ملخص
روسيا، حسب وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أهدرت 211 مليار دولار على حاجات الحرب، وسقط لها 315 ألف جندي بين قتيل وجريح، وسوف تخسر 1.5 تريليون دولار من النمو الاقتصادي الذي كان متوقعاً حتى عام 2026.
كان الداهية تاليران يقول "أكثر من جريمة، إنها غلطة". والسؤال الحائر في حرب أوكرانيا هو: من الذي ارتكب "غلطة استراتيجية؟": الذي أراد "هزيمة استراتيجية" للغرب أم الذي أراد "هزيمة استراتيجية" لروسيا. والجواب المحير هو أنه لا طرف يعترف بأنه أخطأ، وكل منهما يقول إنه على حق، ويصر على الرغبة في تحقيق هدفه، لكن الحوافز شيء والجوائز شيء آخر، فالحرب وصلت إلى "نقطة الذروة عندما يفقد التقدم قوة الدفع "كما قال كلاوزفيتز في كتاب "عز الحرب"، ولا طرف يبدو قادراً على إحداث خرق واسع أو تغيير كبير، والطرفان خاسران مع تفاوت نسبي في الخسارة.
روسيا، حسب وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أهدرت 211 مليار دولار على حاجات الحرب، وسقط لها 315 ألف جندي بين قتيل وجريح، وسوف تخسر 1.5 تريليون دولار من النمو الاقتصادي الذي كان متوقعاً حتى عام 2026.
أميركا قدمت لأوكرانيا 110 مليارات دولار وعلى الطريق 60 مليار دولار عالقة في مجلس النواب الجمهوري.
أوروبا قدمت 31 مليار يورو (نحو 33.440 مليار دولار) ورصدت 50 مليار يورو (نحو 53.936 مليار دولار) على مدى سنوات. وتفيد إحصاءات الاتحاد الأوروبي بأن موسكو تخصص 15 مليار يورو (نحو 16.180 مليار دولار) شهرياً للحرب، أي ثلاثة أضعاف ما تخصصه كييف، وآخر ما قرره الاتحاد الأوروبي هو استخدام عائدات الأصول السيادية الروسية المجمدة لتمويل شراء الأسلحة لأوكرانيا، وهي بلغت 4.4 مليار يورو (4.746 مليار دولار) العام الماضي، والمفارقة أن الطموحات تتسع بمقدار ما تضيق الإمكانات، فبعد عامين من إصرار الرئيس فلاديمير بوتين على توصيف هجومه على أوكرانيا بأنه "عملية عسكرية خاصة"، بدأ الكرملين يعترف بأنه في "حال حرب" بسبب تدخل الدول الغربية، ولا يزال يقلب الحقائق في سرديته، وما احتله من أرض يعلن أنه "حرره". وأبسط ما يقوله الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف هو "أن جزءاً من الأراضي الروسية يقع الآن تحت احتلال نظام كييف، وقد ظهرت في روسيا أربعة كيانات فيديرالية جديدة، والشيء الرئيس بالنسبة إلينا هو تحرير هذه الكيانات وحماية المواطنين فيها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومقابل رهان بوتين على تعب الغرب، فإن رهان الغرب على تعب الروس من بوتين عاكسه الواقع، إذ أعاد الناخبون انتخابه لولاية خامسة بأكثرية 87 في المئة من المقترعين، واللافت أن أميركا وأوروبا تتحدثان عن تطورات دراماتيكية. فوزير الدفاع الأميركي أوستن يقول "بقاء أوكرانيا في خطر، وأمن أميركا في خطر، والولايات المتحدة لن تسمح بسقوط أوكرانيا". والمسؤول الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل يحذر من أن "ما سيحدث في الصيف سيكون مفصلياً، وأوروبا ستكون في خطر". أما بوتين المعتد بقوته وقوة الوحدة الوطنية من حوله وحول حربه، فإنه صار يستسهل الحديث عن "حرب عالمية ثالثة" والتلويح بالأسلحة النووية، وهو يعرف، عندما يصف حرب روسيا مع أوكرانيا وبصورة غير مباشرة مع الغرب بأنها "حرب وجود"، أن استخدام الأسلحة النووية ينهي وجود روسيا والغرب والبشرية كلها، وأن الصدام المباشر مع "الناتو" ليس في مصلحة موسكو عسكرياً واقتصادياً والخوف مشترك. روسيا خائفة من امتداد الغرب إلى بابها، والغرب خائف من روسيا "الانتقامية". وخيارات بوتين بعد تجديد ولاياته تراوح ما بين احتلال كييف أو حرمان أوكرانيا من أي مرفأ على البحر الأسود بعد بحر آزوف، أو الانتظار حتى يبادر الغرب إلى المطالبة بالتفاوض على تسوية. ولا أحد يعرف ماذا يختار، لكن الكل يعرف أن روسيا في ورطة، والغرب في ورطة، والرأي الآخر الذي عبر عنه البروفيسور ستيفن والت في "فورين بوليسي" هو أنه "لو أصغت واشنطن إلى تحذيرات الداعين إلى ضبط النفس، ولم تدعم توسيع الناتو وجلب أوكرانيا إلى المحور الغربي وصولاً إلى ضمها لاحقاً إلى الناتو، لما كانت روسيا، على الأرجح، تضم شبه جزيرة القرم عام 2014، أو تقدم على الهجوم على أوكرانيا عام 2022"، ثم أضاف "طبعاً لا يمكن تأكيد ذلك مسبقاً، لكن المؤكد أن المسؤولين الأميركيين لم يبذلوا كل الجهود اللازمة لمنع الحرب التي بدأت أوكرانيا تخسرها".
ولا مجال في التحليل السياسي لكلمة "لو" في تغيير الواقع، و"الغلطة الاستراتيجية "مشتركة.