ملخص
يواصل الجيش الإسرائيلي حصار مجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة لليوم السادس على التوالي، ويقول سكان الأحياء المحيطة إنهم يعتقلون الشباب والرجال ويدفعون النساء والأطفال إلى النزوح باتجاه جنوب القطاع، ووصفوا ما يعانونه بأنه أصعب من "نار جهنم".
نفى الجيش الإسرائيلي السبت إطلاق النار على حشد ينتظر مساعدات عند دوار الكويت جنوب مدينة غزة، بعد أن اتهمته وزارة الصحة التابعة لحماس بإطلاق النار وقتل وجرح العشرات.
وقال الجيش في بيان إن هذه التقارير "غير صحيحة". وأضاف أنه قام "في تمام الساعة 11 صباحاً بتيسير قافلة مساعدات لتوصيل الغذاء إلى السكان في شمال غزة. وعند اقتراب القافلة من نقطة التوزيع المحددة، تم اعتراضها ونُهبت من قبل مئات" الأشخاص، نافياً شن غارة جوية على القافلة أو إطلاق عناصره النار على أشخاص هاجموا المساعدات.
في المقابل، اتهم المكتب الإعلامي التابع لحماس الجيش الإسرائيلي بارتكاب "مجزرة" عصر السبت قتل خلالها 19 شخصاً وأصيب 23 مدنياً خلال انتظار الآلاف مساعدات عند دوار الكويت.
وأضاف المكتب في بيان إن "جيش الاحتلال والدبابات فتحوا نيران أسلحتهم الرشاشة تجاه الجوعى الذين كانوا ينتظرون الطحين والمساعدات الغذائية في مكان بعيد لا يُشكِّل خطورة على الاحتلال". وتابع أن قسماً من القتلى والجرحى نقل إلى مستشفى المعمداني "وبقي عدد منهم ملقاة جثامينهم على الأرض".
من جهة أخرى، قال سكان الأحياء المحيطة بمجمع الشفاء الطبي في غرب مدينة غزة إن الجيش الإسرائيلي الذي ينفذ عملية مركزة فيه منذ فجر الإثنين الماضي يعتقل الشباب والرجال ويدفع النساء والأطفال إلى النزوح باتجاه جنوب القطاع قائلين إن ما يعانونه أصعب من "نار جهنم".
قال الجيش الذي يواصل عمليته لليوم السادس في المجمع الذي تحاصره الدبابات ومحيطه إنه تحرك بناءً على معلومات بوجود كوادر من "حماس" و"الجهاد" بداخل المستشفى وأنه قتل "أكثر من 170" منهم خلال مواجهات معهم، فيما اعتقل 800 من "المشتبه فيهم" واستجوبهم، ويؤكد أنه عثر على أسلحة داخل المستشفى.
لكن الجيش يؤكد أنه يتجنب "إلحاق الأذى بالمدنيين والمرضى والطواقم والمعدات الطبية" في المجمع الذي لجأ إليه الآلاف طلباً للأمان منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من خمسة أشهر.
ولا تعرف بعد حصيلة ضحايا هذه العملية، لكن سكان أحياء الرمال والنصر ومخيم الشاطئ يقولون إنهم رأوا جثثاً في الشوارع وأن الاعتقالات تجري بالجملة وأن النساء والأطفال ينزحون تحت وابل القصف المدفعي والغارات الجوية والقصف من المسيرات، فيما تدور "اشتباكات عنيفة بين مقاتلين فلسطينيين والقوات الإسرائيلية" في المنطقة.
اقتحامات مسلحة
اقتحمت عشرات الدبابات والمركبات المدرعة الأحياء المحيطة وصولاً إلى مجمع الشفاء الذي طوقته واقتحمته فجر الإثنين الماضي، وألقى الجيش منشورات طلب فيها من السكان إخلاء المنطقة والتوجه غرباً ثم سلوك شارع الرشيد الساحلي إلى المواصي، على بعد نحو 30 كيلومتراً في الجنوب.
وشاهد مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية منذ الإثنين مئات الأشخاص يفرون.
وتحدث محمد (59 سنة) وهو من سكان مخيم الشاطئ القريب من المجمع الطبي وهو الأكبر في القطاع، في اتصال مع الصحافة الفرنسية أمس الجمعة عن "إطلاق نار وقصف مدفعي طوال الليل، الجيش فجر خمسة بيوت قرب مستشفى الشفاء".
وأضاف مفضلاً عدم الكشف عن اسمه الكامل "شاهدت في شارع الشفاء جثثاً كثيرة والدبابات تقف في الشوارع المؤدية للمستشفى، وشاهدت النيران تشتعل في منزل إلى جانب الشفاء".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع "منطقة الرمال والشاطئ مثل مدينة أشباح، الجيش يقتحم الأحياء بيتاً بيتاً ويعتقل كل الذكور حتى من بينهم أطفال، كل الناس خائفون من الإعدامات والحبس، ما يجري هو انتقام وإبادة، حولوا غزة إلى أكثر من نار جهنم".
وتقول وزارة الصحة التابعة لحكومة "حماس" إن الجيش قصف عديداً من مباني المستشفى، بما في ذلك قسم أمراض الشرايين الذي اشتعلت فيه النيران، وتحدث الإعلام الحكومي اليوم السبت عن "حرق مبان عدة في المجمع واحتجاز نحو 240 من المرضى ومرافقيهم، والعشرات من الكوادر الطبية".
وقال ممرض في المستشفى فضل عدم الكشف عن اسمه أول من أمس الخميس إن عمليات قصف ليلية "ألحقت أضراراً بجميع المباني"، ولا سيما قسم الجراحة. أضاف أن في المجمع الذي لجأ إليه مدنيون نازحون منذ أسابيع، "لا يوجد ما يكفي من طعام وشراب".
جردوهم من ملابسهم
وفي اليوم الخامس للعملية، قال محمود أبو عمرة (50 سنة) وهو من سكان حي الرمال إن "قوات الاحتلال اقتحمت فجر أمس الجمعة جميع المنازل والعمارات السكنية في محيط منطقة الكتيبة ودوار الأمم المتحدة غرب غزة".
وأضاف "أخرجوا جميع السكان من المنازل وأجبروا كل الشباب الذكور فوق سن 16 سنة على خلع ملابسهم بالكامل إلا الملابس الداخلية السفلية، وقيدوهم وضربوهم بأعقاب البنادق وشتموهم شتائم نابية، ثم أخذوهم إلى مدرسة إلى جانب مستشفى الشفاء للاستجواب".
أما النساء والأطفال فقال "إنهم يرغمونهم على التوجه غرباً باتجاه الساحل ومن ثم إلى الجنوب".
وقال الجيش إنه يتم إطلاق سراح الأشخاص المعتقلين وغير المتورطين "في أنشطة إرهابية"، وإن "المحتجزين يعاملون وفقاً للقانون الدولي".
وأضاف "في كثير من الأحيان يتعين على المشتبه فيهم تسليم ملابسهم حتى يمكن فحصها، والتأكد من أنها لا تخفي سترة ناسفة أو أي سلاح آخر، وتعاد الملابس إلى المعتقلين ما إن يصبح ذلك ممكناً".
اندلعت الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 عقب هجوم شنته "حماس" على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 1160 شخصاً، معظمهم مدنيون، حسب حصيلة تستند إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
وتقدر إسرائيل أن نحو 130 رهينة ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 33 يعتقد أنهم لقوا حتفهم، من بين نحو 250 شخصاً اختطفوا في هجوم "حماس".
وتوعدت بالقضاء على "حماس" ونفذت حملة قصف مركز أتبعتها بهجوم بري واسع، مما أسفر عن مقتل 32142 شخصاً وخلف 74412 جريحاً غالبيتهم نساء وأطفال، حسب وزارة الصحة التابعة للحركة.