ملخص
تلعب المتاحف الفنية دوراً كبيراً في إبراز ملامح حضارة انقضت فظلت صورها مجرد أطلال وآثار ونقوش وعلامات لتمسي همزة وصل بين الفرد وتاريخه من عادات وتقاليد
تلعب المتاحف الفنية دوراً كبيراً في إبراز ملامح حضارة انقضت فظلت صورها مجرد أطلال وآثار ونقوش وعلامات لتمسي همزة وصل بين الفرد وتاريخه. فداخل المتاحف يتعرف الفرد إلى مجتمعه وعاداته وتقاليده، بما يجعله يستوعب تاريخه ويتأمل حضارته في ضوء نظيراتها الأخرى.
وتعد المتاحف الفضاء الآمن والآسر للتحف الفنية التي تضمن سيرورتها في وجدان الناس ومتخيلهم. فهي تحمي الذاكرة التاريخية من التلاشي وتجعلها تدخل في سيرة بصرية تأبى الاندثار والنسيان.
وفيما يرى البعض أنها تحمي الذاكرة التاريخية من التلاشي وتجعلها تدخل في سيرة بصرية، يعدها بعض المفكرين أشبه بالسجون التي تحنط التحف وتجعلها سجينة الماضي وعوالمه، في إشارة إلى محاولة إتاحتها في الفضاء العام ليصبح العمل الفني، كيفما كان لوحة أو نقشية صخرية أو منحوتة أو لقى أثرية، قريباً من الناس ويسهل فهمه وتداوله داخل الحياة اليومية. بهذه الطريقة الفلسفية التي تبناها بعض فلاسفة ما بعد الحداثة تغدو المتاحف المتنقلة والمفتوحة أشبه بالمختبرات البصرية المشرعة على التجريب الفني والقادرة على إيصال العمل الفني إلى أكبر شريحة ممكنة.
توثيق الحضارة الإنسانية
ثمة أنواع كثيرة من المتاحف التي تهتم بتوثيق التراث المادي الإنساني. فهي تارة متاحف تعنى بالآثار، بما تضمره من نقوش صخرية وأعمدة وعظام تنتمي إلى فترات مختلفة ومتباينة ضاربة في قدم الحضارة الإنسانية، أو نوع آخر يهتم بالجانب المادي أيضاً والمرتبط بالمسكوكات (النقود) والحلي والأزياء، وصولاً إلى أنواع أخرى مرتبطة بالطبيعة وغيرها. وعلى رغم اختلاف طبيعة هذه المتاحف فإنها تظل الفضاء الآمن والقادر على توثيق السردية التاريخية لعديد من التحف الفنية.
المتاحف السينمائية
نادرة هي المتاحف السينمائية بالعالم العربي التي تسعى إلى الحفاظ على الذاكرة البصرية للأفلام العربية. وغالباً ما تعود هذه الندرة إلى عدم الالتفات للقيمة التاريخية للتوثيق.
تتمثل وظيفة المتاحف السينمائية في قدرتها على توثيق البوسترات وصور المشاهد وآلات التصوير ومخطوطات السيناريو وتوقيعات النجوم، بل كل ما يخدم التراث السينمائي لمخرج ما. هذا الأمر يعطي للعمل السينمائي سيرورته ويجعله حياً في وجدان الناس.
بهذه الطريقة تتحرر المتاحف من ثقل الماضي وتصبح عبارة عن فضاءات مفتوحة على تحولات الواقع. كما تلعب دوراً كبيراً بالنسبة إلى المؤرخين لأنها تغدو بمثابة وثائق بصرية تسعفهم على كتابة تاريخ للسينما العربية ورصد صورها وجمالياتها وتحولاتها الفكرية. بهذه الطريقة يتجاوز المتحف السينمائي أبعاده السياحية إلى أن يغدو مختبراً بصرياً للتفكير والأمل من أجل كتابة مونوغرافية نقدية حول مخرج سينمائي ما، خصوصاً أن السينما العربية أصبحت تتوفر اليوم على تراث غني يمكن استغلاله وإعادة الاشتغال عليه كرأسمال رمزي. فهناك عديد من الأفلام الناجحة والمخطوطات المدهشة والصور النوعية التي توثق سيرة الفن السابع بالعالم العربي وصناعته.