ملخص
كيت ميدلتون تعيش أسوأ لحظات حياتها في ظل فشل البلاط الملكي في التواصل بشكل فعال مع الجمهور حول وضعها الصحي ومكان إقامتها.
هل اطلعتم على أحدث نظريات المؤامرة المحيطة بالأميرة كيت زوجة ولي العهد البريطاني الأمير ويليام؟ في حال فاتكم الأمر، إليكم خلاصة سريعة: في يناير (كانون الثاني) الفائت، خضعت أميرة ويلز لما وصفها القصر الملكي بأنها عمليةٌ جراحية في البطن كان مخططاً لها، ما تطلب أن تركن لفترة تعاف طويلة تستدعي غيابها عن الواجبات العامة حتى ما بعد عيد الفصح (يصادف هذه السنة في الحادي والثلاثين من مارس/ آذار الجاري).
في عيد الأم (إذا كنتم من القراء الأميركيين فإن المملكة المتحدة تحتفل بالمناسبة في تاريخ مختلف عن الولايات المتحدة)، وزع القصر الملكي صورةً لكيت مع أطفالها الثلاثة. ومع ذلك، نشأ جدل عندما تبين أن الصورة قد تم تعديلها رقمياً (بواسطة "فوتوشوب")، ما حدا بوكالات الأنباء مثل "أسوشيتد برس" و"رويترز" إلى إصدار إشعار "بحذف" الصورة وإخراجها من التداول.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تبعت ذلك تكهناتٌ محمومة في شأن مكان وجود الأميرة كيت. وفي محاولة واضحة لتهدئة الوضع، أصدر حساب "تويتر"/ "أكس" المرتبط بكيت وزوجها ويليام بياناً لا يمكن تشبيه لهجته إلا بما قد يحدث إذا ما تم اختطاف شخص ما، وقيام محتجزه بإجراء تحديث على صفحة "فيسبوك" على نحو أخرق، لإعطاء انطباع بأنه ما زال على قيد الحياة".
وجاء في البيان: "كما كثيرين من المصورين الهواة، أقوم أحياناً بإجراء تجارب لتعديل الصور. أردتُ أن أعرب عن اعتذاري عن أي ارتباك تسببت به الصورة العائلية التي شاركناها بالأمس. أتمنى أن يكون كل من يحتفل بعيد الأم سعيداً للغاية". وقد ذُيل المنشور بتوقيع حمل الحرف C، للإشارة إلى كاثرين أو كيت.
العبارة هذه لم تخطئ الهدف فحسب، بل ضاعفت من التكهنات المستشرية في البلاد مرتين أو ثلاثاً أو حتى أربع مرات، وتحولت إلى سيل من عدم اليقين هو أشبه بكرة ثلج هائلة متدحرجة على وشك ابتلاعنا جميعاً.
وتسبب افتقار القصر الملكي للشفافية في ما يتعلق بوضع كيت، بتفاقم المشكلة. وبمعزل عن مسألة ما إذا كان الناس يعتقدون أن لهم الحق في معرفة ما يحصل أم لا، فإن ما يحدث يسلط الضوء على التحديات الكامنة في التعامل مع مؤسسة مثل الملكية البريطانية.
الترتيب الذي تم اتخاذه كان منذ البداية معيباً بشكل أساسي لجميع الأطراف المعنية فيه. وهو في الواقع يمثل معضلة: فإما أن تؤيد فكرة أن أفراد العائلة المالكة - الذين يتم تمويلهم من المال العام - يجب أن تكون مختلف تفاصيل حياتهم متاحةً للجمهور، ما يجعلهم عملياً مفتقرين لأي مظهر من مظاهر الخصوصية، وهو النهج الذي يبدو عادلاً من الناحية النظرية لكنه غير عملي على أرض الواقع. أو بدلاً من ذلك، يجادل البعض بأن أفراد العائلة المالكة يستحقون أن ينعموا بالمستوى نفسه من الخصوصية شأنهم شأن أي مواطن عادي لا يتم تمويل الرفاهية التي يتمتع بها من أموال دافعي الضرائب في بريطانيا، الأمر الذي ينطوي على تعقيداته الخاصة. وفي نهاية المطاف، تتمحور أهداف وجود العائلة المالكة بكاملها حول الواجبات العامة والحفاظ على الصورة المرسومة لها بعناية.
في هذه الحالة، من المحتمل أن تواجه كيت مشكلات عادية قد يواجهها أي شخص - ومع ذلك، فهي تتعامل مع هذه التحديات في إطار مؤسسة يبدو أن عدم كفاءتها هائلٌ إلى درجة أنها تتحدى المنطق - ويبدو أن من الأسهل تصديق أي من الإشاعات التي تدور حول وضعها، بدلاً من قبول احتمال أن المؤسسة الملكية - المعروفة بتركيزها على الصورة العامة وإدارة العلاقات العامة - يمكن أن تسيء التعامل مع مثل هذه الأمور إلى حد كبير.
النظام الملكي لا يعمل أبداً من أجل خدمة الشعب، ففي نهاية المطاف، هذا ليس هدفه الرئيسي وليس ما صُمم لأجله. لكن أصبح من الواضح الآن بشكل صارخ أنه فشل في خدمة أفراد العائلة المالكة أنفسهم. وللتأكد من ذلك، يمكن مراجعة تجارب هاري وميغان مع الملكية وشهادتهما فيها، ولا أرى سبباً لعدم أخذها في الاعتبار.
في الصورة الأوسع، فكروا فقط في حقيقة أنه مهما كانت التحديات التي تواجهها كيت في الوقت الراهن، فإن المؤسسة المسؤولة عن رفاهيتها قد فشلت فشلاً ذريعاً، وأوقعت نفسها بدلاً من ذلك في كارثة محرجة على المستوى العالمي. أما في الصورة الأضيق، ففكروا في ما يتطلبه الأمر كي يكون أحدٌ ما فرداً في العائلة المالكة: إن لجهة الالتزام منذ الولادة بحياة قد لا يرغب فيها، أو لا يريد سلوك مسارها، أو لجهة الاضطرار للانخراط في واجبات وأعمال قد لا يستمتع بها. ويحدث كل ذلك بينما يتعين عليه أن يكون شخصية عامة من دون وجود أي فرصة له للعودة إلى الخصوصية.
من المؤكد أن الأمن المالي الذي يتمتع به أفراد العائلة المالكة في بريطانيا مدى الحياة، هو واقعٌ لا يمكن إنكاره، وهذا امتيازٌ كبير يتماشى مرةً أخرى مع الهدف الأساسي للنظام الملكي. لكن ماذا عن الحاجات الأخرى ولا سيما منها الحقوق الأساسية في الخصوصية والاستقلالية؟ ألا ينبغي أن يحظى هؤلاء الأفراد بفرصة الحصول على حياة خاصة واختيار مصيرهم؟ إن الولادة في كنف أسرة مالكة ترافقها قيود قد تُعد غير مقبولة في أغلب الحالات الأخرى. وعلاوةً على ذلك، أظهرت المؤسسة أنها فشلت في التكيف مع متطلبات العصر الحديث (عودوا إلى العبارة التي استُخدمت على "فيسبوك": "كما كثيرين من المصورين الهواة ...") وربما حان الوقت كي تتلاشى وتندثر.
ماذا عن السياحة؟ وماذا عن الاقتصاد؟ لقد تم في الواقع دحض الاعتقاد السائد بأن العائلة المالكة تسهم بشكل إيجابي في اقتصاد المملكة المتحدة في مناسبات عدة. وقد أشار إلى ذلك بن تشو المحرر الاقتصادي السابق في صحيفة "اندبندنت" في عام 2018 عندما قال: "يتعين علينا أن نتعامل حتى مع تقديرات النشاط الاقتصادي المرتبط بالعائلة المالكة بمقدار كبير من الشك".
وأوضح تشو أن أفراد العائلة المالكة يتمتعون بمزايا مالية كبيرة. ويمكن للمناسبات الملكية الكبرى مثل حفلات الزفاف والتتويج أن تعيد توجيه النشاط الاقتصادي بدلاً من توليد فرص اقتصادية جديدة (لجهة الكلفة المادية التي تتطلبها، وتعطيل الإنتاجية العامة أثناء مناسبة الحدث). يُضاف إلى ذلك أنه ليس هناك ما يضمن أن السياح سيتوقفون عن زيارة المعالم التاريخية في المملكة المتحدة إذا ما جرى إلغاء النظام الملكي. فالقصور السابقة في البلدان التي لم تعد تحكمها عائلاتٌ ملكية، ما زالت تجتذب عدداً كبيراً من الزائرين. كما أن السائحين الوافدين إلى المملكة المتحدة لم يحظوا في أي وقت من الأوقات بفرصة الالتقاء بملكة أو بملك في الحكم.
يبقى القول أخيراً إن ما أنا على يقين منه هو الآتي: إذا لم تتمكن مؤسسةٌ ما من التعامل مع تساؤلات الرأي العام واكتساب ثقته في ما يتعلق ببرامج تعديل الصور، من دون إثارة جدل، فلا يجوز أن يُعهَد إليها بملايين الجنيهات من الأموال العامة، أو ممارسة سلطة مؤسسية كبيرة في البلاد. وإذا كانت هناك من لحظة مناسبة للتخلي عن النظام الملكي البريطاني وتوديعه، فهي الآن.
© The Independent