ملخص
سبق للطرفين أن أبرما هدنة استمرت أسبوعاً في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، وأتاحت الإفراج عن أكثر من 100 رهينة وإطلاق سراح 240 من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
تدخل الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" شهرها السابع، اليوم الأحد، في وقت تستعد القاهرة لاستضافة محادثات جديدة حول اتفاق هدنة يتيح الإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة وإدخال مزيد من المساعدات إلى القطاع المحاصر، حيث ينتشر الدمار والمعاناة والعوز.
منذ اندلاعها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) إثر هجوم غير مسبوق شنته حركة "حماس" على جنوب إسرائيل، تسببت الحرب بدمار واسع في القطاع الفلسطيني، وحصيلة قتلى تجاوزت الـ33 ألفاً، وانهيار القطاع الصحي من ثم بظروف إنسانية جعلت أكثر من مليوني شخص، غالبيتهم من النازحين، على مشارف المجاعة.
في إسرائيل، يزداد القلق على الرهائن الذين لا يزالون محتجزين في قطاع غزة، وينظم عشرات آلاف الإسرائيليين بشكل شبه يومي تظاهرات احتجاجية للمطالبة بالتوصل إلى اتفاق يفرج عن مخطوفيهم، كما يطالبون بانتخابات جديدة لإسقاط حكومة بنيامين نتنياهو.
في الوقت ذاته، تجد إسرائيل نفسها تحت ضغط تبدل لهجة حليفتها الولايات المتحدة، بعد أن طالبها الرئيس الأميركي جو بايدن بحماية المدنيين وإبرام اتفاق لوقف النار وإطلاق الرهائن.
شروط لا تنازل عنها
ويرتقب أن يبحث مسؤولون من الولايات المتحدة وإسرائيل وقطر و"حماس" في العاصمة المصرية، في اتفاقاً للهدنة.
وأوردت قناة "القاهرة الإخبارية" القريبة من الاستخبارات المصرية، أن الاجتماعات ستعقد اليوم الأحد، وسيشارك فيها رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز، ورئيس "الموساد" الإسرائيلي ديفيد برنيع، ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني. ويمثل الجانب المصري رئيس الاستخبارات العامة عباس كامل.
كما أكدت "حماس" مشاركة وفد منها برئاسة القيادي خليل الحية، في المحادثات. مذكرة بأن مطالبها للاتفاق "تتمثل بوقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب قوات الاحتلال من غزة، وعودة النازحين إلى أماكن سكنهم، وحرية حركة الناس وإغاثتهم وإيوائهم، وصفقة تبادل أسرى جدية"، ومؤكدة أنه "لا تنازل عنها".
وسبق للطرفين أن أبرما هدنة استمرت أسبوعاً في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، وأتاحت الإفراج عن أكثر من 100 رهينة وإطلاق سراح 240 من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
يموتون من الجوع
بعد ستة أشهر من عمليات قصف جوي ومدفعي وعمليات برية تنفذها إسرائيل بلا هوادة، بلغت المعاناة الإنسانية في قطاع غزة مستويات غير مسبوقة.
وقالت رنا لباد (41 سنة)، وهي أم لأربعة أطفال تقيم لدى أقارب في مخيم جباليا شمال قطاع غزة بعدما دمر القصف منزلها، "ما يحدث لنا حرام وعار على العالم كله".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضافت لوكالة الصحافة الفرنسية، "الأطفال يموتون من الجوع. خسرت أكثر من 17 كيلوغراماً من وزني. ابني الصغير يطلب مني طعاماً ولا أجد ما أعطيه إياه. نذهب للسوق للعثور على شيء نأكله، لا نجد شيئاً، وإن وجدنا ليس معنا ثمنه".
وتابعت، "أكلنا طعام الطيور والدواب، وحتى هذا لم يعد متوفراً ولم تعد أجسادنا تتحمله. أشعر بالقهر والحسرة كل ثانية وأتمنى الموت لي ولأطفالي حتى نرتاح من هذا العذاب".
وقال محمد يونس (51 سنة)، وهو أب لستة أبناء من سكان بيت لاهيا في شمال القطاع حيث الجوع ونقص الغذاء أكثر إلحاحاً، "ماذا أقول؟ الحيوانات تعيش أفضل منا".
وأضاف "نموت من الجوع والمرض والحسرة على منازلنا التي دمرت، وأهلنا الذين قتلوا وأصيبوا. ذهب كل شيء".
وتابع "ماذا يريد الإسرائيليون أكثر مما فعلوه؟ ستة أشهر والقصف والتجويع مستمران. من لم يمت بالقصف يموت من الجوع".
6 أشهر في الجحيم
وأعلن الجيش الإسرائيلي، فجر اليوم الأحد، مقتل أربعة جنود في قطاع غزة، ما يرفع حصيلة الذين قتلوا منذ السابع من أكتوبر الماضي إلى 260 جندياً.
ومع تصاعد الحصيلة البشرية والأزمة الإنسانية وخطر المجاعة في القطاع الذي يقطنه 2.4 مليون نسمة، شددت واشنطن الداعمة لإسرائيل لهجتها حيال الدولة العبرية هذا الأسبوع.
وعلى خلفية التباينات المتزايدة بين الإدارة الأميركية ونتنياهو، توجه زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد إلى واشنطن، أمس السبت، لإجراء محادثات مع مسؤولين كبار، وفق ما أفاد حزبه.
ويواجه نتنياهو ضغوطاً متزايدة في الداخل أيضاً.
مساء السبت، نظمت تظاهرات حاشدة في تل أبيب ومدن أخرى طالبت باستقالته وإجراء انتخابات مبكرة، والتوصل لاتفاق في شأن الرهائن الذين قضوا "ستة أشهر في الجحيم"، وفق ما كتب في إحدى اللافتات.
وكان الجيش الإسرائيلي أعلن، أمس السبت، أنه استعاد جثة الرهينة إلعاد كتسير في جنوب قطاع غزة، مشيراً إلى أنه كان خطف من كيبوتس "نير عوز" خلال هجوم "حماس". وذكر أنه قتل خلال احتجازه على أيدي حركة "الجهاد الإسلامي".
ووجهت شقيقة كتسير انتقادات إلى المسؤولين الإسرائيليين، معتبرة أن إبرام اتفاق هدنة مع "حماس" كان ليتيح عودة شقيقها على قيد الحياة.
وقالت لينا دروباشفسكي، اليوم الأحد، رداً على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية حول مرور ستة أشهر على الحرب، "أنا حزينة فعلاً على الأذى الذي يلحق بحياة الناس" في قطاع غزة، مضيفة "لكن هل أحمل إسرائيل مسؤولية ذلك؟ لا. الجنود الذين يرسلون إلى هناك يخاطرون بحياتهم ويخوضون حرباً ضد منظمة إرهابية".
لكنها تابعت، "نريد أن نتمسك بأمل أن هناك حلاً".
ضد الإنسانية بذاتها
في الأيام الماضية، شددت دول غربية حليفة تقليدياً لإسرائيل، لهجتها حيال الدولة العبرية، خصوصاً في أعقاب مقتل عاملين إنسانيين بقصف مسيرة إسرائيلية في غزة، الإثنين الماضي.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، أمس السبت، إن لندن "مصدومة من حمام الدم" في غزة، و"هذه الحرب الرهيبة يجب أن تنتهي. يجب إطلاق سراح الرهائن" وأن "تتدفق المساعدات".
وشدد على أن "أطفال غزة في حاجة إلى هدنة إنسانية فورية تؤدي إلى وقف إطلاق نار مستدام طويل الأمد"، معتبراً أن هذه هي "أسرع طريقة لإخراج الرهائن وإيصال المساعدات".
وقتل سبعة عاملين مع منظمة "وورلد سنترال كيتشن" (المطبخ المركزي العالمي)، هم ستة أجانب وفلسطيني، جراء قصف مسيرة طاول ثلاث سيارات كانت تقلهم في دير البلح وسط قطاع غزة. وأقر الجيش الإسرائيلي، الأربعاء الماضي، بارتكاب سلسلة "أخطاء فادحة"، قائلاً إنه كان يستهدف "مسلحاً من حماس".
واتهم مؤسس "وورلد سنرال كيتشن" الطاهي خوسيه أندريس الجيش الإسرائيلي بـ"استهداف كل ما يتحرك في غزة منذ ستة أشهر".
وأضاف في تصريحات لقناة "أي بي سي" الأميركية، "الأمر لا يشبه حرباً ضد الإرهاب، لم يعد يشبه حرباً للدفاع عن إسرائيل. في هذه المرحلة، الأمر يشبه فعلاً حرباً ضد الإنسانية بذاتها".
وتدخل المساعدات الخاضعة لمراقبة إسرائيلية صارمة بكميات ضئيلة جداً إلى غزة، من خلال معبر رفح الحدودي مع مصر جنوباً، وتقوم بعض البلدان بإلقاء مساعدات جواً، غير أن ذلك لا يكفي لتلبية حاجات السكان الهائلة. وأعلنت إسرائيل، تحت الضغوط، أنها ستسمح بزيادة دخول المساعدات من معابر برية بينها وبين القطاع.
وقال متحدث عسكري إسرائيلي، اليوم الأحد، إن الجيش سحب كل القوات البرية من جنوب قطاع غزة ما عدا كتيبة واحدة. ولم يقدم الجيش الإسرائيلي بعد تفاصيل أخرى.