Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مسحوق حفظ الجثث يسمم مائدة لحوم الجزائريين

يلجأ الجزارون إلى تلك المادة في ظل تخمة الكميات المعروضة ومخاوفهم من خسائر مالية فادحة

الجزائر تنتظر وصول كميات مستوردة من اللحوم ستقود إلى خفض الأسعار (أ ف ب)

ملخص

يصل الإنتاج السنوي من اللحوم في الجزائر إلى 600 ألف طن بينما يسجل الاستهلاك المحلي خلال رمضان وحده 50 ألف طن

أعادت التخمة التي تشهدها سوق اللحوم في الجزائر إلى أذهان المواطنين ظاهرة استعمال الجزارين مسحوق حفظ الجثث من أجل تجنب خسائر فساد اللحوم جراء "نفور" الزبائن عن اقتنائها بسبب تهاوي القدرة الشرائية.

ولا تزال قضايا حجز كميات كبيرة من اللحوم على اختلاف أنواعها ممزوجة بمحاليل ومساحيق حفظ الجثث التي عرفتها الجزائر في الأسابيع الماضية تثير المخاوف.

مشاهد "التخمة"

وأثارت مشاهد اللحوم وهي معروضة بكميات كبيرة لدى محال القصابة والجزارين مقابل إقبال ضعيف للزبائن عكس السنوات الماضية، مخاوف من لجوء هؤلاء التجار إلى حيلة من أجل تجاوز الخسائر المترتبة عن تعفن سلعتهم، ولعل استخدام "أملاح النترات" الذي يستعمل لحفظ جثث الموتى، بات الظاهرة المتداولة بين الجزارين.

وما زاد من الشكوك إقدام السلطات على استيراد كميات كبيرة من اللحوم الحمراء في محاولة لكسر التهاب الأسعار، لكن تدني القدرة الشرائية لم يدفع بالعملية التجارية إلى الأمام بل على العكس بقيت اللحوم المحلية تعاني التخمة وتواجه الكساد، ما من شأنه تكبيد الجزارين ومربي الأغنام والأبقار خسائر ضخمة، لا يمنعها سوى إيجاد حلول قانونية وغير قانونية.

وكشف وزير الفلاحة الجزائري عبدالحفيظ هني عن إطلاق تحقيق ميداني تتولاه المخابر التابعة للقطاع والمفتشيات البيطرية لتقييم أنظمة عمل مختلف وحدات تربية الدواجن ومذابحها، لا سيما ما يتعلق بالنظام الصحي.

وقال إن تأثير عملية الاستيراد سيكون ملموساً بعد أسابيع، أي بعد وصول الكميات المستوردة إلى مختلف الأسواق عبر التراب الوطني.

الاستيراد يزيد من المخاوف

وفي السياق نفسه، كشف المدير العام للمؤسسة الحكومية للحوم الحمراء، لمين دراجي، عن أن الشركة ستضخ 20 ألف طن من اللحوم الطازجة و10 آلاف رأس من العجول الموجهة للذبح خلال شهر رمضان، بعد استيرادها من البرازيل والسودان والهند وكولومبيا وبولونيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف أن عملية الاستيراد سبقها توقيع اتفاقات صحية مع الدول المصدرة للحوم، لضمان سلامة هذه اللحوم المستوردة وذبحها على الطريقة الإسلامية، وبمشاركة بياطرة جزائريين، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد.

بدوره أوضح المنسق الوطني لمنظمة حماية وإرشاد المستهلك فادي تميم، أن العوامل التي تؤدي إلى تسويق اللحوم الفاسدة هي كسادها وعدم الإقبال عليها، نظراً إلى أسعارها المرتفعة مقارنة بأسعار المستوردة، داعياً إلى تجنب هذه الممارسات من خلال خفض أسعار اللحوم الحمراء المحلية.

وأكد أنه بعد القيام بعمليات التفتيش يتم تسجيل تخزين كميات من اللحوم الحمراء في ظروف غير صحية وغير مناسبة، مما يجعلها غير صالحة للاستهلاك البشري، لكن بعض التجار يحاولون تسويقها بطرق احتيالية، مثل إضافة بعض البهارات والمضافات وعديد من الأمور لإخفاء الرائحة وإزالتها.

مساحيق لإخفاء فساد اللحوم

وتمكنت مصالح الأمن بمدينة وهران غرب الجزائر، رفقة المفتشية الإقليمية للتجارة وأعوان الرقابة وقمع الغش، وكذلك مفتش بيطري، من حجز كمية كبيرة من اللحوم البيضاء غير صالحة للاستهلاك البشري بعد غسلها بمحلول يستعمل لحفظ الجثث، حتى تبدو سليمة من التعفن، وذلك بغرض تسويقها.

وبحسب مصدر جزائري مطلع فإن كمية المحجوزات تقدر بـ10 قناطير و20 كيلوغراماً من اللحوم البيضاء.

وسبق ذلك عمليات مصادرة كميات من اللحوم "الفاسدة" في مناطق عدة، إذ كشف رئيس المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه مصطفى زبدي، عن استعمال ورشة سرية لتحضير لحوم الدواجن وتوجيهها للمطاعم لمسحوق حفظ الجثث.

وقال زبدي في منشور له على حسابه بـ"فيسبوك" إنه سجل وجود كمية معتبرة من مادة حافظة ممنوع استعمالها في اللحوم الحمراء والبيضاء خلال مداهمة الورشة رفقة مصالح الأمن والتجارة.

لغة الأرقام

ولم يعرف العدد الحقيقي لرؤوس الماشية في الجزائر طوال السنوات الماضية، حتى كشف الرئيس عبدالمجيد تبون عن أن الإحصاء الدقيق للمواشي أظهر توفر بلاده على 19 مليون رأس من الأغنام.

وبحسب إحصاءات رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، يقدر معدل الإنتاج المحلي للحوم الحمراء سنوياً ما بين 500 و600 ألف طن، وهو رقم ضعيف مقارنة بحجم الطلب الذي يعادل مليون طن سنوياً.

 

 

وتشير وزارة التجارة الجزائرية إلى أن كمية استهلاك الجزائريين للحوم خلال شهر رمضان تراوح ما بين 45 و50 ألف طن.

مخاوف سرطانية

إلى ذلك، أكد رئيس المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه مصطفى زبدي، في حديث لـ"اندبندنت عربية" أن ظاهرة استعمال مواد أو مساحيق حفظ الجثث في اللحوم انتشرت بقوة في البلاد، لكن لم تصل المنظمة أصداء حول استمرارها، ربما بسبب اليقظة والحس والوعي من المتعامل الاقتصادي وكذلك المستهلك.

ولفت الانتباه إلى أن هذه المواد الحافظة هي من أجل الاحتفاظ باللحوم لمدة أطول والإبقاء على خصائصها كالرائحة واللون وذلك البريق، مضيفاً "شهدنا حالات لاستعمال محاليل حفظ الجثث لأجل أن تبقى على حالتها الأصلية وهذا من الغش والتدليس".

ويتابع زبدي أن هذا النوع من المساحيق مسموح به في بعض الصناعات الغذائية وبعض المنتجات لكنها ممنوعة الاستعمال في اللحوم على اختلاف أنواعها.

وقال إنه على أثر اكتشاف حالات عدة وفضحها بات الجميع يتجنب اللجوء إلى هذه الوسيلة غير القانونية والمضرة بصحة المستهلك لا سيما أنها تثير عدداً من أنواع السرطانات. وختم حديثه بقوله "نود أن تكون سوق المضافات الغذائية بصفة عامة تحت رقابة صارمة وشديدة مع نظام تتبع مهم حتى نتصدى لكل أنواع الغش".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات