الانتقام... جرعة الدراما الرمضانية الفائضة

غابت قضايا المرأة ومحاولات تعديل القوانين وطرح قضايا مجتمعية متعددة في دراما رمضان 2024، وسيطرت تيمة الانتقام على معظم الأعمال بصورة جعلت معظم الأبطال يبحثون عن قتلة آبائهم أو أمهاتهم أو حبيباتهم أو أشقائهم، وفي سياق آخر سعى أبطال آخرون إلى البحث عن أشخاص دمروا حياتهم وأودعوهم السجون لدرجة أن معظم الأعمال تشابهت في السياق نفسه تقريباً.

بيت الرفاعي

تناول مسلسل "بيت الرفاعي" قضية شاب يتم قتل والده تاجر الآثار الشهير ويتهم الابن في قتل الأب، لكنه يفر من السجن ليبحث عن الحقيقة وينتقم من الذين زجوا به في تلك القضايا، كما دخل في صراع مع ابن عمه الذي يرث كل ممتلكات الأسرة، والمسلسل بطولة أمير كرارة وأحمد رزق وسيد رجب وعايدة رياض وأحمد فؤاد سليم ومحمد لطفي وميرنا جميل، ومن تأليف بيتر ميمي وإخراج أحمد نادر جلال.

ودارت أحداث مسلسل "مسار إجباري" حول شقيقين يقتل والدهما من طريق عصابة إجرامية ويسعيان إلى الكشف عن ملابسات الحادثة والنيل من الفاعلين وكشف حقيقة جريمة مقتل باحثة شهيرة.

والمسلسل بطولة بسمة وصابرين وعصام عمر وأحمد داش وإخراج نادين خان.

وناقش مسلسل "صيد العقارب" قضية الانتقام كذلك، إذ قامت غادة عبدالرازق بدور سيدة يتم قتل شقيقها على يد شقيق زوجها، وتكرس حياتها للقصاص لشقيقها والانتقام من قاتله.

والمسلسل بطولة غادة عبدالرازق ومحمد علاء ورياض الخولي وسيمون ومجدي بدر وأحمد ماجد وأحمد جمال سعيد ومحمد علي رزق وآخرين، ومن تأليف باهر دويدار، وإخراج أحمد حسن.

غادة عبد الرزاق في لقطة من مسلسل "صيد العقارب" (وسائل التواصل)

عقوبات قاسية

وشاركت روجينا في رمضان بمسلسل "سر إلهي"، وعلى طريقة الكونت دي مونت كريستو تقمصت دور نصرة التي يسجنها أشقاؤها وتقضي عقوبة قاسية فتخرج من حبسها لاسترداد حقها والانتقام من الجميع، وشارك في بطولة العمل محمد ثروت وصلاح عبدالله ورشا مهدي ونهى عابدين، وهو من تأليف أمين جمال، وإخراج رؤوف عبدالعزيز.

مسلسل "المعلم" لمصطفى شعبان تناول أيضاً عالم تجارة الأسماك وما يحدث فيه من صراعات، ونشأ عن أحدها انهيار أحد التجار الكبار وسجنه وسرقة أمواله، فيكبر ابنه لينتقم من كل من ظلموا والده، ويتعرض لكثير من المؤامرات التي تزيد حدة الانتقام.

وشارك في بطولة "المعلم" سهر الصايغ وأحمد بدير وأحمد فؤاد سليم وهاجر أحمد وسلوى عثمان ومنذر رياحنة وإنتصار، ومن تأليف محمد الشواف، وإخراج مرقس عادل.

ودارت قصة مسلسل "ب 100 راجل" لسمية الخشاب عن الانتقام أيضاً، إذ لعبت شخصية سيدة اضطرت إلى العمل سائق ميكروباص، بعد قتل والدها وخطيبها في ليلة الزفاف، فتنقلب حياتها وتحاول الكشف عن الجناة والثأر.

وفي إطار التشويق والإثارة، تدور أحداث مسلسل "رحيل" لياسمين صبري، وتجسد فيه دور فتاة تتهم ظلماً في قضية قتل ويتم سجنها وتحاول الانتقام والكشف عن مدبري تلك المؤامرة.

وشارك في البطولة أحمد بدير وأحمد صلاح حسني ومحمد كيلاني.

نعمة الأفوكاتو

وحقق مسلسل "نعمة الأفوكاتو" ردود فعل واسعة بسبب تناوله تيمة الانتقام بصورة شديدة التشويق والإثارة، ولعبت مي عمر دور محامية شابة يخونها زوجها ويسرقها ويحاول قتلها ويدفنها، فتخرج من قبرها لتذيقه كل أنواع العذاب هو وشركاءه في الجريمة.

وشارك في بطولة العمل أحمد زاهر وأروى جودة ومن إخراج وتأليف محمد سامي.

وفي مسلسل "لحظة غضب" كان الانتقام شديد الاختلاف، إذ قتلت يمنى زوجها شريف لتنتقم من قسوته في المعاملة معها وتهميشها حتى وصلت لدرجة كبيرة من عنف لا إرادي، وتصاعدت الأحداث عندما حاولت يمنى الفرار من انتقام شقيق زوجها فاضطرت إلى ارتكاب جرائم أكبر.

والمسلسل بطولة صبا مبارك ومحمد فراج ومحمد شاهين وناردين فرج وصفوة وإخراج عبدالعزيز النجار.

ولم يكن مسلسل "حق عرب" لأحمد العوضي بعيداً من دائرة الانتقام التي طغت على الدراما هذا العام في رمضان، إذ دار المسلسل حول "عرب" الشاب الصعيدي الذي يعمل في مصنع أخشاب، ويتهم في قضية قتل، مما يجعله يحاول الهرب محاولاً إثبات براءته والانتقام من الذين نفذوا الجريمة، وشارك في البطولة رياض الخولي ووليد فواز ووفاء عامر، وهو من تأليف محمود حمدان، وإخراج إسماعيل فاروق.

وطل محمد عادل إمام في النصف الثاني من رمضان بمسلسل يحمل طابع التشويق والإثارة والأكشن وصولاً إلى الانتقام، من خلال شخصية الشاب علي الشهير بـ"كوبرا"، الذي ينفذ جريمة سطو بتحريض من أحد الأشخاص لكن يتم الزج به في قضية قتل وقعت أثناء السطو، ويحاول تبرئة نفسه لكنه يضطر إلى الانتقام بعد أن دفعت أسرته الثمن غالياً وتعرضت للعذاب من طريق المستفيد الأول من الجريمة.

وشارك في البطولة مجدي كامل ومحمود البزاوي ومحمود عبدالمغني ومن إخراج أحمد شفيق.

ودار مسلسل "محارب" لحسن الرداد حول شاب يدعى محارب من عائلة بسيطة تتعرض والدته للدهس حتى تفارق الحياة وذلك في ليلة زفافه، فيتحول من إنسان بسيط ومسالم لشخص آخر يحاول الانتقام لوالدته مما يدمر حياته.

إدمان السوشيال ميديا

وعلى رغم سيطرة تيمة الانتقام على معظم مسلسلات رمضان تشابهت أحداث وقضايا مسلسلات أخرى، فتصدرت قضية إدمان مواقع التواصل الاجتماعي بعض المسلسلات وكان أبرزها "أعلى نسبة مشاهدة" الذي تناولت قصته المستوحاة من عدة قضايا حقيقية كيفية تحول فتيات فقيرات لاحتراف التيك توك حتى يحققن الكسب السريع، ثم تتصاعد الأمور ليصلن خلف جدران السجون لعدة اتهامات أهمها الترويج للرذيلة والاتجار في البشر.

والمسلسل بطولة سلمى أبو ضيف وهدى زاهر وإنتصار ومحمد محمود ومن إخراج ياسمين أحمد كامل.

وتناول الفنان يحيى الفخراني قضية إدمان مواقع التواصل الاجتماعي أيضاً من خلال مسلسل "عتبات البهجة" الذي قام ببطولته في رمضان، وقام بدور يوتيوبر يحاول تقديم محتوى هادف يعلم من خلاله الأجيال مفاهيم الحياة، في محاولة لمواجهة الجانب المظلم المتفشي من سطوة مواقع التواصل الاجتماعي.

وشارك في بطولة العمل جومانا مراد وصلاح عبدالله، وهو سيناريو وحوار مدحت العدل، ومن إخراج مجدي أبو عميرة.

وتناولت كذلك نيللي كريم في مسلسل "فراولة" في إطار كوميدي كيف تدمر مواقع التواصل الاجتماعي باستخدامها الخاطئ العلاقات الأسرية وتؤثر في الأجيال الجديدة، ولعبت نيللي دور فتاة فقيرة ابنة حارس عقار تحاول تحقيق أحلامها عبر ترويج الوهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، حتى تصبح اسماً شهيراً في عالم الدجل وتدخل في صراعات كبيرة.

مشهد من مسلسل "كوبرا" (وسائل التواصل)​​​​​​​

اختفاء قضايا مهمة

وحول سيطرة بعض القضايا مثل الانتقام وأضرار السوشيال ميديا على الدراما واختفاء قضايا مهمة مثل قوانين المرأة والتمكين وأطفال الشوارع والتعليم والمشكلات الاجتماعية الأخرى، قال الناقد جمال عبدالقادر في تصريحات لـ"اندبندنت عربية"، "للأسف الشديد كان هناك كثير من الاستسهال في التفكير في قضايا دراما رمضان هذا العام، بينما في العام السابق وجدنا قضية مثل وصاية الأم بعد وفاة الأب من خلال مسلسل (تحت الوصاية) لمنى زكي، وقبله في مسلسل (فاتن أمل حربي) قامت نيللي كريم بمناقشة قضية العنف ضد الزوجة والحضانة والنفقة وطرحت مساوئ قوانين الأحوال الشخصية في ما يخص المرأة، وناقشت روبي في مسلسل (حضرة العمدة) مشكلات المرأة في الريف مثل الختان والزواج المبكر وعدم دعمها للحصول على مناصب".

وتابع "بينما هذا العام فكر الجميع بنفس الطريقة وهي سواء كان البطل رجلاً أم امرأة فإنه شخص مظلوم ينتقم ويشوق الناس لصراع ضد الشر مستخدماً كل الوسائل لتحقيق غايته، وهي تيمة سهلة للحصول على مشاهدات وتم تقديمها في مئات الأعمال، لكن تكرارها بهذه الصورة في موسم واحد وفي معظم المسلسلات مؤشر خطر على اختفاء التفكير غير التقليدي، فالجميع يريد أن يصبح بطلاً خارقاً بأسهل طريقة، والنتيجة أن معظم الأعمال جاءت متشابهة ومتوقعة ولم تحقق النجاح المنشود".

ونبه عبدالقادر "من الضروري أن يراعي صناع الدراما ما حدث هذا العام ويتلافونه في الفترات المقبلة، بخاصة أن المسلسلات خارج السباق الرمضاني كانت أكثر جودة لتباين وجرأة موضوعاتها، لأن صناعها ونجومها لا يهابون فكرة الجماهيرية والشعبية الرمضانية، ومن ثم يتعاملون من دون ضغط فيخرج العمل بفكرة جديدة وليست تقليدية".

خارج الذاكرة

وأشارت الناقدة مريم عاطف إلى أن "سيطرة قضية الانتقام على المسلسلات كانت أمراً شديد الغرابة وربما لم يجتمع في سباق رمضاني من قبل كل هذا الحشد من أعمال أبطالها ظلموا وسجنوا وقتل أحد ذويهم ويسعون طوال العمل إلى نيل حقهم من الجناة، والأمر نفسه بالنسبة إلى قضايا مواقع التواصل الاجتماعي حاول كثير من صناع دراما رمضان الاقتراب من قضية حقيقية وبالفعل مؤثرة ويراها الجميع بوضوح، ولكن تكررت الفكرة في أكثر من عمل وكان أكثرها نجاحاً مسلسل (أعلى نسبة مشاهدة)، لأنه ناقش بصورة مستفيضة تطور الموضوع منذ بدايته وكيف يقع في براثنه الشباب".

 واختتمت عاطف "الأعمال التي خرجت عن تيمة الانتقام في الغالب حققت نجاحاً مميزاً مثل المسلسلات الكوميدية والتاريخية والشعبية، إذ مل الناس من مشاهدة فكرة الانتقام، ومع ذلك هناك أعمال منها كانت متماسكة درامياً ومشوقة واجتذبت الجمهور لكنها لن تعيش طويلاً في الذاكرة".