ملخص
أظهرت النتائج عودة المعارضة وتراجع التيارات الدينية إلى المقاعد الأخيرة وفوزهم بـ6 مقاعد فحسب. أما تيار "الإخوان المسلمين" فمني بخسارة مقعدين مقارنة بمحافظة النواب الشيعة والقبائل على مقاعدهم
أسفرت انتخابات مجلس أمة 2024 في دولة الكويت عن نسبة تغيير في الوجوه النيابية بلغت 22 في المئة، بعد إعادة نواب سابقين من مجلس 2023 إلى المجلس المنتخب. وأظهرت النتائج عودة المعارضة وتراجع التيارات الدينية إلى المقاعد الأخيرة وفوزهم بـ6 مقاعد فحسب. أما تيار "الإخوان المسلمين" فمني بخسارة مقعدين، مقارنة بمحافظة النواب الشيعة والقبائل على مقاعدهم، على سبيل المثال، قبيلة العوازم التي حظي أفرادها بمقاعد نيابية في دوائر انتخابية عدة. وحافظ الشباب على حضورهم في المجلس، إلى جانب حضور المرأة الكويتية بمقعد واحد كان من حظ النائبة جنان بوشهري. أما الصورة العامة للمجلس الجديد فيغلب عليه سمة الوجوه النيابية الشابة.
صناديق الاقتراع
جاءت نتائج الاقتراع مغايرة للتوقعات بالإقبال الضعيف على مراكز التصويت نظراً إلى إجراء العملية الانتخابية في شهر رمضان، إلا أن نسبة التصويت وفق ما نشرته وكالة الأنباء الكويتية "كونا" بلغت 62.10 في المئة من الناخبين البالغ عددهم 835 ألف شخص، أكثر من نصفهم من النساء. وأظهرت النتائج الرسمية صباح الجمعة احتفاظ المعارضة بمقاعدها الـ29 من أصل 50، كما احتفظت غالبية النواب الإسلاميين بـ39 مقعداً من مقاعدهم في مجلس الأمة المنحل، بينما خسر 7 نواب سابقين واعتذر وتنازل 3 مرشحين، وشطب نائب واحد هو مرزوق الحبيني.
وشمل التغيير 11 معقداً لصالح النواب الشباب، وفاز عضوان في حركة "العمل الشعبي" المعارضة التي يقودها النائب السابق والمعارض مسلم البراك. أما النواب الشيعة فوصل عدد مقاعدهم إلى 8 مقارنة بـ7 مقاعد في برلمان 2023، إذ فاز 5 منهم في الدائرة الأولى، ونائب واحد في كل من الدوائر الثانية والثالثة والخامسة. ومن بين النواب الشيعة الفائزين، النائب السابق أسامة الزيد (مستقل)، والوجه النيابي الجديد، محمد جوهر حيات، وفوز مرشح حركة "العمل الشعبي" باسل البحراني. وعادت النائبة السابقة جنان محسن رمضان بوشهري لتمثل المرأة الكويتية في المجلس الجديد بمقعد نيابي وحيد كما كانت في المجلس المنحل.
مجلس أزمات
وعن إقبال الناخبين على مراكز الاقتراع لانتخاب مجلس أمة 2024، قال الكاتب الكويتي عايد المناع لـ"اندبندنت عربية" إن "الإقبال كان جيداً، إذ بلغت نسبة التصويت 62.5 في المئة، في ظل توافد الناخبين على الاقتراع في نهار رمضان وبعد الإفطار وحتى منتصف الليل. وكان الإقبال جيداً في جميع الدوائر الانتخابية، بينما نسبة التغيير ليست كبيرة، إذ بلغت 22 في المئة. دخل 11 وخرج 11 نائباً. ودخل سبعة نواب للمرة الأولى، وعاد أربعة آخرون من مجالس سابقة مرة ثانية".
وأكد المناع أن "التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية مرهون ببرنامج الحكومة الذي سيعمل على نقل الكويت إلى الأفضل ويعتمد شكل الحكومة. وبالتأكيد سيكون هناك تعاون، وهناك قضايا مطلبية وأولية، منها تنويع مصادر الدخل، وتحسين الوضع المعيشي، والقرض الحسن، وقضية الإسكان من القضايا الحساسة والضاغطة على المواطن الكويتي الذي ينتظر لمدة تراوح ما بين 15 و20 سنة للحصول على بيت العمر والخدمات ضرورية. وتشكل الشوارع نموذجاً للخدمات السيئة. أما في شأن تعزيز الوحدة الوطنية، فيجب أن يتدخل النواب والحكومة في ذلك. وأما التعليم فيفترض أن يكون التركيز في الجانب العلمي والتقني".
وأشار الكاتب الكويتي إلى أن "تركيبة البرلمان الجديد لا تختلف عن السابق من حيث التكوينات، الشيعة والحضر والقبائل. ويمثل عوائل الحضر 14 نائباً، مقابل القبائل بـ21 نائباً. والشيعة 8 نواب. فالكل ممثلون في المجلس الجديد، والكل لديه مطالب من الحكومة القادمة التي أعتقد أنها ستكون برئاسة الشيخ محمد صباح السالم الصباح، وهو رجل أكاديمي ورجل اقتصاد، وحتماً سيعمل على وضع برنامج ليستكمل فيه خطة التنمية الكويتية 2035 ويضيف إليها متطلبات التنمية المستدامة. وبحكم الظروف المحيطة والأوضاع الأمنية المضطربة وما يجري في البحر الأحمر وإيران والغرب وفي فلسطين، كل هذا يتطلب أن تكون الكويت مستعدة أمنياً داخلياً وأمنياً خارجياً للتصدي لأي أخطار مستقبلية".
ورأى المناع أن "احتمالات التأزيم بين النواب الجدد والحكومة الكويتية واردة إذا كانت الحكومة غير مستعدة للمساءلة النيابية. وسيجد النواب بعض المداخل لمسائلة الحكومة تتدرج إلى استفسارات ومناقشات في الجلسات البرلمانية، وقد تصل إلى تشكيل لجان للتحقيق وفقاً للمادة 114 من الدستور الكويتي. وقد تفضي إلى استجوابات وفقاً للمادة 100 من الدستور، وصولاً إلى عدم التعاون مع رئيس الوزراء وفقاً للمادة 102 من الدستور. وقد يحدث التصادم ويتدخل سمو الأمير، فإما يحل البرلمان، أو يحل الحكومة، وتشكيل حكومة جديدة. وأعتقد أن الأمير دعا إلى المشاركة الشعبية، والمخرجات الشعبية أخرجت المجلس الجديد، وعلى الشعب مراقبة عمل النواب وتصويب عملهم تفادياً للجنوح والعودة إلى الحل أو التعليق للبرلمان الكويتي من قبل الأمير. ويجب أن تكون المراقبة الشعبية على مستوى مراقبة البرلمان للحكومة".
التيارات الإسلامية
وعما أفرزته صناديق الاقتراع من فوز وخسارة للمقاعد النيابية، صرح المحلل السياسي محمد الوهيب لـ"اندبندنت عربية" بأن "هناك تراجعاً لتيار (الإخوان المسلمين)، ولكن نعلم أنه كتنظيم ودخوله الانتخابات أحياناً يكون من خلال أسماء رسمية، وأحياناً أخرى بأسماء غير رسمية. على سبيل المثال النائب السابق حمد العليان الذي يتوافق مع توجهات (الإخوان المسلمين). والنائب الكريم الكندري تاريخه النقابي قريب من (الإخوان). كما يعكس تراجع السلف المزاج الشعبي العام تجاه التيارات الإسلامية، بينما لم يصعد التيار الليبرالي بالصورة المطلوبة، إلا في ما ندر. والتيار الإصلاحي موجود، ولكن يحتاج إلى التنسيق لتشكيل جبهة موحدة. ويعيد نجاح الانتخابات ترتيب صفوف النواب أصحاب التطلعات والرؤى الموحدة". وأضاف الوهيب، "أتوقع أن الحكومة كانت تريد مجلساً مختلفاً عن التشكيلة النيابية الجديدة"، متوقعاً أن يكون "هذا المجلس شرساً وفيه كثير من المشاكسة للحكومة. وهناك أيضاً التوجه الذي ساد في المجالس السابقة للنواب التابعين للشيخ أحمد الفهد، والنواب التابعون للرجل القوي مرزوق الغانم، فنحن أمام قطبين سياسيين كبيرين وظلالهما لا يمكن تجاوزها في هذا المجلس. وسنرى كثيراً من الصراعات والمناكفات بين الطرفين سعياً للكسب، إلى جانب الحرب على وسائل التواصل الاجتماعي التي ستزداد وتيرتها".
وعن اختيار ولي العهد، قال الوهيب، "هناك معركة قادمة حول اختيار ولي العهد، لا سيما أن اقتراح الاسم من حق سمو الأمير، لكنه منوط بالموافقة من قبل نواب مجلس الأمة الجديد، وأعتقد أننا أمام أزمة سياسية في الكويت تلوح في الأفق".
وعلى وقع فوز رئيس مجلس الأمة الكويتي السابق مرزوق الغانم عن الدائرة الثانية صرح الفائز بالمركز الأول عن الدائرة الخامسة فهد بن جامع المرشح السابق لرئاسة مجلس الأمة 2020 في لقاء على هامش التغطية الإنتخابية لأحد المواقع الإخبارية الكويتية بأنه لن يتنازل عن حقه في رئاسة مجلس أمة 2024.
وبين النائب الفائز فهد المسعود لـ"اندبندنت عربية" أنه من المبكر الحديث عن رئاسة المجلس فليس هناك أي مؤشرات أو مناقشات عن شخص الرئيس للمجلس الجديد"، متوقعاً "التعاون بين البرلمان المنتخب والحكومة الجديدة، بما فيه الصالح العام وحل ملفات القضايا المستحقة".
وكانت صناديق الاقتراع قد أقفلت أبوابها في تمام الساعة الـ12 من ليلة الجمعة الخامس من أبريل (نيسان) الجاري ليعلن عن نتائج الانتخابات خلال ساعات الصباح الأولى. وكان أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح قد حل مجلس أمة 2023 لتجاوز النائب عبدالكريم الكندري الثوابت الدستورية، عقب تشكيل حكومة الشيخ محمد صباح السالم الصباح. ومن المتوقع أن تضع الحكومة الكويتية استقالتها أمام الأمير لتشكيل حكومة جديدة.