ملخص
طرح وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت اسم رئيس جهاز الاستخبارات العامة الفلسطينية ماجد فرج للمساعدة في حكم قطاع غزة
في سبيل إيجاد حل للمأزق الذي أوجدته الحكومة الإسرائيلية لنفسها عبر رفضها أن تستمر حركة "حماس" في حكم قطاع غزة، أو عودة السلطة الفلسطينية إليه، فإن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تبحث الاستعانة بمسؤولين فلسطينيين لبناء جسم لإدارة الحياة المدنية في القطاع وتوزيع المساعدات الإنسانية.
وبحسب هيئة البث الإسرائيلية فإنه خلال المداولات الأمنية الإسرائيلية، طرح وزير الدفاع يوآف غالانت اسم رئيس جهاز الاستخبارات العامة الفلسطينية ماجد فرج للمساعدة في حكم قطاع غزة.
ويعتبر فرج واحداً من أبرز المقربين للرئيس الفلسطيني محمود عباس، ويترأس جهاز الاستخبارات منذ أعوام طويلة.
لكن عباس شدد على أن قطاع غزة "جزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية، ولا يمكن القبول أو التعامل مع مخططات سلطات الاحتلال في فصل القطاع عن بقية الأرض الفلسطينية، أو اقتطاع أي شبر من أرضه، أو إعادة احتلاله".
الحرب المدمرة
وتستعد السلطة الفلسطينية للعودة إلى قطاع غزة بعد انتهاء الحرب المدمرة باعتبارها "الإدارة الشرعية الوحيدة التي ستعمل في غزة من الآن فصاعداً"، وفق وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في حكومة تسيير الأعمال، الذي أكد أنه "ستكون هناك إدارة فلسطينية في غزة تماماً كما هي الحال في الضفة الغربية".
وكان الرئيس الفلسطيني وافق قبل أسبوعين على استقالة حكومة محمد أشتية لفتح الباب أمام تشكيل حكومة خبراء تحظى بتوافق وطني فلسطيني، وتستطيع العمل في قطاع غزة.
ومع أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يصّر على رفض عودة السلطة الفلسطينية لقطاع غزة بسبب "تشجيعها على الإرهاب"، فإن عدداً من أعضاء مجلس الحرب في إسرائيل يؤيدون عودتها ويعتبرون ذلك الحل الأمثل.
عودة السلطة الفلسطينية
وأيّد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد عودة السلطة الفلسطينية للقطاع، مضيفاً أن تل أبيب تعمل معها "اليوم أيضاً"، في إشارة إلى التنسيق الأمني والمدني معها في الضفة الغربية. وطالب لبيد نتنياهو "بتغليب أمن إسرائيل على مصلحته السياسية والعمل مع السلطة الفلسطينية".
وشدد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني على أن عودة السلطة الفلسطينية لقطاع غزة "مرهونة بانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي منه"، ووفق مجدلاني، فإن الإشارة إلى اسم ماجد فرج يهدف إلى "خلق إشكالية داخلية فلسطينية"، مضيفاً أن "الضفة الغربية وقطاع غزة وحدة سياسية واحدة".
ومع أن "حماس" أبلغت حركة "فتح" عدم رغبتها في استمرار حكم غزة بعد الحرب، وموافقتها على تشكيل حكومة كفاءات بتوافق وطني فلسطيني، فإنها شددت على رفضها الاستعانة بالعشائر أو قوى محلية لإدارة القطاع.
ترتيبات
وشدد القيادي في الحركة حسام بدران على أن "حماس" "لن تسمح للاحتلال الإسرائيلي أو أي طرف إقليمي أو دولي بالعبث في الساحة الداخلية، أو بفرض رؤيته وأهدافه وأجندته الخاصة"، ووفق بدران، فإن الحركة "ترفض مع الفصائل الفلسطينية كافة وجود ترتيبات في قطاع غزة بمعزل عن الإجماع الوطني الفلسطيني"، وأوضح أن الحركة أبلغت الفصائل الفلسطينية، خلال اجتماع موسكو للفصائل الفلسطينية مطلع الشهر الجاري، بضرورة تشكيل حكومة خبراء تحظى بتوافق وطني لمدة محدودة وبمهمات واضحة، وأضاف أن الحكومة "يجب أن تعمل على الإشراف على توحيد المؤسسات في قطاع غزة والضفة الغربية، وإعادة الإعمار في القطاع، والتحضير للانتخابات الشاملة"، لافتاً إلى أن غالبية الفصائل الفلسطينية وافقت على مقترح "حماس" وأن الحوارات ستستكمل للاتفاق على ذلك.
لكن مستشار الرئيس الفلسطيني محمود الهباش رأى أن مسؤولية تشكيل الحكومة تعود للرئيس عباس وحده، مع تأكيده على أنها ستكون حكومة خبراء.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومنذ بداية الحرب لم يتم أي تواصل بين السلطة الفلسطينية وحركة "حماس".
ولم تتوقف التسريبات الإسرائيلية عند طرح اسم فرج لإدارة قطاع غزة ولقائه رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، إلا أنها وصلت إلى حدّ الحديث عن أن فرج بدأ تشكيل قوة عسكرية جنوب القطاع.
قوة عسكرية
ونفى المتحدث باسم حركة "فتح" في قطاع غزة منذر الحايك التوجه لإنشاء قوة عسكرية هناك، مشيراً إلى أن عودة السلطة الفلسطينية للقطاع ستكون عبر تشكيل حكومة خبراء متوافق عليها مع مختلف الفصائل الفلسطينية، وشدد الحايك، من منزله في مدينة غزة التي لم يغادرها منذ بدء الحرب، على أنه "لا يوجد تعاون فردي من السلطة الفلسطينية مع إسرائيل"، مضيفاً أن السلطة الفلسطينية لم تغادر قطاع غزة، لكنها فقدت السيطرة الأمنية لمصلحة "حماس" منذ عام 2007 وموضحاً أنها تُعنى بالرعاية الصحية والتعليمية لأهالي القطاع منذ ذلك الوقت.
وتحتفظ السلطة الفلسطينية بعشرات آلاف الموظفين في المجالات المدنية والأمنية، غير أنها أمرت القطاع الأمني بالتوقف عن العمل منذ سيطرة "حماس" على غزة.
وشرح الحايك أن السلطة الفلسطينية ستعمل على إعادة هيكلية موظفيها في القطاع بعد تشكيل حكومة الخبراء، ومع أنه كشف عن تشكيل حركة "فتح" لجان حماية أمنية في أحياء المدن، بخاصة في شمال غزة لمنع عمليات السلب وحفظ الأمن، أشار إلى أن هذه اللجان "لم تعد تعمل في ظل الاحتلال الإسرائيلي".
تفاقم الأزمة الإنسانية
ورأى الباحث في الشؤون الإسرائيلية سليم بريك أنه مع تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، لم يتبقَّ أمام إسرائيل سوى السلطة الفلسطينية للعودة إلى القطاع لحكمه، ولفت إلى وجود تقارب بين الجناح المعتدل في الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية، لأنها هي الطرف المعترف به دولياً، وفي ظل عدم رغبة إسرائيل في عودة "حماس" للحكم. ووفق بريك، فإن طرح اسم رئيس الاستخبارات الفلسطينية ماجد فرج للعمل مع إسرائيل "لم يأتِ بصفته الشخصية لكن بصفته الوظيفية، فإسرائيل لا تتعامل مع أفراد لكن مع السلطة الفلسطينية"، واعتبر أن هذه "محاولة إسرائيلية ملتوية للتراجع عن رفض عودة السلطة لغزة أو الاعتراف بمكانتها". وبحسب بريك أيضاً، فإن تل أبيب ترغب في أن يكون مستقبل قطاع غزة مثل الضفة الغربية، بحيث تحتفظ بالسيطرة الأمنية، مع وجود سلطة فلسطينية تدير الشؤون المدنية والصحية والتعليمية، وأوضح أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ترفض حكم قطاع غزة، مع رغبتها في الاحتفاظ بحق دخول القطاع متى شاءت، واستبعد عودة السلطة الفلسطينية للقطاع من دون توافق مع "حماس" على تشكيل حكومة خبراء.
ورأى المحلل السياسي محمد مشارقة أن تشكيل حكومة خبراء بتوافق وطني "يفوّت الفرصة على المخطط الإسرائيلي لتفتيت الكيانية الفلسطينية"، مضيفاً أن تشكيل هذه الحكومة "سيحافظ على نواة الكيانية الفلسطينية ممثلة بالسلطة ومؤسساتها، ويُجنب وقوع توترات وحروب أهلية".