ملخص
فجأة أصبحت تحريات منصات التواصل الاجتماعي حول العلاقات الغرامية للأشخاص تلقى رواجاً كبيراً لكنها غالباً ما تكون انتهاكاً لخصوصيات الأشخاص.
كان من الصعب خلال الأسابيع الأخيرة تفادي محققي منصات التواصل الاجتماعي وتكهناتهم الجامحة في شأن وضع زيجات بارزة. فانتشر المحتوى الذي صنعه كثيرون من بينهم بصورة كبيرة، وحصد ملايين المشاهدات على "تيك توك" و"تويتر/إكس"، بعدما حاكوا قصصاً كثيرة عن خيانات زوجية وعلاقات مضطربة، حتى إنهم طرحوا "إثباتات" عجيبة مزعومة لدعم ادعاءاتهم السخيفة.
وتستند فرضيات المحققين المنزليين إلى تفصيل صغير في صورة، أو خيار الملابس أو تجميع الأحداث ضمن تسلسل زمني. ويبدو أن مشاهدات الفيديوهات تزداد كلما ازدادت غرابة النظرية. لكن عيون جيش محققي الإنترنت الباحثة عن المؤامرات لا تستهدف من تُسلط عليهم الأضواء فقط، بل أصبح لديها هدف جديد… وهو الأشخاص العاديون.
هذا الشهر فقط، انتشرت على "تيك توك" قصة "خائنين" مزعومين بعدما كشف المحققون عن أسمائهما ونشروا لهما صوراً التُقطت في السر.
وأثارت أول قصة تيانا ويلتشير التي تقدم محتوى عن اللياقة البدنية، بعدما نشرت فيديو على "تيك توك" تطلب فيه المساعدة في العثور على سيدة تعتقد بأن شريكها خانها. وقالت "لو كان خطيبك في لاس فيغاس للتو من أجل الاحتفال بحفلة عزوبيته الأخيرة وزار مسبح ويت ريببليك في فندق إم جي إم أمس، الأحد التاسع من مارس (آذار) فقد خانك".
وتابعت ويلتشير "واسمه على وزن كات سادامز" ثم طلبت من الخطيبة "المخدوعة" أن تتصل بها.
ومع ارتفاع عدد مشاهدات الفيديو، تضاعفت التعليقات من المشاهدين الذين قرروا بأن الخائن المزعوم اسمه "مات آدامز". بعدها، وجد من نصبوا أنفسهم محققين صفحات بهذا الاسم على موقعي "أمازون" و"ذا نوت" The Knot مخصصة لحفلات الزفاف وقوائم الهدايا. ثم وضع المعلقون إشارة إلى نساء، من بينهن شايلي ستوفال، وهي خطيبة شخص اسمه مات آدامز، لكنه ليس الرجل الذي كان يحتفل في لاس فيغاس.
بعد يوم واحد، حصد فيديو ويلتشير 11 مليون مشاهدة. وقد بلغ عدد المشاهدات حتى الآن 25 مليوناً، مقابل 22 ألف تعليق على المنشور الأصلي. وأضافت ويلتشير نفسها تعليقاً لإطلاع الملايين الذين يتابعون القصة على آخر المستجدات، فنقلت إليهم خبر العثور على الخطيبة. لكن حتى اللحظة، لم تُسمِّ السيدة التي كانت تبحث عنها ولا نعرف كيف كان رد فعلها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما ستوفال- وهي إحدى النساء اللواتي أشير إليهن خطأ- فصورت فيديو على "تيك توك" لتشرح فيه شعورها بعدما علقت في الدراما التي خلقتها تحقيقات ويلتشير.
وذيلت الفيديو بعبارة "الزفاف مستمر" وقالت إن "هواتفنا لا تهدأ" بسبب "ملايين الإعجابات والتعليقات والمشاهدات والرسائل المباشرة والرسائل" من الآخرين. كما تلقت ستوفال رسالة مزيفة من شخص يدعي أنه أحد ضيوف الزفاف يحذرها فيها من مغبة الزواج بخطيبها.
وبعد فترة وجيزة، أطلقت سيدة اسمها سامانثا ماركس مطاردة مشابهة للعثور على امرأة أخرى بعدما ادعت أنها ضبطت رجلاً اسمه "براين بحرف الـ y بالإنجليزية" وهو يحاول خيانة زوجته. شرحت ماركس أنها جلست قرب الرجل على متن رحلة جوية من أورلاندو إلى شيكاغو وشاهدته وهو يحمل تطبيق "هينج" Hinge للمواعدة وينشئ صفحة شخصية له عليه.
ووصفت ماركس شكل الرجل بالتفصيل، ونشرت صورة التقطتها له بالسر ظهرت فيها ذراعه ويده، لكي تبين أنه يضع خاتم زواج من الفضة. وختمت ماركس منشور "تيك توك" بقولها "إن كان هذا الرجل زوجك، ابعثي لي رسالة مباشرة على إنستغرام لأنه في حوزتي صور ودليل".
أخلاقية تحقيقات الإنترنت هذه مريبة جداً لأن مزاعمها غالباً ما تعتمد على افتراضات وتكهنات ويمكن أن تتسبب الضجة التي تولدها على منصات التواصل الاجتماعي بأضرار جسيمة
حصد الفيديو 9 ملايين مشاهدة تقريباً إلى الآن، وصورت ماركس ثلاثة فيديوهات أخرى قدمت فيها معلومات محدثة عن مهمتها، منها فيديو وضعت فيه صورتين كاملتين التقطتهما لـ"براين" من الخلف.
ونُشر آخر تحديث للموضوع الثلاثاء (الـ19 من مارس الماضي) وكشفت فيه ماركس ما علمته عن براين من شخصين يعرفانه. بعدها شاركت مزيداً من المعلومات الشخصية عن الخائن المستقبلي المفترض قبل أن تضيف أن زوجته شاهدت الفيديوهات. ثم كشفت ماركس عن أن زوجة براين تعلم بأنه يغازل أخريات عبر تطبيقات المواعدة منذ فترة طويلة، قبل أن تنشر هي الموضوع على "تيك توك".
وأضافت ماركس "فهمت أنها لا تمانع ذلك وأن الموضوع سيعالج، أو لن يعالج، على انفراد. حاولت مساعدة سيدة لكي تعرف الحقيقة عن زوجها لكن إن كانت لا تمانع ذلك فهذا خيارها وانتهى الموضوع".
وفيما تعتبر موضة فضح الخونة اتجاهاً حديثاً، فـ"الوشاية الاجتماعية" موجودة منذ فترة طويلة، إذ تنتشر فيديوهات صناع المحتوى بكثرة بعد مشاركتهم محادثات شخصية أو أحداث إما تناهت إلى مسامعهم أو شاهدوها.
في سبتمبر (أيلول) 2023، شرحت صانعة المحتوى كيلسي كوتزور بالتفصيل الممل على "تيك توك" كيف استرقت السمع إلى حديث ثلاث وصيفات شرف وهن ينتقدن عروساً وحفل زفافها أثناء تناولهن فطوراً متأخراً في مطعم لندني. ووصفت حديثهن بـ"الشرير" فيما أخذن ينتقدن الزهور "البشعة" ومظهر العروس.
وأضافت كوتزور "لو كنتِ عروساً جديدة واخترت ألواناً زهرية فاتحة لحفل زفافك ولديكِ صديقتان شقراوان شعرهما قصير وأخرى شعرها بني، اقطعي صداقتك بهن".
وعام 2021، طلبت الـ"تيك توكر" [صانع محتوى على "تيك توك"] دروبي دو بي دو المساعدة في العثور على "ماريسا" التي سمعت صديقاتها وهن يتآمرن ضدها في مدينة نيويورك. توصل المشاهدون إلى أن السيدة هي ماريس مايز وتخلت عن صديقاتها بعد ذلك.
وتنتشر فيديوهات التحقيقات على منصات التواصل الاجتماعي بسرعة وسهولة لأنها تستقطب آلاف التعليقات ومشاركات كثيرة. وكما رأينا في حال الإشاعات الأخيرة حول العائلة المالكة التي أغرقت الإنترنت، فالقصص التي يتشاركها الناس مثيرة وإن كانت تفتقر إلى الدلائل.
وأثبتت ويلتشير وماركس أنه حتى في حال عدم معرفة المشاهدين بالأشخاص المعنيين- فهذا لا يهم. تنتشر هذه الفيديوهات بسرعة بسبب مشاركة الجمهور، فيما يتوق محققون هواة آخرون إلى مشاركة أبحاثهم ونظرياتهم الخاصة التي تنتج مزيداً من المحتوى.
ويمكن كسب مكافآت كبيرة جراء نشر فيديوهات تحقيقات. فهي تعزز صفحات بعض الأشخاص وتمكن صانعي المحتوى المؤهلين للمشاركة في برامج تعطيهم جزءاً من عائدات الدعايات على "تيك توك" و"تويتر/إكس" من كسب المال بسبب الانتشار الكثيف لفيديوهاتهم.
لا شك في أنها كانت تجربة إيجابية لماركس التي أطلقت سلسلة سمتها "أحدث نميمة" Hot Goss تقول إنها ستشارك فيها مزيداً من الأسرار التي يرسلها إليها المشاهدون.
في المقابل، تعد أخلاقية تحقيقات الإنترنت هذه مريبة جداً، بسبب استناد ادعاءاتها في غالبية الأحيان إلى الافتراضات والتكهنات كما يمكن للضجة التي تخلقها على منصات التواصل الاجتماعي أن تتسبب بأضرار جسيمة للأشخاص المعنيين بها.
ولا تندم ويلتشير على ما فعلته، بل كتبت في أحد منشوراتها "سأعيد الكرة. لا أندم على شيء. تعرضت للخيانة… ولا يمكنني أن أتصور أنني على وشك الزواج بأحدهم وقضاء ما تبقى من حياتي معه، من دون أن أعرف أنه مارس الجنس مع أخرى الليلة الماضية".
بالنسبة إلى "براين" فالصور التي نشرتها ماركس له في المطار ولخاتم زفافه شكلت انتهاكاً واضحاً لخصوصيته. لكن ما دام أن الجمهور يظل يستمتع بفيديوهات الفضيحة والتشهير وتعززها منصات التواصل على صفحات المستخدمين، سيستمر الحافز لصناعة هذه الفيديوهات. على الخونة توخي الحيطة والحذر، فقد يكونون الهدف المقبل للمحققين.
رايتشل ريتشاردسون تكتب نشرة "أخبار ساخنة" على منصة "سابستاك"
© The Independent