Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"مدمرات المباني": القنابل الانزلاقية الروسية تغير صورة الحرب على الجبهة الشرقية لأوكرانيا

للمتفجرات المجنحة التي يصل وزنها إلى 1500 كيلوغرام، والملقبة بـ"مدمرة المباني"، تأثير مدمر أينما استخدمت. تحاول كييف مواجهة هذه القنابل بكل ما تستطيع، ولكنها تحتاج إلى أن يعزز حلفاؤها الغربيون الدعم ويوفروا لها مزيداً من الأسلحة والدفاعات الجوية والذخيرة

رأس حربي من طراز فاب فوق أوكرانيا المحتلة في وقت سابق من هذا الشهر، تحمله طائرة مقاتلة (تيليغرام)

ملخص

"مدمرات المباني" أو قنابل "فاب-1500" تترك دماراً هائلاً وكييف تنتظر دعم الحلفاء للمواجهة

في أحد معاقل القوات الأوكرانية قرب خط المواجهة، على بعد أقل من 20 ميلاً (30 كلم) من مدينة دونيتسك الشرقية، شوهدت قنبلة مجنحة تتجه نحو مبنى متعدد الطوابق.

تضرب المتفجرات التي يبلغ وزنها 1500 كيلوغرام الهيكل في بلدة كراسنوهوريفكا، وتنفجر على هيئة كرة نارية قبل أن تحيل المبنى بأكمله إلى عمود من الدخان الرمادي والأسود.

تهتز الكاميرا التي تصور من على بعد مئات عدة من الأمتار، بينما تهتز الأرض تحتها من آثار الانفجار الجانبية.

عندما يهدأ الدخان، يظهر المبنى مدمراً عن بكرة أبيه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذه اللقطات هي من بين أحدث الأمثلة على سلاح روسيا الجديد القاتل، وهو سلاح يثبت أنه مدمر للمواقع الدفاعية الأوكرانية على خط المواجهة أو قربه.

إن أسباب التقدم الروسي الأخير في دونيتسك متعددة الأوجه – حيث تواجه أوكرانيا نقصاً في الأسلحة والذخيرة مع تباطؤ الحلفاء الغربيين في تجديد التمويل والمساعدات العسكرية – لكن الرؤوس الحربية من طراز "فاب 1500" المعدلة حديثاً في موسكو (يشير الرقم إلى وزنها بالكيلوغرامات) تسبب كثيراً من الضرر.

تستخدم أوكرانيا أيضاً قنابل موجهة شبيهة بقنابل فاب وتعرف باسم نظام ذخائر الهجوم المباشر المشترك (JDAM)، لكن إمدادات الأسلحة الأميركية الصنع أقل بكثير. يصف جون فورمان، الملحق الدفاعي السابق للمملكة المتحدة في موسكو، قنابل فاب بأنها أقل فاعلية من نظيرتها الأميركية الصنع المعروفة باسم نظام ذخائر الهجوم المباشر المشترك "JDAMs" ولكنها سلاح أرخص بكثير وهو في نهاية المطاف متاح بسهولة أكبر للقوات الروسية مقارنة مع نظيرتها الأميركية لأوكرانيا.

الرأس الحربي الروسي هو نسخة معدلة من قنابل فاب التي تعود إلى الحقبة السوفياتية، والتي صممت أول فئة منها وهي "فاب 250" عام 1946. هذه النماذج هي رؤوس حربية تسقط من الجو، وتحملها طائرات مقاتلة، ولها تأثير انفجاري كبير. ولكن على عكس سابقاتها، التي كانت جميعها قوية خصوصاً، فقد زودت بأجنحة تسمح لها بالطيران نحو هدفها، ومن ثم تحويلها إلى متفجرات موجهة، على عكس المتفجرات غير الموجهة.

وتعد قنبلة "فاب 1500" (ФАБ-1500) بالروسية، الطراز الأحدث من هذه القنابل. وتحوي القنبلة 675 كيلوغراماً من المتفجرات، ويمكن إطلاقها من مسافة تراوح ما بين 40 كيلومتراً و70 كيلومتراً من هدفها، ويبلغ نصف قطرها التدميري 200 متر. وقد أطلق عليها مدونو الحرب الروس اسم "مدمرة المباني".

يقول فورمان، الملحق السابق: "هي في الأساس قنابل غبية غير موجهة من الحقبة السوفياتية أضيفت لها أجنحة ذكية لمهاجمة أهداف ثابتة بدرجة من الدقة". ويمكن أيضاً تصحيح مسار القنبلة باستخدام الملاحة الساتلية أو القائمة على الليزر، مما يحسن دقتها.

ووصف جندي أوكراني من اللواء الجوي المنفصل الـ46، المتمركز في منطقة دونيتسك، تأثير هذه القنابل بأنه "جهنمي".

وقال لشبكة "سي أن أن": "الضرر الناجم عن ذلك خطر للغاية. إذا بقي المرء على قيد الحياة بعد تعرضه لها، فمن المضمون أن يكون لديه كدمة. وهي تنال من معنويات الجنود إلى درجة كبيرة ".

هناك ثلاثة أسباب تثبت أنها شديدة الفتك. أولاً، ضخامة تأثيرها الانفجاري مقارنة بالمدفعية والذخائر المستخدمة على الخطوط الأمامية وهذا بسبب حجمها ووزنها.

ثانياً، يمكن إطلاقها من مسافة نحو 40 كيلومتراً (25 ميلاً)، مما يعني أن أوكرانيا مجبرة على استخدام صواريخ اعتراضية بعيدة المدى لا تتوفر إمدادات كثيرة منها. وتتميز التعديلات المدخلة على هذه القنابل القديمة بتدني كلفتها.

في نهاية المطاف، يقول الباحث البارز في المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة [لدراسات الدفاع والأمن] (RUSI) جاستن برونك: "من المؤكد أن روسيا لديها القدرة على إنتاج مزيد من مجموعات القنابل الانزلاقية للقنابل القديمة من سلسلة فاب أكثر مما لدى أوكرانيا من قدرة على تجديد إمدادات ذخيرة صواريخها أرض جو من طراز سام (SAM)".

"لذا فإن استهداف هذه القنابل بالصواريخ مباشرة ليست استراتيجية مستدامة".

عندما زار وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو مصنعاً لتصنيع الأسلحة يشتبه في قيامه ببناء هذه الأسلحة في يناير (كانون الثاني)، ادعى مدير المصنع قرب موسكو أن الإنتاجية زادت بنسبة 40 في المئة وانتقلت إلى ساعات العمل على مدى الساعة طوال أيام الأسبوع. إلا أن هذا الكلام قد يكون ضرباً من المبالغة، بالنظر إلى أن كلا الجانبين – وبخاصة موسكو – سيسعى إلى تصوير آلة الحرب الخاصة به في أفضل حال ممكن. لكن من الواضح أن قنابل فاب أصبحت أولوية.

بدأت الإشاعات الأولى عن "فاب 1500" في الظهور في أواخر سبتمبر (أيلول) عندما ادعى مدون عسكري معتمد من الكرملين يدعى "فايتبومبر" Fighterbomber، يعتقد أنه طيار في سلاح الجو الروسي، أن اختبار القنابل قد اكتمل تقريباً.

بعد شهرين، في نوفمبر (تشرين الثاني)، حذر رئيس القوات الجوية الأوكرانية، ميكولا أوليشتشوك، من وجود "مؤشرات إلى الاستعداد لنشر قنابل فاب 1500 على نطاق واسع".

ثم بدأت مقاطع الفيديو في الظهور بصورة أكثر تواتراً عبر الإنترنت تظهر استخدام هذه القنابل، لا سيما في اتجاه أفدييفكا في شرق أوكرانيا.

استولت القوات الروسية على تلك المدينة في منتصف فبراير (شباط)، بعد انسحاب القوات الأوكرانية. واستمرت الخطوط الدفاعية في تلقي العشرات من الهجمات بقنابل فاب يومياً على مدى أسابيع. كانت هذه هي المرة الأولى التي تضطر فيها أوكرانيا إلى الانسحاب من موقع حول بلدة أو مدينة منذ ما يقارب عاماً.

وصف نائب قائد لواء الهجوم المنفصل الثالث في أوكرانيا، ماكسيم زورين، الذي كان آخر الجنود المتبقين في أفدييفكا قبل سقوطها، كيف كانت روسيا تسقط ما بين 60 و80 من هذه القنابل كل يوم. وتشير التقديرات الأوكرانية إلى عدم بقاء أي مبنى في المدينة الصغيرة على حاله بحلول الوقت الذي دخلها فيه الروس.

وأشار إلى أن "هذه القنابل تدمر تماماً أي موقع. جميع المباني والهياكل تتحول ببساطة إلى حفرة بعد قصفها بقنبلة واحدة فقط".

وبدا أن القوات الروسية تؤكد ذلك عندما قال مدون آخر معتمد من الكرملين، وهو "المخبر العسكري"، إنها "زادت بصورة كبيرة من معدل استخدام القنابل الجوية" في أوائل مارس (آذار).

وادعي المدون المذكور قائلاً "إنها لا تسمح حرفياً للقوات المسلحة الأوكرانية بالبقاء على قيد الحياة وتؤدي إلى خسائر ملحوظة في الأفراد والأراضي".

ومع انسحاب القوات الأوكرانية من المدينة، وإجبارها على الانسحاب من ثلاثة مواقع دفاعية قريبة في الأقل، قال المتحدث باسم القوات الجوية [الأوكرانية] يوري إغنات إن روسيا تستخدم هذه القنابل لضرب الجنود الفارين. وقال "تلقى القنابل الانزلاقية الموجهة أيضاً على خطوطنا الدفاعية لضرب مراكز القيادة الخلفية والإمدادات الخلفية والذخيرة وما إلى ذلك".

وتحاول أوكرانيا التصدي للتهديد بأفضل ما تستطيع. وادعت القوات الجوية في كييف أنها دمرت ما لا يقل عن 12 طائرة مقاتلة روسية قادرة على إيصال هذه القنابل خلال القتال في فبراير. وفي ظل الصعوبات التي يواجهونها في التعامل مع القنابل بمجرد إطلاقها، يأملون في تعطيل الطائرة التي تقوم بإلقائها في المقام الأول. لكن من الصعب التحقق من هذه التقارير، ويحذر المسؤولون الغربيون من أخذ هذه الادعاءات على محمل الجد.

وكما هي الحال مع أجزاء أخرى من خط المواجهة، فإن الإجابة الأوسع ستأتي من خلال مزيد من الدعم العسكري من حلفاء كييف، إذ يقال إن الولايات المتحدة تعمل على حزمة مساعدات عسكرية بينما لا يزال الكونغرس يكافح لتمرير مجموعة واسعة من الدعم تعرقلها الخلافات السياسية الداخلية.

ويؤكد المسؤولون العسكريون الأوكرانيون أن تسليم الطائرات المقاتلة الأميركية الصنع من طراز "أف 16"، التي من المقرر أن يسلم عديد منها في منتصف الصيف من حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، سيخفف من المشكلة من خلال زيادة أخطار إقلاع الطائرات الروسية المكلفة إسقاط هذه القنابل.

لكن برونك، المحلل في مركز الأبحاث، غير واثق من المسألة. ويقول: "من غير المرجح أن توفر طائرات "أف 16" أي تحسن كبير في قدرات الاعتراض ضد هجمات القنابل الانزلاقية الروسية".

ويوضح "المقاتلات والقاذفات التي تحمل القنابل الانزلاقية تنفذ هجماتها من مسافات بعيدة بعشرات الكيلومترات خلف الخطوط الأمامية الروسية، مما يعني أن طياري أف 16 سيحتاجون إلى الاقتراب من تهديدات صواريخ سام الأرضية الروسية للاشتباك مع المقاتلات الروسية بصورة ناجعة. حتى ذلك الحين، سيتعين على طياري طائرات أف 16 أن يكونوا في المكان والزمان المناسبين تماماً لرصد طائرة روسية وإطلاق النار عليها في اللحظة التي تبدأ فيها بالتحليق عالياً لتنفيذ عملية الإطلاق المرتفع".

في غضون ذلك، يشير فورمان، الملحق الدفاعي السابق للمملكة المتحدة في موسكو، إلى أن أوكرانيا قد تضطر إما إلى تحريك دفاعاتها الجوية البرية إلى الأمام لمحاولة وقف هذه الهجمات، أو إلى الحصول على الدعم من الحلفاء.

تبقى الحقيقة أنه من دون حزم دعم عسكري غربية إضافية، ليس في وسع أوكرانيا الكثير الذي يمكن فعله. وكما قالت كييف مراراً وتكراراً، فإنها تحتاج إلى مزيد من الدعم من حلفائها الغربيين.

© The Independent

المزيد من دوليات