ملخص
تتبنى بعض الولايات الأميركية تشريعات متناقضة في ما بينها للمناهج الدراسية، وهو ما من شأنه بحسب الخبراء أن يؤدي إلى مجتمع أكثر انقساماً
أقرت بعض الولايات الأميركية خليطاً من القوانين والسياسات التعليمية على مدى السنوات الست الماضية، التي تهدف إلى إعادة تشكيل مناهج التدريس في المدارس والكليات، وتقديمها لقضايا العرق والجنس والجندر بشكل مختلف اختلافاً حاداً من ولاية إلى أخرى.
ووجدت دراسة أجرتها صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية ورصدت فيها القوانين المعتمدة على مستوى الولايات أن الاختلافات في المناهج غالباً ما تتطابق مع الميول السياسية للولاية، فتكون سياسات تقييدية في ولايات صوتت في الأغلب للجمهوريين، وتميل لتكون سياسات ليبرالية توسيعية (أي التي تدخل مواد أكبر في التدريس) في ولايات صوتت في الأغلب للديموقراطيين. وخلص بعض الخبراء إلى أن المناهج المتباينة سياسياً قد تؤدي إلى مجتمع أكثر انقساماً.
ويتلقى ثلاثة أرباع الطلاب اليوم في الولايات المتحدة تعليمهم بموجب إجراءات تتخذ على مستوى الولاية. ووجدت الصحيفة أنه منذ عام 2017، اعتمدت 38 ولاية 114 قانوناً أو تنظيماً يتعلق بالمناهج الدراسية، أغلبها أو ما نسبته 66 في المئة تقييدية بطبيعتها، أي أنها تقيد أو تحظر دروس ومناقشات حول بعض المواضيع الأكثر حساسية في المجتمع، في حين أن 34 في المئة منها تشترط وجود هذه المواضيع أو توسعتها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي أحد الأمثلة، يحظر قانون ولاية كنتاكي لعام 2023 الدروس المتعلقة بالحياة الجنسية لدى البشر قبل الصف الخامس [لأطفال في العمر 10-11] ويحظر جميع الدروس حول "استكشاف الهوية الجندرية". من ناحية أخرى، يشترط قانون رود آيلاند لعام 2021 أن يتعلم جميع الطلاب "التراث والتاريخ الأفريقي" قبل التخرج من المدرسة الثانوية.
ورأت الدراسة أن الانقسام بين الولايات هو حزبي بشكل حاد، إذ سنت الغالبية العظمى من القوانين والسياسات التقييدية، ما يقرب من 90 في المئة، في الولايات التي صوتت لصالح دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية لعام 2020. وفي الوقت نفسه، سن ما يقرب من 80 في المئة من القوانين والسياسات الليبرالية في الولايات التي صوتت لصالح جو بايدن في عام 2020.
ومن الناحية العملية، بحسب "واشنطن بوست"، تعني هذه التقسيمات أن ما يتعلمه الطفل، على سبيل المثال، عن الدور الذي لعبته العبودية في تأسيس الأمة - أو إمكان تعريف الشخص على أنه لا ثنائي بحسب الهوية الجندرية - قد يعتمد على ما إذا كان يعيش في ولاية حمراء (جمهورية) أو زرقاء (ديموقراطية).
ويقول المشرعون الذين يتقدمون بقوانين التعليم التقييدية إنهم يقدمون تصحيحاً لما يسمونه سيطرة اليسار في الآونة الأخيرة على التعليم. وهم يؤكدون أنه في العقد الماضي أو نحو ذلك، بدأ المعلمون والأساتذة على حد سواء في إجبار الطلاب على تبني وجهات نظر ليبرالية حول مواضيع تتراوح بين وحشية الشرطة والهويات الجندرية.
وعلى النقيض من ذلك، يزعم أولئك الذين يتقدمون بتشريعات ليبرالية أنهم يعملون على تعزيز الظروف التي يستطيع فيها الطلاب من جميع الخلفيات أن يجدوا انعكاساً لأحوالهم في الدروس، ويعلم أقرانهم أن يكونوا متسامحين مع اختلافات بعضهم بعضاً.
ومن بين القوانين والسياسات التوسيعية التي حللتها "واشنطن بوست" فإن الأغلبية أي 69 في المئة، تلزم أو توسع التعليم حول قضايا العرق وخصوصاً تاريخ السود والدراسات العرقية، وحوالى ربعها يشترط تعزيز التعليم في ما يتعلق بقضايا مجتمع الميم وقضايا العرق.
ومن الجهة الأخرى، يستهدف الجزء الأكبر من القوانين التقييدية، وتحديداً 47 في المئة، التعليم حول العرق والجنس. ويتطرق حوالى الثلث فقط لمواضيع التثقيف في شأن الهوية الجندرية والجنس.
ويمنح ما يقرب من 40 في المئة من هذه القوانين الأهالي سيطرة أكبر على المنهج الدراسي، إذ تنص على ضرورة أن يكونوا قادرين على مراجعة مواد التدريس أو الاعتراض عليها أو حذفها، أو إخراج أطفالهم من مادة تدريس محددة. لقد درجت العادة ومنذ فترة طويلة، أن تسمح المدارس بالتأثير في مناهج التعليم، بشكل غير رسمي في كثير من الأحيان، ولكن بموجب عديد من القوانين الجديدة، فإن صلاحيات الأهل لها وزن أكبر ولها طابع إلزامي.