ملخص
نكست روسيا الأعلام الأحد حداداً على مقتل 137 شخصاً بنيران أسلحة آلية في حفل لموسيقى الروك على مشارف العاصمة في أكثر هجوم يسقط فيه قتلى في روسيا منذ عقدين.
مثل أول مشتبه فيهما في الهجوم على قاعة للحفلات الموسيقية في موسكو والذي أسفر عن مقتل 137 شخصاً، مساء الأحد، أمام محكمة في العاصمة الروسية التي ستقرر في شأن وضعهما قيد التوقيف الاحتياطي.
وذكرت وكالات الأنباء الروسية أن المشتبه فيهما وجهت إليهما تهمة "الإرهاب" ويواجهان عقوبة السجن مدى الحياة.
وقتل 137 شخصاً في هجوم نفذه الجمعة مسلحون اقتحموا قاعة "كروكوس سيتي هول" للحفلات الموسيقية، حيث أطلقوا النار على الحضور قبل أن يضرموا النار في المبنى، وفق سلطات التحقيق الروسية.
وكانت السلطات الروسية تحدثت عن اعتقال ما مجموعه 11 شخصاً، بينهم أربعة مهاجمين، على صلة بالهجوم.
ملاحقة المدبرين
قال دميتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي الأحد، إن روسيا ستتعقب المسؤولين عن هجوم قاعة الحفلات أينما كانوا وأياً كانوا.
وأدلى ميدفيديف، الذي قال يوم الجمعة إنه يجب ملاحقة وقتل مدبري الهجوم الذي وقع قرب موسكو، بالتصريح في منشور على حسابه الرسمي بتطبيق "تيليغرام".
وأضاف "سننتقم لكل واحد (من القتلى والجرحى). والمتورطون، بغض النظر عن بلدهم الأصلي ووضعهم، أصبحوا الآن هدفنا الرئيس والمشروع".
ونكست روسيا الأعلام الأحد حداداً على مقتل 137 شخصاً بنيران أسلحة آلية في حفل لموسيقى الروك على مشارف العاصمة في أكثر هجوم يسقط فيه قتلى في روسيا منذ عقدين.
تأهب فرنسي
ومن جهة أخرى، أعلن رئيس الوزراء الفرنسي غابريال أتال الأحد رفع حالة التأهب الأمني إلى أعلى مستوى بعد الهجوم على قاعة الحفلات الموسيقية في موسكو.
وقال أتال عبر منصة "إكس" إثر اجتماع مجلس الدفاع في قصر الإليزيه "نظراً لإعلان تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم والتهديدات التي تلقي بظلالها على بلادنا، فقد قررنا رفع التأهب الأمني إلى أعلى مستوى" بعد خفضه إلى المستوى الثاني في مطلع العام.
عقوبة الإعدام
ودعا مسؤولون رفيعون في نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إعادة تفعيل عقوبة الإعدام على خلفية الهجوم.
وأبدى منتقدون قلقهم إزاء الدعوات، لا سيما مع اللجوء المتزايد للسلطات الروسية إلى قوانين مكافحة الإرهاب ومكافحة التطرف لاستهداف معارضين للكرملين ومناصرين لأوكرانيا.
وأوقفت روسيا تنفيذ عقوبة الإعدام في تسعينيات القرن الماضي، لكن الدعوات تتزايد في معسكر بوتين لإعادة تفعيلها بعد الهجوم الأكثر حصداً للأرواح في البلاد منذ نحو عقدين.
والسبت قال فلاديمير فاسيلييف رئيس تكتل حزب روسيا الموحدة الحاكم في مجلس الدوما، الغرفة السفلى للبرلمان، "حالياً، تطرح أسئلة كثيرة حول عقوبة الإعدام".
وأضاف فاسيلييف في بيان عبر الفيديو "بالتأكيد سيدرس هذا الموضوع بعمق ومهنية وموضوعية، سيتم اتخاذ قرار يلبي مزاج وتوقعات مجتمعنا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال يوري أفونين، نائب رئيس اللجنة الأمنية في مجلس الدوما، السبت، إنه "من الضروري إعادة تفعيل عقوبة الإعدام في ما يتعلق بالإرهاب والقتل".
كذلك دعا الرئيس السابق ديمتري مدفيديف الذي يشغل حالياً منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي، ورئيس مجلس الدوماً فياشيسلاف فولودين، والرجلان حليفان مقربان لبوتين، إلى "القضاء" على "الإرهابيين" في أعقاب الهجوم.
والجمعة جاء في منشور لمدفيديف على منصة "تيليغرام" أن "الإرهابيين لا يفهمون إلا الرعب الانتقامي، الموت مقابل الموت".
وأيد الخطوة قادة حزبين مواليين لبوتين في البرلمان الروسي. بينما أعرب منتقدون عن قلقهم إزاء الدعوات.
استغلال المأساة
وفتحت السلطات عدداً قياسياً من قضايا "الإرهاب" بلغ 143 قضية في عام 2023، وفق موقع "ميديازونا" الإخباري المستقل، بزيادة كبيرة مقارنة بأقل من 20 قضية في العام 2018.
الشهر الماضي، توفي أليكسي نافالني، أبرز معارض لبوتين في العقد الأخير في سجنه في المنطقة القطبية حيث كان يقضي عقوبة بالحبس لإدانته بتهم "تطرف".
والسبت تساءلت الناشطة دفاعاً عن حقوق النساء أليونا بوبوفا في منشور على منصة "تيليغرام"، "إذا سمحنا بـ(تنفيذ) عقوبة الإعدام بحق مدانين بالإرهاب، هل تعون عدد الأشخاص الذين سيقتلهم النظام؟".
وأضافت بوبوفا "كم عدد الأشخاص الذين يقبعون حالياً في السجن ممن ليسوا إرهابيين بأي شكل من الأشكال؟". وتابعت "يجب ألا نستغل المأساة بأي شكل".
انقسام حول مسؤولية أوكرانيا
أكد روس في حالة صدمة جراء الهجوم الدامي على قاعة "كروكوس سيتي هول" اتحادهم في الألم، بينما تنقسم الآراء في شأن رواية الكرملين عن الوقائع واتهامه أوكرانيا بالضلوع في الهجوم.
وأعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عن الهجوم الذي نفذه مسلحون مساء الجمعة وأسفر عن مقتل 137 شخصاً، لكن لم يأت الكرملين على ذكر تبني التنظيم الهجوم، مشدداً على أن المهاجمين وعددهم أربعة أوقفوا بينما كانوا في طريقهم إلى أوكرانيا، مشيراً بأصابع الاتهام إلى هذه الدولة التي تشن عليها روسيا هجوماً منذ فبراير (شباط) 2022.
ويرفض كثيرون التحدث علناً عن هذا الموضوع الحساس، في حين وافق فوميك علييف وهو طالب في مجال الطب يبلغ 22 سنة على الكلام، مؤكداً أن والديه مسلمان.
ورأى فوميك أن كييف سبق أن ارتكبت هجمات، في إشارة إلى اغتيالات بالقنابل محددة الهدف تعتبر أوكرانيا المشتبه الرئيس فيها، لكنه لفت أيضاً إلى أن طريقة تنفيذ الهجوم الجمعة توحي أنه من فعل مقاتلين إسلاميين.
وأكد الشاب أنه من رواد قاعة "كروكوس سيتي هول"، قائلاً "أعتقد أن وراء هذا العمل الإرهابي يقف إسلاميون متطرفون من تنظيم داعش".
وتابع "ترتكب أوكرانيا أيضاً أعمالاً إرهابية، لكن هنا يشبه الأمر أكثر ما يفعله الإسلاميون". وأضاف "لا أؤمن برواية مشاركة أوكرانيا حتى بعد أن قاله الرئيس (بوتين)".
ورأى على رغم هذا الاختلاف أن المأساة كانت عاملاً للوحدة، وقال "مثل هذه الأحداث توحد حتى نتمكن معاً من التغلب على العقبات". وأضاف "لست متفاجئاً (بدعم الغربيين الذين دانوا الهجوم)، لا أحد يحب الإرهابيين".
وأعربت روسلانا بارانوفسكايا، وهي محامية تبلغ 35 سنة عن تأثرها الكبير، واغرورقت عيناها بالدموع قائلة إنها ارتادت "في أحيان كثيرة" قاعة "كروكوس سيتي هول". وأكدت أنها في "حالة صدمة".
وتساءلت لماذا لم تتمكن السلطات الروسية التي لطالما أشادت بقوة أجهزتها الأمنية من منع هذه المأساة، بعد أن حذرت دول غربية موسكو ورعاياها في روسيا من احتمال وقوع هجوم.
وقالت باستياء "حذرت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة مواطنيهما، وهنا السؤال: لماذا لم تعرف أجهزتنا الخاصة أي شيء؟".
والثلاثاء، قبل ثلاثة أيام من الهجوم، ندد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتحذيرات الولايات المتحدة "الاستفزازية" وبـ"الرغبة في تخويف مجتمعنا وزعزعة استقراره"، معتبراً أن واشنطن عدو وجودي.
وكررت واشنطن الأحد أن "تنظيم داعش هو المسؤول الوحيد عن هذا الهجوم". وأضافت "أوكرانيا غير ضالعة على الإطلاق".
وقالت متحدثة باسم البيت الأبيض "مطلع شهر مارس (آذار)، تبادلت الحكومة الأميركية معلومات مع روسيا حول هجوم إرهابي مخطط له في موسكو".
وقالت بارانوفسكايا "لا أشعر بالأمان، لأن شخصاً ما قد يأتي ويقتلني، هذا أمر مخيف".
أمر محتمل
لكن آخرين يرون أن تورط كييف أمر محتمل، في حين تواصل السلطات الروسية تصوير أوكرانيا على أنها بقيادة "نازيين" أو تنفذ "هجمات إرهابية"، وذلك لتبرير الهجوم الذي شنه الكرملين عليها في فبراير 2022.
ورأى فاليري تشيرنوف (52 سنة)، أنه عبر الهجوم على قاعة "كروكوس سيتي هول سيفهم الجميع أن الجبهة ليست فقط في جزء من روسيا، بل في كل أنحاء البلاد".
وأضاف "البعض لم يفهم أن هناك حرباً"، وتساءل "من يقف وراء (المهاجمين)؟ أعداء روسيا وبوتين لزعزعة استقرار السلطة".
وقال "بشكل ملموس، من الممكن (أن تكون) أوكرانيا والدول الغربية. أنا لا أستبعد أي شيء. قد يكونون استخدموا تنظيم داعش لصرف انتباه الرأي العام".
ويأمل تشيرنوف حالياً أن "يفهم المجتمع أن الحرب موجودة في كل ركن من أركان البلاد".
وأقر الكرملين هذا الأسبوع بأن روسيا في حالة "حرب" في أوكرانيا بعد أن كان قد حظر استخدام الكلمة، مع تمسكه بمصطلح "عملية عسكرية خاصة".