Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأشجار... أكبر مصانع للأوكسجين تعمل في صمت

تنتج نحو 160 كيلوغراماً سنوياً وتعمل كمرشح للهواء الجوي إذ تصد الغبار وتمتص نحو 1.7 كيلوغرام من الملوثات

شجرة زان واحد تنتج حوالي 545 لتراً من الماء خلال يوم صيفي ما يؤدي إلى تبريد الهواء (بيكساباي)

ملخص

يتنفس الإنسان نحو 9.5 طن من الهواء في العام، لكن الأوكسجين يشكل فقط نحو 23 في المئة من هذا الهواء من حيث الكتلة، ونحن نستخرج فقط ما يزيد قليلاً على ثلث الأوكسجين من كل نفس، وهذا يؤدي إلى إجمال نحو 740 كيلوغراماً من الأوكسجين سنوياً، وهو ما يساوي تقريباً 7 أو 8 أشجار

تزخر صفحات الصحف والمواقع الإلكترونية ومعظم وسائل الإعلام بالحديث عن التغير المناخي وأسبابه ونتائجه، ويرشق المتلقي بمعلومات عن هذا الموضوع من كل حدب وصوب، لدرجة تثير مخاوفه مع شعور بعدم القدرة على فعل شيء أمام هذا السيل الجارف من تسارع الأحداث وصخبها، لكن ماذا لو توقفنا لحظة تحت ظل شجرة وفكرنا في الموضوع برهة، ربما يسقط على رؤوسنا حل كما نيوتن من الشجرة، وبدل الركض صارخين وجدناها، نأخذ نفساً آخر عميق وكأنه امتنان لمن تعطينا إياه.

أكبر مصنع أوكسجين

تعد الأشجار أكبر مصنع للأوكسجين على سطح الأرض، إذ يعتمد حجم إنتاج الأشجار للأوكسجين على عوامل عدة مثل نوع الشجرة وحجمها وظروف البيئة المحيطة بها، وبحسب نتائج البحث الذي نفذته وزارة الزراعة الأميركية، تستطيع شجرة واحدة ناضجة أن تنتج يومياً كمية أوكسجين تكفي لتنفس أربعة أشخاص بالغين.

ويقدر هذا الإنتاج بنحو 120 كيلوغراماً إلى 160 كيلوغراماً من الأوكسجين سنوياً، أي أكثر من 10 كيلوغرامات في الشهر الواحد، إذ تعمل الأشجار كمرشح للهواء الجوي الذي يتنفس منه الإنسان، حيث إنها تصد الغبار وتمتص كل شجرة نحو 1.7 كيلوغرام من الملوثات سنوياً.

 

 

وأظهرت دراسة علمية حديثة أن مجرد شجرة واحدة يمكن أن تخلق مناخاً محلياً أكثر راحة، فأثناء تجوالهم في العاصمة الأميركية واشنطن أوقف الباحثون سيارات مزودة بأجهزة استشعار لقياس درجة الحرارة تحت ظلال الأشجار المتناثرة ولاحظوا تأثير تبريد كبيراً.

وعلى مدار يوم حار وليلة واحدة، جمع الفريق أكثر من 70 ألف قراءة لدرجة حرارة الهواء في أماكن مختلفة في جميع أنحاء المدينة، وبالمقارنة مع الشوارع التي لا تحوي أي أشجار على الإطلاق، كانت المنطقة التي ينتصب فيها عدد قليل من الأشجار الظليلة أكثر برودة في المساء، فحتى عندما غربت الشمس وتوقفت الأوراق عن النضح، شهدت الأحياء التي بها أشجار درجات حرارة أكثر برودة طوال الليل.

فقط واحدة

ويؤكد هذا الكلام إبراهيم سينو في كتابه دور الشجرة في البيئة، قائلاً "يمكن توظيف الأشجار في خلق مناخ طبيعي، لأن المناطق الخضراء تستطيع أن تخفض درجة حرارة المناخ في الصيف، بخاصة في المناطق الحارة، من طريق النتح، فلقد ثبت أن درجات الحرارة في المناطق الخضراء المحيطة بالمدن تقل بنحو 10 درجات مئوية عنها داخل المدن، كما تستطيع المناطق الخضراء تخفيض درجة الحرارة صيفاً بمقدار خمس أو ست درجات مئوية في الأقل، ورفع درجة الحرارة الصغرى شتاءً وزيادة الرطوبة بمقدار 20 في المئة".

فعلى سبيل المثال فإن شجرة زان واحدة تنتج نحو 545 لتراً من الماء خلال يوم صيفي، مما يؤدي إلى تبريد الهواء ورفع نسبة الرطوبة، كما أن شجرة ذات جذع بقطر سبعة سنتيمترات تتساوى في التبريد مع قدرة جهاز تكييف صغير.

أما إذ تحدثنا عن شجرة رخيصة الثمن وسريعة النمو وكثيفة الظلال، فتعد شجرة الزنزلخت من أفضل الأمثلة، فإنها تنتج وحدها 700 كيلوغرام من الأوكسجين وتمتص ألف كيلوغرام ثاني أكسيد الكربون، كما تمتص من التربة 80 كيلوغراماً من عناصر سامة كالرصاص والزئبق وتخفض درجة الحرارة ما يقرب 4 درجات مئوية.

توازن واستهلاك وحاجة

وإذا عدنا لمثال شجرة الزان الواحدة فإنها تمتص من الهواء ما يزيد على 2.5 كيلوغرام من ثاني أكسيد الكربون، وتطرح في الهواء 1.7 كيلوغرام من الأوكسجين كل ساعة، أي إن هذه الشجرة تنتج من الأوكسجين ما يكفي احتياج 10 أفراد لمدة سنة كاملة.

 

 

وتشير الأبحاث إلى أنه يمكن لشجرة ناضجة واحدة أن تمتص ثاني أكسيد الكربون بمعدل 22 كيلوغرام سنوياً وتطلق ما يكفي من الأوكسجين مرة أخرى إلى الغلاف الجوي، كما أن الهواء يحوي عديد من الغازات كالآزوت وغاز الفحم والأوزون وبخار الماء، إضافة للأوكسجين وثاني أكسيد الكربون، بحيث تبقى هذه النسب ثابتة في الهواء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويطرح إبراهيم سينو في كتابه رؤية حول بقاء هذه النسب ثابتة في الهواء "إن للنباتات والأشجار دوراً مهماً في الحفاظ على توازن نسبة الأوكسجين وثاني أكسيد الكربون في الهواء من خلال عملية البناء الضوئي (الكلوروفيلي)، إذ تمتص أوراق الأشجار غاز ثاني أكسيد الكربون السام من الجو وتطلق غاز الأوكسجين، ولولا عملية التنفس والتمثيل الضوئي يسهمان باتزان الهواء لنفد الأوكسجين خلال 2000 سنة، وثاني أكسيد الكربون خلال 300 سنة".

ويتنفس الإنسان نحو 9.5 طن من الهواء سنوياً، لكن الأوكسجين يشكل فقط نحو 23 في المئة من هذا الهواء من حيث الكتلة، ونحن نستخرج فقط ما يزيد قليلاً على ثلث الأوكسجين من كل نفس، وهذا يؤدي إلى إجمال نحو 740 كيلوغراماً من الأوكسجين سنوياً، وهو ما يساوي تقريباً سبع أو ثماني أشجار.

حل سحري

وبما أنه يوجد اليوم ما يقارب ثمانية مليارات شخص يعيشون على وجه الأرض، فإن زراعة شجرة من قبل شخص واحد كل عام وعلى مدار الـ20 عاماً المقبلة، فسينتج منها ما يقارب 160 مليار شجرة جديدة، بالتالي فقد أصبح لدى هذا الكوكب طريقة ناجعة في الحد من الانبعاثات وإنتاج الأوكسجين، إضافة إلى ذلك تمثل الأشجار والنباتات بيئة صالحة ومكاناً آمناً تلجأ إليه الحيوانات والطيور والحشرات ببناء بيوتها وأعشاشها ولتربي فيها صغارها وتحتمي بها من العوامل الجوية.

 

 

كما أن جذر كل شجرة يسهم في تماسك التربة والحد من جريان المياه السطحية والحفاظ على مياه جوفية، دون نسيان أهميتها في الحد من تأثير الزلازل، ويعمل العلماء المتخصصين بالبيئة على زراعة حواجز من الأشجار بين المباني أو المنشآت لحمايتها من الزلازل، وذلك عبر إدارة ارتفاع الأشجار بحيث تأخذ شكل إسفين وتغطي نطاقاً أوسع من الترددات الزلزالية، ولتكون أعلى الأشجار الأقرب إلى المصدر الزلزالي المحتمل ويتناقص ارتفاع الأشجار تدريجاً بعيداً من هذا، فعندما يحدث زلزال تتولد موجات رايلي التي قد تكون مدمرة، والتي تنتقل قرب السطح، يتردد صدى الأشجار استجابة لوصول موجات رايلي، ويحولها إلى موجات قص أقل تدميراً، والتي تنتقل إلى باطن الأرض، حيث لا يمكن أن تسبب أي ضرر.

جدار عازل

إضافة إلى ذلك تقف الأشجار كجدار واقٍ من الصوت وتعمل على صد الضجيج والتخفيف من حدته، وتختلف النتائج المنشورة حول فاعلية الأشجار كحواجز للصوت بصورة كبيرة، ومع ذلك، أظهرت دراسة أجراها هودورت في عام 1990 أنه في بعض الحالات يمكن تقليل الضوضاء بمقدار ستة ديسيبل على مسافة 30 متراً، حيث تكون الزراعة كثيفة.

وجد ليونارد وبار (1970) وريثوف (1973) أن حزاماً كثيفاً من الأشجار والشجيرات يراوح عرضه ما بين 15 و30 متراً يمكن أن يقلل مستويات الصوت بما يصل إلى ستة وثمانية ديسيبل، كما وجد كوك وفان هافرهيكي (1972) انخفاضاً في مستوى الضوضاء بمقدار من خمسة إلى 10 ديسيبل لأحزمة الأشجار التي يراوح عرضها ما بين 15 و30 متراً.

 

 

وتشير الأبحاث أيضاً إلى أن المزروعات الواسعة (نحو 30 متراً) من الأشجار الكثيفة الطويلة مع الأسطح الأرضية الناعمة يمكن أن تقلل من جهارة الصوت الظاهرة بنسبة 50 في المئة في الأقل.

وكمثال عملي فقد صمم مشروع استعادة النظام الإيكولوجي كجزء من برنامج الأمم المتحدة للبيئة لبناء المرونة البيئية في أفغانستان لقرية شابولاك قابريزاغاك في مقاطعة باميان، حيث كانت الوديان والمتحدرات الجبلية تحت رحمة قوى الطبيعة بسبب الفيضانات والرياح القوية والعواصف الترابية، فقامت الوكالة الوطنية لحماية البيئة (NEPA) في باميان بتوزيع أشجار على المجتمعات المحلية في قرية شابولاك قابريزاغاك منذ عام 2015.

واليوم تزين 70 ألف شجرة الصفوف من أشجار الصفصاف والحور المناظر الطبيعية، وعن هذا قال مسؤول البيئة في المجتمع، حاجي قادر خوشكاق باين "قبل مشروع غرس الأشجار، كانت المتحدرات فارغة وصحراوية، وغالباً ما تدمر الفيضانات المنازل والممتلكات خلال فصل الربيع بسبب الأمطار الغزيرة، لكن اليوم أصبحت القرية أكثر خضرة، وجعلت الأشجار المكان أكثر جمالاً، وتضاءلت سرعة الفيضانات".

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة