ملخص
يتساءل ويل غور عما يمكن للجيل زد أن يتعلمه من جيل ما بعد الحرب في شأن متعة النشأة غير السعيدة
أخبرتنا [المغنية الأميركية] شيريل كرو مرة، في تلك الحقبة المشمسة التي شع منها التفاؤل عام 1996 "إذا كان ذلك يجعلك سعيداً لا يمكن أن يكون بهذا السوء" [كلمات أغنيتها]. كان هذا الكلام منطقياً جداً بالنسبة إلينا نحن المراهقين من أواخر الجيل إكس - وإن كنا نلحظ الآن، بعد إعادة التفكير في الأمر، بعض الاستسلام والإذعان للأمر الواقع في صوت شيريل عندما غنت تلك الأغنية. لكن مع ذلك، كنا في الغالب مجموعة سعيدة، مقتنعة بأن العالم يسير في الاتجاه الصحيح وأن المستقبل الذي ينتظرنا ذهبي لامع.
قارنوا هذه الصورة بمراهقي اليوم الذين يمرون بفترة شاقة إجمالاً وفقاً لأحدث تقرير للسعادة العالمية. انزلق شعب المملكة المتحدة بصورة عامة، مع ما يحيط به من ظلمة وكآبة، ليحل في المرتبة الـ20 بحسب مؤشر السعادة. وإن أخذنا في الاعتبار مشاعر الشباب والمراهقين وحدهم دون غيرهم، نجد أن الوضع أسوأ بعد، إذ تهبط المملكة المتحدة في هذه الحال إلى المرتبة الـ30. يبدو أن كبار السن وحدهم يحبون الحياة حالياً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ليس الموضوع مفاجئاً في الظاهر. فقد جاء "بريكست" ليعرقل مسار "الجيل زد" ومن وُلدوا في أواخر جيل الألفية، قبل أن يسحقهم "كوفيد" وتصفعهم حقيقة عجزهم الأبدي عن شراء منزل خاص بهم على ما يبدو. وبينما تقبع صحتهم النفسية في الدرك الأسفل، يحترق العالم وكل الأجيال السابقة تعتمد عليهم لكي يجترحوا الحلول- حتى فيما هم عاجزون عن دفع ثمن الأفوكادو.
يبدو أن الوضع محزن. لكن، ماذا لو كانت الأهمية التي تُعطى للسعادة في الشباب مبالغاً فيها؟
فلنلقِ نظرة إلى المراهقين الفرحين من ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي- الرعيل الأخير من "الجيل إكس" والأول من جيل الألفية. عشنا حالاً من الفرح والحماسة بسبب انتهاء الحرب الباردة، نحن المقتنعون بمكانة بريطانيا في صدارة العالم الثقافي، والمنطلقون إلى الجامعات بأعداد قياسية من دون أن ندفع قرشاً على الرسوم الدراسية. وعندما أكملنا شهاداتنا في الإفراط بشرب الكحول، بالكاد كان لدينا الوقت لنقلق في شأن ما نريد أن نفعله بحياتنا بسبب توافر الوظائف للجميع.
أعيدوا النظر إلى هذه الزمرة اليوم. ها هي مهجوسة برسائل العمل الإلكترونية حتى الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وتراقب بقلق ارتفاع أسعار الرهون العقارية لدرجة تجعلها عصية عليها، وتخفف التدفئة حين لا ينتبه الأطفال، وتتساءل إن كانت قادرة على التقاعد عندما تبلغ عامها السـ70. يبدو أن آباءنا من جيل ما بعد الحرب سيتركون لنا ميراثاً ضخماً، لكن نظراً إلى أنهم يعيشون في ترف هادئ منذ تقاعدوا من وظائفهم في سن الـ60، من المنطقي أن نفترض بأنهم سيعيشون أكثر منا على أي حال.
ماذا عن هذا الجيل (طفرة المواليد) الذي أصبح الآن في الستينيات والسبعينيات من عمره، وهو سعيد جداً؟ كيف كانت طفولته؟ يزعم أفراد ذلك الجيل بأنهم كانوا راضين كثيراً طبعاً ولا يتوقفون عن الكلام عن ذلك العصر الذهبي. لكن فلنتكلم بصراحة، إنهم يقولون ذلك لأنهم لم يفقهوا أي شيء في خمسينيات القرن الماضي الكئيبة. وربما اعتقدوا بأن الستينيات كانت عقداً من المرح الذي لا ينضب، لكن معظمهم كانوا إما حزينين لأنهم ليسوا رائعين بما فيه الكفاية لكي يشاهدوا حفلاً للبيتلز أو تحت تأثير الكحول والمخدرات القوي لدرجة تمنعهم من تذكر أعضاء البيتلز أو الخوف الذي شعروا به خلال أزمة الصواريخ الكوبية.
وتحمل أولئك الصغار فترة التقنين والعيش في الضواحي المملة وسباق التسلح العالمي، لكن لأنهم كانوا في المكان والزمان المناسبين فحسب، حصلوا في النهاية على إمبراطوريات عقارات من دون رهون عقارية ورواتب تقاعدية ممتازة فيها نظام استحقاق محدد، ويمكنهم ركوب الحافلات مجاناً أيضاً - والآن نصفهم مسافر على متن رحلة بحرية.
لذلك، حين يشعر بؤساء "الجيل زد" بالكآبة، ربما يمكنهم أن يستمدوا القوة من مثال جيل ما بعد الحرب. صحيح أنهم قد يعيشون فترة شباب صعبة وغير مرضية بصورة كبيرة، لكن جل ما يتطلبه الأمر هو بعض الحظ الاقتصادي أو التكنولوجي أو السكاني لكي ينقلب مسار الأمور.
انتظروا 20 عاماً إذاً ولا بد من أن كل الأمور ستبدو أكثر وردية: عندها سيكون حزب العمال نجح في إعادة تأميم سكك الحديد والخدمات العامة، وحققت بريطانيا توازناً في الانبعاث الكربوني، بل أكثر بعد، عدنا للانضمام إلى اتحاد أوروبي متجدد النشاط وقادنا الذكاء الاصطناعي إلى ازدهار اقتصادي لم يشهد له العالم مثيلاً. كما أن كل جماعة "الجيل إكس" الذين عاشوا فترة جميلة عندما كانوا في الـ17 من عمرهم ماتوا بعمر صغير جراء الإفراط في العمل، وستتخطاهم ثروات جيل ما بعد الحرب وتهبط مباشرة على الأجيال الأصغر.
ظهرت في تسعينيات القرن الماضي أغنية رائعة أخرى قالت لنا إنه "لا يمكن أن تسوء الأوضاع أكثر"، وهذه رسالة جيدة تصلح لشباب اليوم. ربما يعتمدها أحدهم شعاراً سياسياً. وقد يكون صادقاً هذه المرة.
© The Independent