهادة محمد هاشم، سائق بشركة أوبر، الذي روى أن بعض السائقين يتجهون إلى "شراء حسابات وهمية بشركات النقل الذكي عبر الاستعانة بوسطاء". موضحاً أنهم يفعلون ذلك عند تعرض حساباتهم الأصلية للإغلاق من جانب الشركة.

ويوضح هاشم، "نتواصل مع وسطاء داخل الشركات يقدمون مساعدات، مثل توفير حسابات تحمل أسماء أشخاص آخرين، مع مراعاة أن تكون صورة صاحب الحساب الأصلي قريبة من ملامح الشخص الذي أغلقت الشركة حسابه".

 

وفق ما ذكره هاشم فإنه لجأ إلى شراء "حساب وهمي عندما تعطل حسابه باستخدام هذه الطريقة، قبل أن يعود إليه حسابه القديم، ويستغني عن المزيف". ولا يستبعد وقوع حالات اختطاف بسبب تأكيده تعاطي بعض السائقين مواد مخدرة.

وفي هذا الشأن وكيفية التعامل معه تقول موظفة شركة "كريم" "نقدم للعميل المعلومات والبيانات المتعلقة بالسائق، وإذا قرر العميل التقدم بمحضر رسمي في شأن الواقعة تجرى متابعة الأمر من الشركة، لتقديم أي بيانات أخرى". وفق حديثها.

وكانت وزارة الداخلية المصرية قد أعلنت في بيان رسمي معلومات متعلقة بملابسات قضية فتاة الشروق، منها أن السائق لديه سجل جنائي (سبق اتهامه في جرائم)، كما قال محامي المجني عليها إن تقرير الطب الشرعي أثبت تعاطي سائق السيارة مواد مخدرة.

وحاولت "اندبندنت عربية" التواصل مع شركتي "أوبر" و"دي دي"، إلا أن الشركتين طلبتا أن تكون الأسئلة متعلقة برحلات شخصية، فيما أكد محمد، وهو أحد موظفي فريق الدعم الفني بشركة "أن دريف"، أنه عند وقوع حوادث اختطاف يحقق فريق الجودة والسلامة في الأمر، لمحاولة إرجاع الحالة المختطفة. مشيراً إلى أنه من الوارد حدوث أي مشكلة.

لكنه عاد مؤكداً أن الشركة تتأكد من بيانات السائقين قبل التسجيل معها، بواسطة الحصول على الأوراق التي تؤكد هويتهم. كما توفر إمكانية التواصل بصورة سريعة في أثناء الرحلة في حال شعور العميل بأي شيء مقلق.

تلاعب في تحاليل المخدرات

وحول الحيل المستخدمة لتخطي تحاليل المخدرات، التي تطلبها شركات النقل الذكي يقول هاشم "نحصل على عينات بول من أشخاص لا يتعاطون مواد مخدرة، ونضعها في حقنة، ونأخذها معنا، ثم نفرغها في الكوب الذي نتسلمه من المعامل المعتمدة". معترفاً بأنه استخدم هذه الطريقة من دون أن يجري اكتشافه.

وبسؤال موظفة الأمن والسلامة عن الإجراءات المتعلقة بالكشف على السائقين قالت "الشركة تعتمد على أماكن موثوقة يطلب من الكابتن أن يجري فيها هذه التحاليل، وتغلق الحساب حال استقبلت شكاوى متعلقة بعدم تركيز السائق، وإذا ثبت تناوله مواد مخدرة يغلق الحساب مباشرة، وكذلك نحصل على نسخ من رخص السيارات والبطاقات الشخصية والفيش والتشبيه (صحيفة الحالة الجنائية)".

وتشير إلى أن علاقة الاندماج بين الشركتين "أوبر" و"كريم" متعلقة بالأرباح والأسهم فقط، إضافة إلى أنه في حال وقعت مشكلة من أحد السائقين يجري إغلاق حسابه من جانب الشركتين. موضحة "مع ذلك لا يمكنني الدخول إلى بيانات (أوبر)، وكذلك الخدمة مختلفة والتسعيرة أيضاً".

تجاوزات السائقين

قادتنا عملية البحث والتواصل مع مستخدمين لتطبيقات النقل الذكي إلى أشكال مختلفة ومتعددة من التجاوزات التي يرتكبها بعض السائقين، منها إلغاء رحلات عند اكتشافهم استخدام وسيلة الدفع الإلكتروني، وإجبار العملاء على الدفع كلفة الرحلة "كاش".

لا ينكر موظف "أن درايف" وجود خروقات متعلقة بإلغاء بعض السائقين الرحلات بعد اكتشافهم أن الدفع يكون باستخدام الفيزا. مشيراً إلى أن الشركة تتخذ إجراءات قوية عند التأكد من مثل هذه الوقائع.

وبحسب شهادة إسلام عبدالكريم، أحد مستخدمي تطبيقات النقل الذكي بصورة دائمة، فإنه يصعب التواصل مع بعضها عقب انتهاء الرحلة. وروى واقعة احتيال سابقة تعرض لها، "أخبرني السائق أنه سيضع المبلغ المتبقي نظير الرحلة بالمحفظة، على أن أستعملها في وقت لاحق خلال تجربة جديدة، واكتشفت بعد ذلك أن هذه الشركة لا توفر محفظة لعملائها، إذ حصل على خمسة أضعاف المبلغ". مشيراً إلى أنه عندما تقدم بشكوى "لم يستقبل ردوداً عليها". متطرقاً إلى أنه في كثير من الأحيان "يكتشف أن أرقام السيارة غير متطابقة مع المعلومات الواردة في التطبيق في شأن تفاصيل الرحلة".

 

ولا يبدي أحمد مصطفى، سائق بإحدى هذه الشركات، تعاطفاً مع واقعة فتاة الشروق. معتبراً أن أسرة الفتاة تتحامل على السائق، "لا يعقل أن يستخدم المعطر في تخديرها، نظراً لأن السائق سيتأثر هو الآخر حال قيامه بذلك الفعل".

ويدافع السائق عن العاملين بشركات النقل الذكي. مشدداً على أن هدفهم الحصول على أجرة الرحلة. وعلى رغم ذلك يؤكد انتشار صفحات على مواقع التواصل يعلن أصحابها عن طرق للحلول المتعلقة بمشكلات إغلاق الحسابات في شركات النقل الذكي. موضحاً أن هذه الحيل لا تحقق الأمان للسائق أيضاً حال تعرضه لمشكلات خلال الرحلة.

العودة إلى المواصلات العامة

وفي شهادة صادمة، تحكي الفتاة العشرينية سلمى (اسم مستعار) تجارب سابقة في أثناء استخدامها شركات النقل الذكي، إذ أكدت لـ"اندبندنت عربية" أنها تفاجأت بسائق واحد من هذه التطبيقات يعرض عليها مواد مخدرة، ويطلب منها مشاركته فيها. مشيرة إلى أنها أجبرته على التوقف وإنهاء الرحلة، وبدا عليها التأثر وهي تقول "شعرت بصدمة وقررت عدم التعامل مع هذه الشركة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتشير الفتاة المصرية إلى موقف آخر أصابها بالقلق "سألني السائق هل ستشعرين بالخوف إذا حاولت اختطافك". مشيرة إلى أنها حاولت إظهار تماسكها عند ردودها، ومؤكدة أنها لم تتوقع أن وصولها المنزل من دون إصابتها بأضرار.

وفي المقابل يدافع محمد سالم، أحد السائقين، عن الاتهامات الموجهة إلى شركات النقل الذكي، "نسجل في الشركة بالبطاقة والرخصة ورقم التليفون والصورة الشخصية، ونقدم البيانات الكاملة للسيارة". مشدداً على أنه عند انتهاء الرخصة تبدأ الشركة في إيقاف البرنامج حتى يجري تجديدها. وقال، إن تشغيل التكييف ونظافة السيارة "مسألة إجبارية بالنسبة له".

لكن الفتاة الثلاثينية مروة عبدالمنعم، التي تعتمد في مشاويرها على شركات النقل الذكي بصورة رئيسة تتوقع أن تؤثر واقعة فتاة الشروق في هذه التطبيقات، مؤكدة أنها على المستوى الشخصي ستلجأ إلى المواصلات العامة لحين معرفة تفاصيل الحادثة وأبعادها. مبدية اندهاشها من المعلومات التي تقول إن السائق سبق اتهامه في جرائم أو أنه يتعاطى المخدرات. وأوضحت أن هذه الاتهامات تشكك في الإجراءات التي تعتمدها الشركات لقبول السائقين.

أما الفتاة العشرينية أمنية محمود فتشير إلى أن المشكلات التي واجهتها شملت الإلغاءات المتكررة، وعدم قبول الدفع عبر الفيزا، "وأكثر ما يزعجني عدم الاهتمام بنظافة السيارة، أو اكتشاف أنها عبارة عن تاكسي أبيض. في إحدى المرات فقدت متعلقات بالسيارة، لكنها لم تستطع التواصل مع الشركة".

ووفق شهادة أخرى لسائق شركة شهيرة فإن حادثة فتاة الشروق تثير علامات استفهام حول إجراءات مراجعة السجل الجنائي. مرجعاً هذه الحوادث، وفق شهادته، إلى انتشار مكاتب مفتوحة من الباطن، تسهل عمليات الحصول على حسابات في هذه الشركات نظير مقابل مادي وتقديم صورة البطاقة. مدعياً أنه تواصل مع واحدة من الصفحات، وطلب صاحبها منه صورة بطاقة من دون فيش وتشبيه مقابل 250 جنيهاً (5.10 دولار أميركي).

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات