دفعة جديدة للعلاقات السعودية -الباكستانية في ظل التحولات الإقليمية

شهدت العلاقات الباكستانية - السعودية تنامياً مطرداً خلال عقود مضت، إلا أن إسلام آباد في عهد حكومتها الجديدة حرصت على إعطاء دفعة جديدة للعلاقة التاريخية في تفاعلها المتسارع مع الرياض، تمثل في لقاء قيادة الجيش الباكستاني أخيراً ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وسط تأكيد رئيس الوزراء شهباز شريف فور انتخابه تلقيه وعوداً من حليفته السعودية بأنها "لن تتخلى عن باكستان أبداً".

وفي هذا السياق قام وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان بزيارة باكستان بالتزامن مع يومها الوطني الموافق لـ23 من مارس (آذار) الحالي، إذ حضر عرضاً عسكرياً لافتاً نظم بالمناسبة الوطنية، وقلده الرئيس المنتخب حديثاً آصف زرداري أرفع أوسمة البلاد تعبيراً عن امتنان بلاده لوقوف الرياض معها في كل المحطات العصيبة من تاريخها، خصوصاً في مرحلة تشهد تحولات إقليمية ودولية عدة وتعاني فيها إسلام آباد أزمة اقتصادية خانقة.

وأكد الرئيس الباكستاني آصف خلال كلمته أمام الحضور تشكيل حكومة ائتلافية ديمقراطية في باكستان بعد العملية الانتخابية، معرباً عن تصميمه على جعل باكستان "مكتفية ذاتياً واقتصادياً"، وأشار إلى إنشاء مجلس خاص لتسهيل الاستثمار وحل المشكلات الاقتصادية وتشجيع الاستثمار.

الاستقرار في المنطقة

وأكد زرداري ضرورة تعاون جميع الأطراف المعنية من أجل أمن واستقرار وتنمية ورخاء البلاد، مضيفاً أهمية حل المشكلات التي تواجه الوطن من خلال التفاهم المتبادل، وبخاصة في ظل الوضع الراهن الذي يتطلب تعاون جميع القوى السياسية.

وأوضح الرئيس الباكستاني أن السبب الرئيس لعدم الاستقرار في المنطقة هو طموحات الهند التوسعية واحتلالها غير القانوني لجامو وكشمير، كما دان جميع الأعمال غير القانونية التي تقوم بها الهند وطلب من الأمم المتحدة أن تنتبه إلى انتهاكات حقوق الإنسان في جامو وكشمير.

 وفي خطابه أكد رئيس الوزراء على الأهمية البالغة لباكستان، وألقى الضوء على أهمية  الـ 23 من مارس الذي "يحمل معه أحداثاً تاريخية فريدة، ففي ذلك اليوم من عام 1940 اتخذت الشخصيات البارزة في مجتمع المسلمين في شبه القارة الهندية قرار لاهور، إذ تمثل هذه المناسبة المشهودة نقطة تحول مهمة في مسار الحركة الوطنية الباكستانية بإقامة وطن مستقل"، مضيفاً في ختام كلمته أنه يشعر بقلق عميق "إزاء العنف المستمر والإبادة الجماعية للفلسطينيين في غزة".

ويتبادل البلدان المتجاوران باكستان والهند التهم باستمرار، إلا أن السعودية التي تربطها علاقات متينة بالجارتين تنأى بنفسها عن تلك الخلافات، وحاولت مرات عدة التخفيف من وطأتها عبر الوساطة بينهما.

زيارة منتظرة

ووفقًا لوكالة الأنباء السعودية (واس) فقد اُستقبل الأمير خالد "بحفاوة وترحيب عاليين عند وصوله إلى قاعدة نور خان الجوية في إسلام آباد، وكان في استقباله وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف وعدد من كبار المسؤولين، مما يعكس أهمية العلاقات الثنائية بين البلدين".

 ويتضمن برنامج الزيارة لقاءات عدة لاستعراض ومناقشة العلاقات الثنائية، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حول التطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وجاءت الزيارة تلبية لدعوة قائد الجيش الباكستاني الجنرال سيد عاصم منير أثناء زيارته السعودية، بهدف تعزيز الروابط الثنائية القائمة بين باكستان والسعودية، والتزام البلدين تعزيز التعاون المشترك والتواصل الوثيق في مختلف المجالات لتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة والأمن الإقليمي.
 

وفي تعبير يعكس عمق العلاقات بين السعودية وباكستان، استشهد رئيس الوزراء الباكستاني محمد شهباز شريف بتصريح سابق له عبر حسابه على منصة "أكس" أكد فيه أن "العلاقات بين البلدين لا تقتصر على فترة 76 عاماً وحدها، بل هي علاقة تاريخية قائمة منذ زمن طويل تسبق تأسيس دولة باكستان"، مؤكداً أن "السعودية لم تتخل عن باكستان في أي زمان، سواء في أوقات الازدهار أو في المحن، وأنها لن تتركها أبدًا".

وقال الأمير خالد في حسابه على منصة اكس لاحقاً إنه استعرض مع رئيس الوزراء "العلاقات الوثيقة وفرص تطويرها في إطار شراكتنا الإستراتيجية، وبحثنا التطورات بالمنطقة والعالم، وجهود تحقيق السلام والاستقرار"، كما بحث مع بحث مع قائد الجيش الباكستاني الفريق الأول عاصم منير "علاقاتنا الأخوية الراسخة، وشراكتنا الإستراتيجية الدفاعية وفرص تطويرها، بما يحقق تطلعات قيادتي بلدينا، وناقشنا عددًا من القضايا الإقليمية والدولية".

ووقع البلدان أخيراً اتفاقات بقيمة 107 ملايين دولار لبناء محطات لتوليد الطاقة الكهرومائية، إذ وقع أمين قسم الشؤون الاقتصادية كاظم نياز والرئيس التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية سلطان المرشد على قرض بقيمة 66 مليون دولار أميركي لـ "مشروع شونتر" للطاقة الكهرومائية بقدرة 48 ميغاواط، و41 مليون دولار أميركي لـ "مشروع جاجران 4" للطاقة الكهرومائية بطاقة 22 ميغاواط.